تحول الألعاب الحركية إلى إلكترونية.. بداية التغير في صحة الأطفال

دفعت لإعادة النظر في تنظيم أنماطهم الغذائية وممارستهم للرياضة

الألعاب الإلكترونية من وسائل ترفيه آمنة وسهلة للأطفال إلى هاجس بات يؤرق أهاليهم على مستقبل صحتهم (تصوير:خالد الخميس)
TT

لا يمكن قراءة قصة تحول الألعاب البدنية إلى ألعاب إلكترونية في حياة الأطفال، دون المرور بالتغير السلبي الذي أحدثته وسائل الترفية الحديثة، إذ إن جلوس الأطفال أمام البرامج المتلفزة وممارسة الألعاب الإلكترونية دون القيام بحركات رياضية ومجهودات بدنية، من شأنه إعادة النظر في تنظيم أنماطهم الغذائية وممارستهم للرياضة.

وبعد أن كان الأطفال يعتمدون في السابق على عقولهم وأبدانهم معا في اللعب بعضهم مع بعض، حرمهم التطور التقني وما يتضمنه من أساليب عصرية، من الفوائد الصحية للألعاب الحركية، إذ جعل جانب الترفية هاجسا لدى ذويهم، بعد أن أصبح الجلوس هو الوضع الطبيعي لأي لعبة من الألعاب الحديثة التي جذبت الكثيرين من الأطفال وغيرهم، لاعتماده على التفكير دون القيام بأي مجهود حركي.

فما أن سيطرت الحياة المدنية على حياة الناس، وما أتت به من تطورات تقنية وعلمية، وما شكلته من نقلة نوعية في جميع المجالات، حتى تحولت الألعاب التقليدية إلى برامج إلكترونية، لا تُكلف من يتعامل بها من الأطفال سوى التفكير والإبحار مع أسرار اللعبة إلكترونيا في علاقة مع أجهزة الألعاب، لا يتحرك فيها سوى أصابع أيديهم وألسنتهم. أبحاث طبية عدة أوضحت أن تأثير أساليب العيش الحديثة، تبدأ من سن الطفولة وأن البدانة تعد ظاهرةً شائعة لدى الأطفال، نتيجة تغير كامل في نوعية الأكل، أو قلةٍ في الحركة الرياضية ونوع الألعاب، كاللعب بالألعاب الإلكترونية، أو متابعة التلفاز لساعات طويلة، التي لا تتيح أي مجال للحركة العضلية، الذي يساعد الجسم في تحريك جميع أعضائه.

وعلى الرغم من أن التقنية الحديثة بدأت في رسم ملامحها على توجهات الأطفال وتصرفاتهم، التي تبدو نوعا من التطور وتنمية القدرات العقلية بالنسبة لهم، فإنها خلّفت من جانبٍ آخر، ضرائب تقوم الأسر بدفعها خلال البحث عن حلول لمواجهة خطر البدانة، وإنقاذهم من السمنة، عبر إخضاعهم لأنظمة حمية محددة، وبرامج رياضية تناسب أعمارهم. وتشير تقارير طبية خاصة بصحة الطفل، إلى أن الأطفال باتوا بحاجة إلى طعام متنوع، لدعم مستوى النشاط، لكن قد لا يكون ذلك التنوع مختلفا عن الحمية الغذائية، وأن تناول أي طعام من أجل النشاط الرياضي، يجب أن يكون امتدادا للطعام الصحي من أجل حياة أفضل.

وعادة لا تكون الحمية الغذائية فكرة مناسبة للأطفال، إذ إن بقاء الوزن واللياقة عند حدٍ طبيعي يُغني عن أي حمية، إذا ما أتى بجانب ممارسة بعض الرياضات المهمة مثل السباحة والمشي.

أمام ذلك يركز أطباء الأطفال على أهمية تنويع وتنظيم المواد الغذائية للطفل، على اعتبار أن جلوسهم المستمر أم التلفاز والألعاب الإلكترونية، وتناولهم للوجبات السريعة، التي عادة ما تكون غير منتظمة، يؤدي بطريقة أو بأخرى إلى زيادةٍ في الوزن، وظهور بعض الأمراض المزمنة، التي تأتي مع قلة الحركة، وزيادة الوزن، وكثرة الدهون.

وهنا ينصح الأطباء بالفيتامينات والمعادن التي يتمثل بعضها في السبانخ والجزر والقرع، ومن المهم أيضا إعطاء الأطفال الكالسيوم والحديد بطريقةٍ أو بأخرى، إذ إن الكالسيوم يُساعد على البناء الصحي لعظام الطفل، خصوصا إذا تعرض لكسر في العظم، وتحوي الألبان الغذاء الغني بالكالسيوم، بما فيها الحليب، والزبادي، والأجبان، بالإضافة إلى الخضراوات الورقية الخضراء، والقرنبيط. أما الحديد فيساعد على حمل الأكسجين لكافة أجزاء الجسم، وتحوي اللحوم الحمراء والدجاج وسمك السلمون والبيض الحديد الذي يحتاجه جسم الطفل، بالإضافة إلى الفواكه المجففة والخضراوات الورقية والحبوب الكاملة.

كما ينصح الأطباء بالبروتين الذي يساعد على بناء عضلات الطفل مع بعض التمارين المنتظمة، ولكن دون الإفراط في تناوله، كون كثرته قد تكون مؤديةً للجفاف وفقدان الكالسيوم، ويحوي الدجاج واللحوم الحمراء غير الدهنية البروتين، بالإضافة إلى منتجات الألبان ومنتجات الصويا وزبدة اللوز.

ومن الفيتامينات والمعادن المهمة أيضا للطفل الكربوهيدرات، التي تزود الجسم بالطاقة، وتكمن في الحبوب الكاملة الغنية بالألياف، ومقل الباستا، والأرز اللبني، والخبز الأسمر، وتعتبر عاملا مساعدا على خفض الكولسترول، ومانعا للسكري وأمراض القلب.

ويشدد أخصائيو التغذية على أن يكون طعام الطفل مليئا بالغذاء الطبيعي، مثل الخبز الأبيض الكامل، والبطاطس المشوية، وحبوب الشوفان، بالإضافة لتناول الفاكهة كاملةً بدلا من شرب عصيرها المحلى بالسكر، في حين أنه من المهم لصحة الأطفال، شرب الكثير من السوائل، التي تجنبهم أي مرض أو جفاف قد يتعرضون له لاحقا.

وبحسب أحدث الإحصائيات الصادرة، عن منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 10 في المائة من أطفال المدارس مصابون بالسمنة في السعودية.

ومن المعروف أن الأطفال بحاجة ملحة للغذاء المتكامل الوفير والفيتامينات، والمعادن، وحتى للسعرات الحرارية، لدعم النمو والنشاط، اللذين يوصف بهما الأطفال، إلا أن أسلوب الحياة المعاصر يُثبط من سرعة وفعالية الاستقلاب الحيوي، وبذلك تخزن السعرات الفائضة على شكل دهون، حيث يؤدي تراكمها المنتظم إلى البدانة والسمنة المفرطة، وهو ما يُعرض الطفل للأمراض. ولذلك تعد التربية الغذائية الصحية وأسلوب الحياة النشط من أفضل وسائل تفادي زيادة الوزن المفرط وأقلها خطرا على صحة الطفل على المدى البعيد.

وتتسبب السمنة في انتشار عدة أمراض مثل، زيادة في حدوث ارتفاع مستوى الكولسترول في الدم عند المصابين بالسمنة، وزيادة نسبة حدوث ارتفاع ضغط الدم، وزيادة نسبة حدوث أمراض القلب والشرايين عند الشباب، ولاحقا إذا تعرضوا للسمنة في الطفولة، بجانب زيادة احتمالية الإصابة بمرض السكري.

ولتفادي السمنة عند الأطفال يتوجب على أهالي الأطفال المصابين بالسمنة، علاجهم من خلال تقوية الإرادة لديهم، وإقناعهم بالقيام بنشاطات رياضية يومية منتظمة، واتباعه برامج حمية غذائية وتحوير سلوك الطفل، وتعديل الوجبات الغذائية، بحيث تصبح متوازنة، وتفي بكل المتطلبات الغذائية الضرورية، بشكل لا يضر بنمو وتطور الطفل، إلى جانب إضافة الفيتامينات، وخصوصا فيتامين «د» أثناء مراحل نمو الطفل الأولى.