جدة: معاقبة 96 مزرعة بـ«الإغلاق» لاستخدامها مياه الصرف الصحي في الري

الأمانة لـ«الشرق الأوسط»: المياه المعالجة ثلاثيا متوفرة ولا مبرر لهذا التصرف

ما يترتب على المخالفات من أخطار بيئية يحتم تنفيذ العقوبات بشكل فوري («الشرق الأوسط»)
TT

عاقبت أمانة جدة نحو 96 مزرعة للخضروات بـ«الإغلاق» إثر ري مزروعاتها بمياه الصرف الصحي، ونتيجة وقوع عدد منها في طريق مشروع مجاري السيول الذي يجري تنفيذه. في حين فرضت غرامات مالية على 73 مواطنا من هؤلاء الملاك بأمر أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل.

وأكد لـ«الشرق الأوسط» المهندس محمد عجاج، مدير إدارة المياه وتصريف الأمطار في أمانة محافظة جدة، أن الأمانة أغلقت تلك المزارع نتيجة وقوعها على مجاري السيول، إلى جانب استخدامها لمياه صرف صحي غير معالجة في ري مزروعاتها.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تحارب أمانة جدة جميع المزارع المستخدمة لمياه الصرف الحي غير المعالجة منذ السابق، إلا أن سيول الأربعاء التي اجتاحت جدة أثناء الكارثة جرفت مزارع كثيرة واقعة في وادي العسلاء والأودية التي كانت تعترض مجرى المياه».

وأشار إلى وجود لجنة مكونة من وزارة الزراعة وأمانة جدة والشرطة وشركة المياه الوطنية تتولى مسؤولية متابعة مثل تلك المخالفات، في ظل قيام الأمانة بحملة تهدف إلى عدم السماح بإعادة إنشاء هذه المزارع، إلا إذا كانت في مواقع بعيدة عن مجاري السيول، شريطة التأكد من سلامة المياه المستخدمة في ريّها.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه لـ«الشرق الأوسط» أمانة محافظة جدة عن بدء تشغيل خطين ناقلين للمياه المعالجة من محطة المعالجة الواقعة بالقرب من بحيرة الصرف الصحي، خلال شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، يمتد أحدهما إلى منطقة شمال جدة، بينما يصل الآخر إلى جنوبها.

وذكرت أن هذين الخطين سيحتمان على جميع صهاريج المياه المسؤولة عن ري الحدائق والمزروعات في جدة التوجه إلى الأشياب الموجودة بهما، والحصول على حمولاتها من خلال هذين الخطين فقط، مشيرة إلى أن أحد الخطين يصل إلى المردم القديم، في حين يصل الآخر إلى جسر الملك عبد الله على طريق الحرمين.

من جهتها، حذرت الدكتورة مي الخليوي، اختصاصية التغذية العلاجية في مستشفى الملك فهد بجدة من تناول الفواكه والخضروات الناتجة عن المزروعات التي يتم ريها بواسطة مياه الصرف الصحي الخام، مشيرة إلى أن نسبة الإصابة بالتسمم الغذائي جراء ذلك تصل إلى 80 في المائة.

وقالت، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «إن استخدام مياه الصرف الصحي في ري المزروعات من شأنه أن يتسبب في امتصاص النبات والثمار لتلك المياه، ومن ثم يتم إنتاج أنواع كثيرة من البكتيريا المسببة لحالات التسمم».

وأضافت: «يعاني بعض الناس من وجود ديدان في المعدة والجهاز الهضمي، الأمر الذي يشكل عليهم خطورة كبيرة إذا ما تعرضوا للتسمم الغذائي، نتيجة تناولهم لفواكه وخضروات تم ريها باستخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة».

من جهته، اعتبر الدكتور بهجت حموة، مدير إدارة الحدائق في أمانة محافظة جدة، وجود مزارع تسقى بمياه صرف صحي غير معالجة مشكلة كبيرة، في ظل ما ترتب عليها من أخطار على الصحة، مؤكدا أن استخدام هذه المياه ممنوع من قبل وزارة الزراعة، ومخالف للشروط الصحية الدولية.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «تتولى وزارة الزراعة مسؤولية مراقبة المزارع الواقعة خارج حدود المدن ونطاق البلديات، في حين تختص الأمانة بالمزارع التي تقع داخل النطاق العمراني للمدينة».

وأفاد بعدم وجود أي مبرر لهؤلاء المخالفين، في ظل وفرة المياه المعالجة ثلاثيا، والناتجة من محطة المعالجة الواقعة جهة بحيرة الصرف الصحي، بمعدل 60 ألف متر مكعب يوميا، مشيرا إلى إمكانية استخدامها في ري المزروعات، إلى جانب وجود 9 محطات معالجة في جدة تابعة لشركة المياه الوطنية ومحطات خاصة، من ضمنها «العمودي» و«سعودي أوجيه»، التي تعمل جميعها على إنتاج المياه المعالجة.

واستطرد في القول: «إن استخدام مياه الصرف الصحي الخام من شأنه أن يسبب أمراضا للعمالة التي تتعامل معها، فضلا عن تلوث الأرض بشكل كبير، وإنتاج مزروعات ذات جودة رديئة، نتيجة وجود مادة عضوية غير متحللة في المياه، ولا تمتصها النباتات، لتتحول فيما بعد إلى مواد سُمّية متركزة حول النباتات وجذورها، وتتسبب في تدهور التربة بشكل كبير».

وبيّن مدير إدارة الحدائق في أمانة محافظة جدة أن جميع الحدائق الموجودة في جدة لا تسقى إلا بمياه معالجة، في حين يتم العمل على وجود مصادر مياه تصل درجة معالجتها إلى الثلاثية، موضحا في الوقت نفسه أن المياه ذات الجودة المنخفضة تتسبب في انسداد رشاشات شبكات الري الموجود في الشوارع والحدائق، ومن ثم تتسبب في مشكلات متعددة لتلك الشبكات.

وبالعودة إلى مدير إدارة المياه وتصريف الأمطار في أمانة محافظة جدة، فقد أفاد بأن الحملات التي تقوم بها أمانة جدة، بشأن متابعة المزارع وضبط المخالفة منها، تعد دورية، بينما تتابع العمل بشكل يومي، مضيفا: «إن أعدادا كبيرة من المخالفين تحتاج إلى متابعة يومية، في ظل عدم استجابتهم للقوانين بسهولة، مما يجعلنا نقدم تقاريرنا إلى المحافظة».

وحول آلية تطبيق العقوبات على أصحاب المزارع، أفصح عن وجود بلديات فرعية مخولة بعملية تطبيق الجزاءات على المخالفين، التي من ضمنها بلدية بريمان وأم السلم وعسفان، مشيرا إلى أن جميع الغرامات والأنظمة والجزاءات واضحة، غير أنه لم يفصح عن حجم تلك الغرامات المالية.

وزاد: «ما يترتب على هذه المخالفات من أخطار بيئية يحتم تنفيذ العقوبات بشكل فوري، خاصة أن كثيرا من الناس يفتقرون إلى الوعي، الأمر الذي يجعلهم يستخدمون صهاريج الصرف الصحي الخام للاستفادة من الأسمدة أيضا، رغم وجود محطة المعالجة الثلاثية»، مؤكدا أن ذلك تصرف خاطئ لما يترتب عليه من أمراض خطيرة. وفيما يتعلق بالجهات المستفيدة من المياه المعالجة الناتجة عن محطة المعالجة، أوضح المهندس محمد عجاج أن تلك المياه تستخدم من قبل أمانة جدة ومشاريعها والحدائق العامة، إضافة إلى المشاريع الإنشائية التي تحتاج إليها في عملية البناء، عوضا عن استخدام المياه الصالحة للشرب.

واستطرد قائلا: «ثمة شركات مسؤولة عن عملية تمديد المياه، التي بدورها تتوجه إلى محطات المعالجة الموجودة في جدة مقابل رسوم مادية بسيطة، أو حتى من دون أي مقابل».