الأجواء السعودية «المتقلبة» تحول الطيارين إلى «خبراء طقس»

أكدوا لـ «الشرق الأوسط» أن الإنترنت يعد الملجأ السليم لمتابعة التغيرات الطارئة

الأجواء المتقلبة تحول الطيارين إلى خبراء في الطقس («الشرق الأوسط»)
TT

حولت الأجواء السعودية المتقلبة و«غير المستقرة» الطيارين إلى خبراء في تقلبات الطقس، خاصة في الفترة الأخيرة التي أكدت فيها الأرصاد أن هذه التقلبات ستستمر حتى مطلع الصيف في يونيو (حزيران) المقبل.

ودفعت تقلبات الطقس بعدد كبير من الطيارين إلى التوجه إلى مواقع الإنترنت للاستزادة بمعلومات إضافية وتحديثها عن الأجواء والتوقعات، إضافة إلى ما يحصل عليه من معلومات من غرف المراقبة.

وبينما وصفت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة طقس المملكة بـ«غير المستقر» حتى مطلع الصيف في يونيو (حزيران) المقبل، يصف لـ«الشرق الأوسط» الكابتن ياسر الغامدي، وهو ملاح جوي في شركة طيران سعودية، إن التغير الفصلي من الشتاء إلى الربيع، ومن ثم الصيف بأنه «غريب وعجيب».

ويقول: «خصوصا في اختلاف سرعة الرياح وتفاوت درجات الحرارة، وهي أمور معقدة يواجهها قائد الطائرة دوما في الوقت نفسه من العام». مستشهدا بأجواء العاصمة الرياض في الأيام الماضية.

وعلى الرغم من كون التقلبات الجوية عادة ما تشهد انعداما للرؤية أحيانا، فإن الكابتن الغامدي يؤكد أنها أمور تدرب عليها ملاحو الطائرات بشكل جيد، ويجيدون التعامل معها.

وهنا يؤكد الكابتن حسين القحطاني الذي يعمل في شركة طيران سعودية، تركيز الطيارين لمتابعة التقارير بشكل أوسع، في ما يتعلق بتوقعات الطقس المحدثة بشكل متفاوت.

ويقول: «نقرأ تحرك الغيوم والعواصف، إضافة إلى سرعة الرياح وغيرها، وهناك تنبؤات محدّثة للساعات الست القادمة، وهناك لـ12 ساعة القادمة، ولـ30 ساعة، وهي أمور نحاول مناقشتها في اجتماع ما قبل الرحلة».

ويشير الكابتن القحطاني إلى أن الطيار بشكل عام يتابع على الإنترنت أحوال الطقس والتوقعات، بينما يركز في هذه الفترة من العام، على تحديث التوقعات بشكل مستمر.

ويضيف: «إن أكثر المواقع الإلكترونية التي تخدم الطيارين هو svpilots.net)) وهو موقع صممه أحد الطيارين، يجمع كل المواقع الإلكترونية والتحديثات المتعلقة بعمل الطيارين».

وفور إقلاع الرحلة وتحليقها في الأجواء، يعود الكابتن ياسر الغامدي بالقول «إن السبب الوحيد الذي قد يضايق المسافر هو التأخر في زمن الرحلة، وهو ينجم عن تلافي قائد الطائرة للسحب التي تكون في وضع «عال»، مما يدفعنا إلى تجنبها والتحليق بمحاذاتها، فنغير المسار بشكل بسيط».

ويضيف الكابتن القحطاني «إن الهدف الأول، هو راحة المسافر وسلامة الطائرة والركاب».

وحول معرفة نوع السحابة التي تواجه الطائرة، يفصل القحطاني: «نعتمد في التقلبات الجوية على جهاز (رادار) يكتشف التغير المفاجئ في سرعة الهواء والمطبات الهوائية، ويكتشف مستوى الرطوبة وكثافة الماء، فإن أعطى الجهاز إشارة حمراء، فتعتبر السحابة أو المطب الهوائي خطرا، أما إذا جاءت صفراء فإن الخطورة تبلغ متوسطة إلى قوية، بينما عند الإشارة الخضراء تكون خفيفة إلى متوسطة».

موضحا «لو افترضنا دخول الطيار في السحابة، فالاحتمالات تتمثل في تكوّن جليد على جسم الطائرة أو الأجنحة أو المحرك».

ويتابع: «بينما لو افترضنا وجود كثافة عالية في المياه فقط، فتكمن الاهتزازات في مضايقة الراكب فقط».

ويكمل «إن ما يُتعب قائد الطائرة في ما يتعلق بصعوبات الإقلاع والهبوط، هو مدى الرؤية الذي قد ينعدم كما حدث في الرياض مؤخرا، أو وجود سحب ممطرة بالقرب من المطار أو أعلاه».

والحال نفسه الذي يعيشه يوميا الكابتن الغامدي والكابتن القحطاني، ينطبق على آلاف الطيارين، ليس في المملكة فحسب، بل ربما في كل أنحاء العالم.

ويوضح الكابتن القحطاني أن مشكلة الهبوط بالنسبة إلى الطيار «تكون عندما تشير الأجهزة إلى أن الرياح طبيعية، فتتغير الرياح فجأة، وتصبح الطائرة مدفوعة من الخلف، وفي هذه الحالة يوجد جهاز يحلل سريعا ويعطي نتيجة». ويضيف: «لكن، عندما يشعر قائد الطائرة بأن هناك اندفاعا نحو الأرض قد يؤدي إلى ارتطام قوي، يقوم فورا بتشغيل الطاقة القصوى ويصعد بالطائرة للأعلى».

إلى ذلك، أوضحت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة لـ«الشرق الأوسط»: «تعد هذه المرحلة في المملكة، مرحلة «عدم استقرار». وقال حسين القحطاني المتحدث باسم الرئاسة: «نشهد حاليا، في الثلث الأول من فصل الربيع تقلبات متزايدة في الجو، خصوصا في المنطقة الوسطى والشمالية الشرقية، وهي ناتجة عن منخفض جوي قادم من حوض البحر الأبيض المتوسط ومنخفض يسمى منخفض السودان، إضافة إلى ما يسمى بأخدود هوائي».

وأضاف «تجتمع هذه العناصر وتشكل سحبا ركامية رعدية ممطرة، ورياحا نشطة تسبق هذه السحب، تؤثر دائما في أجواء المملكة في الوقت نفسه من العام، فتسبب أمطارا ورياحا نشطة تصل إلى حدوث العواصف الترابية التي تشهدها المنطقة الوسطى هذه الأيام». مشيرا إلى توقع الرئاسة العامة للأرصاد أن تظل الحالة إلى مطلع يونيو (حزيران) المقبل.

وحول مدى تدني الرؤية إلى أقل من ألف متر - بحسب توقعات الرئاسة ليوم أمس - قال القحطاني «عندما نعلن أن مدى الرؤية يقل عن واحد كيلو متر، فهو يعد انعداما للرؤية، ونبلغ ذلك لجميع الجهات المعنية التي تتخذ قرارها بشكل منفصل».

مضيفا «إن انعدام الرؤية في الأرض يختلف عن انعدامها في الطيران، وضعف الرؤية أقل من كيلومتر واحد يوجد صعوبة في الهبوط».

وشدد الناطق باسم الرئاسة العامة للأرصاد على أن قرارات الملاحة الجوية والبحرية والبرية، مقتصرة على الجهات ذات العلاقة. وقال: «ينتهي دورنا بتقديم المعلومة».

ومن جهته، أكد لـ«الشرق الأوسط»، المهندس محمد السالمي، وهو مدير الملاحة الجوية في هيئة الطيران المدني، جاهزية الهيئة واستعدادها في التواصل مع الشركات التي تسير الرحلات داخل السعودية فور حدوث أي طارئ في الجو. وأضاف: «دائما تكون الاستعدادات جاهزة لكل الظروف، ونتواصل جيدا في التقارير التي تعدها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئية».