جهات حكومية تدرس إنشاء مطار لرجال الأعمال والدوائر الحكومية في محافظة النماص

«السياحة والآثار» لـ«الشرق الأوسط»: الفكرة تحت الدراسة.. والنماص من أبرز المناطق السياحية

محافظة النماص تملك مقومات سياحية كبيرة سيساعد وجود مطار صغير في نجاحها («الشرق الأوسط»)
TT

تدرس جهات حكومية فكرة إنشاء مطار صغير في محافظة النماص التابعة لمنطقة عسير جنوب السعودية وذلك لخدمة رجال الأعمال والإدارات الحكومية كمرحلة أولى قبل التوسع فيه وتطويره وتحويله لمطار إقليمي مستقبلا.

وأكد عبد الله إبراهيم مطاعن المدير التنفيذي لجهاز السياحة في عسير أمين عام المهرجان لـ«الشرق الأوسط» أن «فكرة إنشاء مطار صغير في منطقة النماص أصبحت تحت الدراسة ويتم حاليا البحث عن موقع يخدم هذه الدراسة، خاصة أن منطقة النماص هي من المناطق السياحية التي تشهد إقبالا كبيرا من المصطافين والسياح والزوار من أبناء منطقة عسير».

وأضاف أن «هذا المطار سيخدم رجال الأعمال والدوائر الحكومية كخطوة أولى ليصبح نواة نتوسع من خلاله ونطوره لمطار إقليمي».

يأتي ذلك القرار وبحسب قوله بعد زيارة الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة السعودية للسياحة والآثار لمحافظة النماص ووقوفه على ما تشهده المنطقة من قفزات سياحية استثمارية جعلتنا ندرجها ضمن الدراسة التي جاءت بتوجيه من الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير وهي خطة سياحية معتمدة من قبل هيئة السياحة والآثار وشركائها في منطقة عسير حيث وضعت هذه الخطة لكل منطقة من مناطق عسير للسنوات الخمس المقبلة أدرج من خلالها الاحتياج الاستثماري لكل منطقة.

وأوضح مطاعن في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الجهات المسؤولة أعدت جملة من المشاريع المطروحة للاستثمار ونتوقع بإذن الله أن تلقى إقبالا كبيرا من قبل رجال الأعمال في منطقة عسير».

وعن هذه المشاريع أردف المدير التنفيذي لجهاز السياحة في عسير «أن هناك مشروع مدينة أبها للتسوق ومشروع الحبلة والسودة وغيرها من المشاريع التي سيكون لمحافظة النماص النصيب منها وفق الدراسات المطروحة. مشددا على أن تكون هذه المشاريع عقلانية حيث تبدأ بمشاريع متوسطة وصغيرة دون القفز إلى مشاريع عملاقة لا تخدم السوق الاستثمارية».

وبالحديث عن الفنادق والشقق السكنية في محافظة النماص يقول عبد الله مطاعن «إن الدراسات التي اعتمدت من قبل أمير منطقة عسير والتي تقوم عليها الهيئة العامة للسياحة في المنطقة أدرجت إنشاء مساكن إيوائية تتمثل في الفنادق والشقق ودعت كبار المستثمرين للاستثمار والاستفادة من الفرص التي تعتبر من احتياج السوق في محافظة النماص وبذلك سيعود على المستثمر عائد اقتصادي جيد».

وهنا يتحدث غارم بن عجلان عضو لجنة التنمية السياحية في النماص معتبرا أن غياب الفنادق والشقق المناسبة أبرز معوقات السياحة في النماص ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «السياحة في النماص يعتريها الكثير من المعوقات والتحديات التي تقف حائلا دون تطورها ونموها بشكل أفضل ومنها على سبيل المثال لا الحصر عدم وجود فنادق أو موتيلات من الفئة الممتازة أو ذات الخمس نجوم بجانب إحجام المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال وخوفهم من المجازفة وإقامة المشاريع الترفيهية والتجارية الكبرى وقد يكون هذا الخوف غير مبرر».

وأبان «بأنه على الرغم من فتح وتعبيد الكثير من الطرق فإنها تظل غير كافية ولا تشمل جميع المناطق السياحية في المنطقة كما أنها تحتاج وبحسب قوله إلى مزيد من العناية من صيانة ورصف وتوسعة».

وأوضح بن عجلان «أن هناك الكثير من الخدمات غير المتوفرة أو الناقصة والتي لا بد من استكمالها مثل دورات المياه للجنسين في كل المتنزهات والمظلات وأماكن جلوس الشباب العزاب فهم شريحة تمثل السواد الأعظم من السياح».

إلى ذلك أكد سعيد بن علي آل مبارك محافظ محافظة النماص أن المشاريع المطروحة التي تساهم في نهوض المحافظة استثماريا واقتصاديا وسياحيا لن تواجه بإذن الله تحديات كبيرة فنحن وبحسب قوله سنسهل الطريق لهذه المشاريع وسنزيل كل العقبات التي قد تواجهها.

وأبدى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» مدى اهتمام المحافظة وأهلها بمشروع المطار المطروح قائلا: «إن هذا المشروع يعد خطوة أولى وقفزة كبيرة في مضمار الاستثمار الاقتصادي حيث من الممكن أن يزيد من أعداد السياح والمصطافين لمنطقة النماص وهذا من شأنه رفع العائد الاقتصادي السياحي للمحافظة».

وأكد محافظ النماص «أنه وبجانب المشاريع المعتمدة والمطروحة من قبل هيئة السياحة والآثار هناك مشروع يتبع قطاعا خاصا يتمثل في إقامة وإنشاء تلفريك يربط بين مناطق جبلية في محافظة النماص». مؤكدا «أن هذا المشروع قد قطع مرحلة من التنفيذ إلى جانب عملية تطويرية للمتنزهات في المحافظة على أمل تحويلها إلى متنزهات وطنية من قبل وزارة الزراعة».

وحول الأزمة السكنية التي تشهدها المحافظة دعا آل مبارك أبناء المحافظة إلى المشاركة بالأملاك الخاصة من أراض ومنازل في عملية التأجير الذي سيعود عليهم بالنفع المادي ويسد ثغرة تعاني منها السياحة في المنطقة وهي قلة الفنادق والشقق السكنية في المحافظة.

كما دعا جميع مستثمري الوطن وخاصة أبناء منطقة عسير للاستثمار في محافظة النماص التي تعتبر من كبريات المحافظات في عسير تعتمد سياحتها بالدرجة الأولى على الطبيعة وهذا ما أكسبها طابع السياحة الريفية.

ولا يمكن الحديث عن السياحة في النماص بشكل عابر دون التوقف على بعض الملامح الهامة فيها، فالمدرجات الخضراء والجبال الشاهقة في محافظة النماص تمتص أكثر من 100 ألف سائح خلال موسم الصيف الحالي، ملوحة بفعاليات تخدم البيئة والسياحة الريفية، حيث تعد ميزة السياحة في النماص أنها تقع في الجزء الجنوبي الغربي من السعودية وهي إحدى كبرى محافظات منطقة عسير.

وهنا يعود غارم بن عجلان آل عجلان عضو لجنة التنمية السياحية بمحافظة النماص في حديثه لـ«الشرق الأوسط» فيقول: «تصنف السياحة في محافظة النماص بأنها سياحة ريفية فمن أبرز معالمها الغطاء الزراعي الكثيف المتمثل في الطبيعة البكر من غابات أشجار العرعر والطلح والنيم والعتم وغيرها من الأشجار والنباتات بجانب المدرجات الزراعية التي يحرص أهالي المنطقة على دوام زراعتها بمختلف المحاصيل والمنازل القديمة التي تم بناؤها من الخامات الموجودة في البيئة المحيطة مما يضفي شيئا من الارتياح على نفس وبصر المشاهد».

وعن الحفلات والمناسبات الاجتماعية التي يمارسها السكان يذكر بن عجلان أن «هذه الحفلات تمارس في جو من الحب والوئام والألفة بالملابس التقليدية والأسلحة البيضاء كالسيوف والجنابي أو النارية مثل المقمع والفتيل وتصطبغ بحسب قوله ببساطة عادات وتقاليد المنطقة التراثية الخالية من التراكيب المعقدة، وتردد فيها الأهازيج والألحان الفلكلورية الشعبية التي تناسب طبيعة المناطق الجبلية الزراعية.

وأفاد بأن «محافظة النماص وبحكم موقعها الجغرافي ومساحتها الشاسعة وتنوع مقومات السياحة فيها وقبل ذلك تاريخها الضارب في القدم تعتبر من كبريات المناطق السياحية في عسير، وقد شهدت تطورا سياحيا كبيرا في السنوات الأخيرة تمثل في الاهتمام البالغ بقطاع السياحة الحيوي من لدن المسؤولين وعلى رأسهم الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز أمير منطقة عسير، والأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار وبإشراف مباشر من سعيد بن مبارك محافظ النماص».

وأردف في حديثه بأن «شق الطرق المؤدية إلى المتنزهات وتعبيدها وإنارتها تعد نقاطا تحسب كتطوير سياحي حيث تم تزويدها بالكثير من الخدمات التي تشرف عليها بلدية النماص لينعم المصطاف بالجو والطبيعة».

ولتشجيع الاستثمار في مجال السياحة يقول عضو لجنة التنمية السياحية بالنماص: «إعطاء التصاريح لأصحاب الشقق المفروشة والمجمعات السكنية والموتيلات وإذكاء روح التنافس للارتقاء بالخدمة يدعم استقطاب رؤوس أموال تدفع بعجلة الاستثمار السياحي نحو التطور الاقتصادي».

وكأي منطقة ريفية تتوج النماص ببعض الموارد الطبيعية للسياحة، وهو ما يشير إليه غارم آل عجلان «بأن أهم الموارد الطبيعية المساندة للسياحة في محافظة النماص تتمثل في الجبال الشاهقة الخضراء ومن أبرز تلك الجبال جبل مرير وجبل حرفة وجبل ناصر وجبل شحر وجبل الظور وجبال الظهارة والتي تتراوح ارتفاعاتها ما بين 1700 متر إلى 3000 متر فوق سطح البحر بجانب المتنزهات والسفوح التي يقصدها السياح والزائرون مثل متنزه جبل ناصر ومتنزه شحر ومتنزه شعف صدريد ومتنزه آل وليد ومتنزه العقيقة، كما أن اعتدال درجات الحرارة صيفا يرفع من قيمة المنطقة سياحيا حيث تعتبر الأقل على مستوى المدن السعودية».

وأضاف «هناك الكثير من القرى الأثرية والتاريخية في محافظة النماص كقرية الجهوة التاريخية التي يعود تاريخ إنشائها لآلاف السنين، وتقع على حافة وادي النماص من الجهة الجنوبية بحسب ما أورده المؤرخ الهمداني في كتابه (صفة جزيرة العرب) عام 320هـ وهي عاصمة مملكة جابر بن الضحاك في 500هـ، وبها مسجد يعود تاريخ بنائه إلى عام 250هـ».

واستطرد «إضافة إلى قرية صدريد التراثية التاريخية، يوجد بها أقدم مسجد في المنطقة الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 110هـ والذي يحتوي على المخطوطة المشهورة في محرابه باللغة العربية قبل التنقيط والمؤرخة بعام 170هـ، أيضا قرية الميفا التاريخية وقصور العسابلة في النماص، وقرية آل عليان وقرية العرش، جميعها قرى أثرية يؤرخ العمر الزمني لبعض مبانيها بآلاف السنين. بالإضافة إلى المقابر والنقوش القديمة المنتشرة في وادي ترج خاصة».