عضو سابق في هيئة كبار العلماء: «الرشوة» باتت «حديث المجالس»

دعا المباحث الإدارية إلى التنبه والتحقيق مع كل شخص تحوم حوله الشبهات

TT

في رأي قد يعكس طغيانها في أوساط الدوائر الحكومية، قال الدكتور عبد الله الركبان، وهو أحد الأعضاء السابقين في هيئة كبار العلماء في السعودية، إن الرشوة في بلاده باتت «حديث المجالس»، في إشارة إلى انتشارها.

وجاء هذا الرأي من الركبان في برنامج تلفزيوني بث بعد صلاة الجمعة أمس، وذلك بعد أيام قليلة، من توجيه لجنة الشؤون المالية في مجلس الشورى السعودي، انتقادا حادا لأجهزة الدولة، على خلفية المخالفات المالية المرصودة فيها، وذلك على أثر مناقشة المجلس لتقرير ديوان المراقبة العامة.

ودعا الركبان، الذي طلب كما هو مشاع إعفاءه من عضوية هيئة كبار العلماء للتفرغ للإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه، المباحث الإدارية إلى التنبه لظاهرة انتشار الرشوة في الدوائر الحكومية، وطالبهم بالتحقيق مع كل شخص تحوم حوله شبهات قبضه لأموال غير شرعية.

ودفع حجم المخالفات التي رصدها ديوان المراقبة العامة على الأداء الحكومي، لجنة الشؤون المالية بالشورى، إلى أن تخلص إلى قناعة بأن كافة أجهزة الدولة والشركات التي تمتلك بها الدولة نسبة 25 في المائة «تحتاج إلى مراجعة هيكلة».

وكشف التقرير الرقابي الذي طرح في جلسة عامة لمجلس الشورى، الأسبوع الماضي، عن تضخم أرصدة العهد، وتأخر تنفيذ بعض المشاريع، وحجب بعض الشركات التي تمتلك فيها الحكومة نسبة معينة، بعض العقود عن ديوان المراقبة.

ويتجدد الحديث عن مسألة الرشوة في الشارع السعودي خلال فترات متقاربة، ما يعكس حالة من الانتشار لهذه الظاهرة في بعض الأوساط الحكومية.

وكان الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مفتي السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، قد حذر في جمعة سابقة من التعامل بالرشوة والتلاعب بالمال العام، وغصب الأموال بالباطل.

وجاءت تحذيرات المفتي تلك في الوقت الذي تشهد فيه السعودية دعوات من مجلس الشورى، بضرورة تفعيل الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد.

واعتبر مفتي السعودية، أن التعاملات المالية المحرمة من أسباب ضعف الإيمان لدى العباد. ونبه المصلين إلى خطورة أكل المال الحرام على اختلاف أنواعه من «سرقة، وغصب، وجحود للحقوق، ورشوة وتلاعب بالمال العام».

وتتقاطع دعوات الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وهو الذي يرأس اللجنة الدائمة للإفتاء إلى جانب ترؤسه لهيئة كبار العلماء، مع دعوات مجلس الشورى (المؤسسة البرلمانية في البلاد)، التي رفعت نهاية العام الماضي لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، قرارا يدعو إلى تفعيل هيئة حماية النزاهة ومكافحة الفساد. وكان مجلس الوزراء، قد أقر مؤخرا، استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، تنبثق منها هيئة وطنية لتطبيقها. ويختص ديوان المراقبة العامة في السعودية، بإجراء ما يسمى بالمتابعة المالية اللاحقة لتنفيذ مشاريع الدولة، لكنه كجهاز مرتبط برئيس الحكومة، غير مخول بكشف الحساب الختامي للدولة.

لكن مجلس الشورى، الذي يبدو أنه يضع ملف «المال العام»، نصب عينيه، انطلاقا من دوره كجهاز معني بمراقبة أداء الحكومة، اتخذ قرارا في نهاية مايو (أيار) الماضي، أي قبل أقل من عام، يدعو إلى تمكين ديوان المراقبة العامة من فحص الحساب الختامي للدولة، في إجراء من شأنه، في حال الموافقة عليه، أن يوسع من صلاحيات المراقبة التي يقوم بها الديوان.

وشهدت السعودية، مؤخرا، جدلا واسعا حول مصير 109 مليارات ريال، قال تقرير لديوان المراقبة العامة إنها غير محصلة، وتم اعتبارها على صعيد مجلس الشورى بأنها تدخل فيما تم تسميته «هدر المال العام»، وهو الأمر الذي دفع بالشورى لاستدعاء رئيس ديوان المراقبة العامة للمناقشة.

وتبنى مجلس الشورى، على خلفية مبلغ الـ109 مليارات المفقودة، قرارا يدعو لإجراء دراسة لتقييم طريقة إدارة المال العام في البلاد.

وينتظر أن يتفاعل ملف «المال العام» خلال الأسبوعين المقبلين أمام مجلس الشورى السعودي، وذلك على خلفية فتح النقاش حول المخالفات المالية التي رصدها ديوان المراقبة العامة على أداء أجهزة الدولة.