السعودية: توقعات بسيول كثيرة خلال الـ 20 عاما المقبلة على الجزيرة العربية

دراسة للاستفادة من الأمطار التي هطلت على المدن السعودية وخاصة الرياض

جانب من آثار الأمطار التي هطلت على مدينة الرياض مؤخرا («الشرق الأوسط»)
TT

يعكف فريق من الخبراء على إعداد دراسة عن كيفية الاستفادة من مياه الأمطار الكبيرة التي هطلت على بعض المدن السعودية وإمكانية تخزينها تحت الأرض وفق طرق علمية، وسط توقعات بأن تتعرض الجزيرة العربية خلال الـ 20 عاما المقبلة لسيول كبيرة تفوق كميات الأمطار التي مضت بـ 30 في المائة.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» البروفسور زكائي شن، المختص في هندسة المياه الجوفية والخبير المشارك بكرسي الأمير سلطان في جامعة الملك سعود، خلال لقاء عقدته هيئة المساحة الجيولوجية يوم أمس في مدينة جدة «إن دراسة تطبيقية بدأت مرحلة التطبيق التجريبي للاستفادة من كميات الأمطار الكبيرة التي هطلت على السعودية هذا العام، وعلى منطقة الرياض بشكل خاص وذلك عبر تخزينها وفق طرق علمية تحت سطح الأرض وهي الطريقة التي ستوفر للمملكة مستقبلا ما نسبته 25 في المائة من المياه الصالحة للشرب».

وأضاف أن «النماذج العالمية والإقليمية الخاصة بتقييم تأثيرات التغير المناخي للمملكة ولمنطقة الرياض بشكل خاص تشير إلى زيادة معدلات الأمطار وذلك من خلال النماذج والأرقام العلمية التي أثبتتها الدراسات».

وبين شن «لا يجب النظر إلى الموضوع بشكل سلبي ولكن يجب التفكير والاستفادة من كيفية تحويل تلك المياه، خصوصا أن الحاجة أصبحت ملحة أكثر من ذي قبل لإيجاد مصادر أخرى للمياه وأن الجزيرة العربية بإمكانها توفير هذه الموارد من خلال المخزون الكبير الذي سيتكون لديها» وأشار إلى أن «الجزيرة العربية والسعودية على وجه الخصوص ستتعرض خلال السنوات العشرين المقبلة وحتى عام 2030 م لعدد من السيول الكبيرة بنسبة تفوق 30 في المائة عن الوضع الحالي وذلك وفق التنبؤات والتصورات المستقبلية». مرجعا أسباب زيادتها إلى ظاهرة التغير المناخي والاستخدام غير الأمثل للطاقة في كافة أنحاء العالم.

واستطرد الخبير زكائي شن موضحا حول برنامج تخزين المياه الذي تم العمل به مؤخرا في منطقة الرياض «تعتمد الفكرة على حفر أوعية كبيرة جدا تحت الأرض وجمع المياه فيها بكميات كبيرة ووضع بعض العوازل عليها ومدها إلى الأماكن التي تعاني من نقص وشح في المياه وقد يتم مستقبلا معالجتها وإمكانية استخدامها للاستهلاك الآدمي وهو ما من شأنه تحويل تلك الكميات من الأمطار والسيول إلى مورد مائي كبير».

وأكد الخبير المشارك بكرسي جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه السعي لتنفيذ أبحاث حصد وخزن مياه الأمطار والسيول بالمملكة من خلال كرسي جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه، حيث يتم حاليا دراسة مستفيضة لمناطق المملكة المتوقع زيادة هطول الأمطار عليها وتحديد الأسلوب الأمثل لحصد مياه الأمطار والسيول بكل منها في ضوء ما هو متوقع من تأثيرات التغير المناخي.

وبين أن «مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء سيستفيد من مياه الأمطار التي تسقط عادة بغزارة ولفترات زمنية قصيرة خلال فصلي الخريف والربيع بدلا من فقد جزء كبير منها بالتبخر لشدة حرارة الجو وتوفير المياه لسقي الماشية وري المزروعات بدون مقابل مادي وزيادة المخزون الاستراتيجي من المياه للأجيال القادمة وتخفيف عبء السحب المتواصل من خزانات المياه الجوفية سواء القريبة من سطح الأرض أو العميقة وربط الهجر والبادية بمواطنهم الأصلية وبالتالي تخفيف الضغط على المدن المزدحمة وتحسين الظروف البيئية بالأودية حول السدود الركامية المقترحة».

وفي سياق آخر، وبحسب تقرير بثته وكالة الأنباء السعودية (واس) يوم أمس، فإن دراسة سعودية أجراها قسم الإرشاد المائي في هيئة الري والصرف بمحافظة الأحساء واستمرت لمدة ثلاث سنوات أشارت إلى أن كمية مياه الري المستخدمة لري النخيل في المملكة تفوق احتياجات النخلة الفعلية بنسبة تزيد على مائة في المائة.

وقامت الدراسة بعمل جدولة لري أشجار النخيل عن طريق نظام المراقبة المتصلة للمحتوى الرطوبي في التربة حيث تم تمديد الكمية التي تقل معها الفواقد وتحافظ على معدلات إنتاج جيدة من التمور.

وأوضحت الدراسة أن الكمية المناسبة لري النخلة في السنة الواحدة هو 63 مترا مكعبا من المياه. مشيرة إلى أن النخلة تستهلك مياها أكثر في فصل الصيف تزيد على فصل الشتاء.

وقالت «إن النخلة تعطى 200 لتر يوميا أي ما يعادل 44 مترا مكعبا للهكتار يوميا خلال أشهر الصيف بداية من شهر مايو (أيار) وحتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) وفي شهر الشتاء تعطى النخلة 150 لترا يوميا أي ما يعادل 33 مترا مكعبا للهكتار يوميا خلال أشهر الشتاء من بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) حتى نهاية شهر أبريل (نيسان) وبافتراض أن عدد النخيل في الهكتار 220 نخلة.

ولفتت الدراسة أنها قامت باختبار نظامي الري بالتنقيط والري بالفوارات، حيث ساعد النظام الأول على رفع كفاءة الاستفادة من هذه الكمية بأقل قدر من الفواقد، في حين أن النظام الثاني صاحبته فواقد تحت سطح الأرض أعلى نسبيا من فوقه نتيجة تعمق المياه تحت منطقة الجذور مما قلل من المياه المخزونة وكفاءة استفادة النخيل منها وانعكس ذلك على إنتاج النخيل.

وأهابت الدراسة بالمزارعين والمختصين عن ري المزروعات استخدام الطرق الحديثة في مجال الري ويأتي في مقدمتها الري بالتنقيط أو التقطير أو الفوارات لما لذلك من توفير للمياه الجوفية في المملكة على المدى البعيد.