أمطار غزيرة وعواصف ترابية تضرب مناطق سعودية.. بفارق لحظات

رئاسة الأرصاد تؤكد أن التقلبات الجوية إشارة لبداية دورة مناخية جديدة

الأمطار والسيول لا تزال تهطل في الكثير من مناطق السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

لم يفصل بين الأمطار الغزيرة والعواصف الترابية التي تعرضت لها بعض المناطق الشمالية من السعودية، سوى لحظات قليلة، في وقت يعتقد بأن التقلبات الجوية التي تشهدها مناطق البلاد خلال هذه الفترة، بداية لدورة مناخية جديدة.

وتعرضت منطقة حائل لحالة من التقلبات الجوية خلال نهاية الأسبوع الماضي، وصفها بعض المختصين بالنادرة، وأثارت دهشة الأهالي الذين توجه بعضهم للأودية ومواقع تجمع المياه بعد هطول أمطار غزيرة جرت على أثرها بعض الأودية والشعاب، خصوصا في الأجزاء الجنوبية من المنطقة.

وبينما كان الحال كذلك، هبت على حائل عواصف ترابية اقتلعت أعمدة الكهرباء، وانقطع على أثرها التيار الكهربائي جزئيا عن بعض المناطق، بينما تدنت الرؤية الأفقية في بعض الأجزاء التي شهدت هبوب العواصف الترابية إلى أقل من 200 متر، وجاء ذلك كله بعد أسبوع ارتفعت فيه درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية.

وقال لـ«الشرق الأوسط»، حسن ميرا، نائب مدير التحاليل والتوقعات بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، إن الحالة التي شهدتها المدينة المنورة والمناطق الجنوبية من حائل هي نتيجة وصول الفاصل المداري، مع تلاقي جبهتين؛ شمالية حارة وجافة، وأخرى جنوبية رطبة ودافئة كونت سحبا رعدية أدت لهطول هذه الأمطار.

يذكر أن هذه الحالة حدثت في يوليو (تموز) عام 1998، وسقطت خلالها أمطار غزيرة وصل منسوبها لـ39 ملليمترا، بعد وصول الجبهة المدارية للمدينة المنورة وأجزاء من جنوب حائل.

وبين ميرا أن التقلبات الجوية التي شهدتها مناطق عدة من السعودية هذا العام قد تكون بداية دورة مناخية جديدة.

وقد شهدت منطقة حائل أمطارا غزيرة، سالت على أثرها بعض الشعاب، منها شعيب حمه، ووادي غنيم، وهو أحد روافد وادي الرمة، وواصل جريانه حتى ساعة إعداد هذا التقرير، وتجاوز قرية المجصة (جنوب غربي حائل بنحو 250 كيلومترا).

وسيطرت هذه الأمطار على أحاديث الأهالي خلال اليومين الماضيين، مبدين استغرابهم من هطولها بهذه الكميات الكبيرة في فصل الصيف، وسط انكبابهم التام على متابعة التحليلات ونشرات الأحوال الجوية ومواقع الإنترنت المتخصصة في أحوال الطقس.

وفي المقابل أكد الملازم عبد الرحيم الجهني، الناطق الإعلامي بالدفاع المدني في حائل، عدم تسجيل أي حوادث تذكر خلال هذه الحالة المناخية التي شهدتها المنطقة.

وطالب الملازم الجهني بعدم التنزه حول الأماكن الممتلئة بالسيول والمستنقعات، ودعا إلى اتباع الإرشادات والتعليمات المتعلقة بهذا الخصوص، وتجنب السباحة في مياه السيول والأمطار، وعدم الجلوس في بطون الأودية أثناء هطول الأمطار.

كما جدد الدفاع المدني بمنطقة حائل، دعوته لعدم إقامة المخيمات في بطون الأودية أو النوم بداخلها، لأنه السيل المتكون قد يداهم بغتة، وكذلك عدم النظر في مجرى السيل من أعلى أو من على مقربة منه؛ لأن ذلك يسبب الدوار وفقدان القدرة على التركيز، مما يسبب السقوط، ومن ثم الغرق.

وبالتحول جنوبا، واصلت الأمطار الغزيرة أمس هطولها على منطقة جازان، وشملت معظم المحافظات، سالت على أثرها أودية صبياء وخلب وليه وقرى، وعدد من الأودية والشعاب.

وأعلن الدفاع المدني أن الأمطار والسيول التي ضربت محافظة الشقيق - شمال غربي منطقة جازان - تسببت في وقوع سبع حالات وفيات، وثلاثة مفقودين، بينما أجلى الدفاع المدني ما يقارب 85 محتجزا.

وأجلت مديرية الدفاع المدني بمنطقة جازان جنوب غربي السعودية، يوم أول من أمس 16 أسرة، احتجزتهم مياه السيول داخل قراهم في محافظة الشقيق، إضافة إلى احتجاز 5 سيارات، في أماكن مختلفة في المنطقة.

وأوضح الملازم مصلح الغامدي الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة جازان بالإنابة، أن جريان السيول في المنطقة، أدى إلى عزل 16 أسرة، واستعان مدني جازان بفرق الإنقاذ والإسعاف وبعض المعدات الثقيلة فور تلقي البلاغ، وقد تم فتح الطريق المؤدي إليها.

وأضاف الغامدي، أن فرق الإنقاذ بالدفاع المدني أنقذت هذه الأسر، ولم تصب بأذى، مشيرا إلي أنه تم إيواؤهم في شقق مفروشة، بينما تم حصر المساكن المتضررة، وتم إخراج السيارات العالقة على الطريق الدولي، وإزالة مخلفات السيول، وفتح الطريق، بالتنسيق مع بلدية الشقيق والشرطة، وفرع وزارة النقل.

وبين الغامدي أن في وادي صبيا احتجزت 3 مركبات بركابها أثناء مرورهم، وتم إجلاؤهم عن الوادي، وهم في صحة جيدة، إضافة إلي احتجاز مركبة بركابها، بوادي جوراء في محافظة الدائر، وتم إخراجهم عن طريق فرقة بني مالك، وهم في صحة جيدة، إضافة إلي جريان وادي وعلان المنقول  فجر أمس، في محافظة الطوال، وكان منسوب المياه خفيفا، واحتجزت عائلة في الوادي، بعد أن علقت مركبتهم في الرمل، وقد تم إخراج المركبة والعائلة، وهم في حالة جيدة. وأشار الغامدي إلى نشر دوريات السلامة بوادي صبيا أثناء جريان الوادي لإخراج المتنزهين الذين تجمهروا في الوادي للتنزه في الموقع، مشيرا إلى أن فرق الدفاع المدني حذرت من سيل منقول في وادي أبو القعايد، وتم اتخاذ الاحتياطات، وكان يجري في مجراه الطبيعي.

بينما كرر الغامدي تحذيراته للسكان بأخذ الحيطة والحذر من مخاطر الأمطار والسيول وعدم المجازفة بالدخول في بطون الأودية ومجاري السيول، كما دعا العامة لاتباع إرشادات الدفاع المدني، وخاصة دوريات السلامة الموجودة في الأودية.

ودعت المديرية العامة للدفاع المدني إلى اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من المخاطر التي قد تنتج عن الأمطار الغزيرة والسيول.

وأكد نائب الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة جازان بالإنابة، لـ«الشرق الأوسط» أن فرق الدفاع المدني قامت بتحويل مسار جريان السيول وفتح عقوم في الأودية، لتتحول مياه السيول إلى المزارع.

وأوضح أن جريان سيل من شرق الشقيري باتجاه الشمال، مغيرا مجراه الطبيعي بسبب العقوم (السدود) التي أنشأها المزارعون، لكنه أشار إلى أن السيول لم تسجل أي إصابات.

وأضاف أن مديرية الدفاع المدني في منطقة جازان، لم تستعن بفرق من خارج المنطقة، وكل الفرق الموجودة هي من المنطقة، والاستعدادات كاملة، مشيرا إلى أن تحذيرات مستمرة على مدار 24 ساعة من قبل الدفاع المدني.

وبين الغامدي أن الدفاع المدني في المنطقة تلقى عددا من البلاغات عن احتجاز عدد من السيارات، ولا تزال فرق دفاع المدني، التي حشدت قواها، تتعامل مع الحدث حتى وقت إعداد هذا التقرير.

وأشار التقرير اليومي الصادر من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، إلى ظهور تشكيلات من السحب المنخفضة والمتوسطة على مناطق جنوب وغرب المملكة، وتمتد حتى الأجزاء الجنوبية من الوسطى والشرقية، مع فرصة لظهور السحب الركامية الرعدية الممطرة على مرتفعات «الطائف، الباحة، عسير، جازان» تمتد لتشمل أجزاء من منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، تسبق بنشاط في الرياح السطحية مثيرة للأتربة والغبار.

وأضاف التقرير أن الطقس يبقى لطيفا على المصائف الجنوبية الغربية والغربية، شديد الحرارة على شرق ووسط المملكة، حارّا على بقية المناطق، مع استمرار نشاط الرياح السطحية مثيرة للأتربة والغبار على شمال وغرب المملكة، وأجزاء من الوسطى خاصة الشمالية منها.

وحذر من هطول أمطار رعدية تسبق بنشاط في الرياح السطحية، وتدنٍّ في مدى الرؤية الأفقية إلى أقل من 1 كلم، ومن السيول المنقولة على مناطق جازان وعسير والباحة.

وفي الباحة، غطت سحب الضباب الكثيفة التي تصاحبها قطرات المطر غابات وطرقات المنطقة، في ظاهرة نادرة الحدوث في فصل الصيف، حيث شهدت سراة المنطقة هذه الأيام نزولا للضباب، وسط هطول أمطار متوسطة استمرت لساعات، الأمر الذي زاد من بهجة الناس الذين اكتظت بهم متنزهات وغابات المنطقة. وتشهد المنطقة في ظل هذه الأجواء توافد أعداد كبيرة من المصطافين القادمين من داخل المملكة وخارجها للتمتع بالأجواء التي تميل للبرودة في بعض أوقات الليل.

وما زالت التقارير الصادرة عن الرئاسة العامة للأرصاد تظهر أن هناك تشكيلات من السحب المنخفضة والمتوسطة على مناطق جنوب وغرب المملكة، مع فرصة لظهور السحب الركامية الرعدية الممطرة على مرتفعات منطقة الباحة والمناطق الجبلية المجاورة لها، مما يساعد على هطول الأمطار، وظهور سحب الضباب على المنطقة.

أما في الطائف، فقد أسهمت الأمطار الغزيرة التي شهدتها محافظة الطائف في تدني درجات الحرارة المرتفعة التي عاشتها المحافظة، الأسابيع الماضية، على غير العادة، مما دفع أهالي المحافظة ومصطافيها وزوارها إلى الاستمتاع بالأجواء الربيعية التي خيمت على أرجاء مدينة الطائف، ومركزي الهدا والشفا السياحيين وغيرهما من المراكز التابعة للمحافظة.

ومن المتوقع أن تسهم الأمطار التي شهدتها الطائف في مضاعفة أعداد المصطافين خلال الأيام القادمة، للاستمتاع بهذه الأجواء الربيعية في ربوع المحافظة.