الاكتئاب يهدد 20% من السعوديات.. والقطط أطرف الحلول

استشاري نفسي: إصابة المرأة ضِعف الرجل.. والبحث عن الحقوق أبرز الأسباب

TT

تماشيا مع تزايد مسؤوليات المرأة السعودية وتعرضها اليوم لمختلف ضغوط الحياة، كشف الدكتور جمال الطويرقي، استشاري الطب النفسي في مستشفى الحرس الوطني بالرياض، أن معدل الاكتئاب لدى السعوديات يتراوح بين 15 إلى 20 في المائة، مستندا إلى أحدث دراسة بهذا الشأن، وأفاد بوجود امرأتين مكتئبتين مقابل كل رجل واحد مكتئب، أي أن تعرض النساء للاكتئاب يأتي بنحو الضعف.

وتابع الطويرقي حديثه لـ«الشرق الأوسط» مؤكدا أن أبرز دوافع إصابة المرأة السعودية بالاكتئاب راجع إلى عدم حصولها على الحقوق الأساسية. وأشار إلى دراسة سابقة أجراها، وكانت من بين أفراد العينة فتاة تعمل معلمة ويذهب كل دخلها لوالدها وزوجاته وإخوتها، مع هضم أسرتها لكل حقوقها المادية والمعنوية، واصفا ذلك بأنه «الكبت الذي يؤدي إلى الانفجار».

في حين عاد الطويرقي ليطمئن بأن نسب إصابة إناث السعودية بمرض الاكتئاب لا تبتعد (من حيث الحجم) عن نسب إصابة إناث بقية دول العالم، مع اختلاف الأسباب، وهو ما أرجعه إلى نتائج آخر دراسات منظمة الصحة العالمية حول الاكتئاب، التي شملت مدنا متفرقة في العالم. وتابع قائلا: «سابقا كان مرض القلب هو أول مرض بالعالم يليه الاكتئاب، لكن الآن الاكتئاب الأول والقلب الثاني».

إلا أن الدكتورة ليلى الأحدب، وهي مستشارة القسم الاجتماعي في موقع «إسلام أون لاين»، والكاتبة في صحيفة «الوطن»، بالغت قليلا خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» في تقدير حالات الإصابة بمرض الاكتئاب بين نساء السعودية، قائلة: «الاكتئاب موجود بنسبة 60 في المائة في المملكة، وبنسبة أكبر عند النساء».

وعن أبسط الحلول، توصي الأحدب بتربية الحيوانات الأليفة، خصوصا القطط، التي تقول إنها «وصفة لمرض الاكتئاب»، وعللت ذلك بقولها: «تربية حيوان أليف يعطي شعورا بالمتعة والسرور»، وأضافت: «القط أكثر الحيوانات شبها بالإنسان من الناحية النفسية والشعورية، وفي الدول الأجنبية، قبل أن تطبق الأدوية على الإنسان يتم تجريبها على القطط بشكل خاص».

وحكت تجربتها الشخصية في هذا الشأن قائلة: «في السابق كان عندي نوع من التخوف من القطط، لكني الآن أتولى بنفسي مهمة الاعتناء بقطي»، وأضافت: «القط يتعامل مع الإنسان وكأنه طفل، يحب الدلع وملامسة أصحابه»، مؤكدة أن ثقافة تربية القطط تنتشر كثيرا في الدول الأوروبية لانعكاساتها الإيجابية على نفسية أصحابها.

لكن الاستشاري النفسي الدكتور جمال الطويرقي عاد ليختلف مع الأحدب في ذلك، قائلا: «المكتئب نفسه يكون بحاجة إلى أحد يهتم به، لأن الشخص المكتئب يشعر بالملل من حياته ويتوقف عن الاهتمام بنفسه والاهتمام بنظافته والاهتمام بعمله، فكيف يهتم بحيوان؟!».

أما الدكتورة دعد مارديني، وهي استشارية نفسية في عيادات «السلوان» بالرياض، فعندما سألتها «الشرق الأوسط» عن العلاقة بين علاج الاكتئاب وتربية الحيوانات الأليفة، قالت: «لا توجد أي دراسات تتحدث عن هذا الموضوع»، وأضافت: «الإنسان المكتئب إذا كان سيربي حيوانا أليفا فمعنى ذلك أنه سيهتم به، والمكتئب لا يكون لديه رغبة الاهتمام بأي شيء، بل على العكس، هذا سيكون عبئا عليه ومن الممكن أن يزيد من اكتئابه».

وتابعت قائلة: «يمكن أن يكون ذلك علاجا للمزاج المكتئب بصورة طبيعية، فكلنا يمر عليه لحظات كآبة عند سماع خبر سيئ أو مشاهدة منظر سيئ مثلا، وتأتي تربية القطط لتخفف عنها، لكن في مرض الاكتئاب الموضوع مختلف، فهناك فرق بين مزاج مكتئب يمر به كل الناس وبين مرض الاكتئاب».

وحول تزايد حالات الاكتئاب بين النساء مقارنة بالرجال في السعودية، تقول مارديني: «الكآبة والقلق عند المرأة ضِعف المعدل بالنسبة للرجل، وذلك لأمور كثيرة، أولها دورة الهرمونات مع الحمل والولادة والنفاس، وبنية المرأة، والضغوط الحياتية التي تتعرض لها كعاملة وربة أسرة، بالإضافة إلى أمور ثانوية، وعموما المرأة أكثر قابلية للإصابة بالاكتئاب من الرجل».

ووفقا لتعريف موسوعة «ويكيبيديا» فإن الاكتئاب هو مصطلح يستخدم لوصف خليط من الحالات المرضية أو غير المرضية في الإنسان، التي يغلب عليها طابع الحزن، وهناك أنواع متعددة من الاكتئاب قسمت حسب طول فترة الحزن وتأثيره على الحياة الاجتماعية والمهنية للفرد، وعما إذا كان الحزن مصحوبا بنوبات من الابتهاج إضافة إلى نوبات الكآبة. فيما تكشف الإحصاءات الحديثة أن 20 في المائة من إناث العالم يصبن بنوبة من الكآبة في حياتهن، مقابل 12 في المائة فقط من الذكور.

وعلى الرغم من كون الدكتورة مارديني لا تؤمن كثيرا بدور القطط في علاج الاكتئاب، فإنها من المهتمات بتريبة القطط، إذ تفصح عن تجربتها الشخصية بالقول: «لم أكن أحبذ وجود حيوان في البيت لأسباب كثيرة، أولها تحمل مسؤوليته»، وتتابع: «عندي الآن نحو 15 قطة، يولدون ويكبرون، فصارت المجموعة كبيرة»، مؤكدة أنها وجدت متعة في الاعتناء بها، لكن تصفها بالمتعة المؤقتة.

أما ليلى المؤمن، وهي موظفة في الحرس الوطني بالظهران، فتبرر اهتمامها بقطها الشيرازي (بابل)، بالقول: «ليس تخفيفا من الكآبة وضغوط الحياة بقدر ما هو أمر مسلٍّ»، وعما إذا كان ارتباط كثير من الفتيات بالقطط هو تعويض لمشاعر سلبية والشعور بالفراغ العاطفي، تقول المؤمن: «هذا طبيعي، قطي الآن أصبح جزءا من العائلة، والاستغناء عنه أمر صعب، حتى عندما قررت بيعه تراجعت عن ذلك، وأعدته بعد أسبوع واحد، لأني اشتقت إليه».

من جهته، يفيد الطبيب البيطري خالد موسى بأن النساء يشكلن الشريحة الأكبر من مرتادي العيادة المهتمين بتربية القطط في المنطقة الشرقية، موضحا أن القط يحتاج إلى التطعيم بعد 3 أشهر من ولادته ثم يتوجب زيارته الدورية للبيطري بصورة منتظمة، وعن علاقة المرأة بقطتها يقول: «ربما تحضرها للعيادة لمجرد كسل القطة وقلة حركتها عن السابق، وهي أمور بسيطة لكن تجعل بعض النساء يقلقن كثيرا».

وعلى الرغم من عدم وجود دراسات تربط بين مرض الاكتئاب وسلوكيات مثل الاهتمام بتربية الحيوانات، خصوصا بالنسبة إلى النساء بصفتهن الشريحة الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، فإنها قناعة يؤمن بها كثير من سكان العالم، وينبغي الإشارة هنا إلى حديث القاص الأميركي الشهير إدغار آلان بو عن التعلق بالحيوانات في قصته «القط الأسود»، حيث قال: «الذين عرفوا مشاعر الولع بكلب أمين ذكي سوف يفهمون بسهولة ما أود قوله عن مدى البهجة المستمدة من العناية بحيوان أليف».