الكراسة المدرسية.. آخر الحلول لتقويم سلوك 70% من الطالبات

تربوية خصت «الشرق الأوسط» بحالة نادرة لفتاة تجاوزت «التخلف العقلي» بعد جلسات تحسين الخط

TT

لا تقتصر فائدة الكراسة المدرسية على الاستذكار وتدوين الدروس فقط، إذ أفصحت لـ«الشرق الأوسط» مي الحمود المتخصصة في علم الجرافولوجي والجرافوثيرابي والمشرفة العامة على مجمع تعليمي بالرياض، أن إمكانية تحسين سلوك الطالبات من خلال خطوطهن تصل لنحو 70 في المائة، حال توفر المتابعة المستمرة، ويشمل ذلك سلوكيات العدوانية والانطوائية والعناد وغيرها.

وطالبت الحمود بتأهيل معلمات المدارس وتدريبهن على فهم خطوط ورسومات الطالبات، بقولها: «هذا ضروري جدا، أولا لتأسيس الطالبات على كتابة الحروف عند دخولها في اللا وعي وإكسابهن سلوكيات إيجابية، وثانيا لمعرفة شخصيات ونفسيات الطالبات حتى يسهل عليهن التعامل معهن».

وكشفت الحمود عن حالة نادرة لفتاة تبلغ من العمر 14 عاما، قائلة: «كانت تدرس بمدارس فكرية شخصت من فئة (التخلف العقلي البسيط)، ومن خلال خطها ورسوماتها اتضح أن الطالبة طبيعية ولكنها تعاني من صعوبات تعلم أي قلة تركيز شديدة، وبعد التشخيص وجد أنها تعاني من مشكلات نفسية شديدة جعلتها انطوائية وعدوانية وعنيدة وغير ذلك من تبعات الأمراض النفسية، وبعد عقد عدة جلسات (بلغت للآن 11 جلسة) نقلت الطالبة إلى مدارس تعليم عام بقسم الدمج وذلك حتى تختلط بطالبات طبيعيات فكريا وجسديا».

وبعد مرور نحو سنتين، تتحدث الحمود عن النتائج قائلة: «ارتفعت نسبة التركيز لدى الفتاة وبالمقابل الذكاء، وحلت بعض المشكلات النفسية، حيث أصبحت انبساطية ومتحدثة مع الآخرين بعكس ما كانت عليه»، وأوضحت أنها كانت قد اكتسبت سلوكيات غير جيدة بعد احتكاكها بفئة التخلف العقلي، تقلصت مع المتابعة وبعد دمجها في التعليم العام.

يذكر أن مي الحمود حاصلة على ماجستير في علوم الاتصالات الإنسانية تخصص علم الجرافولوجي والجرافوثيرابي، إلى جانب خبرة 13 عاما في العمل بوزارة التربية والتعليم (في التعليم والإدارة)، فيما تعمل في الفترة الحالية مشرفة عامة على مجمع مدارس الأفق الأهلية بمدينة الرياض، بالإضافة إلى عملها كمدربة تنمية بشرية وتطوير الذات، وهي مدربة معتمدة من الأكاديمية العالمية للتدريب والاستشارات ومعهد نظم العقل بميونيخ، إذ تعد أول مدربة سعودية تدرب في علم الجرافولوجي والجرافوثيرابي.

من جهة أخرى، أوضحت الحمود أن بالإمكان الكشف عما إذا كانت الطالبة قد تعرضت لعنف أسري من قبل أهلها من خلال خطها ومعرفة الصفات والحالة النفسية التي تعيشها، مؤكدة أنه تم بالفعل الكشف عن إحدى حالات العنف بهذه الطريقة، وتابعت: «طبقت ذلك وركزت عليه في مرحلة رياض الأطفال، بمجرد أن أطلب من الطفل رسم والديه أو أي شيء يكرهه أو يشعر بخوف منه، يتضح لي مدى ما يعانيه هذا الطفل من عنف أو خوف من خلال رسمه».

وعن موقف أولياء الأمور، تقول «الغالب من أولياء الأمور أنهم يهتمون بمعرفة السلوكيات السلبية لبناتهن ويسعون لمساعدة المرشدة الطلابية في تزويدها بأي معلومات حتى تشخص وتعالج الحالة، كما أتمنى من جميع أولياء الأمور أن يجعلوا ثقتهم كبيرة - بعد الله - بالكادر التربوي بالمدارس لتقويم سلوكيات الطالبات».

تجدر الإشارة إلى أن «الجرافولجي» هو علم تحليل الشخصية من الخط والتوقيع، ويعتبر علماء الجرافولوجي أن الخط هو عبارة عن (قراءة المخ) أو قراءة الجهاز العصبي والحركي على الورق لدى الإنسان، إذ إن الخط يعكس نمط الشخصية مثل: «انبساطية أو انطوائية النزعة - يجيد التفكير واستعمال عقلة من عدمه - طاقة عالية - إصرار أو تردد في القرارات - حساس - بصري - سمعي - إرهاف حواس»، كما يكشف بعض الأمراض النفسية والجسدية.

أما «الجرافوثيرابي» فهو علم تعديل السلوك من الخط، وهي نظرية تهدف إلى التأثير بالسلوك عن طريق العادات في طريقة الكتابة والتي عند تغييرها تؤثر في المراكز العصبية التي كانت مصدرا لهذه الأشكال المكتوبة ومساعدتها على التغيير، وبالتالي يؤثر هذا في السلوك والأداء، ويتطلب ذلك تغييرا في تركيب العضلات الصغيرة جدا في أصابع اليد المسؤولة عن الكتابة وبالتالي المراكز المسؤولة عنها.

وعن القواعد الأساسية لذلك، تقول الحمود: «أهمها معرفة أشكال الحروف الهجائية والأشكال الهندسية وحجم الخط وميل السطر والخط وأنواع الضغط عند الكتابة والمسافات بين الكلمات والأسطر والحروف وتحديد نوع سرعة الكتابة والوصل بالأحرف من عدمها بالخط الإنجليزي والهوامش في الورقة، وأخيرا التوقيع ودلالاته.. هذه القواعد نستطيع أن نطبقها في أي لغة بالعالم بعد معرفة ودراسة الحروف الهجائية في اللغة التي يتحدث بها الشخص».

وتضيف: «بنظرة بسيطة إلى مراكز المخ المسؤولة عن باقي مراكز الجسم، يلاحظ أن الأصابع واليد والرسغ والساعد (حتى نصل للمخ) مسؤولة عن مساحة كبيرة من نشاط العقل، وبالتالي فهي تأخذ حيزا أكبر من باقي أجزاء الجسم المخصص لها في مناطق العقل، ومن هنا تتضح أهمية هذا المدخل الميكانيكي، أي عن طريق العضلات والأعصاب المتصلة بالمخ وتحريكها ميكانيكيا عن طريق تغيير شكل الخطوط التي يكتبها الشخص أو إضافة حركات خطية جديدة تساعد على التغيير».