الأمير سلطان بن سلمان: مباني التراث العمراني «آبار نفط كامنة» ويجب أن تكون مصدر رزق للسكان المحليين

طالب بأن تكون ضمن محركات الاقتصاد الأساسية

الأمير سلطان بن سلمان مُكرِّما الدكتور عزام الدخيل الرئيس التنفيذي لـ«المجموعة السعودية للأبحاث» لرعايتها للمؤتمر (تصوير: مسفر الدوسري)
TT

وصف مسؤول سعودي رفيع المستوى مباني التراث العمراني التي تمتلكها بلاده بـ«آبار نفط كامنة»، في إشارة منه إلى أهمية تلك المواقع، وإمكانية استثمارها وجعلها ضمن مُحركات الاقتصادات المحلية.

واعتبر الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، تحويل تلك المواقع الأثرية إلى مزارات تاريخية، أو فنادق تأخذ الطابع التراثي القديم، الحل الأمثل لأن تكون تلك المواقع ضمن محركات السياحة الداخلية في المملكة.

ولم يُخفِ المسؤول السعودي - الذي يُدير أعلى جهاز حكومي يهتم بالسياحة المحلية في المملكة - تفاؤله بنتائج المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية، الذي رفع ستاره نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أول من أمس في العاصمة الرياض، والذي حظي بمشاركة حشد كبير من المتخصصين والمهتمين بصناعة السياحة على مستوى العالم.

وقال الأمير سلطان بن سلمان في تصريحات صحافية في أعقاب افتتاح المعرض المصاحب للمؤتمر، إن القرى التراثية من الممكن أن تكون مشاريع رائدة، إن وجدت التمويل اللازم، لجعلها محركا ضمن محركات الاقتصاد المحلي، مؤكدا أن الهيئة تعمل مع جهات حكومية على تأمين التمويل اللازم، لقيام القرى التراثية، لتشكل - على حد تعبيره - «مصدر رزق للسكان المحليين».

واستدل الأمير سلطان بن سلمان في حديثه بمشروع تطوير الدرعية القديمة، وهي إحدى مناطق العاصمة الرياض القديمة، التي شهدت على التاريخ السعودي القديم، معربا في ذات الوقت عن أمله في أن تكون الدرعية ضمن أهم الوجهات الثقافية والسياحية على مستوى العالم الإسلامي.

وبيّن الأمير سلطان أن مباني التراث العمراني تسهم في التنمية الاقتصادية متى ما تم تطويرها كفنادق تراثية ومتاحف ومطاعم ومقاهٍ، مشددا على أن الهيئة تنظر إلى التراث العمراني كمشروع اقتصادي وليس مشروع ترميم. وقال هنا رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار: «نريد أن يكو ن المواطن هو المستفيد الأول والحارس الأول في هذه المواقع، وأن يجد فيها متعته، نريد أن تكون مشاريع مفتوحة للجميع وليست مغلقة بشباك وسياج حديدي».

وأبرز الأمير سلطان عمل الهيئة مع دارة الملك عبد العزيز على ترميم قصور الدولة السعودية، وقال: «نعمل على توثيق دور بعض القصور في تأسيس الدولة، ونعمل أيضا على فتحها للزائرين لما تمثله من مصدر اعتزاز لأبناء تلك المناطق، وهو ما سيعيد إلى أذهانهم الدور الذي أسهم به أسلافهم في مرحلة التأسيس، ودور هذه المواقع في الوحدة الوطنية».

ولم يستطع الأمير سلطان، وهو الذي عُرف عنه شغف الاهتمام بالمواقع الأثرية والتاريخية على مستوى المملكة، إخفاء حزنه على ما أصاب ينبع التاريخية وهي تتهاوى، وقال: «حزنت في زيارتي الأخيرة حينما شاهدت ينبع التاريخية وهي تتهاوى، لكن المشروع الذي أعلن عنه مؤخرا سيسهم إن شاء الله في الحفاظ على تراث ينبع المعماري، كون ينبع تحتل موقعا هاما على ضفاف البحر الأحمر، ونحن نأمل أن تمتلك ينبع موردا اقتصاديا خاصا بها».

وأكد الأمير سلطان بن سلمان أن التراث العمراني الإسلامي يمثل رمزا لتفوق الحضارة الإسلامية وعناية المسلمين بعلوم العمران، ودليلا على تقدمهم المعرفي والعلمي، وشاهدا حيا على تميزهم في مجالات الفنون والحضارة، والعناية بالتراث العمراني، في ظل العولمة وتقاطع الحراك الحضاري والثقافي.

وأكد الأمير سلطان على أهمية الفهم العميق للتراث الإسلامي، ودوره المهم في صناعة المستقبل، وقال: «لقد أصبح من المهم لنا نحن المسلمين أن نسهم في صنع المستقبل، منطلقين من قاعدة صلبة، أهم عناصرها الفهم العميق لتراثنا الذي يمثل منظومة من القيم النبيلة والتراث المادي وغير المادي، وتأكيد دور البعد الحضاري في تطورنا المستقبلي، وما إحياء مواقع التراث العمراني وجعلها متاحة للمواطن والزائر، وتفعيل دورها في التنمية الاقتصادية، وتمكين المجتمعات المحلية من استثمارها والمحافظة عليها، إلا مساهمة مهمة في ذلك».

وأشار إلى أن «المملكة تنظر بشكل خاص إلى تراثنا الوطني على أنه جزء لا يتجزأ من الاستعداد للمستقبل، ودافع لحركة التحديث المتسارعة التي تمر بها البلاد»، وقال: «إن تطوير مواقع هذا التراث وإعادة الحياة لها في أواسط المدن والقرى التراثية وغيرها من المواقع المهمة هو جزء من تحقيق المعادلة التي طالما التزمت بها قيادة وشعب هذه البلاد منذ تأسيسها على يد الملك الراحل عبد العزيز طيب الله ثراه، وهي معادلة التحديث والتطوير المستمر مع التمسك بالقيم الإسلامية والتراث العربي الأصيل، فذلك هو مصدر تجدد هذه الدولة، وتقدمها المستمر في كل المجالات، وما جعلها تحتل مكانة مرموقة بين مصاف الأمم المتقدمة».

وتناول الأمير سلطان الجهود التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والآثار للعناية بالتراث العمراني وتحويله من آيل للسقوط إلى كنز ثمين قابل للنمو والاستثمار, وقال: «لقد قامت المملكة، ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والآثار وشركائها من مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية، بإطلاق منظومة من البرامج والمشاريع للحفاظ على التراث العمراني وتنميته والعناية به في جميع المناطق».

وأخذ الأمير سلطان على عاتقه شرح تجربة بلاده من حيث تحول النظرة إلى التراث العمراني على أنه آيل للسقوط، إلى كونه كنزا ثمينا قابلا للنمو والاستثمار، وشدد في ذات الوقت على أن يكون المواطن حارس التراث والمستفيد الأول من المحافظة عليه وتطويره.

وأبرز تطلع الجميع إلى أن تسهم نتائج وتوصيات المؤتمر في المحافظة على التراث العمراني الإسلامي، وتنميته بما يعود بالنفع على البلاد والمجتمع، «وأن تكون توصيات المؤتمر طموحة وعملية وواقعية، وأن يتم تطبيقها ومتابعتها في كل دولنا الإسلامية بشكل جدي».