السعوديون يقطعون هجرة أسراب الطيور من الأميركتين إلى الشرق

عين ترقب وإصبع على الزناد.. والمتعة في صيدها تقود البعض للبقاء أياما في الصحراء

الصفرة من أنواع الطيور المهاجرة التي يترقبها السعوديون كل عام لاصطيادها
TT

بعض من أنواع الطيور المهاجرة التي تدخل المناطق الصحراوية السعودية ضمن خط سير هجرتها من قارة إلى أخرى حولت حياة بعض من السعوديين إلى خبراء في هجرة أسراب الطيور.

ما إن تُقبل بوادر عيد الفطر المبارك، إلا يجد محبي صيد الطيور المهاجرة من قارة إلى أخرى أنفسهم على موعد من هجرة أنواع خاصة من الطيور البرية، التي تتخذ بعضا من المواقع الصحراوية في السعودية ملاذا لها من عناء الرحيل من جزء من العالم إلى الجزء الآخر.

فصحراء نجد التي تقع في أواسط السعودية غالبا ما تكون موقعا لأسراب طيور مهاجرة من أفريقيا والأميركيتين إلى الجزء الشرقي من العالم لتأخذ قسطا من الراحة فيها، وهي المواقع التي يجدها هواة الصيد أماكن خصبة لصيد أنواع من تلك الطيور التي يفضل هواة الصيد أكل لحمها كعامل أساسي في «الكبسة» وهي الوجبة السعودية الأساس، التي تتميز بمذاق خاص بها دون غيرها.

ففي كل عام في مثل هذا التوقيت في الغالب تشهد بعض المناطق الصحراوية، التي تحتضن أنواعا من الأشجار الصحراوية، التي تفضل الطيور المهاجرة الاستراحة في ظلالها، وهنا الحديث عن أشجار السدر الصحراوية، التي تعد أحد أكثر أنواع النباتات الصحراوية قدرة على مواجهة عوامل الطبيعة والمناخ الحار والجاف كما هو حال أجواء منطقة الخليج.

وما إن تبلغ أسراب الطيور تلك «الفياض والشعاب» (وهي المناطق التي تحوي أشجارا برية بأنواع مختلفة كما تسمى في اللغة العامية السعودية)، إلا وتجد هواة الصيد، والباحثين عن تذوق ما تخفيه أجساد تلك الطيور من نكهات في استقبالها، لمزج ملاحقة تلك الطيور ببعض أسلحة الصيد الهوائية وجمال مذاقها في آن واحد.

فـ«القميري والصفارة» من أهم أنواع الطيور المهاجرة التي يأخذ السعوديون في وسط المملكة على عاتقهم الإقامة، ربما أياما، في انتظارها على أشكال أسراب من الطيور المهاجرة، ويجد الشباب متعة في صيدها، وإطلاق النار عليها، وجمعها بعد إصابتها، إلى أن تصل المرحلة إلى التمتع بطعمها الذي يضاهي طعم كثير من الوجبات المحلية.

وما إن يقترب موعد هجرة الطيور من أفريقيا إلى شرق آسيا مرورا بالأراضي السعودية، إلا ويأخذ بعض الهواة بث تقارير تحوي معلومات عن أسراب الطيور إذا وصلت للمواقع التي انتظروها فيها، حيث باتت بعض من تلك المواقع أقرب إلى أن تكون مواقع إخبارية، تهتم بمتابعة سير تلك الأسراب المهاجرة، ليستفيد منها هواة الصيد في الأماكن البعيدة، وبالتالي لا يجدون إشكالا في التأكد من وصولها إلى المواقع المفضلة لدى تلك الطيور.

وتأتي أسراب الطيور تلك في الغالب من أوروبا ووسط آسيا وشمال أفريقيا وجزر الكناري، مرورا بكثير من البراري والمناطق الصحراوية والشعاب، مثل (شعيب الشوكي، والأرطاوي، والأعصل، وغليفص، وروضة الخشم، وسد الشحمة) وهي من الشُعب المشهورة في الأقاليم الوسطى من المملكة.

وتأتي أنواع الطيور التي يطلق عليها السعوديون اسم (الصفاري) ضمن الأنواع التي يحبذ السعوديون صيدها وأكلها، لتأتي إلى جانب القميري، الذي يأتي في مقدمة الطيور البرية التي يفضل السعوديون أيضا صيدها وأكلها، وأكثر من ذلك بكثير، إلى أن بلغ ذكر هذا الطائر في كثير من الأغاني السعودية الصرفة، في إشارة إلى تفضيل لحوم هذا النوع من الطيور المهاجرة.

وللصيد مواسم ترتبط بأشهر معينة في السنة، في الغالب ما يكون مرتبطا بموعد هجرة الطيور البرية، التي في الغالب ما تكون بين شهري أبريل (نيسان) حتى شهر سبتمبر (أيلول).

وتهاجر طيور «الصفاري» عبر جزر البحر الأبيض المتوسط مرورا بشمال أفريقيا إلى أن تأتي إلى السعودية، التي غالبا ما تكون موقع جذب لتلك الطيور، والتي تحوي أشجار السدر التي تفضلها أسراب الطيور المهاجرة.

وتتسبب مواسم هجرة الطيور تلك في خلق أسواق ربما تكون سوداء في بعض الأحيان، ينشط بها بائعو طلقات بنادق الصيد الهوائية، التي عزاها ياسر حسن الذي يعمل مديرا لإحدى مؤسسات الرماية وبيع مستلزمات الصيد خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى ارتفاع مؤشرها بواقع 40 في المائة عن سعرها الأساس.

وفي الحديث عن طهي الطيور تلك، فتختلف طرق طهيها كلٌ حسب ذائقته، فالبعض من الصيادين يحبذها ضمن «الكسبة» السعودية محل لحوم الدجاج أو الأغنام، والبعض الآخر يفضلها بطريقة الشواء، لتظهر لحوم تختلف جذريا عن اللحوم التي اعتادوا تناولها.

الشاب عقيل الطيار، أحد هواة صيد الطيور، يعتبر «القميري» من أهم الطيور التي يتسابق نحوها الصيادون، لطيب مذاقها، واحتوائها على نكهة خاصة بها دون غيرها من اللحوم. الطيار يرى أن هناك بعض الصيادين أخذوا بتحويل هوايتهم إلى طريقة للكسب المادي، عن طريق بيع ما يتم صيده من أسراب الطيور المهاجرة، حيث يصل سعر القميري في بعض المواسم ما بين 35 ريالا إلى40 ريال.

وتحوي قصص الصيد قديمة الأزل جوانب من التلميحات التي تؤكد انتقال هواية صيد القميري من أجيال إلى أخرى، وهي الهواية التي تحوي متعة في الصيد وإطلاق النار على أسراب الطيور المهاجرة، والمتعة الأخرى بتذوق نكتها الفريدة، بل ويأتي القميري هدية دسمة لمن تقدم له، كتعبير عن الحب، لندرة لحوم القميري الذي لا يرى في السنة إلا في أوقات معينة على غير عادة الطيور المهاجرة الأخرى.