جازان: 7 آلاف أسرة نازحة تؤجل فرحتها بالعيد لعودتها إلى منازلها وقراها

قضوا عيدهم أمس بين الانتظار.. والذكريات

TT

في الوقت الذي انتظر فيه الملايين في السعودية حلول عيد الفطر المبارك خلال نهاية الأسبوع الماضي في فرح وابتهاج، فإن الأمر لم يبدُ كذلك بالنسبة لآلاف النازحين في منطقة جازان جنوب السعودية، حيث تحل هذه المناسبة في ظل انتظار عشرة أشهر بعد اندلاع المواجهات العسكرية في محافظة الحرث في جازان، بين القوات المسلحة السعودية والمتسللين المحسوبين على المتمردين الحوثيين في الجمهورية اليمنية، في حين لا يزال معظم سكان محافظة الحرث نازحين عن قراهم التي تتجاوز الـ200 قرية.

فرحة العيد وبهجتها ما زالت مؤجلة في انتظار قرار يحسم الحالة المعلقة لما يقرب من 7 آلاف أسرة كانت تحتفل بعيد الفطر الماضي في منازلها، في حين يمر هذه السنة فائتا، مؤجلين احتفالهم به منتظرين قرار العودة. وهو القرار الذي يظل راجحا بين الشائعات التي تنتشر بين الحين والآخر تتحدث عن قيام لجان رسمية مشكلة من وزارة الداخلية لتحديد قاعدة للقرى التي سوف يسمح للقاطنين بالعودة إليها، بين تأكيدات رفيعة لوجود لجان تمارس عملها في تقييم وضع المحافظة بعد انتهاء العمليات العسكرية ورفعه إلى القيادة، فيما يتعلق بمسألة عودة النازحين، ويظل السؤال: متى نعود؟ هو الأكثر حضورا في المجالس الجازانية في هذه الأيام.

إلا أن الإجابة المؤكدة في هذه الأجواء هي استمرار العمل في مشروع إسكان النازحين الذي يتألف من 6 آلاف وحدة سكنية منتظر الانتهاء منها في منتصف 2013 بتكلفة 6 مليارات ريال سعودي، تنفيذا لأمر أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال زيارته الأخيرة للمنطقة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

غير أن الإشارات المطمئنة في هذه الأجواء لا تزال قائمة في معظم الدوائر الحكومية في محافظة الحرث وتمارس عملها المعتاد ويسمح للموظفين بالدخول في منطقة الـ10 كيلومترات، التي كانت مسرحا للعمليات العسكرية، التي نشبت نهاية العام الماضي ومطلع العام الحالي، بالإضافة إلى توافر التصاريح للزيارات المؤقتة لسكان محافظة الحرث للوصول إلى منازلهم والاطمئنان عليها.

وتتواتر الأخبار من مصادر متعددة عن وجود خطط لعودة كثير من سكان محافظة الحرث إلى منازلهم ومع ذلك فإن الصمت المطلق هو الحالة التي تسود ليالي العيد في الحرث، وهي المنطقة التي كانت تضيء سماؤها بالألعاب النارية وتنتشر في بعض قراها المجالس المفتوحة والمنازل المكتحلة بزينة العيد وفرحة العيد، والفرحة بحلوله واجتماع شمل العائلة، حيث تعرف طقوس العيد في القرى بحميميتها واحتفاظ الناس بتقاليدهم، ومن هذه الطقوس تناول إفطارهم في نهار العيد في الطرقات، والذي يحرص فيه الجازانيون على استحضار الأطباق الشعبية الشهيرة مثل المغش والحيسية والمرسة والحنيد وإشعال الألعاب النارية ومجالس القات التي تحتضن روادها في أيام الأعياد وتتزين بالنباتات العطرية التي تشتهر بها المنطقة، مثل الفل والكاذي، بالإضافة إلى حفلات الرقص الشعبي على إيقاعات الطبول، حيث تؤدى فيها رقصات العرضة والسيف وهي فنون شعبية مشهورة في جازان. ومن عادات العيد التي تتميز بها محافظة الحرث إحياء آخر ليالي شهر رمضان والاستعداد لحلول العيد والتهيؤ له، ويطلق على هاتين الليلتين (المخلفة والوقفة) وفيهما يتم تجهيز البيوت والمجالس والنزول إلى الأسواق لشراء حاجات العيد، بالإضافة إلى التزين بالحناء والفل والكاذي، ابتهاجا بحلول العيد. هذه الصورة تحضر في مناسبة هذا العام كذكريات في أذهان أولئك الذين يسلبهم غياب المكان وفرحة الزمان، ويبقى الانتظار واتباع الأخبار الصادرة عن المسؤولين الرسميين وما ينشر في وسائل الإعلام وتناقل الشائعات هو الفعل اليومي للنازحين في منطقة جازان.

إلى ذلك قال يحيى الزيلعي، أحد النازحين من محافظة الحرث: «العيد بالنسبة للنازحين شيء ناقص لبعدهم عن قراهم ومنازلهم، وهم يسعون إلى التخفيف من معاناتهم وإحياء العادات التي تقام بعد صلاة العيد». وأشار الزيلعي إلى أن «الشائعات التي يتداولها النازحون والشباب الذين رفضت المالية تسليمهم مستحقاتهم تزيد من التفاؤل بعودتهم إلى قراهم ومنازلهم».