منطقة «فدك» التاريخية ترغم مسنا على قراءة 1000 كتاب وتأليف 7

يحمل الشهادة الابتدائية ويتكلم الإنجليزية ويرشد سياحيا

TT

شد مسن انتباه متخصص في الآثار والتاريخ وبعض الزوار، أثناء شرحه وتعريفه بعدد من المواقع الأثرية في منطقة «فدك» التاريخية التي تقع إلى جنوب منطقة حائل، حيث قام بالتحدث عن هذه المنطقة بطريقة جاذبة، مع تقديمه للمعلومة كاملة وتفصيلها بذكر اسم المرجع والكتاب وتحديد التاريخ على الرغم من تحصيله العلمي القليل.

وأوضح خلف عيد الحايطي، الذي كان مرافقا لقافلة الإعلام السياحي الثامنة في منطقة حائل، شمالي السعودية، أن حبه لأقدم المدن الأثرية في الجزيرة العربية، فدك بالحائط، دفعه إلى القراءة والتعليم لقراءة تاريخ منطقته، على الرغم من صعوبة ذلك قديما، حتى حصل على الشهادة الابتدائية في مدينة الحائط لتجبره ظروف الحياة الصعبة آنذاك على مغادرتها، إلى الرياض بحثا عن فرصة عمل ليلتحق بالجيش السعودي ويسافر إلى لبنان ليشارك في قوات الردع العربي ضمن جيش بلاده المشارك بهذه القوات.

وقال الحايطي لـ«الشرق الأوسط» إنه تتلمذ على يد من وصفه بشيخه الجليل حمد الجاسر، بقراءة كتبه وكان شغوفا على قراءة مجلة العربي التي كان ناشرها الجاسر آنذاك، ويقول: «كانت هناك مكاتبة بيننا فقط»، ويطمح إلى مقابلته بعد أكثر من 3 عقود من التتلمذ على يد الجاسر، نهل منه العلم والمعرفة ويغرس به حب التاريخ والآثار والتوثيق.

وبدأ عمر الحايطي الذي يبلغ من العمر 60 عاما، بالتأليف بعد أن تجاوز عامه الـ45، قام خلالها بتأليف 7 كتب عن تاريخ وحضارة فدك التاريخية، بعد أن قام بقراءة أكثر من ألف كتاب ومرجع، كان يسافر إلى مكتبات في الرياض وجدة ومكة للحصول عليها، وذلك لندرتها خلال تلك الفترة.

وقد أسس الحايطي مكتبة خاصة به داخل منزله تضم أكثر من 800 كتاب ومرجع، ومنها مرجع الأصفهاني والطبري، ويعمل حاليا على طبع مؤلفه الثامن بعد تنقيحه.

ويعمل مرشدا سياحيا غير رسمي للمجموعات السياحية الغربية والمحلية التي تزور المنطقة الأثرية، اكتسب من خلالها اللغة الإنجليزية وأصول وطرق ممارسة مهنة الإرشاد السياحي، وقد رافق قافلة الإعلام السياحي الثامنة في مدينة الحائط. ويطالب عيد خلف الحائطي الهيئة العامة للسياحة والآثار بأن يكون أحد المرشدين السياحيين المعتمدين لديها في موقع الحائط، مبينا أنه يجهل آلية تقديم الطلب وكيفية الحصول عليه. ونقل عيد طلبات أهالي الحائط، ومنها ترميم المدينة القديمة وتهيئة المواقع الأثرية، وإيجاد بنية تحتية تخدم الأهالي والزوار الذين يتوافدون بكثافة على الموقع الأثري.

يذكر أن فدك احتلها الملك البابلي نيونبذ الذي حكم في القرن السادس قبل الميلاد. وتقع الحائط في منطقة حائل شرق حرة خيبر على بعد 230 كم جنوب غرب حائل، وتقع إلى الجنوب منها بلدة شهيرة أخرى هي يديع قديمة العهد أيضا.

ويقال لـ«فدك ويديع» الآن الحائط والحويِّط في محافظة الغزالة، وتقعان في الطرف الجنوبي الغربي من منطقة حائل، فيما كان يعرف قديما باسم حرّة فدك والحرار حول حرة فدك كثيرة منها حرة ضرغط، وحرة ليلى وحرّة اثنان وحرّة النار.

ولـ«فدك» شهرة واسعة في التاريخ العربي الإسلامي، فكانت قاعدة مهمة في قلب بلاد غطفان، وارتبط كثير من حوادثها بشعر أولئك القوم ووقائعهم، ولها ذكر في سرايا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وافتتحها المسلمون صلحا بعد فتح خيبر، وكان داعية المسلمين للصلح هو محيصة بن مسعود الغطفاني.

وعثر فيها على آثار قيمة لا يزال البعض منها في حالة سليمة، كالقصور والقلاع المبنية من حجر الحرة السوداء، كما عثر على كتابات كوفية على بعض القطع الصخرية هناك، ويعد الموقع الأثري بفدك الحائط أحد أهم المواقع الثقافية والسياحية في السعودية، وذلك لمقوماته ثقافية وتراثية وبيئية.

ويرجع الحائطي سبب تسمية فدك بهذا الاسم، يقول: «نقلا عن ياقوت، نقل عن زجاج نسبة فدك بن حام ابن نبي الله نوح، وتقع الحائط شرق حرة خيبر وذلك على بعد 250كم جنوب غرب مدينة حائل وتضم حصونا وقلاعا وأسوارا قديمة وعيونا». ويبين خلف الحائطي أن ياقوت الحموي يقول في مجلده الأول أسسها فدك إخوة سلمى من العمالقة، أسس موقع فدك بعد قصة العاشقين بآجاء وسلمى، بعد إن قتلوهما برفقة العوجاء التي كان يلتقي العاشقان بدارها، قتلوها بالهضبة التي بين الجبلين، وكان ذلك قبل الميلاد بأكثر من 1200 سنة، وتم تحويل اسمها إلى الحائط بعد القرن الثالث الهجري نسبة إلى ساكنيها خلال تلك الفترة لفخذ الحائط، بعد ترحيل قبائل بني قيس العدنانية. وأكد الحائطي أن فدك كانت تحوي منطقة صناعية في ذلك الوقت، ويصنع بها المجوهرات والقطائف والمشالح، وورد أن الرسول محمد ارتدى قطيفة فدكية، وأبو بكر الصديق ارتدى عباءة فدكية, ويوم فتح خيبر وجدوا 1500 قطيفة يوم فتحها. وأعطى الرسول النساء المشاركات في المعركة قطيفة لكل واحدة، وهي مثبتة عن الواقدي كما قال الحائطي.

من جهته قال عبد الرحمن الرشيدي، الباحث الأثري بقطاع الآثار في حائل إن الهيئة العليا للسياحة والآثار في حائل تعمل حاليا بموقع الحائط الأثري بترميم أحد المنازل في المدينة الأثرية وتهيئة الموقع مع إيجاد مركز لاستقبال والزوار والسياح.