جهات رسمية تدرس إعادة تأهيل وإنشاء ميناء القحمة في منطقة عسير

محافظ محايل لـ «الشرق الأوسط»: الانتهاء من دراسة الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع

ميناء القحمة سيشكل دعما كبيرا لميناء جدة («الشرق الأوسط»)
TT

أكد لـ«الشرق الأوسط» مسؤول في منطقة عسير أن جهات رسمية تعمل على إعداد دراسة لمشروع إنشاء وإعادة تأهيل ميناء القحمة التابع لمنطقة عسير جنوب السعودية. مشيرا إلى أنه سيشكل دعما كبيرا لميناء جدة وسيساعد في تسهيل الحركة الاقتصادية في المنطقة الجنوبية.

وأوضح مسفر بن حسن الحرملي، محافظ محايل عسير، لـ«الشرق الأوسط»، أن فكرة إنشاء وإعادة تأهيل ميناء القحمة أصبحت تحت الدراسة، مؤكدا أنه «سيصبح ميناء القحمة وجهه اقتصادية أخرى تخفف العبء والازدحام عن ميناء جدة».

وأضاف أن «اعتماد هذا الميناء يعد نقطة تحول استثمارية من شأنها تصعيد الدور الاقتصادي في عسير خاصة». مشيرا إلى أن منطقة عسير تخطو نحو التقدم والازدهار.

وأكد الحرملي حرص أمير منطقة عسير، الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز، على إعادة وتأهيل ميناء القحمة، مشيرا إلى أنه ضمن الأولويات. ومبينا أن «وجود ميناء القحمة سوف يطور الساحل برمته وسيستفيد منه أهالي وتجار منطقة عسير إضافة إلى منطقة نجران والباحة».

وأكد الحرملي أن «هذا الميناء ميناء تاريخي صدر توجيه من الملك المؤسس للمملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيب الله ثراه - لإنشائه في عام 1351هـ وذلك بافتتاح العديد من الموانئ على البحر الأحمر، ومن ضمنها ميناء القحمة التابعة لمحايل عسير».

ويشير الحرملي إلى وجود بعض السفن القديمة التي ما زالت موجودة في ميناء القحمة إلى الآن، وهذا دليل على أن الميناء كان مزدهرا. مؤكدا أن «أهمية إعادة هذا الميناء تكمن في خدمة امتداد ساحل عسير البحري الذي يبلغ طوله أكثر من 180 كيلومترا على البحر، والذي أصبح ضرورة ملحة لتطوير هذا الساحل، وأيضا فتح المزيد من فرص العمل لشباب المحافظات والمراكز في منطقة عسير، وتقليص نسب البطالة في المنطقة، بالإضافة إلى تنشيط التجارة في ربوع عسير السروية والتهامية وكذلك لمنطقتي نجران والباحة وحتى محافظة وادي الدواسر».

وبين محافظ محايل عسير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الميناء سيكون ميناء اقتصاديا قويا»، مشيرا إلى أنه «تم اختيار موقع الميناء في مكان الخسعة بمدينة القحمة وتمت دراسته والجدوى الاقتصادية».

وأوضح الحرملي أن هناك عدة لجان تكونت وهناك توجه في مجلس المنطقة برئاسة أمير المنطقة لإيجاد هذا الميناء، وهناك حرص من مؤسسة الموانئ لتنمية كل شبر من المنطقة خاصة السواحل، ونحن هنا في محافظة محايل سوف نقوم بتنفيذ توجيه أمير المنطقة لإزالة أي عائق قد يعترض هذا المشروع الحيوي».

وفي السياق ذاته يحكي المواطن عبد الله هادي، من أهالي محافظة رجال المع، أهمية ميناء القحمة ، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «يروي الأولون من أهالي المحافظة أن تجار قرية رجال المع التراثية الحالية، التي كانت تعرف بأنها ميناء بري لمنطقة عسير، كانوا يصدرون عن طريق ميناء القحمة العسل والسمن البلدي وتدخل لهم البضائع المستوردة من بلدان منها عدن والهند عن طريق ميناء القحمة».

ويعتقد هادي أن «بناء ميناء في هذه المدينة سيعيدها إلى الواجهة الاقتصادية وسيوفر فرصا للعمل خاصة لشباب الساحل والمحافظات التهامية لمنطقة عسير، وسيعمل على الارتقاء بأوجه التنمية خاصة في المناطق التهامية مثل التنمية السياحية والاقتصادية وحتى الثقافية».

ولم يتمالك العم عيسى محمد الحاج حمضي، الذي جاوز من العمر التسعين عاما، نفسه عندما وقف على ميناء القحمة التاريخي المهجور والمتوقف منذ سنين، إلا أن يسكب دموعه وهو يشير بيده إلى إحدى السفن المحطمة على سطح مياه البحر الأحمر بالقرب من ميناء القحمة.

العم عيسى تذكر مصدر رزقه الذي انقطع فجأة من هذا الميناء، وعاش فيه أيام شبابه عندما كان يعمل صيادا وعتالا في آن واحد ويطلب الرزق بقوة جسده من السفن المغادرة والمبحرة إلى هذا الميناء، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه عمل في ميناء القحمة التاريخي قديما صيادا، وبعد أن توقف الميناء عاد أدراجه ليكون أسير بيته دون عمل.

ويقول عيسى إنه مارس مهنة الصيد قديمًا في قوارب خشبية وأشرعه، وأن «البوابير (السفن) كانت تصل إلى ميناء القحمة محملة بالبضائع، مثل الملابس والتوابل والبهارات والبن والسكر والشاي والدقيق والأرز، ويقوم تجار عسير ورجال المع وغيرها من المناطق مثل الباحة والمخواة بتصدير القمح (الحنطة) والذرة والدخن والسمن والعسل».