الفلبينية والبنغالية والأوردية لغات بديلة لـ«العربية» لمعاقي مركز التأهيل في نجران

نتيجة احتكاكهم طيلة الوقت بالعمالة الأجنبية وطاقم التمريض

مشاركة دائمة للأجهزة الفنية والتمريضية للمعاقين مما يكسبهم لغاتهم المختلفة («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي يعتبر فيه تعلم اللغة العربية الأم أحد الحقوق المكتسبة، تحولت ألسنة عدد من المعاقين ذهنيا وحركيا من نزلاء مركز التأهيل الشامل في نجران إلى لغات أخرى فرضها واقع الاحتكاك بالعاملين وطاقم التمريض في المركز إلى النطق بلغات أخرى غير العربية.

ويدهش زائر المركز عند تجاذب أطراف الحديث مع النزلاء، والبالغ عددهم 372 نزيلا من الجنسين، عندما يجدهم يتحدثون وبطلاقة بالفلبينية والبنغالية ولغة الأوردو وحتى الإنجليزية مع غياب تام للغة الأم.

وفي الوقت الذي اعتذرت فيه لـ«الشرق الأوسط» إدارة المركز عن التعليق على الأمر، اعتبرت الدكتورة جيهان العمران أستاذة علم النفس التربوي المشاركة بقسم علم النفس بجامعة البحرين في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن المعاق إنسان له حقوق يجب احترامها، ومن جوهر هذه الحقوق تعليمه لغته الأم، وخصوصا في السنوات الأولى من عمره، التي تعتبر مرحلة هامة للتلقي.

وقالت «إن كبر وتجاوز (الطفل) هذه المرحلة الحرجة يصبح من الصعب أن يتعلم اللغة الأم بشكل سليم، ويخسر فرصة تعلمه بشكل من الصعب تعويضها لاحقا، وينجم عن ذلك آثار سلبية تنعكس على إحساسه بالهوية والانتماء، وتحد من قدراته الاجتماعية وتفاعله مع الآخرين في محيطه، كما أن عدم تمكنه من اللغة الأم يؤثر على ثقته بنفسه، ويشعره بأنه غريب في بيئته».

بيد أن الدكتورة العمران استدركت بالقول «لا مانع من تعلم الطفل عموما لغات أخرى، ولكن بعد تعلمه اللغة الأم، لأنها هي الأساس، والطفل المعاق عموما قدرته على اكتساب اللغات محدودة، لأن اللغة هي وعاء الفكر، وفكر المعاق محدود، وقدرته على اكتساب المهارات العقلية العليا مثل التفكير المجرد محدودة، لذا فإن لغته لا تتسم بطابع التجريد عادة، وإنما يغلب عليها الطابع الحسي العملي».

وعن الحلول لإصلاح هذا الخلل، أوضحت أن أهم الحلول لإصلاح خلل عدم تحدث الطفل المعاق باللغة الأم أن نتعرف على الأسباب لإزالتها، وقالت «قد يكون السبب هو اضطرار الوالدين إلى الوجود في بلد أجنبي بسبب عمل الأب أو بهدف الحصول على علاج للطفل المعاق، أو قد يكون السبب هو ملازمة الطفل المعاق للمربية الأجنبية، التي لا تجيد اللغة العربية، فيبدأ بالتحدث بلغتها التي يطغى تأثيرها على تعلم اللغة الأم، فيؤثر ذلك سلبا على تعلم الطفل لغته، فالحل يكون بإزالة السبب الذي أدى إلى نشوء المشكلة».

وأشارت إلى ضرورة الوجود مع الطفل بشكل مستمر والتحدث معه بلغته الأم، كونه الأسلوب الأمثل للتعلم، وإن وجد في بيئة أجنبية لظروف اضطرارية، وعلى أسرته التحدث معه باللغة الأم، وإن تحدث معه الآخرون بلغة أخرى.

وقالت الدكتورة جيهان العمران إن اكتساب الأطفال المعاقين ذهنيا اللغات لا يعني سلامتهم من الإعاقة الذهنية، فالإعاقة الذهنية تكون موجودة سواء تعلم الطفل لغة أجنبية أم لا، ولكن الطفل المعاق ذهنيا تكون قدرته على اكتساب اللغة محدودة، سواء كانت اللغة الأم أم اللغة الأجنبية، فهو غير قادر على استخدامها بطلاقة أو بشكل إبداعي أو مجرد، وتكون ألفاظه محسوسة ومرتبطة بتلبية احتياجاته اليومية كالحصول على الطعام أو الشراب أو بعض التعابير اللفظية المحدودة.

واعتبرت أن الطفل المعاق ذهنيا يمكن تعليمه اللغة العربية بشكل بسيط، عن طريق الأناشيد والأغاني ذات الإيقاع الموسيقي، أو عن طريق تعليمه باستخدام وسائل محسوسة تتلاءم مع مستوى تفكيره، مثل الصلصال والرسوم والرسم على الرمل مع التكرار. وأضافت «من المهم استخدام وسائل التعزيز المحسوس والمعنوي كلما قام الطفل بالنطق الصحيح، كإعطائه مكافآت كوضع نجوم على لوحة تخصص لهذا الغرض، أو القيام بمدحه، كما يمكن تعليمه بتوفير نموذج إيجابي يتحدث اللغة العربية بشكل صحيح».

وأشارت إلى أن الطفل المعاق إنسان له حقوق كأي طفل آخر، تنص عليها القوانين الدولية مثل اتفاقية حقوق الطفل التي أصدرتها الجمعية العمومية بالأمم المتحدة عام 1989 والتي تنص في أكثر من مادة على أهمية إعطاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة حقوقهم وتقديم الرعاية المناسبة لهم وعدم التمييز بين جميع الأطفال لأي سبب كان، ومنها الإعاقة.

وعدت الدكتورة جيهان عدم دمج الطفل المعاق مع أقرانه في المدرسة انتهاكا لحقوقه، مطالبة النظام التعليمي بالعمل على دمجه في المسار العام، وتوفير الرعاية الخاصة له في المدرسة، ليستطيع الاعتماد على نفسه في تلبية احتياجاته الأساسية، وحتى يستطيع أن يتكيف مع بيئته، وكذلك في البيت عندما يشعر الأبوان بالخجل من وجود طفل معاق ويخفيانه عن أعين الآخرين ويحرمانه من حقوقه الأساسية في التعليم والرعاية، ويقومان بسوء معاملته.

وقالت إن الكثير من الدراسات أثبتت أن أسباب سوء معاملة الطفل كونه معاقا ذهنيا، لأن بعض الأسر التي يكون لديها طفل معاق تعيش تحت ضغوط مادية ونفسية، مما يؤدي إلى اللجوء لسوء المعاملة، كما أن بعض فاقدي الضمير يستغلون الأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية لتحقيق مآرب غير إنسانية أو أخلاقية، ويعمدون إلى التغرير بهم لأنهم سريعو الإغواء والتأثر، وهذا كله يعتبر انتهاكا لحقوقهم.

ورأت ضرورة أن تنص التشريعات على ردع منتهكي حقوق المعاق، سواء إن كان من قبل ولي أمر أو معلم أو أي شخص، فيجب أن تنص التشريعات على ردع مثل هؤلاء الأشخاص وعقابهم، ولكن قبل ذلك يجب الاهتمام بتوعيتهم وتثقيفهم إزاء الطفل المعاق.

وقالت من أهم المطالب المتعلقة بالطفل المعاق هي معاملته كإنسان، واحترام حقوقه، ودمجه في التعليم المدرسي، ودمجه أيضا في المجتمع الذي يعيش فيه عن طريق الاعتراف به وقبوله، وتوفير المناخ التربوي والنفسي الذي يعمل على تلبية احتياجاته، ومساعدته على الاستقلالية والاعتماد على نفسه في تدبير أموره اليومية، وتحسين نوعية حياته، وتدريبه على مهنة بسيطة كالحرف اليدوية والخدمات البسيطة حتى لا يصبح عالة على أسرته ومجتمعه.

من ناحيته، أوضح الدكتور عثمان عبده هاشم مدير مركز الملك عبد الله للأطفال المعاقين بجدة، أن الدراسات العلمية الخاصة بالنسبة للأطفال الأصحاء من الناحيتين البدنية واللغوية (الكلام أو التحدث) دلت على أن وجود لغتين متداولتين في محيط الطفل يؤدي إلى تأخر في نضجه اللغوي لفترة معينة، ولكنه في النهاية يستطيع أن يكتسب كلتا اللغتين بنفس المهارة كلغة أم.

وقال «أما بالنسبة للأطفال المعوقين جسديا أو كلاميا (تأخر في اللغة) فوجود لغتين يزيد من مشكلة الطفل، وليس دوما يستطيع أن يتغلب على ثنائية في محيطه، وقد تزيد مشكلة تأخره اللغوي، وهذا بالطبع ينطبق على وجود لغة عربية مع لغة أخرى لمربية الطفل التي تعتني به».

وأشار الدكتور هاشم إلى أن الحل هو أن يكون من يعتني بالطفل هو أمه أو أحد أفراد أسرته نفسها، وعدم ترك ذلك لمربية أو ممرضة أو سواها، فالمربية إن كانت هناك حاجة لها تعطى كل المسؤوليات في الاعتناء بالبيت ما عدا عناية الطفل مباشرة فيجب أن تكون من مسؤولية الأم نفسها، وهذا ما نحاول أن نبثه للأمهات لتكون ثقافة عامة.

وبين أن الطفل قد يكون لديه قدرات عقلية سليمة، ولكن لديه تأخر في النمو اللغوي، واستدرك «ولكن الطفل الذي لديه إعاقة عقلية يكون عادة لديه تأخر لغوي، ولكن في المستقبل مع مضي الزمن يصبح كلامه سليما رغم وجود إعاقة عقلية، والإعاقات اللغوية لها نظام علاجي متخصص ويمكن أن يستفيدوا في حل مشكلتهم بهذا النظام العلاجي».

وأكد أنه يمكن تعليمهم اللغة العربية بشكل سليم فليس كل الأطفال المعوقين حركيا لديهم إعاقات في اللغة أو إعاقات ذهنية، وحتى أولئك الأطفال الذين لديهم إعاقة لغوية يمكن علاجها بمتابعة دؤوبة مع اختصاصي النطق.

وعن حقوق المعاق، قال الدكتور هاشم إن الشخص المعاق له حقوق أقرتها اتفاقية حقوق الإنسان للأمم المتحدة وأقرتها حكومة المملكة العربية السعودية، وهي قيم إسلامية قبل كل شيء، ومعلوم أن كل طفل أو شخص معاق في المملكة يمنح إعانة سنوية أو شهرية بحسب شدة إعاقته، وهناك جهات خاصة لحماية الطفل في السعودية تشكلت منذ مدة، ويمكن التواصل معها لإيجاد حل لطفل معاق مضطهد أو مهمل، كما يمكن المقاضاة القضائية لأولياء الطفل.

وطالب الدكتور هاشم بنشر ثقافة أن الشخص المعاق هو جزء فعال في المجتمع له حقوقه وواجباته، ويمارس حياة المجتمع العادية، مع وجود بعض الدعم لاحتياجاته الخاصة.

كما نادى بتأسيس جهة رسمية لفرز حالات الإعاقة إلى مؤسساتها الخدمية لتتلقى التأهيل المناسب، وعدم ترك ذلك لاجتهادات أولياء الأمور أو للمؤسسات الفرعية، وقال «فكم من طفل معاق جسديا كان يمكن أن يستفيد من خدمات الجمعية، ولكن لم يوجه إلى الجمعية، وخسر برنامجا تأهيليا مفيدا جدا لو حضر إلى الجمعية في وقت مبكر». وطالب بضرورة التأكيد - عن طريق وسائل الإعلام - على أهمية اعتناء الأم بطفلها، وعدم ترك ذلك لمربية أو ممرضة أو غيرهما.

فيما يرى صالح آل سالم الاختصاصي والباحث في علم النفس أن تعلم اللغة منذ الميلاد يعتمد على الظروف الاجتماعية والثقافية أكثر من تأثره بالصفات الوراثية، ويمتد هذا التأثر إلى جميع مراحل الحياة للفرد.

وقال «اللغة وسيلة اتصال تخضع لتأثير البيئة بشكل كبير من الشهور الأولى، كما أن الحوارات التي يشارك فيها الطفل أو يسمعها تؤثر في لغته، فالطفل المحاط بممرضين أجانب أو يكون أثرهم عليه أكثر من أثر أسرته حيث إن زمن بقائه معهم أكثر من أسرته وهذه مشكلة كبرى».

وأشار إلى أن من حقوق الطفل الحصول على الحصانة الوطنية والثقافية والقيمية وغيرها، وأردف «أطفال الرعاية يقضون أوقاتهم مع أسر بديلة لأسرهم الأصلية، ويعتبرون في نظرهم الأسر الأصلية، لذلك من الطبيعي التأثر باللهجة بل بالقيم والثقافة أيضا».

وطالب آل سالم بضرورة تطوير برامج توعية أسر هؤلاء الأطفال، حيث إن الأسر تكتفي بالزيارات المتقطعة وبعضها أسبوعي أو شهري أو سنوي، وهو ما اعتبره حرمانا للطفل من الأمان العائلي، حتى وإن كانت الأسرة لا تستطيع رعايته فمن الواجب قضاء الأسرة مع ابنها يوميا وقتا معينا يجمع أفراد الأسرة أو أغلبهم، كذلك لمن حالته تسمح يجب أن يؤخذ للبيت لوقت معين، ومن ثم إرجاعه للمركز.

وقال «كما يجب أن يفتح المجال بشكل أكبر لأبناء وبنات الوطن بعد تأهيلهم وإعطائهم ما يستحقونه من مقابل نظير عملهم مع شريحة مهمة مع الاستفادة مع الآخرين في جوانب أخرى».

بينما اعتبر صالح بن سالم الحارثي عضو هيئة تدريس بقسم اللغة العربية بكلية العلوم والآداب بجامعة نجران أن العصر الحالي يشهد صراعات متتالية، وخصوصا من الناحية الثقافية «للغة الطفل» سواء الطفل السليم أو المعاق. وأردف بقوله «لكن للمعاق قضية أخرى، ونعلم جميعا أن الطفل يتحدث اللغة منذ وقت مبكر في حياته لأنه يحاكي ما حوله سواء بلغة عربية أم أخرى أجنبية».

مشيرا إلى أن النمو اللغوي عند الطفل بشكل عام يمر بعدة مراحل تتمثل في مرحلة ما قبل اللغة، على 4 فروع وهي: مرحلة الصراخ أو البكاء، ومرحلة المناغاة، ومرحلة التقليد، ومرحلة المعاني، تليها المرحلة الثانية وهي مرحلة اللغة الحقيقية، وهي على 3 فروع: مرحلة فهم اللغة قبل استخدامها، ومرحلة الكلمة الأولى، ومرحلة تطور المهارات اللغوية.

وقال الحارثي إن الطفل المعاق اجتماعيا هو الطفل الذي يفتقد لنمو شخصية متوازنة والإظهار الكامل لإمكاناته التي تعاق بعوامل في بيئته الاجتماعية مثل عدم كفاءة الأبوين ونتيجة للحرمان الثقافي والاجتماعي، ويشمل أيضا الأطفال اليتامى نتيجة موت أو فقدان أحد أبويهم والأطفال المهملين والفقراء المعدمين.

وأردف «ينبغي الإشارة إلى أن الأطفال المعاقين جسديا وعقليا يواجهون إعاقات اجتماعية إلى حد أنهم يكونون منبوذين اجتماعيا، إلا أن قدرهم أن يظهروا في هذه الدنيا وهم من ذوي إعاقة، لا يقول بذلك عاقل بل ولا ينبذهم إلا جاهل».

واعتبر الحارثي مرحلة التقليد هي الأهم، وزاد «فأي معاناة يحملها هذا الصنف الغالي على قلوبنا، إنها معاناة ضياع اللغة الأم لدى المعاقين، ضياع اللغة العربية، لغة القرآن الكريم، اللغة التي يقول عنها البعض بأن سوق العمل لا تحتاجها، اللغة التي يتفاخر البعض بأنه يجيد لغة العصر اللغة الإنجليزية، حديثي ليس عن اللغة العربية الفصحى بل عن الطفل المعاق، ومدى الإهمال لهذا الصنف، فمع عدم الاهتمام به من قبل أسرته بمحاولتها التخلص منه إذا رأت فشله في كثير من الأمور، فإنه يؤدي إلى شعور الوالدين بالإحباط، وتركه في مؤسسة حكومية وكأنه حمل ثقيل، أو إهماله من حيث إشباع الحاجات الأساسية دون الاهتمام بثقافته».

وقال «من المؤسف جدا بأن البعض يُحضر عاملا أجنبيا يقوم برعايته ثقافيا واجتماعيا مما يسبب العناء بضياع لغة هذا المعاق، وأعجب كثيرا من بعضهم بأنه ينسى شيئا اسمه طفل معاق حينما تم تسليمه لجهة حكومية ترعاه، بل ولا يكلف نفسه تعهده وزيارته بين فترة وأخرى، وهو بكل حق في مأمن حينما يسلم لهذه الجهة الحكومية التي تقوم على رعايته، ولكن بوجوده في هذه الجهة الحكومية التي ترعاه في خطر أعظم ألا وهو ضياع اللغة العربية الأم، لأن هذه الجهة تترك رعايته للعمال، وهم بدورهم يتخاطبون معه بلغتهم الأجنبية، وحتى لو تحدثوا العربية فإنها بعبارات مكسرة يستقي منها هذا المعاق ما يسمع ويقلده، وينشأ فاقدا للغته الأم، فأين المسؤولون وأين ولي أمر هذا المعاق وأين المجتمع!!».

وأوضح أن هذه الفئة منها المبدع ومنها المخترع ومنها المصمم، ولكنهم يحتاجون إلى من يقوم على الإشراف عليهم بكل ما تعنيه الكلمة. وأضاف «تحتاج إلى رعاية جادة، تحتاج إلى اهتمام كبير، تحتاج إلى تعاون مشترك».

وتساءل «هل من المعقول أن يحرم هذا الطفل المعاق من الثقافة وهو في مؤسسة حكومية أو حتى مع والديه بسبب وجوده مع عامل أجنبي لا يضيف له إلا ضياع لغته؟ أقول: لا، ولكن الإهمال وتسليمه لعمال أجانب لا يحسن أحدهم التصرف هو الأمر المخيف الذي ابتدأه بضياع لغته الأم (اللغة العربية) من خلال المحاكاة وتقليد العامل الأجنبي بل وإنني أعجب من مجاراتنا للعمالة الأجنبية من خلال تنازلنا عن لغتنا الأصلية وتخاطبنا مع العامل بلغتنا التي قام بتكسيرها حتى يفهمنا».

وأضاف «قد يتعلل البعض بمثل هذا الشيء، بقوله يعذر الطفل المعاق، لأنه يحتاج إلى عناية كبيرة، فليس له أي اهتمام، سواء بلغتنا أم بلغة غيرنا، وهذا من الأخطاء التي يروج لها البعض، وكأن هذا المعاق لا قيمة له، فلماذا لا تشعر بالندم حينما تسمع المعاق ضائعا بين اللغات واللهجات، بل ومن النصائح أن لا تتعدد اللغات أمام هذا الطفل المعاق، حتى لا يتشتت ويضيع بين اللغات الأخرى».

وطالب صالح الحارثي القائمين على رعاية المعاقين من مؤسسات حكومية وأولياء أمور بوضع لجنة استشارية تبحث عن السبل التي تقوم على تطوير الطفل المعاق والمحافظة على لغته الأم، وتثقيف المجتمع بأن هذه الفئة تملك مواهب يجب الاهتمام بها والوعي بحقوقهم، وخلطهم بغيرهم من خلال المدارس إذا لم تكن إعاقتهم قوية، ووضع برامج إعلامية من صحف ومجلات وندوات يكون تركيزها على الطفل المعاق وتحفيزه حتى يظهر نتاجه، ولنا في بعض المعاقين الذين حصلوا على جوائز من خلال تفوقهم سواء في الكومبيوتر أم في المجالات الأخرى خير دليل.