مجموعة «شبابنا غير.. فيهم خير»: نريد أن نكون جزءا من الحل.. والتمويل عقبتنا

تسعى لتغيير الفكرة النمطية عن العمل التطوعي

المجموعة خلال إحدى الفعاليات التي نظمتها
TT

«شبابنا غير.. فيهم خير» هو الاسم الذي أطلقته مجموعة تتألف من 15 شابا وفتاة سعودية على مشروع تطوعي باشروه منذ ما يقارب العام، واللافت فيه هو أنه مشروع تطوعي يختلف في أهدافه وموضوعاته وطريقة طرحه عن الفكرة الشائعة للعمل التطوعي في السعودية، التي ظلت إلى وقت طويل تقتصر على تقديم المساعدات العينية، أو التخلي عن بعض الوقت والجهد الفائض لصالح المحتاجين.

هدف المجموعة التطوعية، بحسب منسقها محمد مصلي (21 عاما)، هو تغطية موضوعات لا تتناولها فكرة العمل التطوعي عادة، وبشكل خاص القضايا الجوهرية التي تثير لغطا في المجتمع، التي تتطلب التوعية بشأنها بشكل مستمر، ويضيف: «اعتدنا أن يتم استغلال جهد ووقت الشبان المتطوعين في الأعمال الخيرية التي تتضمن فعاليات محددة، مثل تقديم المساعدات العينية وغيرها، وهناك الكثير من المجموعات الناشطة في هذا الاتجاه، لكن ما نحتاج إليه حقا هو مشاركة الشباب في التوعية بقضايا المجتمع الأكثر حساسية، وإشراكهم فيها ليكونوا جزءا من الحل، أو على الأقل جزءا من هذه القضايا».

ويؤكد مصلي أن القضايا الجوهرية في المجتمع السعودي مثل قضايا حقوق الإنسان، وقضايا الحوار الوطني، وقضايا علاقة المجتمع بجهات مختلفة، مثل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هي قضايا تناقشها النخبة المثقفة والإعلام، ولا دور أو رأي واضح فيها للشباب، رغم أنها تعنيهم كثيرا، وتخصهم بالدرجة الأولى؛ لهذا قرر هو وأصدقاءه إنشاء مجموعة متطوعة بأجندة خاصة تركز على هذه القضايا وتثيرها بين الشباب من جهة، والمجتمع بشكل يفتح نافذة تواصل ونقاش تقود إلى تقارب في الأفكار، وبالتالي الإسهام في إيجاد حلول عند الحاجة، والتواصل الفاعل وإثبات الذات ووجهة النظر من جهة أخرى.

وتضم المجموعة، إلى جانب مصلي، 14 شابا وفتاة من جدة ومكة، معظمهم من الطلاب الجامعيين، يخصصون وقتا لا بأس به من يومهم في متابعة المستجدات والإعلام والرأي العام، وتحضير خطط عمل بهدف نشر المزيد من المعلومات، وضخ المعرفة في المجتمع في ما يتعلق بحقوق الإنسان بشكل خاص، وتقول عبير فلمبان (22 عاما)، إن الفريق بذل جهدا ووقتا كبيرا لإجراء استبيان كامل ومسح ميداني، ليتعرف من خلاله على ثقافة رجل الشارع، والمعلومات المتوافرة لديه فعلا، وتلك التي يحتاج إليها ليعرف أكثر عن حقوقه كإنسان وواجباته، وخرج الفريق المكلف بالاستبيان بنتائج مذهلة تتضمن ضرورة القيام بدور توعوي أكبر في ما يختص بهذه المعلومات على وجه الخصوص.

بداية المجموعة في حد ذاتها كانت قوية نوعا ما، فالمجموعة التي بدأت بمشروع التقريب بين وجهات نظر الشبان وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخطت في هذا السياق خطوات ناجحة، كما يقول مصلي وزميله لؤي زمزمي (23 عاما)، نجحت في بناء علاقة إيجابية مع جهاز الهيئة، من خلال إيجاد قناة حوار وتواصل، يتم من خلالها إيصال ملاحظات الشبان على جهاز الهيئة والعكس، وتوقف عند اعتذار الهيئة عن حضور لقاء كان من المزمع أن يجمع الشباب برجالها، إلا أن العمل على هذا المحور ما زال مستمرا - بحسب مصلي - حيث يحضر أعضاء المجموعة لقاء آخر يجمع بين القائمين على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالشبان لتبادل وجهات النظر وتقريبها.

أجندة البرامج، التي تسعى المجموعة لتنفيذها خلال العام الحالي، تشمل التأكيد على التوعية بمفاهيم حقوق الإنسان، ومفهوم الحوار، وحوار الهيئة والشباب، ومشكلات الشباب بشكل عام، وهي تنفذ على مراحل، أما الجهات التي تدعمها، فتشمل المظلة الرسمية للمجموعة، وهي الندوة العالمية للشباب الإسلامي، وهي، بحسب مصلي، تقدم لهم الغطاء الرسمي، أما في ما يختص بالدعم المادي فتضطر المجموعة إلى إيجاد رعاة لكل فعالية أو مشروع، وهو ما يهدد بتأخر الفعاليات والبرامج في حال عدم إيجاد الدعم المالي المطلوب.

ويضيف مصلي: «كل موضوع تقام بشأنه مجالس حوارية، وأعمال ميدانية للتأكيد عليه، إلى جانب الحملة الإعلامية التي تتضمن المطبوعات التوعوية والبروشورات والأفلام القصيرة، تواصلنا مع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، خاصة في ندواتنا الخاصة بالتعريف بحقوق الإنسان، نحصل على المعلومات من خلالهم، كما نستعين بخبراتهم وتمثيلهم ضمن برامجنا».

ويقول مصلي: «الموضوع جديد، والدعم محدود، ونحن نتواصل مع جهات مختلفة كل منها تطلب وقتا لتطلع على أفكارنا وأهدافنا، ومن ثم الطريقة التي يمكن أن تتعامل بها معنا لتحقيق الهدف المنشود، خلال العام الماضي ركزنا على تكوين الفريق، ووضع رسالته وهدفه، وتحديدها بشكل واضح، ومن الجيد أننا قمنا ببعض الفعاليات، لكننا نعتبرها مرحلة التأسيس والثمرة الحقيقية للمجهود الذي نقوم به سنحصدها بدءا من الآن، وستكون أكثر وضوحا».

آلاء عياش (19 عاما) بدورها أكدت أن الانخراط في مجموعة توعوية لها تطلعات فكرية، وتهدف بالدرجة الأولى إلى العمل على درجة الوعي وتقريب وجهات نظر المجتمع في حد ذاته، هو تجربة مثمرة بالنسبة للشبان والشابات المنخرطين فيها، لأنه يمنحهم وعيا أكثر، كما يجعلهم أكثر التصاقا بقضايا التنمية والقضايا الاجتماعية الأكثر إلحاحا، ويدفعهم للتفكير في إيجاد حلول ومناقشتها مع الآخرين، وفي مشكلات تخصهم كالبطالة والحوار، وتقبل الآخر، والتنمية، وغيرها، بدلا من انتظار الحلول لتأتي من غيرهم».