الفلكيون يستعدون لرصد اقتراب «المشتري» العملاق من الأرض الثلاثاء المقبل

الجمعية الفلكية لـ«الشرق الأوسط»: يمكن رؤيته على شكل نقطة أو نجم ساطع

TT

في ليلة يصفها خبراء الفلك بأنها الأكثر إثارة للفلكيين، يرصد الفلكيون، الثلاثاء المقبل، اقتراب كوكب المشتري العملاق من الأرض ليكون في أقرب مسافة له منذ 60 عاما، وذلك في الساعة 2:35 بعد الظهر، وسط توقعات أن يرى بالعين المجردة على شكل نقطة أو نجم ساطع.

وأكد لـ«الشرق الأوسط» المهندس ماجد أبو زهرة، رئيس الجمعية الفلكية في جدة «أن اقتراب كوكب المشتري لن يؤثر على كوكب الأرض، على الرغم من الاقتراب الذي سيحصل، لأن المسافة تظل كبيرة جدا بيننا وبين كوكب المشتري، ولأن الكوكب الثاني يتحرك خلف مدار المريخ، وخلف منطقة اسمها الكويكبات، والاقتراب ما هو إلا مداري».

وذكر أنه «على الرغم من اقتراب المشتري من الأرض إلى أقرب نقطة له منذ 60 عاما، فإنه لن يظهر للعين المجردة إلا على هيئة نقطة أو نجم ساطع مشرق، ولن يظهر كبيرا مثل القمر، فالمشتري يقع على مسافة تعادل خمسة أضعاف بعدنا عن الشمس، وحتى الكواكب الأقرب كالمريخ والزهرة هي أيضا لا يمكن مشاهدتها على هيئة أقرص كبيرة بالعين المجردة».

وبيّن المهندس ماجد أبو زهرة أن «المشتري والأرض يقتربان من بعضهما بشكل سنوي، لكن نظرا لأن مدارات الكواكب ليست تامة الاستدارة، بل إهليجية، فإن المسافة تكون متغيرة من تقابل إلى آخر، استنادا إلى موقع الكوكبين في مداريهما في توقيت التقابل، ولو كان مدارا الأرض والمشتري في شكل دائري، فإن اقترابهما يكون ثابتا وغير متغير». واستطرد في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» أن كوكب المشتري يعتبر أكبر الكواكب في نظامنا الشمسي، وهو بحد ذاته يشكل نظاما خاصا به مع أقماره التي تدور حوله، وفي يوم التقابل يشاهَد المشتري عقب غروب الشمس وحلول الظلام في الأفق الشرقي، حيث يبدو للعين المجردة كنجم براق بلون أبيض في غاية السطوع، وهو ألمع من أي جرم آخر موجود في سماء الليل، ولا يضاهيه في لمعانه شيء ما عدا القمر». وأضاف: «كوكب المشتري يوم الثلاثاء 21 سبتمبر (أيلول) الحالي سيكون في التقابل مع الكرة الأرضية، بحيث يكون على خط مستقيم مع الأرض والشمس، ويكون عندها أقرب ما يكون من الأرض، عند الساعة 2:35 بعد الظهر بتوقيت مكة المكرمة، حيث سيكون على مسافة 39541 وحدة فلكية، وعند شروقه عقب غروب الشمس يكون في غاية السطوع واللمعان ويشاهد على أحسن حال عند منتصف الليل، ويعتبر هذا أفضل توقيت لرصد وتصوير المشتري وأقماره. وهذه المسافة أقرب مسافة للمشتري من الأرض منذ آخر أقرب اقتراب في عام 1951، ولن يتكرر هذا الاقتراب بمثل هذه المسافة إلا بعد 13 سنة».

وتابع قائلا: «إن الكواكب عندما تتحرك في مدارات حول الشمس تكون في أوقات معينة قريبة وفي أوقات أخرى بعيدة، فعندما تكون قريبة مثل الاقتراب الذي سوف يحصل، يعتبر ذلك فرصة مميزة جدا للفلكيين والهواة والراصدين والمهتمين، خاصة للذين يمتلكون تلسكوبا لرصد المشتري خلال العام الحالي، حيث إن الأرض سوف تكون بين كوكب المشتري والشمس، وهذا الأمر يتكرر مرة كل 13 شهرا، وعندما يحدث ذلك تصبح الأرض والمشتري قريبين من بعضهما بشكل نسبي». وأضاف: «والأرض تصبح بين الشمس والمشتري عادة، لأنها تستغرق عاما لإكمال دورة واحدة حول الشمس، في الوقت الذي يكون فيه المشتري، الذي يتحرك في مدار أكبر وبحركة بطيئة، في ذلك المدار، فهو يحتاج إلى 12 عاما لإكمال دورة واحدة حول الشمس في سمائنا».

وزاد المهندس ماجد أبو زهرة: «في مساء التقابل سيكون القمر قريبا منه إلى حد ما، ويمكن رصد كوكب أورانوس بالعين المجردة في حدود الرؤية البصرية إذا ما تم الرصد من منطقة مظلمة تماما، حيث إنه يفصله عن المشتري أقل من درجة في ليلة التقابل، ويمكن أن تبحث عن أورانوس باستخدام الدربيل، فالكوكبان سوف يظهران في نفس مجال الرؤية، وكوكب أورانوس سيكون أيضا في التقابل مع الأرض في نفس الليلة».

وبحسب بيان صادر من الجمعية الفلكية في جدة، أوضح أنه في كل عام عند توقيت التقابل يتأهب الفلكيون لرصد هذا الحدث، وفي مساء يوم الثلاثاء 12 من شهر شوال سوف يشرق المشتري عند غروب الشمس، ويصل إلى أعلى نقطة له في السماء عند منتصف الليل، ويغرب مع شروق الشمس، مما يعني أن المشتري يكون مشاهدا طوال الليل، ومع مرور الوقت يبدأ سطوع المشتري في الانخفاض، نظر لأن الأرض سوف تبتعد عنه، بحكم حركتها في مدارها حول الشمس، ولكن على الرغم من ذلك سوف يتم رصده، لأنه سوف يكون في الأفق الشرقي عندما يحل الظلام عقب غروب الشمس.

وذكر البيان أنه من جهة تقابل المشتري مع الأرض سيكون الأفضل والأقرب منذ 1951 للميلاد، وهذا يحدث بسبب أن مدار المشتري ليس مثل مدار الأرض، حيث إنه ليس في شكل دائري تماما، ففي يوم 21 سبتمبر سيكون المشتري على بعد ستة أشهر من أقرب نقطة له من الشمس، خلال دورته التي تستغرق 12 عاما في مدارة؛ حيث سيكون المشتري في أقرب نقطة له من الشمس في العام المقبل 2011 م.

واستطرد: «الفرق في تكوين الأقمار الكبيرة للمشتري يعتبر واحدا من أكثر الأسرار غموضا، ويعتقد أن ذلك على الأرجح يعود إلى نشأة النظام الشمسي، ومن جهة أخرى، وعند رصد المشتري من خلال التلسكوب، يظهر أنه منبعج من وسطه إلى درجة أنه يبدو ككرة مفلطحة، وذلك بسبب دورانه السريع حول محورة، إلى جانب ذلك تظهر تفاصيل كثيرة للمشتري في طبقة الغيوم الخارجية، ويمكن أن يلاحظ المراقبون للمشتري أنه فقد حزامه الاستوائي الجنوبي، وفي الوقت ذاته، فإن البقعة الحمراء الكبيرة أصبح لونها أكثر حدة».

وتعتبر هذه الليلة الأكثر إثارة لهواة الفلك، فهناك تفاصيل كثيرة يمكن رؤيتها من خلال تلسكوب عاكس، وأحزمة السحب في اضطراب مستمر، وتتغير أحيانا بشكل دراماتيكي.