جمعية «إبصار» لـ «الشرق الأوسط»: 159 ألف كفيف.. ونحو 500 ألف معاق بصريا

نقص الموارد المالية والبشرية المتخصصة السبب في تعثر مشاريع دعمهم

إحدى الفعاليات التي أقامتها جمعية «إبصار» سابقا («الشرق الأوسط»)
TT

كشف مصدر مسؤول في جمعية «إبصار» الخيرية عن بلوغ عدد المعاقين بصريا على مستوى السعودية نحو 500 ألف معاق، من بينهم 159 ألف كفيف، لافتا إلى أن ارتفاع عدد حالات الإعاقات البصرية يعد من أبرز التحديات التي تواجه مشاريع دعم تلك الفئة في ظل وجود إعاقات بصرية غير معترف بها على مستوى المجتمع.

وأوضح لـ «الشرق الأوسط» محمد توفيق بلّو، المدير العام لجمعية «إبصار» الخيرية، أن نقص الموارد المالية والبشرية المتخصصة في مجال الإعاقات البصرية، عدا عن ارتفاع عدد المعاقين بصريا قياسا بالخدمات المتاحة من شأنه أن يعيق دعم وتأهيل هذه الفئة.

وقال «تواجه مشاريع دعم وتأهيل المعاقين بصريا غياب مساهمة قطاع الأعمال والاستثمار في التقنيات المساندة والخدمات المقدمة لهذه الفئة، إلى جانب نقص الوعي المباشر لدى أصحاب الإعاقات أنفسهم، مما يجعلهم يكتفون باعتمادهم على المجتمع دون رغبتهم في الاندماج به وخدمة أنفسهم»، وأشار إلى أن الوعي الكافي بطبيعة احتياجات تعليم وتأهيل المعاقين بصريا في كافة المجالات من شأنه أن يقضي على معظم العوائق والتحديات الفعلية، مشددا على ضرورة تسخير التبرعات من قبل الداعمين والمتبرعين في قنواتها الصحيحة والمساهمة في التنمية البشرية بشكل عام.

وأبان أن توفر الخدمات وانتشارها يسهم في خلق الوعي وإظهار عدد حالات الإعاقات البصرية الفعلي في ظل وجود الكثير من تلك الإعاقات الناجمة عن أمراض ذات طابع وراثي، بينما لا يزال المجتمع السعودي متداخلا عرقيا - بحسب قوله.

يأتي ذلك في وقت نظمت فيه جمعية «إبصار» الخيرية لتأهيل الإعاقة البصرية يوم أمس الحفل الختامي للبرنامج الصيفي «بناء الأمل» لتأهيل نحو 45 طفلا من ذوي الإعاقات البصرية، وذلك برعاية الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجلس إدارة الجمعية، نيابة عن الأمير طلال بن عبد العزيز الرئيس الفخري لجمعية «إبصار» الخيرية، عدا عن حضور جانب من قناصل الدول العربية ورجال الأعمال والشخصيات الاجتماعية وأمهات الأطفال المشاركين وأسرهم.

برنامج «بناء الأمل» الذي يهدف إلى بناء مستقبل الأطفال المعاقين بصريا ويندرج تحت حملة دعم تعليم وتأهيل 15 ألف معاق بصريا في السعودية، يتمثل في تدريب الأطفال على توعية المجتمع بأنفسهم، وذلك عبر زيارات ميدانية يومية استمرت 6 أسابيع لعدد من المحلات والمواقع بهدف التعرف عليها والتحرك بها والتفاعل مع الجهات المستقبلة لهم، إلى جانب توزيع وسيلة معلم برايل وتنفيذ التوعية من قبل الأطفال المعاقين بصريا أنفسهم.

وبالعودة إلى المدير العام لجمعية «إبصار» الخيرية، أفاد بأن الأطفال المعاقين بصريا زاروا جميع أقسام الأطفال المرضى بأهم أربعة مستشفيات بجدة من أجل تقديم الهدايا لهم، إضافة إلى التنسيق مع الجهات لإلقاء محاضرات مبسطة تتناسب مع أعمارهم المتراوحة ما بين 6 و10 سنوات.وأضاف: «شهد البرنامج زيارة لمدرسة الشوكولاتة، التي أثبت فيها الأطفال المكفوفون قدرتهم على التمييز بين الألوان وتخيل الشكل وتلمّس القوالب وصب الشوكولاتة بها من خلال حصة تعليمية استمرت قرابة ساعتين تدربوا فيها على صناعة وتلوين ديكور الشوكولاتة».

ولفت إلى أن برنامج «بناء الأمل» تضمن زيارة لمطار الملك عبد العزيز الدولي تعرفوا من خلالها على إجراءات السفر وطريقة وزن الأمتعة، إضافة إلى زيارة لنقاط التفتيش الأمنية وقسم التموين للتعرف على كيفية تجهيز وجبات المسافرين. واستطرد في القول: «زار الأطفال أحد المصانع ومحلات الأثاث الكبرى وذلك بمشاركة مجموعة من الأمهات المتطوعات وخمس مشرفات تابعات لجمعية (إبصار) الخيرية»، مشيرا إلى أن البرنامج يركّز على الأمور البسيطة في الحياة اليومية.

ولم يكن تكريم الجهات الداعمة للبرنامج من خلال الحفل الختامي معتادا، حيث إنه جاء بناء على تقييم الأطفال المعاقين بصريا للأماكن التي قاموا بزيارتها وفق استفتاء أعدته الجمعية خلال اليومين الأخيرين من برنامج «بناء الأمل»، إضافة إلى أن دروع التكريم حملت صورة للأطفال في موقع الجهة صاحبة الدرع.

وهنا، علّق محمد توفيق بلّو قائلا: «رفضت جهات كثيرة استقبال الأطفال المكفوفين من منطلق عدم ثقتها في إمكانياتهم وقدرتهم على الاندماج مع المجتمع بشكل طبيعي، في حين رتبت أماكن أخرى برامج كاملة لزيارة الأطفال». وحول الميزانية المخصصة لبرنامج «بناء الأمل» ذكر المدير العام لجمعية «إبصار» الخيرية أنه لم يتم تخصيصها بشكل مباشر، لا سيما أن البرنامج اعتمد على الجهد التطوعي في مراحله الأولى، غير أن المصاريف النقدية له بلغت نحو 50 ألف ريال، بينما وصل إجمالي ما تم الإنفاق عليه بعد ذلك 100 ألف ريال في ظل المساهمات العينية التي تقدم بها أفراد المجتمع المتفاعلين مع البرنامج.

وزاد: «إن إجمالي تكلفة الطفل الواحد في الجمعية يختلف باختلاف برنامج التأهيل، حيث إنها تتراوح ما بين 600 إلى 950 ريالا شهريا لبرامج التقوية المدرسية، بينما قد تصل إلى 3 آلاف ريال في حال كانت البرامج شاملة».

الدكتور محمد الجهني، رئيس مجلس إدارة مجموعة «إم إم جي»، المشاركة في حملة دعم تعليم وتأهيل 15 ألف معاق بصريا في السعودية أعلن لـ «الشرق الأوسط» عن تأمين نحو 18 ألف جهاز تعليمي لتعليم فاقدي البصر لغة القراءة بطريقة برايل في السعودية، من بينها ألفا جهاز بدأ توزيعها كهدايا رمزية على كل من السودان وفلسطين وموريتانيا واليمن بمعدل ما يقارب 520 جهازا لكل منها، وذلك من خلال قنصلياتها الموجودة بالمملكة.

وقال لـ «الشرق الأوسط»: «إن توزيع تلك الأجهزة على مستوى الدول العربية الأخرى مرتبط بمساعدة رجال الأعمال، لا سيما أن المعاقين بصريا تنقصهم أشياء كثيرة، الأمر الذي حتم على كل من المجموعة وجمعية (إبصار) الخيرية محاولة إدخال فاقدي البصر في المجتمع ودمجهم بالشكل الصحيح».

وأفاد بأنه سيتم قريبا إدخال وسيلة تعلم جديدة لذوي الإعاقات البصرية تتمثل في مجموعة من الأدوات الهندسية تساعدهم في رسم الأشكال الهندسية وقراءتها واستخدامها في التصميمات، مبينا أن منهج تدريس الهندسة كان ملغى أصلا من برنامج تدريس هذه الفئة، غير أن تلك المجموعة ستمكّن إدخال ذلك المنهج.

وأضاف: «هناك تعاون مع جمعية (إبصار) الخيرية في تنظيم أنشطة اجتماعية ورياضية لدمج المعاقين بصريا مع أقرانهم الأسوياء في المجتمع، وذلك بشكل يعود بمدخول على الجمعيات الخيرية للإيفاء بمتطلبات المستفيدين منها».

من جهته أوضح لـ «الشرق الأوسط» محمد العوض، المتحدث الرسمي باسم وزارة الشؤون الاجتماعية، أن الإعاقات البصرية كانت من اختصاص وزارة التربية والتعليم في السابق، إلا أن هناك بعض الجوانب التي لا بد من تحقيقها عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية.

وقال في اتصال هاتفي لـ «الشرق الأوسط»: «تقدم الوزارة المعونات المالية والعينية لأصحاب الإعاقات البصرية، وذلك عن طريق تقدم المعاق بطلب أو إحضار عروض أسعار ليتم تأمينها فورا». وأشار إلى أن المعونات المالية تتحدد بحسب درجة الإعاقة وفق لائحة التأهيل الصادرة من مجلس الوزراء، والتي تختص بأربع فئات وتبدأ من 4 آلاف ريال أو 10 آلاف أو 15 ألفا لتصل إلى 24 ألف ريال كحد أعلى.

وزاد: «تزيد قيمة المعونات المقدمة لأصحاب الإعاقة البصرية في حال صاحبها إعاقات تخلف عقلي أو تعدد الإعاقات، إضافة إلى تقديم وزارة الشؤون الاجتماعية الدعم والتأهيل المهني، غير أنها لا تختص بمسألة تأهيل الإعاقة نفسها باعتبارها تابعة للجمعيات الخيرية المندرجة تحت مظلة الوزارة».