مع قرب موسم الأمطار.. توقعات بعودة الأمراض النفسية المرتبطة بـ«كارثة جدة»

مسؤول طبي لـ «الشرق الأوسط»: لم يتم التعامل بشكل سليم مع المشكلات النفسية لما بعد الكارثة

كارثة جدة ستخلف ردود فعل نفسية للأهالي من سكان الأحياء المتضررة بشكل عام («الشرق الأوسط»)
TT

مع قرب حلول موسم الأمطار على مدينة جدة، توقعت جمعية الطب النفسي في السعودية عودة الأمراض النفسية المرتبطة بوقت وقوع كارثة سيول جدة في العام الماضي التي راح ضحيتها 133 شخصا. وتتنوع هذه الأمراض النفسية بحسب الخبراء النفسيين ما بين القلق والكرب والخوف والاكتئاب المزمن، وهو ما يسبب خروج الأهالي من سكان شرق جدة من الأحياء التي تضررت في العام الماضي كحي قويزة والسامر ومنطقة الحرازات.

وأوضح الدكتور محمد شاوش، نائب رئيس جمعية الطب النفسي والطبيب والمستشار في «مستشفى الأمل» في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «عودة الأمراض النفسية شيء متوقع وقد حذرنا منذ وقوع الكارثة في العام الماضي من ضرورة التعامل مع مشكلات ما بعد الكوارث التي من أبرزها كارثة جدة وزلزال العيص في منطقة ينبع، ولكن لم يتم التعامل مع هذا الملف بشكل سليم، وخاصة في الشأن النفسي والاجتماعي، بينما تم التعامل بشكل جيد مع المشكلة عامة، وما زالت الجهود مبذولة في التعامل الاحترازي من السيول والأمطار».

وأضاف شاوش: «كارثة جدة ليست بسيطة فقد راح ضحيتها الكثير من البشر والممتلكات، وهذه الخسائر ستخلف ردود فعل نفسية للأهالي من سكان الأحياء المتضررة بشكل عام، وبشكل خاص أقارب الشهداء الذين غرقوا في السيول المنقولة، وأتوقع أن يصاحب تاريخ وقوع الكارثة في العام الماضي حالات احترازية، من أهمها الخروج من الأحياء المتضررة والبحث عن مساكن في شمال جدة أو في الأحياء الآمنة التي لا توجد في الأودية». وطالب شاوش الجهات الحكومية ذات العلاقة بتوعية المواطنين خلال هذه الفترة وتطمين الأهالي بوضع الإمكانات الاحترازية ومعرفة الأحوال الجوية حتى لا يحدث قلق كبير، وخاصة أن هذه الفترة تشغل كثيرا من السكان عن توقعات الأحوال الجوية خلال موسم الأمطار بمنطقة مكة المكرمة وإمكانية حدوث سيول منقولة وانجرافها ووصولها إلى محافظة جدة. ويبدو أن كلمة «السيول» باتت أمرا مخيفا جدا لسكان جدة، حتى في نشرات الأخبار وتقارير الصحف، حيث تشير لـ«الشرق الأوسط»، مصادر طبية نفسية أخرى إلى أن آثار كارثة سيول جدة النفسية ظهرت بشكل واضح مع عودة السيول إلى مناطق الجنوب السعودي خلال الأيام الماضية، مؤكدين أن آثارا نفسية بالغة لحقت بكثيرين، خصوصا أولئك الذين فقدوا ذويهم، قد تستمر لفترة طويلة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن كثيرا من الأهالي في أحياء شرق جدة البالغ عددها 13 حيا، دعوا إلى مخاطبة المسؤولين في أمانة جدة والدفاع المدني لإنشاء سدود ترابية للحد من مخاطر السيول على منازلهم، وكان آخرها مواجهة أمين جدة الدكتور هاني أبو راس للاستماع إلى شكاوى المواطنين وتخوفهم من تسبب السد الموجود بالحي والسدود الترابية الأخرى في تدمير منازلهم جراء أي سيول قادمة، إضافة إلى تحسين الخدمات البلدية في المنطقة. واعترف مصدر مسؤول في أمانة محافظة جدة خلال تلك الجولة بعدم رضا مسؤولي الأمانة عن المرحلة التي وصلت إليها الجهود المبذولة في تنفيذ الخطة العاجلة المتعلقة بمواجهة الأمطار والسيول في جدة. وكشف المصدر المسؤول عن قيام أمانة جدة خلال شهر من الآن بتجربة افتراضية تنفذها لجنة طوارئ الأمطار التابعة لها، التي تشرف عليها المحافظة، وذلك بهدف ضمان تحديد مهام جميع الجهات الحكومية وتكامل منظومة العمل على الخطط والاستعدادات لموسم أمطار هذا العام.

وأعلن المهندس علي القحطاني، وكيل الأمين للخدمات، اعتماد دراسات تتضمن إنشاء سدود وغيرها من الاحتياطات اللازمة في إطار الحلول طويلة الأجل لإشكالات شبكات تصريف مياه الأمطار بجدة في ظل توفير الدولة الاعتمادات المالية المطلوبة التي تصل إلى نحو 600 مليون ريال، لافتا إلى أن الأمانة تعكف حاليا على إعداد كراسات الشروط والمواصفات، بحيث يتم طرح هذه المشاريع فور توفر الاعتمادات المالية المطلوبة لها.

إلى ذلك، عقد المجلس البلدي في جدة الأسبوع الماضي اجتماعا مع إدارة السيول والأمطار والدراسات التابعة لأمانة محافظة جدة، حيث ناقش خلاله جميع المشاريع المتعلقة بالسيول والأمطار واستعدادات الأمانة تجاهها، في حين سيقف أعضاء المجلس ميدانيا على تلك المشاريع خلال اليومين المقبلين. وكشف حسن الزهراني، نائب رئيس المجلس البلدي، عن وجود عدة ملاحظات على بعض هذه المشاريع، غير أنه أكد في الوقت نفسه أن المشاريع الأخرى يتم التحرك بها بشكل جيد.

وأضاف: «تعد العناية بخطط الاستعداد لموسم الأمطار تكاملية، تتم بمشاركة الجهات الأخرى، الأمر الذي جعل المجلس البلدي يطالب أمانة جدة بتحديث المعلومات ذات العلاقة بمشاريع السيول والأمطار بهدف مناقشتها خلال اليومين المقبلين والخروج بجملة من الإجراءات بعد الزيارة الميدانية لها». وشهدت مدينة جدة استحداث قرارات جديدة من قبل الجهات المختصة عقب الكارثة التي ألمت بها العام الماضي، من أبرزها البدء في تجفيف بحيرة الصرف الصحي، ووضع حلول عاجلة للأراضي والأحياء السكنية الواقعة في بطون الأودية من قبل أمانة جدة، إلى جانب التنفيذ الفعلي لشبكات تصريف مياه الأمطار والسيول في المحافظة.