مربو الماشية يتأرجحون بين فقدان الرزق وتدخل الحكومة

وسط ترقب صدور قرار رسمي يحدد بيع الشعير في نقاط معينة وبأسعار ثابتة

ترقب في السعودية لقرار يعمل على تثبيت الأسعار لتجنيب السوق تلاعب بعض المتعاملين المنتفعين («الشرق الأوسط»)
TT

راجت معلومات تناقلها عاملون في سوق الأعلاف بالسعودية، تفيد بتوقع صدور قرار يعمل على تخويل الدولة بيع الأعلاف عند حدود ثابتة، لمنع تلاعب بعض العاملين في مؤشر الأسعار، الذي لامس أكثر من رقم خلال الأسابيع القليلة الماضية.

ويتوقع أن يكون القرار بمثابة مخول للدولة لاستيراد الأعلاف، خاصة الشعير، وتولي بيعه في منافذ يتم تحديدها من الدولة، وبالتالي مراقبتها لمنع أي تلاعب قد يطرأ على أسعار الشعير، التي كانت محل تذمر من قبل المستهلكين، الذين تذمروا من ملامسة مؤشر الأسعار حدود 60 ريالا للكيس الواحد زنة 50 كيلوغراما.

مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك الذي تنشط خلاله عمليات الترويج وبيع الأضاحي، باتت تلوح في أفق سوق الماشية في السعودية، أزمة تفاقمت خلال الفترة الماضية، تمثلت في عدم استقرار مؤشر الأسعار الخاص بالأعلاف الحيوانية، وهو ما قاد بعض مربي الماشية في البلاد، للتفكير في الخلاص من ماشيتهم، التي باتت ثقلا على كاهلهم، في ظل ارتفاع معدلات المعيشة في المملكة.

وأسهم عدم ثبات مؤشر أسعار الشعير - وهو السلعة الأهم في غذاء الماشية - في أن يعمد بعض مربي الماشية للتفكير في بيع مواشيهم، هربا من أسعار الأعلاف غير الثابتة عند حد معين، عازين ذلك إلى ما وصفوه بـ«تلاعب» بعض المتنفذين في أسواق الماشية بالمملكة.

يأتي ذلك، في حين تترقب سوق الأعلاف والماشية في البلاد تدخل جهات ذات علاقة، للعمل على الحد من ارتفاع أسعار الأعلاف، خاصة تلك المدعومة من الدولة، ومن أهمها الشعير، الذي يشكل الغذاء التقليدي لدى مربي الماشية في البلاد.

في هذه الأثناء، عمد بعض موزعي الأعلاف في أسواق الماشية بالعاصمة الرياض، إلى توفير كميات من الشعير، زنة 50 كيلوغراما، الذي يحوي خاتما يحدد سعر البيع عند 33 ريالا للشعير المستورد من الدول التي تغطي احتياج المملكة من الأعلاف، مثل أوكرانيا، وألمانيا، وفرنسا.

وفاقم المشكلة الظروف الطبيعية التي حلت ببعض الدول التي تعتبر مصدرة للأعلاف خاصة سلعة الشعير، ومن بين تلك الدول أوكرانيا، التي تسبب استحداث إجراءات وأنظمة جديدة للتصدير فيها، تعنى بالتبادل التجاري بين الدولتين في نقص الكميات المستوردة منها، وذلك بالتزامن مع تسبب الظروف الطبيعية والمناخية في إيقاف توريد الأعلاف للسعودية، وهنا الحديث عن روسيا، التي تعاني من أزمات طبيعية مناخية، جراء الحرائق التي حلت بمزارع وحقول القمح، وكذلك الشعير. وتعتمد السعودية على روسيا في استيراد أصناف عدة من الأعلاف.

وبحسب تصريحات لعدد من مربي الماشية في السعودية لـ«الشرق الأوسط»، فقد أرجعوا تصاعد مؤشر أسعار الأعلاف إلى بعض من المتلاعبين في أسواق المواشي، ممن وصفوهم بـ«متنفذين» يسعون للحصول على الكسب السريع، وإن كان على حساب المواطن أو مربي المواشي المتضرر، وهي الرؤية التي أكدها تراحيب الحربي أحد العاملين في سوق المواشي بالعاصمة السعودية الرياض.

وفي السياق ذاته، يشاركه الرأي حامد الأمصع أحد مربي الماشية في حفر العتش (شمال العاصمة الرياض) الذي يعتقد أن هناك استغلالا من قبل التجار لأوضاع السوق العالمية للشعير، مما يدفعهم للتلاعب بالأسعار وتعمد رفعها، مشيرا إلى معلومات ترد لبعض من مربي الماشية، عن كميات من الأعلاف يتم تخزينها في بعض من المواني في البلاد.

ويرى بعض المتعاملين في أسواق الأعلاف والمواشي في المملكة، أن تلاعب بعض النافذين في مؤشر الأسعار يأتي سعيا للحصول على الدعم المخصص لسلعة الشعير من الدولة. وكان وزير الزراعة السعودي الدكتور فهد بالغنيم قد طالب في وقت سابق مواطني بلاده من مربي الماشية، بالتخلي تدريجيا عن الاعتماد على الشعير كعلف رئيسي، وسلعة استراتيجية، في أعقاب الارتباك الذي طال مؤشر أسعار الشعير، وبلغ في بعض المناطق السعودية حاجز 50 ريالا للكيس الواحد، بينما ترى جهات حكومية أن بيع الكيس زنة الـ50 كيلوغراما بـ28 ريالا (7 دولارات)، سعر عادل، لأن الشعير من السلع التي تلقى دعما ماليا من الدولة. وأخذ الوزير السعودي على عاتقه في تصريحات صحافية، تبرئة موردين سعوديين من ارتباطهم بالتلاعب بمؤشر الأسعار في السوق المحلية، لكنه حذر بلهجة «حادة» من عقوبات وصفها بـ«الصارمة» ستطال من يثبت تلاعبه فعليا بمؤشر أسعار الأعلاف، خاصة الشعير في السوق المحلية، تلك العقوبات أكد أنها ستفرض من قبل وزارة التجارة بحق من يثبت تلاعبه في أسعار الأعلاف، في حين ربط الوزير الارتفاعات المحلية بالارتفاعات العالمية.