ملتقى الأمان الأسري يناقش جريمة «الاغتصاب».. ويلغي «ستار الاختلاط»

حذرت فيه الأميرة عادلة من تهميش المرأة

الجلسة الثانية في اللقاء الثالث لبرنامج الأمان الأسري الوطني يظهر فيه المتحدث الرسمي لوزارة العدل وجانب من المشاركين والدكتورة سميرة الغامدي («الشرق الأوسط»)
TT

طالب الشيخ عبد الله السعدان، المتحدث الرسمي بوزارة العدل، في لقاء الخبراء الوطني الثالث لـ«البرنامج الوطني للأمان الأسري» المشاركين والحضور بضرورة عدم اعتماد مبدأ جلد الذات والابتعاد عن التشنج والغضب في مناقشة قضية العنف ضد المرأة والطفل، في الوقت الذي شهدت فيه الجلسات أوراق عمل ومداخلات ساخنة، برز فيها اهتمام بالغ من الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز بشؤون المرأة والأسرة على نحو استثنائي.

وكانت عضو ورئيسة مركز المعلومات والإحصاء والتوثيق بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، الدكتورة سهيلة زين العابدين، قد اتهمت هيئة التحقيق والادعاء العام بتعطيل إجراءات الطب الشرعي لإثبات حالات وآثار اغتصاب الفتيات إلا بعد توجيهها إذنا لفحص الفتاة المغتصبة تمتد لأسبوع كامل، مشيرة إلى أن آثار الاغتصاب لا يبقى لها أثر بعد تلك البيروقراطية التي تتخذها الهيئة تجاه الضحية، وهو ما كشفه أحد العاملين بالطب الشرعي خلال مداخلته لقاء الخبراء الثالث حول العنف الأسري بالرياض.

وتبارى جمع من المختصين من أكاديميات وطبيبات وشرعيين ورجال أمن وشرطة وعدل خلال اللقاء في إبراز ما يعتقدونه ضمانة لإرساء الأمن الأسري في المجتمع السعودي.

جاء ذلك في سياق اللقاء الذي نظمه مركز الأمان الأسري، الذي تترأسه ابنة العاهل السعودي الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز، التي طالبت بدورها بإيجاد شرطيات واستحداث منشآت أمنية نسائية لتلقي بلاغات العنف الأسري.

وشهد اللقاء حشدا من أوراق العمل الغنية بأساليب وآليات ونصائح، التقت جميعا عند محاولة إنقاذ أضعف حلقات الأسرة من «الأذى النفسي والجسدي»، الذي يحقق ما اصطلح عليه بـ«الأمان الأسري» المنشود.

وعلى الرغم من التنوع الذي ساد في الأبحاث والمداخلات والحضور الذين أتوا من كل الأقطاب، فإن الحالة النفسية والارتياح العام بدا لافتا وسط أجواء إحدى القاعات بفندق ماريوت، مما دفع ليس فقط إلى إزالة الحواجز المعنوية بين الأقطاب والأضداد، وإنما أيضا أزاح «الستر» الخشبية بداية الجلسة الثانية، التي ما فتئت تفصل الجنسين لأعوام، ولكأن لسان حال من أزالوها أن لا حاجة في مناسبة «الأمان» لأستار «خشبية».

وعلى الرغم من سطوة مجموعة من الرتب العسكرية الكبرى (لواء. مقدم. عقيد) في الجلسة التي أدارها الإعلامي المعروف تركي الدخيل، فإن الأخير تمكن من قيادة الجلسة بلا استسلام للعسكر، الذين احتاج أحدهم وهو اللواء الدكتور سعد الشهراني، وكيل كلية الدراسات العليا بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، إلى تذكير الدخيل بأنه ليس في برنامجه «إضاءات»، احتجاجا على عامل الزمن، في الوقت الذي تجاوز فيه اللواء الدكتور علي الرويلي، من كلية العلوم الاستراتيجية - جامعة نايف العربية، الوقت المسموح له بخمس دقائق، مؤكدا أنه «ضابط منضبط»، معيدا جهاز الميكروفون إلى الدكتور عبد الله السعدان، المتحدث الرسمي بوزارة العدل، الذي أعلن «السمع والطاعة» للدخيل العنيد.

لكن تلك «القفشات»، لم تمنع أوراق عمل المشاركين التي غلب عليها الجانب الأمني من الاعتراف بوجود «عنف مستتر اتخذ غطاء شرعيا لما هو أبعد من العنف الجسدي الموجه ضد المرأة الذي باتت تعج به المراكز الصحية»، مما سموه «العنف المؤسسي» بحق المرأة.

وضربوا على ذلك أمثلة، كتقييد بعض الحريات بمنعها من السفر إلا بإذن ولي الأمر، وعدم اعتراف الكثير من الجهات الرسمية بالبطاقة الشخصية للمرأة، كما ذكر المحامي الدكتور ماجد القاروب، مطالبا بضرورة إنشاء أقسام خاصة بالأسرة والأحوال الشخصية في الجهات الأمنية تعادل في اختصاصها ما ستكون عليه محكمة الأسرة والأحوال الشخصية على أن تحتوي على قوة نسائية مؤهلة ومدربة تعمل في إمارات المناطق.

وفاجأ العقيد الدكتور نايف المرواني الحضور باعتبار أبرز معيقات رجل الأمن في التعامل مع قضايا العنف الأسري تكمن في منعه من دخول المنازل عند تلقي بلاغ، نتيجة إنكار ولي الأمر وصعوبة توفير محرم للحالة المعنفة يعين المحقق على الاستجواب.

وكانت إجابة السؤال رقم 7 عن الاستفتاء الذي أعده المنظمون وحصد موافقة 83 في المائة بشأن «مدى ضرورة تعديل الإجراء الذي لا يسمح للطب الشرعي بتقييم حالات العنف الأسري إلا بإذن الجهات الأمنية»، بمثابة اللغم الأرضي الذي فجر الكثير من المسكوت عنه بين هيئة التحقيق والادعاء العام ومختصي الطب الشرعي وحقوق الإنسان وانتهت على القاعدة المرعية «اتفق العرب على أن لا يتفقوا».

ورغم أهمية الأوراق ونتائجها وتوصياتها يبقى ما رصدته «الشرق الأوسط» في ختام اللقاء من حديث ودي بين الأميرة عادلة بنت عبد الله والدكتور عبد الله السعدان المتحدث الرسمي بوزارة العدل الذي نوه بالتطور العدلي القادم، في الوقت الذي اعتبرت فيه الأميرة عادلة المواطن البسيط شاهد العدل الوحيد، وهو المعيار والحكم لفاعلية الجهود قائلة: «لا بد للمواطن البسيط أن يلمس الجهود عندما يدخل المحكمة».

وتذكر «العدل» ردا على وعد السعدان بإنصاف المرأة بأن «يوما ما ستحتاجون إنصاف المرأة» على منهج «كما تدين تدان، والأيام دول».