نجران: معماري يطالب بفرض الهوية العمرانية الإسلامية في منشآت قطاع الإيواء

«السياحة» تتجه لتحويل قرى في المنطقة إلى بيئة تراثية

TT

دعا الدكتور محمد آل داهم وكيل كلية الهندسة بجامعة نجران، الغرف التجارية في السعودية إلى فرض اشتراطات على المستثمرين في قطاع الإيواء والمنتجعات، لتحمل لمسات التراث العمراني الإسلامي حفاظا على الهوية العمرانية للأجيال القادمة.

وطالب في حديث لـ«الشرق الأوسط» وزارة الشؤون البلدية والقروية بتشجيع العمارة التقليدية، وتخصيص أراض لإقامة قرى تراثية، والاقتباس من التراث العمراني الإسلامي القديم، مؤكدا وجود ارتباط وثيق بين العمارة النجرانية القديمة والتراث العمراني الإسلامي في القيم، من ناحية توزيع الفراغات والشكل الخارجي التقليدي، وقال إن التراث العمراني تغير على مرور الدول والحضارات السابقة.

وعن تطور العمارة الإسلامية قديما في ظل عدم وجود كليات هندسة أو مهندسين في ذلك الوقت، قال «الطبيعة والخبرة هي التي صقلتهم وهيأتهم ليبدعوا في مجال البناء»، مشيرا إلى أن «الوضع الاقتصادي قديما هو الذي كان يحدد نوع البناء وتعدد أدواره إضافة إلى توفر المواد المستخدمة التي تتسم بالبساطة والإبداع».

وكان الدكتور آل داهم قد قدم ورقة عمل في ورشة عمل عن التراث العمراني على مسرح جامعة نجران بعنوان «التراث العمراني نافذة على الماضي» عرف فيها العمران بأنه نمط الحياة بشكل عام، متعديا الجماد إلى الحياة اجتماعيا وثقافيا، مستندا في ذلك إلى تعريف المؤرخ ابن خلدون في مقدمته.

وأكد أن الاهتمام بالتراث العمراني مسؤولية وطنية، ولا بد من تذليل العقبات في سبيل المحافظة عليها، ومن ذلك توعية المجتمع بأهمية التراث، وأن القيمة له هي القيمة المعنوية لا المادية.

صالح مريح، مدير السياحة بنجران قدم ورقة عمل في الورشة عن العمارة التقليدية بمنطقة نجران، وما تتميز به هذه المدينة من طراز عمراني فريد على مستوى السعودية، وتحدث عن صمود آثار نجران ومبانيها أمام العوامل والمتغيرات، وتطرق إلى طرق البناء وأنواعه.

وكشف عن نية الهيئة العامة للسياحة والآثار تحويل قريتي القابل والمشكاة إلى مدن تراثية في المستقبل القريب، بحيث يتم الحفاظ على هويتها التراثية وتدعم بكثير من الخدمات لاستقبال الزوار والسياح.

عوض عبد الله العسيري المحاضر بقسم التاريخ بجامعة نجران قدم ورقة عمل عن تاريخ التراث العمراني بنجران، وقال «مر التراث العمراني في منطقة نجران بمراحل طويلة من التطور عبر عصور التاريخ، بدءا من عصور ما قبل الإسلام ومرورا بالعصور الإسلامية وانتهاء بالتاريخ الحديث والمعاصر مما لا تزال آثارها شاهدة للعيان».

وتناول التطور العمراني للمنطقة في عصور ما قبل الإسلام التي يبرز فيها معلمان أساسيان أولهما، ما يعرف بالأخدود، المدينة التي عرفت في النقوش القديمة برجمات أو رجمة كما سمتها بعض المصادر الإسلامية المتقدمة برعاش والهجر والأخدود أيضا، وقد كانت عاصمة لدولة مهأمر العربية القديمة، وتتبعت الدراسة أيضا أهم الحملات العسكرية التي تعرضت لها هذه المدينة في عهد ممالك معين وحمير، وكذلك حملة القائد الروماني إليوس جاليوس، وآخرها حملة ذي نواس - أو يوسف أسار - آخر ملوك حمير، وكلها خلفت الكثير من مظاهر الخراب والتدمير.

واستعرض أهم معالم المدينة كالقلعة الرئيسية والمباني المجاورة وقصر آخر في الجهة الشرقية من المدينة والسور الكبير ونظام الري الذي يصل المدينة من الوادي، وقال حاولت التعرف أكثر على طريقة البناء ومواده كالطين المحروق والحجارة المشذبة والرخام ونحوها، ودرجة تطوره من خلال الرسوم والنقوش المتبقية من تلك الآثار، مع الإشارة إلى الجهود البحثية القيمة في هذه المنطقة التي قام بها الرحالة الأوروبيون، جون فيلبي وفيليب ليبينز.

وانتقل العسيري إلى العصر الإسلامي وعن البناء الديني الذي اكتشفت آثاره في شمال شرقي المدينة، وقد رجح أن يكون هو مسجد الأخدود الذي تواتر الحديث عنه في عدد من مصادر التراث الإسلامي، التي تجمع على أن الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قد أمر بتشييده على أنقاض كنيسة قديمة، كما قدمت الدراسة وصفا لشكل البناء وطريقة بنائه والمواد التي بني بها.