جدة: ضعف التمويل والمشاركة «المتواضعة» من القطاع الخاص يهددان مهرجان الصيف

فيما تتأهب لإطلاق مهرجانها الصيفي الثلاثين

جانب من العروض الغنائية في مهرجان جدة في دورته السابقة («الشرق الأوسط»)
TT

أقل من شهر تقريبا يفصل أهالي جدة وزوارها عن الحدث السياحي الأهم في أجندة المدينة كل عام، وهو مهرجانها الصيفي المتعارف على تسميته بـ«جدة غير»، والذي تقيمه جهات عدة للتنشيط السياحي في المدينة، ورغم اقتراب موعد المهرجان فإن المعلومات القليلة عن الاستعدادات، وشعاره هذا العام، والصعوبات التي تعترض القائمين عليه ومن أهمها قلة الرعاة والمعلنين والمشاركين من القطاع الخاص تشير إلى مهرجان عادي بفعاليات بسيطة لا تساهم كثيرا في إعادة الرونق للمهرجان الذي بدأ قويا ثم تراجع إلى درجة «المعتاد».

وتعود أزمة المهرجان التي ظهرت بوادرها قبل إقامته في قلة الرعاة وضعف مشاركة القطاع الخاص فيه مقارنة بسنوات انطلاقته الأولى إلى عدم توافر التمويل الكافي، حيث يقول أحد العاملين على مهرجان هذا العام إن الميزانية التي تتطلبها إقامة مهرجان صيفي مختلف وعلى مستوى عالمي يمكن أن يقارن بمهرجانات عالمية لا تقل عن 30 مليون ريال سعودي، في حين أن المتاح حاليا هو مبلغ ضئيل جدا لا يصل إلى ثلث المبلغ المذكور، مع تحفظه عن الإفصاح عن الميزانية الحالية.

محمد قاري، منسق مهرجان «جدة غير» عن شركة «آرا» الشركة المنظمة بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة بجدة أكد لـ«الشرق الأوسط» أن المهرجان سيبدأ تقريبا في السابع أو العاشر من يوليو (تموز) المقبل، أي في موعده المعتاد كل عام، وبعد أن تنتهي مناسبة كأس العالم وبالتالي لن تؤثر المناسبة الرياضية على المهرجان وإقبال الجمهور عليه، بل على العكس «سنحاول استثمار تزامن انتهاء المناسبة الرياضية وبداية تدشين المهرجان لاستقطاب الجمهور بفعاليات وبرامج جديدة متميزة» كما يقول.

ويضيف: «سيحتوي مهرجان هذا العام على حفل افتتاح وتدشين كبير، سيتم عرض أوبريت كامل خلاله، إضافة إلى الفعاليات العائلية، وفعاليات موجهة للأطفال، والحفلات الغنائية، وعروض الألعاب النارية، وبرامج مجموعة إم بي سي التفاعلية، ومهرجان التسوق، والعديد من الفعاليات الثقافية والفنية والدورات التدريبية التي ستنظم خلال فترة المهرجان».

أما الحفلات الغنائية هذا الصيف، فيقول قاري إن التنسيق لا يزال جاريا للحصول على الموافقة النهائية للأسماء الغنائية المعروفة التي ستشارك بها ومبدئيا سيشارك هذا العام كل من رابح صقر ومحمد الزيلعي، وسيكون حضور الحفلات الغنائية متاحا للشباب فقط، مشيرا إلى أن إتاحة الحضور للعائلات فكرة تراود المنظمين لكنها تصطدم كل عام ببعض العوائق، والتي لم يمكن تلافيها هذا العام أيضا.

وعن المخاوف من تراجع إقبال الجمهور على فعاليات المهرجان، وتفاعلهم معها بالشكل الذي شهدته انطلاقته الأولى، قال قاري إن «ذلك يعود بشكل أساسي إلى متطلبات المهرجان المتزايدة، حيث إن الجمهور بشكل عام بسبب اطلاعه وسفره، والمهرجانات العديدة التي انتشرت في المملكة أصبح يتطلع إلى فعاليات استثنائية مختلفة، والمشكلة في إقامة مثل هذه الفعاليات هي الكلفة العالية التي تتطلبها والتي لا يمكن تعويضها من خلال رسوم الدخول أو الاشتراك فيها من قبل الجمهور وبالتالي تصبح غير ذات جدوى اقتصادية».

وأضاف: «على سبيل المثال حاولنا هذا العام استضافة سيرك ألماني عالمي ليقدم عروضه في جدة ضمن مهرجان الصيف هذا العام، لكننا اضطررنا لصرف النظر عن الفكرة بعد أن طلب السيرك مبلغا يصل إلى مليونين و800 ألف ريال، الأمر الذي سيعود بخسارة مالية كبيرة على المهرجان لا يمكن تعويضها بأي طريقة أخرى».

واعتبر قاري أن جدة كمدينة مؤهلة جدا لاستقطاب المصطافين والسياح، ومرافقها جاهزة ولا حاجة إلى تجهيزها، ولديها ميزة جذب سياحية حتى لو لم يقم فيها المهرجان، خصوصا وأن ملاك المنتجعات والمقاهي والمرافق الترفيهية، والمراكز والأسواق التجارية يقومون بترتيباتهم الخاصة كل عام لاستقبال الزوار وعمل ما يمكن تسميته ببرنامج خاص بكل منهم، والمشكلة التي تعترض طريق القائمين على المهرجان لتطوير خدماته وفعالياته ورفعه لمصاف المهرجانات العالمية البارزة هي ضعف التمويل والمشاركة من القطاع الخاص.

في الوقت نفسه اعترف قاري بوجود شراكة بين المهرجان والقطاع الخاص إلا أنه وصف هذه الشراكة بـ«المتواضعة» مؤكدا أنها لا ترقى إلى حجم الدعم اللوجستي والتسهيلات في الأوراق الرسمية، والتصاريح وحتى المردود الإعلامي والإعلاني الذي يقدم للرعاة، والمزايا الكثيرة التي تتاح لهم، وأرجع ذلك بشكل نسبي لاتساع رقعة المهرجانات في المملكة حيث أصبحت المهرجانات كثيرة وبالتالي فإن الشركات تحاول الوجود في العديد من المناطق والأماكن ويأتي ذلك على حساب تقديم دعم أكبر لمهرجان واحد بعينه.

وشدد قاري على أن مشكلة تطوير مهرجان جدة واستعادته لزخمه وعصره الذهبي أبان انطلاقته الأولى يعود بالدرجة الأولى إلى ضعف التمويل ومشاركة القطاع الخاص، وبحسب قاري فإن إدارة المهرجان لا تملك إلا أن تقدم مهرجانا عاديا بعروض وفعاليات مبرمجة ومعتادة في ظل الوضع الراهن وعدم وجود التمويل الكافي.