سعوديات يستنجدن بجهات حقوقية في قضايا «مفتعلة».. نكاية في الزوج

«حقوق الإنسان»: لسنا «عصا تهديد» لوحدة الأسرة * «الجمعية الوطنية»: ضعف الوعي الحقوقي هو السبب

سعوديات يصعدن الخلافات الخاصة ويستنجدن بالجهات الحقوقية نكاية في الأزواج («الشرق الأوسط»)
TT

اعترفت جهات حقوقية بأنها تواجه حرجا من السيدات السعوديات اللاتي يستنجدن بهذه الجهات نكاية في الأزواج ويقدمن شكاوى في قضايا مفتعلة وأحيانا طريفة، كاختلاف الزوجين على شراء قطعة معينة، لتتحول حقوق الإنسان هنا إلى «عصا التهديد» التي ترفعها النساء فوق رؤوس أزواجهن، وهو ما يجعل الجهة الحقوقية تصبح أحيانا أشبه بمكتب استشارات أسرية، بينما يرجع المختصون ذلك إلى اللبس العام بين مفهوم العنف و«الخلاف الزوجي».

وتفصح مسؤولة العلاقات والإعلام في هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة الشرقية منى الشافعي، لـ«الشرق الأوسط»، بأن مثل هذه القضايا تأخذ الحلول الودية من دون تصعيدها، قائلة: «إذا وصلت للقضاء ستدفع المرأة الفاتورة الأعلى، فكيف ستعيش مع زوج اشتكته عند القاضي؟»، لكن تبقى للحلول الودية ضريبة أيضا؛ إذ تقول: «هي تستنفد جهدنا ولا تجعلنا نمارس العمل الحقوقي الحقيقي»، وتضيف: «كل العاملين في المجال الحقوقي يعلمون أنه لا يوجد لدينا مفهوم مقنن للعنف، بحيث نستطيع القول إن هذا الفعل يخرج من إطار الخلافات الزوجية الاعتيادية إلى إطار العنف»، مستشهدة بقصة وردت إلى الهيئة تتضمن اختلاف امرأة مع زوجها على شراء قطعة معينة، مؤكدة أن هناك إشكالية عما إن كانت الجهات الحقوقية موكلة بحل ذلك أو تركه لكونه خلافا زوجيا.

وأشارت الشافعي إلى قصة موظفة ذات راتب عال استنجدت بهيئة حقوق الإنسان لكون زوجها خيرها بين أخذ راتبها أو تطليقها، وأفادت بأن بعض الأمهات كذلك لديهن موقف سلبي تجاه الجهات الحقوقية نتيجة تهديد بناتهن بالشكوى لحقوق الإنسان عند قيام الأم بتأديبها وتربيتها، قائلة: «لا نقبل أن نكون عصا تهديد لوحدة الأسرة».

من جانبها، تؤكد مسؤولة القسم النسائي في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمنطقة الشرقية رباب الدوسري، لـ«الشرق الأوسط»، على أهمية التفريق بين مفهومي الخلاف والعنف، قائلة: «العنف الأسري هو أعلى درجة من الخلاف، ومن الممكن أن يصل للعنف الجسدي أو العنف النفسي أو الإهمال أو العنف الجنسي ونحوه»، وتتابع: «الخلاف من الممكن أن ينتج عن عدم تقارب في وجهات النظر، بحيث لا تكون هناك نقطة يستطيع الطرفان الالتقاء فيها، لكن العنف وضعه مختلف تماما، العنف سلوك»، إلا أن الدوسري أكدت على ورود حالات إلى فرع الجمعية لا تحمل المعنى الحقيقي لمفهوم العنف، وهو ما أرجعته لمسألة الوعي، قائلة: «عملنا الأساسي قبل علاج القضايا هو نشر الثقافة الحقوقية».

وربما يتساءل البعض: متى إذن في إمكاننا اللجوء إلى الجهات الحقوقية؟ هنا تقول الدوسري: «عندما يستنفد المشتكي جميع مخارج القضية، بمعنى أن حقوق الإنسان تعتبر هي الباب الأخير وليست المرجع الأول»، مؤكدة أن وعي الأفراد بهذه المسألة تحسن بصورة كبيرة مقارنة بالسابق، مع وجود بعض الحالات الفردية التي تعاكس ذلك.

وعن أسباب الخلط بين الخلافات التي في الإمكان حلها داخل نطاق الأسرة وقضايا العنف الأسري، تعود مسؤولة العلاقات والإعلام في هيئة حقوق الإنسان بالشرقية، لترجع ذلك إلى دور الوعي المجتمعي، قائلة: «أحيانا تكون المرأة واعية لكن لا حيلة لها، مع شعورها بالغبن وبهضم حقها»، مشددة على أهمية تسلح المرأة بكثير من المهارات، وأكدت على ضرورة تفهم أفراد المجتمع لكون الهيئة ليست جهة تنفيذية، بل جهة ضغط.

من جهتها، أشارت عضو مجلس إدارة «برنامج الأمان الأسري» الدكتورة نهاد الجشي إلى وجود «خلط بين الصلاحيات التربوية وبين تفسير المفاهيم الإسلامية والمفاهيم العرفية»، مستشهدة بقيام بعض الأزواج بضرب زوجاتهم مبررين ذلك بنص قرآني يبيح ضرب الزوجة ومن دون إلمام بالصيغة التنفيذية للنص، وذلك أثناء مشاركتها في الملتقى النسائي بالقطيف الذي أقيم الأسبوع الماضي.

وتابعت الجشي أثناء إجابتها عن سؤال: «ما العنف الذي يخرج من دائرة الولاية الخاصة بالأسرة ليكون قضية للولاية العامة؟»، مطالبة بـ«سن قوانين واضحة للتعامل مع حالات العنف»، مشيرة إلى أن «المرأة قد تلجأ أحيانا للجهات الأمنية كذلك لحمايتها من أذى الزوج لكنهم يرفضون دخول المنزل من دون محرم، على الرغم من أن المحرم هو المتسبب»، واصفة مثل هذه الموضوعات بأنها «مكرسة بشكل فاضح».