جدة: انخفاض أعداد المشاركين في العمل التطوعي صيفا رغم ارتفاع ساعات العمل

أكدته دراسة مسحية أجراها نادي لبيه التطوعي

TT

كشفت مصادر عاملة في المجال التطوعي عن انخفاض ملحوظ في عدد المتطوعين في فترة الصيف، عازية ذلك إلى أسباب اجتماعية خاصة بالمتطوعين، وأخرى خاصة بالجمعيات الخيرية، مؤكدة أن عدد المتطوعات من النساء في جدة أكبر من عدد الرجال، وهو ما أكدته دراسة أجريت في هذا الصدد.

وأعادت ود بوقري، المشرف العام على مشروع «لبيه» التطوعي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أهم أسباب انخفاض عدد المتطوعين في الصيف إلى ارتباط معظم المتطوعين بظروف اجتماعيه تلزمهم بالتوقف عن ممارسه العمل التطوعي لفترة الصيف، كأن يكون تابعا لفريق تطوعي في جدة وأهله يقيمون في منطقة أخرى.

وأردفت: «بالإضافة إلى عدم وجود خطط أو خطابات مكتوبة موجهة من قبل الجمعيات الخيرية للمتطوعين، أو الجهات المهتمة بالمتطوعين»، وقالت إن ذلك دفع 70 في المائة من الفتيات للنأي عن العمل التطوعي والتفرغ للمناسبات الاجتماعية مثل مناسبات الزواج.

من جهة أخرى اعتبر عامر عبد الله، اختصاصي تقنية المعلومات وقائد فريق «غير حياتك» التطوعي، لـ«الشرق الأوسط»، انخفاض أعداد المتطوعين في فصل الصيف مسألة مؤقتة وسرعان ما تعود الأمور إلى طبيعتها بعد الانتهاء من فصل الصيف، مشيرا إلى أنها تحدث سنويا، وأن الانخفاض لوحظ في مجموعتهم إما بسبب سفر بعض المتطوعين وارتباطهم مع أسرهم، وإما بسبب انشغال البعض الآخر بالوظائف الصيفية المؤقتة أيضا.

يأتي ذلك في وقت كشفت دراسة ميدانية أجراها فريق متخصص من نادي لبيه التطوعي، شملت 3600 مشارك، أن نسبة الإقبال على العمل التطوعي تتضاءل في الفترة الصيفية، مقارنة بساعات التطوع المتاحة صيفا، عن الفترات الأخرى من العام، بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40 في المائة، وهو ما عزته الدراسة إلى ضعف التخطيط لبرامج تطوعية تراعي متطلبات العمل التطوعي وأوقات المتطوعين، ويسبب نقصا حادا في أعداد المتطوعين في تغطية الفعاليات الصيفية رغم الحاجة الماسة إليهم.

وجاءت نسبة الانخفاض على الأنشطة التطوعية من الفتيات في الفترة الصيفية أكثر منها عند الذكور، إذ سجلت الفتيات ما نسبته 70 في المائة، مقارنة بـ30 في المائة للذكور من الإجمالي الكلي لانخفاض أعداد المتطوعين، في الوقت الذي تسجل فيه الفتيات حضورا أفضل من الذكور في الفترات الأخرى من العام.

وبيّن قائد الفريق التطوعي أن الفترة التي مضت تعتبر فترة ضغط نوعا ما نظرا للنقص الحاصل في أعداد المتطوعين بشكل عام، وعادة ما يتم تعويض ذلك الانخفاض عن طريق تسجيل متطوعين جدد، حتى وإن كان لفترة مؤقتة.

وقال: «وعلى الرغم من التخطيط الجيد للبرامج التطوعية، فإن ارتباط المتطوعات مع أهاليهن بالمناسبات العائلية والظروف الطارئة التي تحد من نجاح تلك المخططات أدت إلى انخفاض أعداد الفتيات بشكل خاص في أعداد المتطوعين مما قلل واقعيا من ساعات العمل».

وبالعودة إلى المشرف العام على نادي لبيه التطوعي، ود بوقري، أكدت على ضرورة توفير جهة أو لجنة داعمة للمتطوعين إلى جوار تذليل العقبات أمامهم من الجهات الأخرى، بالإضافة إلى تقوية ثقافة العمل التطوعي لديهم من خلال إخضاعهم لدورات تطويرية ومشاركتهم همومهم ومشكلاتهم وتوعيتهم بحقوقهم كمتطوعين في ظل وجود بعض الجهات التي تستغل المتطوعين دون علمهم.

وأشارت إلى استياء المتطوعين من معاملة بعض الجهات كأنهم موظفون مجبرون - بحسب وصفها - بالإضافة إلى عدم تقديمهم الدعم النفسي والمعنوي المناسب لهم، مشيرة إلى أن معدلات الفائدة التي تجنيها الشركات العالمية في الاستفادة من المتطوعين تتنامى بتنامي ثقافة العمل مقابل الخبرة، داعية لتبني هذا المفهوم بشكل أفقي في القطاعات الأهلية الخدمية، والجهات المنظمة للفعاليات المرتبطة بأوقات زمنية، وهو ما ينسجم مع طبيعة الأدوار التي ينجح المتطوعون في القيام بها.

وأكدت على وجود تجارب عالمية في الاستفادة من المتطوعين، حسب ساعات العمل، وأن تلك الاستفادة تبلغ ذروتها في مواسم العطلات، الأمر الذي يتعارض مع ما أفرزته نتائج الدراسة المحلية حول تناقص فرص الاستفادة من المتطوعين صيفا مقارنة بتزايد ساعات التطوع المتاحة أمامهم.

من جهتها دعت الأميرة نورة بنت عبد الله بن محمد آل سعود، رئيس مجلس إدارة شركة «ديرتي الغالية» الداعمة لمشروع لبيه التطوعي، الجهات الأهلية لتبني ثقافة العمل مقابل الخبرة، في مواسم الصيفية، واستيعاب الشباب في برامجهم الصيفية، خصوصا في الفعاليات السياحية والمنتديات والمؤتمرات، مشيرة إلى أن مثل هذه البرامج هي بوابة سوق عمل مستقبلية واعدة للشباب من الجنسين.

وأوضحت الأميرة نورة، معلقة على مخرجات الدراسة، أنها جاءت بمبادرة من فريق نادي لبيه، لتلمس مستويات التضخم في أعداد المتطوعين، والخروج بجداول إحصائية لوضعها أمام الجهات المهتمة بالتطوع، ونسب المتطوعين، وساعات التفرغ خلال العام التي يمكن لهم من خلالها خدمة المجتمع.