تهريب الأطفال اليمنيين.. قصة تبدأ بـ«عبور الحدود» وتنتهي بـ«إشارات المرور»

الرياض ترعاهم نفسيا.. وصنعاء تقيم مراكز اجتماعية لاستقبال العائدين منهم

TT

بات من المألوف وأنت تقف عند إحدى إشارات المرور في مدن المنطقة الجنوبية للسعودية أن تجد انتشارا كثيفا للأطفال اليمنيين الذين يتم تهريبهم إلى السعودية، أو ينجحون في التسلل إليها، في قصة تبدأ بـ«عبور الحدود» وتنتهي عند «إشارات المرور».

وتشكل مشكلة تهريب الأطفال اليمنيين إلى السعودية هاجسا لدى حكومتي الرياض وصنعاء، مما دفع بهما إلى التنسيق التكاملي للقضاء على هذه الظاهرة الإنسانية.

وطبقا للأرقام الرسمية فإن أعداد الأطفال المهربين خلال الأعوام الماضية كان لا يتجاوز 1000 طفل كل عام.

وتقوم الرياض، بعد إيقاف الأطفال المتسللين أو المهربين، برعايتهم، ومن ثم إعادتهم لصنعاء التي شرعت مؤخرا باستحداث مراكز على الحدود لرعاية أولئك الأطفال.

ومن المقرر أن تشرع حكومتا الرياض وصنعاء في إجراء دراسة ميدانية تشرف عليها منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (اليونيسيف)، وذلك لقياس حجم ظاهرة الأطفال اليمنيين الذين ينجحون في التسلل إلى الأراضي السعودية ويمتهنون التسول في الشوارع.

وأشارت أرقام غير رسمية أن عدد الأطفال اليمنيين الذين يتم إيقافهم سنويا يبلغ 50 ألف طفل. لكن مسؤولة يمنية زارت الرياض بداية هذا العام قللت من صحة هذا الرقم.

وقالت الدكتورة أمة الرزاق علي حمد وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية: «إن هذه الأرقام غير صحيحة، وهناك من حاول أن ينسبها إلى اليونيسيف، غير أن المنظمة الدولية نفت أن تكون مصدر هذا الرقم». وأضافت: «لقد قمت بزيارة إلى مركز التأهيل على أرض الواقع ووجدت أطفالا تتراوح أعدادهم بين 400 و500 فقط».

ولا توجد معلومات أكيدة عند الحكومة السعودية أو نظيرتها اليمنية حول أعداد الأطفال اليمنيين الذين يمتهنون التسول في السعودية، وهو ما دفع بالجانبين للتعاون مع منظمة اليونيسيف لإجراء دراسة لتحديد حجم هذه الظاهرة، وأعداد الأطفال، وطبيعة المشكلات التي يواجهونها.

وهناك تأكيد يمني بانخفاض نسبة تهريب الأطفال اليمنيين إلى السعودية، حيث تم تقدير نسبة الانخفاض بـ50%. وأشارت وزيرة العمل اليمنية إلى استقرار أعداد الأطفال الذين يهربون إلى السعودية، وذلك بالاستناد إلى الأرقام التي تشير إلى تلقي مراكز التأهيل التي اعتمدتها الحكومة اليمنية على حدودها لاستقبال الأطفال الذين يلقى القبض عليهم لـ400 طفل يمني فقط كانوا يعتزمون الدخول إلى الأراضي السعودية، قبل أن يلقى القبض عليهم ويسلمون إلى الجانب اليمني.

وتشير الأرقام الحالية، طبقا للمسؤولين اليمنيين إلى انخفاض ملحوظ في أعداد الأطفال المهربين، وذلك بعد أن كانت النسبة كبيرة منذ سنوات. وتشير آخر إحصائية نهاية عام 2007 وبداية 2008، إلى القبض على 900 طفل يمني فقط كانوا ينوون دخول الأراضي السعودية.

وتوجد بين السعودية واليمن لجان مشتركة للتعامل مع ظاهرة الأطفال اليمنيين الذين يتم تهريبهم إلى السعودية، وسط تأكيدات بأن هذه اللجان أثمرت جهودا واضحة في خفض نسب تهريب الأطفال على الشريط الحدودي.

وقامت اليمن بالتعاون مع عدد من الشخصيات العامة وأعيان القبائل بإقامة عدد من المدارس ومراكز التدريب في المناطق الحدودية لمعالجة هذه القضية، وخصوصا في المناطق الحدودية التي يكثر فيها التهريب، وبالأخص في محافظة حجة اليمنية، حيث إن كثيرا من الأطفال المهربين هم ممن لم يلتحقوا بالمدارس ولم يحظوا بالرعاية الكاملة.

ولم ينف المسؤولون السعوديون ضخامة أعداد الأطفال اليمنيين المهربين إلى السعودية. وتتحمل الرياض على أثر هذه الظاهرة مسؤولية رعاية الأطفال المهربين إليها بعد أن يلقى القبض عليهم حيث تقدم لهم الرعاية الاجتماعية والنفسية إلى أن تتم إعادتهم إلى بلادهم.