مشروع لإعادة ترميم مواقع في جدة التاريخية كما كانت قبل 100 عام

الفريق المطور استعان بصور فوتوغرافية تعود إلى قرن كامل

لقطة لجدة التاريخية كما بدت خلال جولة «الشرق الأوسط» فيها أمس
TT

تعكف جهات حكومية بالتعاون مع الهيئة العليا للسياحة والآثار على مشروع لإعادة ترميم بعض المواقع في المنطقة التاريخية في جدة وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل 100 عام، مستعينة بصور أرشيفية لتلك المواقع مع الأخذ في الاعتبار مشاريع الرصف والتبليط والإنارة القائمة في الوقت الحالي في 3 محاور هي سوق العلوي وسوق الندى ومسجد أبو عنبة.

ويتضمن المشروع، بحسب ما أوضحه لـ«الشرق الأوسط» المهندس سامي نوار رئيس بلدية جدة، بداية محور سوق العلوي وبعض المحاور التي تتوفر صور لها والتي يتم التأكد منها بعد مطابقتها على الطبيعة.

وسجلت المنطقة التاريخية في جدة حضورا لافتا في عيد الفطر لهذا العام بعد إعلان أمانة جدة المنطقة مقرا رسميا لاحتفالات العيد، وتزامن الاحتفالات مع عادة سكان جدة، خصوصا الكبار منهم، زيارة المنطقة في مثل هذه الأيام من كل عام وتذكر أيام صباهم ومشاركة أبنائهم الألعاب الشعبية وزيارة الأسواق القديمة.

وبدأت أول من أمس في برحة بيت نصيف الفنون الشعبية القديمة التي تقدمها نخبة من الفرق الشعبية إلى جانب المسار التراثي الذي ينظم بمتابعة من أمانة محافظة جدة ما بين بيت نصيف بالمنطقة التاريخية وميدان البيعة. وأكد المهندس سامي نوار رئيس بلدية جدة أن تركيز الفعاليات في المنطقة التاريخية تمهيدا لإعادتها إلى الواجهة من جديد بعد اعتماد مشاريع التطوير لها تشمل ترميم المباني القديمة.

وأضاف نوار أنه في مثل هذه الأيام تشهد المنطقة حضورا لافتا من سكانها القدماء الذين يحرصون على زيارتها ومشاركة أبنائهم الألعاب القديمة مثل «البربر والكبت والطرة» وهي ألعاب تعتمد على الحركة إضافة إلى المشاركة في رقصة المزمار صباح العيد احتفالا به. وهنا يعيد نوار ذاكرته للعيد بقوله كانت أفراح الأعياد تتركز في أحياء جدة القديمة الثلاثة الشام واليمن والمظلوم وكانت هذه الأحياء تتواصل مع بعضها البعض فأول أيام العيد كان مخصصا للتزاور بين الأهل فيما بينهم، وفي اليوم الثاني كان أهالي حي المظلوم وحي الشام يعايدون أهل حي اليمن، وفي ثالث أيام العيد كان أهل حي اليمن وأهل حي الشام يعايدون أهل حي المظلوم أما في آخر أيام العيد المبارك فقد كان أهالي حي المظلوم وأهالي حي اليمن يعايدون أهل حارة الشام.

وتمثل برحة العيدروس في المنطقة التاريخية في جدة موقعا لاحتفالات العيد لسكان حارة اليمن، كما أن برحة الفلاح كانت تقام فيها احتفالات سكان حارة المظلوم، إضافة إلى برحة سنبل التي كانت موقعا عاما لتجمع المحتفلين بالعيد، وكانت هذه البرحات الثلاث تتميز بالمراجيح الخشبية التي يسمع أصوات صريرها من أمكنة بعيدة.

وبالعودة لمشروع إعادة المباني تعتبر سوق العلوي في جدة بحسب المهندس سامي نوار رئيس بلدية جدة من أهم المواقع التي سيتم اعتماد المشروع فيها وتعد أقدم الأسواق التي تحتضنها المنطقة التاريخية التي يحرص كبار السن الذين غادروا المنطقة من أهل جدة على زيارتها بل وأداء صلاة العيد بالقرب منها والتوجه بعد الصلاة مباشرة إلى حارات المنطقة القديمة مثل حارة اليمن والمظلوم وحارة الشام برفقة أبنائهم ومشاركتهم لعب الألعاب القديمة مثل «الكبت والبربر». وتقع السوق في الوسط بين شارع قابل من الناحية الغربية وشارع سوق البدو من الناحية الشرقية ويعتقد أنها الطريق الذي سلكه الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ومشى فيه متجها إلى البحر حيث صلى ركعتين في آخر السوق وأعلن جدة مدخلا رئيسيا للحجاج قبل 1400 عام.

وبين نوار «أن سوق العلوي تربط ما بين الميناء وباب مكة وكان الحجيج ينطلقون من الميناء إلى باب مكة عن طريق سوق العلوي وفي عودتهم يدخلون من باب مكة إلى العلوي ثم إلى الميناء وذلك عندما كانت قوافل الجمال تستخدم في نقل الحجاج آنذاك».

ومن أشهر البيوت القديمة المطلة عليها - بحسب نوار - بيت ولي وبيت نصيف وبيت المتبولي وكانت النورية القديمة تبدأ في أولها من الناحية الغربية وتفتح على شارع قابل وتم إزالتها مع توسعات الشارع الجديد عام 1960 ويتفرع منه الكثير من الأزقة إلى داخل الحارات ويرتاد هذه السوق سكان الناحية الشرقية من جدة لشراء متطلباتهم من ملابس ومواد غذائية وتوابل وحبوب متنوعة وكذلك الأواني المنزلية.

ويقع في هذه السوق أشهر عطاري جدة وأصحاب دكاكين هذه السوق من أهل البلد ومن الحضارمة ومن أشهرهم التاجر محمد أبو بكر الزراعة تاجر الأقمشة الهندية مثل الدوت والبفتة والعنبري والشراقي والعمائم وفي عام 1873 تم تعيينه شيخا على هذه السوق وكانت هذه السوق التي تصل إلى باب مكة من الغرب عند أهل جدة والمقبلين إليها هي سوق العطارين الذين اشتهرت بهم جدة واشتهروا بها.

يشار إلى أن فريقا بحثيا سعوديا قد بدأ مطلع العام الحالي 2010 أعمال تنقيب وبحث عن آثار في المنطقة التاريخية في جدة يعتقد أن بعضها يعود إلى 14 قرنا.

وأكد المهندس سامي نوار، رئيس بلدية جدة، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» في ذلك الحين «اكتشاف الفريق البحثي (مبدئيا) بعض الآثار المهمة في المدينة»، مبينا أنه «يتم الآن البدء في إجراءات الحفر لاستخراجها»، ولعل أبرزها موقع «أسكلة الملك عبد العزيز، التي بنيت قبل نحو 90 عاما لميناء يعود إلى نحو 1400 عام، وكانت تمثل المرفأ أو الميناء لحجاج بيت الله الحرام في ذلك الوقت».

وأضاف «وجد الفريق بعض الآثار المهمة في المنطقة القريبة من سوق المحمل بجوار متحف البنط»، مشيرا إلى أن هذا المتحف يجري إعادة ترميمه وتحويله إلى متحف بحري إضافة إلى إنشاء قسم مختص بالحج.