جدة: الشركة المنفذة لـ«متحف المطار» تخير الأمانة بـين القضاء أو الدفع

طالبت بدفع 5 ملايين ريال تعادل خسائرها بسبب تلاعب الأمانة

TT

هدد مسؤول في الشركة المنفذة لمتحف مطار جدة القديم باللجوء إلى القضاء ضد الأمانة في حالة عدم دفعها الخسائر التي تكبدتها الشركة والمقدرة بنحو 5 ملايين ريال بسبب عدم التزام الأمانة بقرارها بإقامة المتحف.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في هيئة الطيران المدني وشركة «المهندسين العرب» أن الثانية رفعت خطابا رسميا إلى الأمانة تطالبها بمبلغ 5 ملايين ريال كتعويض عما تكبدته من خسائر جراء إلغاء الأمانة مشروعا كلفت به الشركة من قبل هيئة الطيران المدني لبناء متحف متخصص للطيران.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» أحد المهندسين القائمين على المشروع، الذي طلب عدم ذكر اسمه عن أن «الشركة استعانت بفريق متخصص من متحف لندن للطيران كجهة استشارية لبناء المشروع وبدأت خطوات جادة في مراحل البناء والهدم».

وأشار إلى أن «خطابات رسمية من الأمانة كانت تشير من وقت إلى آخر بمواصلة المشروع، مع العلم أن هناك استفسارات قدمت لها حول إمكانية تطوير المنطقة في قادم الأيام، وعلى الرغم من ذلك وبعد بدء العمل أوقفت المشروع بدعوى التطوير».

إلى ذلك، أبلغ محمد علي قدس المسؤول السابق بهيئة الطيران المدني ومدير مشروع الطيران والفضاء بشركة «المهندسين العرب» أمانة جدة برفع شكوى رسمية للجهات المختصة يطالبها بحقه الأدبي في الفكرة في حالة بناء الأمانة للمشروع في موقع آخر.

وكانت جدة قد خسرت في الفترة الماضية واحدا من أهم معالمها التاريخية، وهو برج مطار المؤسس التاريخي، الذي يعد أقدم الأبراج في الجزيرة العربية وأعلاها، بحسب مصدر مسؤول في أمانة جدة، والذي حذر من هدم آخر معلم متبق من المطار، وهو المبنى القديم للمطار الذي يعد هو الآخر أثرا باقيا.

ويأتي ذلك في وقت يتوقف فيه منذ سنوات مشروع لإقامة متحف في مطار جدة القديم، كان قد تم إبرام اتفاقية بشأنه بين الأمانة والطيران المدني وشركة خاصة، وهو ما تسبب في فتح خلافات واسعة بين الجهات الثلاث.

وأوضح المهندس سامي نوار مدير عام السياحة والثقافة بمدينة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك من قام بهدم المبنى من دون علم منا بما يمتلكه المبنى من إرث تاريخي». مشيرا إلى أن جهودا حثيثة تقوم بها جهات مسؤولة للحفاظ على المبنى الرئيسي للمطار القديم وموقع استقبال الملك عبد العزيز لزواره، إضافة إلى مقر تدريب الطيارين القديم للحفاظ عليه وتحويله إلى متحف متخصص في تاريخ الطيران السعودي.

إلى ذلك، وضعت أمانة جدة ممثلة في إدارة السياحة والثقافة بمدينة جدة لوحة تعريفية على موقع المطار لمنع أي تجاوزات عليه، وأكد المهندس سامي نوار أن «أمين جدة متحمس لفكرة إقامة المتحف المؤسس للطيران السعودي وإعادة ترميمه والإبقاء على ملامحه التاريخية».

إلا أن ذلك الأمر أغضب محمد علي قدس المسؤول السابق بهيئة الطيران المدني ومدير مشروع الطيران والفضاء بشركة «المهندسين العرب» الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «فكرة المشروع هي فكرته وأنه قد بدأ في المشروع في وقت سابق وأن الأمانة أوقفت المشروع بسبب قيام مشاريع تطوير، رافضة في الوقت ذاته منحه أي مكان آخر لإقامة المشروع على الرغم من توقيعه عقدا رسميا مع شركة منفذة».

وفي ذات الوقت اعترضت الشركة المنفذة للمشروع من قبل رئاسة الطيران المدني نتيجة ما تكبدته من خسائر جراء العمليات الأولى التي قامت بها في الموقع ورفعت بخطاب اعتراض لهيئة الطيران المدني، الجهة الأولى المصرحة بإقامة المشروع إبان مرجعية أرض المطار لها وكونها كانت صاحبة الفكرة في إقامة المتحف، وهنا تحركت هيئة الطيران المدني بخطاب رسمي مطالبة فيه الأمانة بتعويض الشركة عن تلك الأضرار أو تعويضها بموقع آخر.

وما بين متضرر ومطالب علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن جهودا حثيثة يقوم بها بعض المهتمين بالحفاظ على التراث والآثار في المدينة للحفاظ على الموقع وتحويله إلى متحف متخصص بالطيران والمطالبة بعدم هدمه، خصوصا لما يمتاز به الموقع من إرث تاريخي لكونه يعد أقدم مطارات الجزيرة العربية.

وهو الأمر الذي أكده المهندس سامي نوار، مدير عام السياحة والثقافة بمدينة جدة، وأضاف: «إن هناك دراسة قدمت للأمانة لتحويل الموقع إلى متحف متخصص للطيران والفضاء يحكي تاريخ الطيران في المملكة ويحوي في جنباته صورا نادرة للملوك والرؤساء الذين حضروا إلى هذا المطار منذ فترة حكم الملك عبد العزيز مؤسس البلاد، وسيحتوي على أنواع الطائرات القديمة».

وأشار إلى مقترح بإنشاء قسم تفاعلي في المتحف مع الأخذ في الاعتبار الحفاظ على الطابع العمراني للمبنى الذي يعد من أقدم المباني التي بنيت في السعودية منذ عهد الملك عبد العزيز في الثلاثينات.

وهنا عاد قدس ومدير مشروع الطيران والفضاء بشركة «المهندسين العرب» ليحمل الأمانة مسؤولية إلغاء قرار بناء المتحف واستغلال الأرض في بناء مشاريع أخرى وقال: «إن أمانة جدة بعثت بخطاب إلغاء إقامة متحف يجسد تاريخ الطيران في موقع مطار جدة القديم الذي يطلق عليه مطار المؤسس، والمحافظة عليه كإرث تاريخي لأول مطار أنشئ في المملكة». ملمحا إلى أسباب مجهولة في تراجع الأمانة عن المشروع حسب وصفه.

ودافع قدس عن فكرته في إنشاء المطار قبل نحو 10 أعوام إبان عمله في هيئة الطيران المدني، مشيرا إلى أنه اقترح حينها تعاون الجهات المعنية وقال: «الجميع تخلى عن الفكرة في ذلك الوقت. تمت مخاطبة الجهات المعنية في تلك الفترة ووافقت رئاسة الطيران المدني».

وأضاف: «بعد تعيين المهندس عبد الله المعلمي أمين جدة السابق في 2006 تلقى الطيران المدني خطابا رسميا من الأمانة، تبدي فيه رغبتها في إقامة عدة متاحف وطنية في جدة، منها التاريخي، والبحري والجوي، على أن يقوم الطيران المدني بتبني مشروع متحف الطيران وكلفت حينها من قبل المهندس عبد الله رحيمي الذي عين رئيسا للطيران المدني بالإشراف على مشروع المتحف، والتنسيق مع المسؤولين في الأمانة، وتمثيل الطيران المدني في الاجتماعات لتنفيذه وتم الاتفاق على أن يكون الموقع برج مراقبة المطار القديم، الذي كان موجودا حتى تاريخ توقيع العقد مع الأمانة وتم توقيع عقد استثمار مشروع المتحف».

واستطرد: «تم استلام الموقع المذكور بموجب المحضر رقم 1301 الذي وقعت عليه ممثلا للطيران المدني، ووقع عن الأمانة أحد المهندسين الممثلين لإدارة الثقافة والسياحة، إضافة إلى مدير الشركة المنفذة للمشروع ومنحت الشركة المنفذة تصاريح إزالة المبنى القديم لعدم صلاحيته، والموافقة على بناء مبنى جديد على الطراز والشكل الهندسي للمبنى القديم نفسه بموجب كروكي معتمد».

وأضاف قدس: «قامت الشركة بإزالة مخلفات الهدم تمهيدا للبدء في أعمال البناء، وهنا توقف المشروع لأسباب مجهولة منها مشاريع التطوير وإعادة دراسة المنطقة وتم الاتفاق مع أمانة جدة على اختيار موقع صيانة الخطوط السعودية كموقع بديل ومناسب للمتحف في المطار القديم، وأعد محضر بهذا الشأن وقع عليه الطيران المدني والأمانة والشركة المنفذة إلا أننا انتظرنا 5 سنوات، وظلت الاجتماعات تعقد لحل إشكالية الموقع، إذ يبدو أن جهة ما في الأمانة اعترضت على الموقع البديل المتفق عليه. وكان آخر هذه الاجتماعات ذلك الاجتماع الذي عقد في مقر الأمانة الجديد بالكورنيش، وحضره وكيل الأمانة الدكتور إبراهيم كتبخانة، ولم ننته إلى شيء قاطع أو حل جذري». مشيرا إلى أنه في عام 1428هـ، تقاعد من عمله في الطيران المدني، لكن علاقته بالمتحف لم تنته، إذ عين في الشركة المنفذة مديرا عاما للمشروع.

ولفت قدس إلى أنه تم عقد عدة اجتماعات حتى عام 1430هـ، حيث تلقت الهيئة العامة للطيران المدني خطابا من أمين محافظة جدة بإلغاء العقد الخاص بمشروع المتحف، وطلب تسليم الموقع من قبل الشركة للأمانة، في الوقت الذي لم تتمكن الشركة من القيام بأي أعمال بعد الهدم ونقل المخلفات. وتعهدت الأمانة بتعويض الشركة المستثمرة عن خسائرها وضمان حقوقها كافة.

من جانبها حصلت «الشرق الأوسط» على خطاب أمين جدة القاضي بإيقاف المشروع، المرسل إلى المشرف على إدارة الخدمات الإدارية بالهيئة العامة للطيران المدني، والموقع قبل عام، ويشير نصه إلى أنه «إشارة إلى العقد المبرم معكم الخاص بتأجيركم مبنى برج المراقبة بالمطار القديم لإقامة متحف للطيران، حيث نصت المادة (الرابعة عشرة)، الفقرة 2 من العقد المشار إليه أعلاه على أنه (طلبت الأمانة خطيا من المستثمر - أثناء سريان العقد - تسليم العقار لدواعي التخطيط أو المصلحة العامة، وعلى الأمانة في هذه الحالة تعويض المستثمر وضمان حقوقه حسب الأنظمة المتبعة)».

واستطرد البيان: «وعليه نشعركم بإلغاء العقد وتحديد موعد لاستلام الأرض منكم، وحدد الموعد بتاريخ 11/8/1430هـ بمقر الإدارة العامة للاستثمار بمبنى الأمانة وتكليف مندوب الشركة بالحضور، وفي حالة عدم حضوره سيتم استلام الموقع غيابيا من دون أدنى مسؤولية»، ووقع الخطاب المهندس عادل فقيه أمين محافظة جدة.

وهنا علق مصدر في الأمانة رفض الإفصاح عن اسمه قائلا: «إن هذا العقد الذي تم إلغاؤه بعد هدم البرج، لارتباط الموقع بمشاريع تطوير تمر بها جدة في تلك المنطقة ولوجود مشروع تطوير في المنطقة، تم نقل المشروع إلى الجهة المقابلة لمقر المطار».