الأعراس ورمضان يرفعان مؤشرات أسعار السلع في السعودية

رجل أعمال يصف سوق الغذاء بـ«المتخمة»

أسواق المواد الغذائية تشهد تناميا في الطلب وزيادة في الأسعار بشكل سنوي على مستوى البلاد (تصوير: فواز المطيري)
TT

لم تمض أيام قليلة على تحذيرات مفتي عام الديار السعودية من مغبة رفع الأسعار بشكل عام في بلاده قبل أيامٍ من دخول شهر رمضان المبارك، الذي يشهد عادة زيادة في الإقبال على استهلاك المواد الغذائية، ذات الصلة بالشهر الكريم، إلا وخرج أحد كبار موردي المواد الغذائية في المملكة، وشكا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من «تخمة» في المواد الغذائية بشكل عام، ومستلزمات شهر رمضان بشكل خاص.

ذلك الوضع الذي وصفه عبد الله العثيم، رئيس مجلس إدارة شركة العثيم القابضة المالكة لعدد كبير من منافذ التجزئة في المملكة بـ«المتخم» جراء وجود فائض في تخزين المواد الغذائية، الذي ربطه باقتصاد بلاده الحر، الذي هيأ بدوره جوا من التنافس بين رجال الأعمال في هذا المجال.

لكن العثيم دعا المستهلك إلى الوعي فيما يتعلق باحتياجاته الرمضانية، التي في الغالب ما ترتفع أسعارها عن المعتاد، وبنسب ضئيلة، بسبب زيادة الطلب عليها، بالإضافة إلى تنامي الارتفاع في الأسعار في محلات التجزئة الصغيرة، التي في الغالب ما تكون بعيدة عن أعين الرقابة.

وبالعودة إلى تحذيرات رأس هرم المؤسسة الدينية الرسمية، في وقت لم تفلح فيه الجهود الرقابية والمدنية المبذولة من الجهات ذات العلاقة بحماية المستهلك، في ضبط الأسعار بشكل عام، وأسعار المواد الغذائية بشكل خاص، كما يرى البعض، شدد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي السعودية، في خطبة الجمعة الماضية بجامع الإمام تركي بن عبد الله، وسط العاصمة الرياض، على ضرورة أن يلتزم التجار بأسعار تكون في متناول الجميع، وألا يلجأوا إلى رفع أسعار سلعهم، دون أي أسباب أو مبررات.

وتعمل جمعية حماية المستهلك، عبر مطالبتها تجار الجملة والتجزئة، بالاستجابة لما حصل عالميا من انخفاض في أسعار السلع والخدمات، وذلك بعد تجاوز الأزمة العالمية.

وطالبت جمعية حماية المستهلك، أجهزة الدولة المعنية بضبط الأسعار، ممثلة في وزارة التجارة والصناعة، والبلديات، ومجلس حماية المنافسة، بممارسة مسؤولياتها، والطلب من التجار رسميا بخفض الأسعار، والبعد عن الجشع، وتقدير ظروف المواطنين، والتماشي مع رغبة الدولة في المحافظة على حقوق المواطنين من الاستغلال ومنع الاحتكار والتكتلات التي تضر المواطن وتبخس حقه.

وبالعودة للعثيم، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف: «نحن كتجار المواد الغذائية نراقب تحركات بعض المنافسين الصغار في سوق المواد الغذائية، وللأسف نلمس ارتفاعا في الأسعار في نسب متدنية، ربما يكون بعد عين الرقيب عنها سببا في ظهورها، فلو كانت عين الرقيب التي تعمل على مراقبة سلعنا، هي ذاتها التي تعمل على مراقبة الأسواق التجارية الصغيرة، خاصة التي تتواجد بداخل الأحياء السكنية، لما كان الحال كما هو عليه، من حيث ارتفاع أسعار بعض السلع، حتى وإن كانت الزيادة بضع هللات».

العثيم أسدى نصحا بعدم تأخير أرباب الأسر في بلاده، وقال: «أنصح بعدم تأخير أرباب الأسر عن شراء سلع رمضان الخاصة، للأسف البعض اعتاد أن يفكر في الذهاب لاقتناء سلع رمضان الخاصة قبل دخول الشهر بأيام، وربما بساعات، وهنا هذا الزبون يراه بعض من تجار الجملة والتجزئة صيدا سمينا لهم، يستطيعون بيعه مستلزماته بأسعار توضع من قبلهم، وهي بالتأكيد أسعار مرتفعة، بعض الحالات تصل نسب رفع أسعارها نحو نصف سعرها الأساسي».

ويجيء ذلك، في أعقاب لجوء بعض مؤسسات إنتاج الدواجن، إلى رفع أسعار الدجاج بواقع 20 في المائة، دون أن تذكر أي أسباب خلف رفعها للأسعار، في الوقت الذي لا تعاني فيه صناعة الدواجن في السعودية من أي معوقات يمكن أن تبرر خطوة رفع أسعار الدجاج. وكانت بعض أمانات المناطق السعودية، وفي مقدمتها أمانة منطقة الرياض، قد حاولت أن تكبح جماح أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية، عبر مؤشر أسبوعي، يلزم من يدرج فيه بالتزام السعر المدرج في المؤشر منذ بداية الأسبوع وحتى تاريخ معين.

هذا من جانب المواد والسلع الغذائية، سواء السلع الخاصة برمضان، أو السلع الغذائية الأخرى، فواقع حال أسواق المواشي في المملكة لا يختلف بشكل كبير عن واقع أسواق السلع الغذائية، فشهدت أسواق المواشي في المملكة ارتفاعات واضحة، حيث قدرت أسعار المواشي - النعيمي - الذي يعد في مراحل عمره الأولى بأكثر من ألف ريال للرأس، فيما تخطت أسعار المواشي التي تكبرها حاجز 1600 ريال للواحدة، أما فيما يتعلق بالأنواع الأخرى، كالنجدي فحال سعره لا يختلف كثيرا عن الأول، حيث تتراوح أسعار الواحدة منها 1200 ريال للرأس، المنتج محليا.

محمد الشمري، أحد المستثمرين في المواشي في العاصمة الرياض، أكد لـ«الشرق الأوسط» ارتفاع أسعار المواشي، سواء المستورد بأنواعه، أو المنتج محليا أيضا بأنواعه، فلم يجد الراغب في شراء نعيمي المنتج محليا أمامه إلا الانقياد لأسعار أسواق المواشي، التي تعتمد على تمويل محلي في جزء منه، وتمويل خارجي في الجزء الآخر.

فطبقا للشمري، فإن المواشي المرباة في المملكة ذات أسعار خاصة، نظرا لجودتها، كما يراها البعض، ولها في ذات الوقت مستهلكها بأي سعرٍ كان، حتى وإن لمس ارتفاعا يتخطى النصف في سعرها الأساسي، والأنواع الأخرى - المستوردة - لها أيضا من يحبذها عن الأنواع الأخرى.

وتسمح السعودية بدخول المواشي من عدد من الدول العربية، من بينها: سورية والأردن، إضافة إلى تركيا ودول أخرى، كأستراليا وبعض دول القرن الأفريقي. لكن الأصناف التي تسمح لها بالدخول لأراضيها، وخاصة السورية والتركية والأردنية تلقى اهتماما من قبل بعض السعوديين، نظرا لقربها من حيث المواصفات من المواشي التي يتم تربيتها محليا. وفي السياق ذاته، يكون لأسعار الأعلاف، خاصة الشعير، الأثر الأكبر على ارتفاع أو تدني أسعار المواشي التي تتم تربيتها محليا، على الرغم من تثبيت أسعار الشعير عند حدود 25 ريالا للكيس الواحد، إلا أنه تخطى ذلك السقف، فبلغ سعر الكيس الواحد في بعض من الأسواق السعودية أكثر من 35 ريالا للكيس الواحد، وهو الأمر الذي يعود على أسعار المواشي بالارتفاع بشكل غير مباشر.

ولم يغفل الشمري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» دخول العطلة الصيفية بالتزامن مع شهر رمضان المبارك، فكلاهما سببان مهمان للغاية لرفع أسعار المواشي، لزيادة الطلب على الأغنام في موسم الزواجات، وقرب دخول شهر رمضان المبارك، فهنا سببان كفيلان برفع سقف أسعار المواشي في الأسواق السعودية بشكل عام.