جدة: الإفراج عن 60% من الأراضي الموقوفة لـصالح «مجاري السيول»

الإيقاف النهائي لـ 8500 قطعة أرض في 70 مخططا.. وفسح 12500 أخرى كانت موقوفة

أمانة جدة بالتنسيق مع هيئة المساحة الجيولوجية إعدت دراسات تفصيلية لمجاري السيول بناء على توصيات ورشة العمل، حيث تم البدء في المواقع التي تعرضت لأضرار بالغة («الشرق الأوسط»)
TT

أفرجت أمانة محافظة جدة يوم أمس عن نحو 60 في المائة من إجمالي قطع الأراضي التي تم إيقافها سابقا والواقعة شرق الخط السريع على خلفية تقاطعها من مجاري السيول.

وأعلن مصدر مسؤول في أمانة محافظة جدة عن بلوغ عدد قطع الأراضي التي تم الإفراج عنها نحو 12500 قطعة أرض من إجمالي عدد القطع الموقوفة سابقا والبالغ عددها 21 ألف قطعة، لافتا إلى أنها تقع ضمن 70 مخططا تتقاطع مع مجاري السيول ذات عرض 500 متر.

ويأتي ذلك تأكيدا لما انفردت به «الشرق الأوسط» في 21 أغسطس (آب) الماضي، أكدت فيه الإفراج عن 12500 قطعة والإبقاء على 8500 قطعة أخرى موقوفة ستزال لصالح مجاري السيول.

إلى ذلك ذكر أن أمانة جدة انتهت مؤخرا من حصر قطع الأراضي المتوفر لها بيانات حتى تاريخه ضمن المخططات الواقعة شرق الخط السريع والمتقاطعة مع حرم مجاري السيول المحددة من قبل هيئة المساحة الجيولوجية كمرحلة أولى، مشيرا إلى استمرار العمل في شمال وجنوب جدة ضمن المرحلتين الثانية والثالثة على الترتيب.

وكانت أمانة محافظة جدة قد أوقفت بعض الخدمات عن نحو 21 ألف قطعة أرض تقع ضمن 70 مخططا نتيجة تقاطعها مع مجاري السيول ذات عرض 500 متر، وذلك تنفيذا لمقترح شهدته ورشة العمل التي عقدت برئاسة الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة بهدف مناقشة وضع أحياء شرق الخط السريع.

وبدأت أمانة جدة بالتنسيق مع هيئة المساحة الجيولوجية في إعداد دراسات تفصيلية لمجاري السيول بناء على توصيات ورشة العمل، حيث تم البدء في المواقع التي تعرضت لأضرار بالغة جراء تدفق مياه السيول أثناء كارثة جدة والمتضمنة وادي قوس وغليل ومثوب، إلى جانب التأكيد على أهمية توفير حلول عاجلة وقابلة للتنفيذ بسرعة من أجل منع تعرض تلك المناطق لمخاطر السيول مرة أخرى.

إلى ذلك، كشف مصدر مسؤول في هيئة المساحة الجيولوجية عن أن تكلفة الدراسة التي أجرتها الهيئة بالتعاون مع أمانة محافظة جدة لتحديد مجاري السيول والأودية الرئيسية لم تتعد مليوني ريال، وذلك ضمن عقدين تم إبرامهما بين الطرفين يتعلقان بهذا الشأن. وأوضح الدكتور زهير نواب رئيس هيئة المساحة الجيولوجية أن الدراسة التي أجريت على الأودية الثلاثة الرئيسية في جدة والمتضمنة وادي قوس وغليل ومثوب تمت بالاتفاق مع أمانة محافظة جدة وبتكلفة مالية تقدر بأقل من مليوني ريال، لافتا إلى عدم وجود دراسات أخرى حاليا.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة دراسات أخرى في الجزء المتبقي من شرق الخط السريع، والتي تم رفعها للجنة الوزارية التي يرأسها الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، غير أنه لم تصدر الموافقة عليها حتى الآن».

وحددت هيئة المساحة الجيولوجية حرم مجاري السيول بعد قيامها بالدراسات الخاصة وتسليمها خريطة مجاري الأودية لأمانة محافظة جدة طبقا لما انتهت إليه الدراسة التي أعدتها بالتعاون مع جامعة الملك عبد العزيز لثلاثة أودية رئيسية تتمثل في «وادي قوس، وغليل، ومثوب».

وأعلنت هيئة المساحة الجيولوجية خلال هذه المرحلة من الدراسة عن تقليص عرض المجاري من 500م إلى 3 فئات بعروض تتراوح ما بين 200م للأودية الرئيسية، و100م للثانوية، إضافة إلى 50م للأولية منها، الأمر الذي أدى إلى تخفيض عدد المخططات المتقاطعة مع العروض الجديدة.

وبالعودة إلى المصدر المسؤول في أمانة محافظة جدة، فقد أفاد بأنه بناء على ذلك قامت الإدارات المختصة في الأمانة بتنزيل مجاري السيول على المخططات المتوفرة لديها والمتقاطعة معها والتي أسفرت عن وجود عدد 70 مخططا تشمل نحو 8500 قطعة أرض، ما يعني أنه تم الإفراج عن نحو 12500 قطعة أرض وبنسبة تصل إلى 60 في المائة من إجمالي عدد القطع الموقوفة سابقا.

وأضاف: «تم تقسيم مدينة جدة إلى 3 مراحل تتمثل في شرق الخط السريع الذي تم الانتهاء من مخططاته الـ70 ضمن المرحلة الأولى، بينما يجري العمل على منطقة شمال جدة المحتوية على نحو 141 مخططا، والذي من المفترض الانتهاء منها خلال شهرين، عدا عن جنوب جدة بمخططات بلغ عددها 48 مخططا سيتم العمل فيها بعد الانتهاء من المرحلة الثانية في أواخر العام الميلادي الحالي والتي تستغرق شهرا واحدا».

ونفى المصدر المسؤول إمكانية تعويض أصحاب الأراضي الموقوفة حتى الآن في شرق الخط السريع، ولا سيما أنهم ما زالوا ينتظرون حتى يتم النظر بها من قبل اللجان المسؤولة عن تحديد مجاري السيول في هيئة المساحة الجيولوجية، بحسب قوله.

واستطرد في القول: «من المحتمل أن تعمل هيئة المساحة الجيولوجية على دراسات مستفيضة تتعلق بتحديد مجاري وأودية السيول، والتي تصاحبها احتمالات تغيير مواقع المخططات الموقوفة أو الاستغناء عن بعض الأودية»، مبينا أن ذلك ساهم في عدم اتضاح الرؤية كاملة حول وضع الأراضي الموقوفة حتى الآن. وهنا، علق رئيس هيئة المساحة الجيولوجية بالقول: «تشمل الدراسات التي تم رفعها للجنة الوزارية كامل منطقة شرق الخط السريع، والتي ستشهد دراسة للمخاطر البيئية والجيولوجية والزلزالية بتلك المنطقة، على أن تتم إعادة العمل في المناطق التي تم تحديدها خلال المرحلة الأولى».

وأبان بأن نحو 90 في المائة من أعضاء فريق العمل المكلف بإجراء هذه الدراسات هم من الكوادر السعودية المدربة والمتخصصة في ذلك المجال، غير أنه من الممكن الاستعانة بخبرات أجنبية في حالات محددة، موضحا أنه تتم الاستفادة من المختبرات الموجودة لدى هيئة المساحة الجيولوجية، سواء كانت كيميائية أو جيولوجية أو هندسية. ومن ناحية تأثر سوق العقار في مدينة جدة على خلفية قرار الإفراج عن المخططات الموقوفة سابقا، واحتمالية التوسع في دراسات تحديد الأودية ومجاري السيول التي قد يتم على أثرها إيقاف مخططات أخرى في المدينة، تباينت آراء مجموعة من الخبراء العقاريين حول انعكاس القرار إيجابيا أو سلبيا على السوق بشكل عام.

خالد الحارثي أحد الخبراء العقاريين أكد أن إيقاف المخططات أو الإفراج عنها لن يؤثر كثيرا على سوق العقار السعودية، خاصة أن منطقة شرق الخط السريع تمثل ما يقارب 20 في المائة فقط من إجمالي مساحة مدينة جدة، على حد قوله.

وزاد: «إن أسعار العقار تتحدد بحركة السوق نفسها التي تعيش مرحلة هدوء معتادة منذ قبل دخول شهر رمضان المبارك والمستمرة حتى انقضاء موسم الحج، الأمر الذي يؤكد عدم تأثر منطقة شرق الخط السريع كون قرارات الأمانة المتعلقة بها جاءت متزامنة مع فترة الركود التي تشهدها السوق حاليا».

وأشار إلى أن أسعار العقارات خلال هذه الفترة سجلت انخفاضا تصل نسبته لنحو 30 في المائة، وذلك على خلفية تجاوز حجم العرض للطلب، وهو ما انعكس سلبا على سوق العقار بشكل عام.

بينما يرى خالد الجار الله الخبير في التطوير العقاري أن قرار الإفراج عن مخططات شرق الخط السريع من شأنه أن يؤثر إيجابيا وبشكل كبير على السوق كونه يرتبط بعضه ببعض، موضحا أن تلك المنطقة تحوي كثافة سكانية عالية إلى حد ما. وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «إن ذلك القرار من شأنه أن يخفف الضغط عن المناطق الأخرى التي كان من الممكن أن تكون بديلا لسكان المخططات التي تم الإفراج عنها في حال استمرار إيقافها، مما وفر عليهم عناء البحث عنها».

وأفاد بأنه في حال استمرار إيقاف مخططات شرق الخط السريع، فإنه سيبقي على أسعار العقار ضمن سقفها المرتفع أو حتى ارتفاعها بشكل أكبر، غير أن الإفراج عنها يعد مؤشرا جيدا لثبات تلك الأسعار أو نزولها إلى حد معين، مؤكدا حاجة السعودية إلى مساحات أكبر في ظل قرب تلك المخططات من الخدمات.

وبين أن أي إيقاف للمخططات من شأنه أن يؤثر على سوق العقار، خاصة أن الشرائح المستهدفة في هذه القطع التي تحويها هذه المخططات ستضطر إلى البحث عن البدائل التي تتميز بارتفاع أسعارها.

واستطرد في القول: «تشهد سوق العقار تمسكا بالبيع وفق أسعار مرتفعة جدا، إضافة إلى أن المشترين محجمون عن الشراء حاليا، الأمر الذي أدى إلى نوع من الركود مما اقتصرت الصفقات العقارية على مستوى الأفراد وليس المخططات».