منطقة عسير: «مستشفى بارق».. حلم لم يتحقق منذ 50 عاما

المواطنون لـ«الشرق الأوسط»: راجعنا ووجدنا له ميزانية سنوية * وظائف الصحة لـ«الشرق الأوسط»: الميزانية المعتمدة لمركز الرعاية وليست للمستشفى

الأرض التي جهزت للمستشفى منذ 5 عقود («الشرق الأوسط»)
TT

50 عاما وسكان محافظة بارق التابعة لمنطقة عسير يحلمون بإقامة مستشفى حكومي لخدمة نحو 100 ألف نسمة هم سكان تلك المحافظة، ولكن المشكلة الكبرى التي تعترض حلمهم أن مستشفاهم معتمد منذ زمن بعيد، إذ أدرج في الميزانية عدة مرات وأعلن عن إنشائه أكثر من مرة، وهذا هو الحال منذ عقود، يعلن إنشاء المستشفى، دون أن ينفذ.

القصة طويلة، ولكن قبل الخوض فيها يعترف لـ«الشرق الأوسط» مسؤول في صحة منطقة عسير أن هذا المشروع أدرج عدت مرات في الميزانية، أملا أن يتم الموافقة عليه في العام المقبل.

يقول هيازع محمد السلومي، شيخ قبيلة جبلي بارق، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» منذ عشرات السنين ونحن نأمل ونطالب بإقامة مستشفى بارق، وكذلك تقدمنا بعدة مطالبات وعدة أوامر من أمير المنطقة السابق الأمير خالد الفيصل، وأوامر من أمير المنطقة الحالي، وتزكيات من مجلس المنطقة وتزكيات من رؤساء المراكز والمحافظين، وتزكيات أيضا من المسؤولين، وبُحث في أكثر من هذا. ويستطرد «ولكن لا حياة لمن تنادي».

وأضاف هيازع «فوجئنا بوجود المستشفى لديهم في الرياض وعليه كوادر وعليه موظفون، ولكن على الطبيعة ليس موجودا أي من هذا». مشيرا إلى أنه على الرغم من كل التسهيلات التي قام بها المواطن، من أراض وإصلاح الأراضي وتسويتها، فلم يتم شيء، مستطردا «نحن مستعدون بكل شيء يطلب منا».

وأشار هيازع إلى أن «المنطقة ينقصها الكثير من الدوائر الخدمية للمواطن ولا يوجد سوى البلدية التي أنشئت عام 2002 ونحتاج الزراعة والضمان الاجتماعي، ونحتاج إلى بنوك محلية وحكومية، والأشياء البسيطة التي تحتاجها أبسط حارة فما بالك لبارق التي يسكنها نحو 100 ألف نسمة».

وهنا يوضح سعيد بن عبد الله النقير، مدير إدارة الإعلام الصحي والعلاقات العامة بصحة عسير لـ«الشرق الأوسط» بقوله «إن مشروع مستشفى بارق أدرج ضمن ميزانيات صحة عسير عدة مرات، ولكن لم يتم اعتماده من قبل وزارة المالية ضمن مشاريع وزارة الصحة التي ترفع لها سنويا».

وأضاف النقير «أنه تم تضمينه في ميزانية العام المقبل 2011- 2012 م حيث تم إدراج مشروع إنشاء مستشفى بارق وطلب اعتماده بسعة 100 سرير، ونأمل أن يحظى هذا المشروع بالموافقة عليه لخدمة المرضى في مركز بارق».

وفي السياق ذاته، يوضح المواطن حسين علي حمزة، أن حكاية مستشفى بارق المجهول كمن يحمل في يديه حقيبة امتلأت بالمعاريض، وأرقام المعاملات، وتصريحات لوزراء تعاقبوا على وزارة الصحة منذ عام 1965م، البعض منهم فارق الحياة، وآخرون قد غادروا الصحة، وسطرت تصريحاتهم عناوين بجميع الصحف المحلية من أقدمها حتى أحدثها عن اعتماد مستشفى أهالي بارق البؤساء.

وبين حمزة أن الأهالي تناقلوا حكاية مستشفى بارق المؤلمة قائلا «كم من دماء سالت حتى آخر قطرة دون أن تبلغ المستشفى، وكم من مريض توفي قبل أن يكمل الطريق للعلاج خارج دياره في أنصاف الليالي، وثمة من جاءها المخاض فكانت بطون الأودية الخالية من النخيل مكانا لولادتها المتعسرة ليموت طفلها ويدفن مكان ولادته».

ويستطرد حمزة «بعد المراجعات والبحث عن المستشفى الذي اختفى من الواقع ولكن في الأوراق موجود، وبعد تلك المحاولات اكتشف أهالي بارق أن لديهم مستشفى أو على الأصح (مركز تشخيص وولادة) تصرف ميزانيته سنويا، كما أن الوظيفية «أي الطاقم الطبي والإداري» مشغولة، ولكن ليس على الواقع بل على الورق. مؤكدا أننا لم نجد من يجيب عن السؤال: أين كانت تذهب ميزانية هذا المستشفى طوال عشرات السنين الماضية وأين كادره الذي شغل وظائف الصحة.

وردا على الاتهامات التي وجهت بوجود ميزانية تصرف لا يعلم الأهالي أين تذهب، يعلق مدير إدارة الإعلام الصحي والعلاقات العامة بصحة عسير بأن هذه الميزانية لمركز الرعاية الصحية الموجود والقائم حاليا، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط»: «إن الميزانية المصروفة لمركز الرعاية الأولية في بارق مثلها كمثل أي مركز رعاية أولية في منطقة عسير، وأهالي بارق لهم الحق في الطلب والخدمة مطلوبة للجميع، ولقد رفعنا لهم طلبهم بأن يعتمد لهم مستشفى 200 سرير».

ومن جانب آخر قال محمد البارقي من سكان بارق «عندما تسير في مسافة تتجاوزالـ70 كلم بين محافظتي محايل والمجاردة لا يوجد مستشفى، أو مركز إسعاف للهلال الأحمر، فسالك ذلك الطريق في خطر محقق، وخاصة عندما يخيم الظلام فكم من أسرة ذهبت ضحايا لحوادث مؤلمة انسكبت دماؤهم وهم ملقون على الطريق لم يجدهم إلا المارة عندما أشرقت الشمس وأما من وجده المارة، فإما أن يتضاعف مصابه وألمه أثناء نقله أو أن يتوقف نبضه وهو في طريقه لأقرب مستشفى بالمحافظتين».

وأضاف «كم من امرأة أتاها المخاض في ذلك السديم المخيف فكان مصيرها الولادة في الطريق أو على ضفاف الأودية أو أن تصل مسجاة بالغطاء الأبيض وقد فارقت الحياة وجنينها، فيثبت زوجها وفاتها ليستلم جثمانها ويعود بها إلى مقبرة قريته».