فلكي: الخلط بين الفلك والتنجيم أضاع على الكثيرين متابعة الاستكشافات الفضائية الحديثة

قال لـ«الشرق الأوسط»: إن العلم يهم شريحة من الدارسين في الجامعات والباحثين في المراكز البحثية

علم الفلك يستند في توقعاته للطقس إلى معطيات علمية («الشرق الأوسط»)
TT

يواجه العاملون في مجال الفلك جملة من التحديات التي تتمثل في الخلط بينه والتنجيم، الذي يتحدث عن المستقبل عبر الأبراج وقراءة الكف والفنجان وغيرها من الأمور التي تدخل في قائمة التحريم، وهو ما أضاع على الكثيرين الاهتمام ومتابعة الاستكشافات الفضائية الحديثة.

ويؤكد صالح محمد الصعب، المشرف العام على المركز الوطني للفلك، أن مشكلة الخلط بين علم الفلك والتنجيم تعد إحدى كبرى المشكلات التي تواجههم في هذا المجال، وهو ما انعكس على سمعة علم الفلك والثقة فيه، وقبوله لدى نسبة كبيرة من الناس.

ولفت في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن ابتعاد الناس عن متابعة الاكتشافات الفضائية والحسابات الفضائية يرجع إلى طبيعة الأمور ذاتها، وأنها لا تهم الشخص العادي، خاصة أنها أمور ذات صفات غير محسوسة وملموسة يمكن ملاحظتها في حياتهم اليومية.

وذكر الصعب أن علم الفلك يهم شريحة معينة من الدارسين في الجامعات والباحثين في أحد المراكز البحثية، مؤكدا أن الشخص العادي لا يعلم أن وراء الإنجازات الحاصلة في مجالات الطاقة والاتصالات بحوثا أصلها في علم الفلك والفضاء، لذلك يندر ويقل الاهتمام بهذين العلمين، على الرغم من الإنجازات المحققة في هذا المجال، وتنعكس على جميع نواحي الحياة.

وفي السياق نفسه، أكد المهندس ماجد أبو زهرة، رئيس الجمعية الفلكية بجدة لـ«الشرق الأوسط» أن علم الفلك الذي يعد من أقدم العلوم التي عرفتها الحضارات المختلفة، شارك في تطوره العرب، حيث أسهموا بجهودهم في تطويره ونشره، مشيرا إلى أن التطور الذي نشاهده اليوم في علم الفلك ما هو إلا نتيجة للدور الذي قام به العرب بشهادة الجميع.

وأضاف: «قد يكون هناك خلط لدى العامة بين علم الفلك وما يسمى بالتنجيم الذي يتحدث عن مستقبل البشر والأبراج وغيرهما من الأمور التي حرمها الإسلام، إلا أن علم الفلك يختلف كليا عن التنجيم، فعلم الفلك قام على المعادلات الرياضية، ولولا هذا العلم لما تمكن الإنسان من وضع الأقمار الصناعية حول الأرض، ولما ذهب إلى القمر، ولما تمكن من إرسال مركبات آلية إلى المريخ، ولما استطعنا تحديد مواقيت الصلاة ومعرفة بداية الأشهر القمرية، كل ذلك قائم على علم الفلك والحسابات العلمية».

وأشار إلى أن «كل العلوم المختلفة، ومنها علم الفلك قد لاقت اهتماما، خاصة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين، فالجامعات السعودية خصصت بها أقسام للفلك مزودة بأحدث تقنيات الرصد، إضافة إلى وجود المركز الوطني للفلك بمدينة الرياض، الذي يتبع له الكثير من المراصد المنتشرة في جميع أرجاء المملكة، إضافة إلى تحفيز المدارس في التعليم الأساسي على تشكيل أندية فلكية تعمل على جذب الشباب إلى هذا العلم».

واستطرد «يمكن للملاحظ خلال الخمس السنوات الأخيرة أن يلمس التنوير الحقيقي الذي يجرى لعلم الفلك، وهو الذي أزال الكثير من المفاهيم الخاطئة والمغلوطة حول الكثير من الظواهر الفلكية التي حصلت»، متمنيا أن تستمر الجهود في نشر الوعي الفلكي داخل المجتمع السعودي.

وبالعودة إلى صالح محمد الصعب، المشرف العام على المركز الوطني للفلك، قال إن الدولة تقدم «دعما» وصفه بالجيد جدا للدارسين والمهتمين بعلم الفلك، وقال «هو أمر ليس بالجديد، حيث استمر الأمر منذ أكثر من ثلاثة عقود»، لافتا إلى جهود مركز الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، التي تمثلت في إنشاء مرصد فلكي ومراصد فلكية أخرى للهلال، عملت على توفير بحوث نظرية وعملية في مجالات الشمس والأشعة الكونية، وإنشاء مشروع المرصد الوطني الفلكي، الذي كان ضمن أول ثلاثة مشاريع اهتمت بها مدينة الملك عبد العزيز للتقنية عند إنشائها، وتطور هذا الاهتمام ليستحدث معهد طقوس الفضاء وما صاحبه من أمور أخرى، مثل الاهتمام بالأقمار الصناعية وغيرها.

وقال إن علم الفلك يستحق هذا الاهتمام وأكثر، لا سيما أن تأثيره ينعكس على أمور مختلفة في نواحي الحياة، مثل الاتصالات الفضائية والتحكم في المركبات الفضائية التي ترسل إلى الفضاء وينعكس بدوره على اختراع الاتصالات بمختلف أشكالها السلكية واللاسلكية، مثل الجوالات ونقل الصورة الفضائية من المركبات عبر الأقمار الصناعية التي ساعدت في تطوير البث التلفزيوني وتطوير نقل الصورة والنقل الحي لكثير من النشاطات على مستوى العالم.