الأعمال الإنشائية تعوق زوار «جدة التاريخية».. والأمانة تعترف بالخطأ في اختيار التوقيت

خسائر فادحة لحقت بالتجار بسبب تزامن الأعمال مع الصيف وشهر رمضان

جانب من المنطقة التاريخية يظهر بعض آثار مشروع الإنشاءات (تصوير: ثامر الفرج)
TT

اعترفت أمانة جدة على لسان مسؤول فيها بخطأ اختيارها توقيت أعمال الإنشاء والتبليط لمنطقة جدة القديمة، وهو الأمر الذي أثر بشكل كبير في إعاقة الحركة التجارية والاجتماعية التي اعتاد التجار والناس عليها في الإجازة الصيفية وشهر رمضان الحالي.

وأقر المهندس سامي نوار، رئيس بلدية جدة التاريخية، بخطأ الأمانة في اختيار التوقيت المناسب للعمل، مشيرا إلى صعوبات كبيرة واجهتها فرق العمل أدت إلى هذا الضرر.

وقال نوار: «نحاول قدر المستطاع تخفيف الضرر، وتقديم المنطقة بشكل أفضل من خلال إيجاد خطط طوارئ وطرق للمشاة، معترفا بأن هذه الحلول لا تكفي»، إلا أنه استدرك بالقول: «هذا ما فرضه علينا الوقت».

إلى ذلك أعاقت أعمال الإنشاءات الجارية في منطقة البلد بمدينة جدة الحراك التجاري الذي اعتادت عليه المنطقة في مثل هذا الوقت من شهر رمضان في كل عام، حيث شهدت المنطقة حضورا ضعيفا هذا العام نتيجة أعمال الرصف والتبليط التي تم تعليقها حتى نهاية شهر رمضان الحالي، بينما تم وضع حلول عاجلة ومرحلية، وهو الأمر الذي أزعج كثيرا من العاملين وملاك المحلات في المنطقة الذين حملوا أمانة جدة مسؤولية هذا الانخفاض الذي أثر بدوره على حجم مبيعاتهم.

وفي هذا السياق دافع مقاول في المشروع عن نفسه بقوله: «أوقفنا العمل تماما في المشروع بعد أن قمنا بإعادة تأهيل نحو 27 ألف متر مربع بأكثر من مليوني ريال تعهدنا بها أمام المجلس البلدي من خلال وضع الحلول العاجلة قبل شهر رمضان المبارك، فتمت سفلتة نحو 7 آلاف متر مربع في شارع العيدروس، وإنشاء ممرات للمشاة بنحو 13 ألف متر مربع في أماكن التسوق والزيارات».

من جانبه وصف أحد الخبراء العاملين في الأمانة، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، الوضع بالسيئ، ولم ينجز من الوعود شيء، وأن المواصفات التي يسير عليها المشروع تحتاج إلى إعادة نظر من قبل الجهات ذات الاختصاص.

وهنا أشار سالم اليافعي، مالك أحد المحلات في المنطقة، إلى أن المنطقة تغيرت بشكل كبير، وأن حجم المبيعات مختلف عن الأعوام الماضية بشكل كبير جدا يتجاوز 40 في المائة، وحمل القائمين على المشروع مسؤولية ذلك بسبب قيام أعمال الهدم في وقت واحد وعدم إيجاد ممرات للمشاة، إضافة إلى مشكلات تسربات المياه.

إلى ذلك، اجتمع في وقت متأخر في جدة أمس المجلس البلدي لمناقشة سير العمل في مشروع تبليط وإنارة المنطقة التاريخية، وكشف حسين باعقيل رئيس المجلس البلدي عن تقديم عرض مرئي مصور عن مراحل الإنجاز في مشروع إنارة وتبليط المنطقة التاريخية والجهود التي بذلت طوال الشهر الماضي لتطبيق خطة الطوارئ من أجل إنقاذ الموسم الرمضاني.

وأضاف أن طاولة المجلس جمعت على مدار الشهرين الماضيين المسؤولين عن تنفيذ المشروع والمقاول وشركات «المياه» و«الكهرباء» و«الاتصالات»، وكانت هناك تقارير يومية من أجل الانتهاء من العمل في أسواق «الندى» و«العلوي» و«قابل»، وهي المنطقة التي تمثل الواجهة السياحية الأولى لكل مرتادي منطقة وسط البلد وجدة التاريخية، وأثمرت الجهود الكبيرة التي بذلت بالتنسيق بين جميع الجهات والانتهاء من مرحلة مهمة من المشروع، على أن يتم استكمال العمل عقب نهاية شهر رمضان المبارك.

وشدد باعقيل على أن بلدية جدة تعطي مشروع إعادة تطوير وتأهيل المنطقة التاريخية في جدة أولوية كبيرة لما تمثله من قيمة تراثية كبيرة لكل سكان العروس، علاوة على أنها ستساهم في جعل جدة التاريخية بوابة ومعرضا دائما للتراث الإسلامي يقصده المسلمون أثناء الحج والعمرة ويجعل منها عنصرا جاذبا للسياحة في ظل وجود ملايين الزائرين للمدينة التي تعتبر البوابة الرسمية للحرمين الشريفين، منوها بوجود الكثير من المقترحات بخصوص تطوير الطابع الإسلامي والتراثي لمنطقة وسط البلد، وحتى تصبح عنصرا رئيسيا في اقتصاد العروس السياحي.

وفي موضوع ذي صلة، تعتزم أمانة محافظة جدة التشغيل التجريبي لمشروع شبكة إطفاء الحريق بالمنطقة التاريخية عقب عيد الفطر المبارك، حيث يجري حاليا تجهيز خزانات المياه اللازمة لتغذية وحدات إطفاء الحريق.

ويتكون المشروع الذي بدأ تنفيذه قبل عام ومدته 18 شهرا من ثلاث مراحل تم الانتهاء من المرحلة الأولى التي تشمل غالبية المباني المصنفة تاريخيا.

ووصف المهندس أسامة التركي، مدير إدارة المشاريع ببلدية جدة التاريخية، هذا المشروع بالفريد من نوعه على مستوى المملكة، وقال إنه يعد من المشاريع المهمة التي تستهدف الحفاظ على النسيج التاريخي والعناصر الفريدة التي تتمتع بها عمارة جدة التاريخية.

وقال إن المشروع يعمل على توفير 112 وحدة لإطفاء الحريق بين كل واحدة والأخرى 75 مترا طوليا كحد أقصى، مع توزيع تلك النقاط داخل النسيج التاريخي الذي يمتاز بضيق الشوارع والممرات.

وأضاف أنه تم توفير هذا العدد الكبير من وحدات الإطفاء لأن طبيعة المنطقة لا تسمح بدخول سيارات الدفاع المدني لإطفاء الحرائق - حال حدوثها لا قدر الله - وأشار إلى أنه تم ربط تلك الوحدات بمضخة رئيسية وأخرى احتياطية وخزان ماء رئيسي في المشروع بسعة 1500 متر مكعب، كما تم تحديد ساحة باب جديد لعمل الخزان والمضخات اللازمة للمشروع.

وأشار التركي إلى أنه جرى التنسيق مع إدارة الدفاع المدني لضمان تنفيذ المشروع حسب المعايير والمواصفات العالمية لتنفيذ شبكات إطفاء الحريق بالمنطقة التاريخية، تمهيدا لتسجيل منطقة جدة التاريخية في منظمة اليونيسكو كمنطقة تراث عالمي، مؤكدا أن المشروع يأتي ضمن الخطوات الحثيثة للأمانة والمشاريع التي تقوم بها لإعادة تأهيل المنطقة التاريخية والحفاظ عليها.

وبالعودة إلى المجلس البلدي فقد ناقش في جلسته الميزانية العامة للمشاريع المزمع القيام بها في العروس خلال العام المقبل واستعرض آخر التطورات المتعلقة بتطوير المنطقة التاريخية، وناقش شكاوى سكان حي الأجاويد من طفح المياه السطحية التي تسببت في نشر روائح كريهة، وذلك خلال الجلسة التي عقدها عصر الأربعاء وتطرق خلالها إلى عدد من القضايا المهمة التي تشغل سكان مدينة جدة.

وبحسب باعقيل، فإن أعضاء المجلس طرحوا ملاحظاتهم ومرئياتهم على ميزانية العام المقبل المقترحة، مع التركيز على الأولويات في المشاريع المهمة التي تخدم سكان مدينة جدة، وتساهم في رفع المعاناة عنهم أو فك الاختناقات الموجودة، وخصوصا مشاريع المياه التي تحظى باهتمام كبير، ومشاريع الطرق والنقل والجسور والأنفاق، وأيضا مشاريع الحدائق والمساحات الخضراء التي تعتبر متنفسا مهما في مختلف الأحياء، مؤكدا أن أحمد سليمان باناجه، رئيس لجنة الميزانية في المجلس، سيجمع كل الملاحظات والاقتراحات في تقرير سيجري رفعه إلى أمانة جدة.

ولمح إلى أن المجلس البلدي حسب الصلاحيات الممنوحة له في نظام البلديات والقرى يعتبر رقيبا على عمل الأمانة والبلدية في التقرير والمراقبة، حيث يتولى مراقبة الإيرادات والمصروفات وإدارة أموال البلدية طبقا للأنظمة والتعليمات السارية وضمن الحدود المبينة، ومراقبة سير أعمال البلدية والعمل على رفع كفاءتها وحسن أدائها للخدمات، وهو بحث من هذا المنطلق في جلسة أمس أولويات ميزانية العام المقبل قبل أن يتم اعتمادها بشكل نهائي.

وأوضح أنه سيتم استكمال مناقشة شكاوى سكان حي الأجاويد 1 و2 المتمثلة في طفح المياه الجوفية التي تتسبب في تخريب طبقات الإسفلت في بعض الشوارع وتساهم في نشر روائح كريهة في فضاء الحي، الأمر الذي يحتاج إلى تدخل عاجل خوفا من انتشار الأوبئة التي تؤدي بدورها إلى الكثير من الأمراض، محذرا من أن تأخير معالجة هذه الأمور سيساهم في المزيد من المشكلات البيئية، وقال: «سيتم أيضا مناقشة ارتفاع مستوى الأرض في بعض المخططات داخل الحي وانخفاض البعض الآخر، والاختناقات الموجودة في بعض الشوارع، حيث نسعى إلى طرح حلول عملية تساهم في رفع المعاناة عن سكان الحي».