على خطى مفسري الأحلام.. «الشؤون الإسلامية» تستعد لضبط أعمال الرقى الشرعية

بعد التذرع بالأحلام في الإرهاب.. آخرون يتذرعون رسميا بالجان

TT

عقب تذرع بعض المتهمين بقضايا أمنية في السعودية برؤى وأحلام وخيالات، بات السحر والجان مؤخرا حجة من لا حجة له أمام هيبة القضاء السعودي من متهمي الاختلاس والرشى والعلاقات المحرمة، فكل أمر مباح في سبيل عتق الرقاب بعد أن زادتهم رهقا.

فلم يمض على تصريح الدكتور توفيق السديري، وكيل وزارة الشؤون الإسلامية للدعوة والإرشاد وشؤون المساجد، بشأن توجيه وزارته لمفسري الأحلام الابتعاد عن تأويل ما يتعلق بالنوازل والفتن العامة، إثر دور خفي لعبته أساطير الأحلام والرؤى في بعض الأحداث الأمنية الأخيرة في السعودية، التي أكدها أحد المصادر الأمنية في حديثه مع «الشرق الأوسط» تبرير أحد المطلوبين أمنيا انخراطه في الأعمال الإرهابية إثر رؤيا وخيالات بيضاء لأحد رفاقه. حتى أخذ السحر والجان موقعه في تبرير الشر البشري من نهب وسلب وقتل، لدرجة أن نسب الطلاق المرتفعة في المجتمع السعودي عزيت إليهما ظلما وبهتانا.

فبعد اجتهاد المقرئ الشرعي على أحد قضاة محكمة المدينة المنورة بتبرير ما نسب إلى الأخير من تهم تشير إلى تورطه في قضية صكوك مشبوهة بوقوعه تحت طائلة السحر، حيث تمكن من استنطاق الجان الذي تلبسه، وهو الأمر الذي نفاه القاضي ذاته - عمدت وزارة الشؤون الإسلامية إلى التنويه على خطورة تضخيم قضايا تلبس الجان بالإنسان وتفخيخ مواطنه بالأسحار، وأوضح الدكتور توفيق السديري، وكيل وزارة الشؤون الإسلامية للدعوة والإرشاد وشؤون المساجد، في حديثه مع «الشرق الأوسط»، سعي الوزارة إلى إعداد ورشة عمل تتعلق بالرقى الشرعية بمشاركة عدد من المشايخ والعلماء والأطباء والمختصين النفسيين، في خطة لتقنين وضبط قطاع الرقية الشرعية، فبعد أن سعى الحيوان لرفع المظلومية عن أمته أمام أحد ملوك الجان التي وقعت عليه من بني الإنسان، مطالبا الملك العادل بإنصافه كما أدلت به إحدى الرسائل الأدبية التراثية، عاد اليوم استدعاء الجان إلى أروقة المحاكم كشهود عدول لفض المنازعات البشرية.

ومع أن الفقه والقضاء وقف وقفة رجل واحد ضد الرؤى والسحر والجان، في سبيل رد أي دعوى تتعلق بخصوصها، ولم يسجل أي سابقة قضائية كانت قد سبق أن نظرت في قضية التلبس أو السحر، إلا أن المدونة القضائية لم تخل من دعاوى من هذا القبيل، على الرغم من عدم نظر القضاء فيها، كرجل أكد نسب ابن زوجته السابقة إليه إثر رؤيا عدها بمثابة فتوى شرعية، إضافة إلى ما تشهده باستمرار أقسام الشرطة لعدد من المدعيات وقوعهن تحت طائلة الأسحار من جانب بعولتهن.

فالقضاء الشرعي لا يأخذ بكلام الجان ولا يعتد به ولا يبنى عليه أحكام شرعية، فالشهادة لا تؤخذ إلا من عدول والجان إما مسلم أو كافر، فإن كان المتلبس كافرا لا يؤخذ بشهادته، وإن كان مسلما يعد فاسقا لدخوله وتلبسه الإنسي، بذلك لا يؤخذ أيضا بشهادته، وهو الأمر ذاته على أعمال السحر ،حيث يستحيل إثباتها إلا باعتراف الساحر نفسه الذي أيضا لا تؤخذ شهادته باعتباره كافرا، كما أفاد به القارئ الشرعي محمد السبيعي في حديثه مع «الشرق الأوسط»، مضيفا أن المسحور لا يمكن أن تسلب إرادته كاملة من بني الجان والأسحار، وإنما يبقى تأثيره بسيطا لا يمكن أن يتحكم في شؤونه كافة.

واستنكر السبيعي كثرة الأوهام والتخرصات في مجال العين والسحر وتلبس الجان، وإرجاع المصائب البشرية كافة إلى أوهام شعبية، داعيا بعض الجهات إلى عدم استعراض أعمال السحر والشعوذة في أركان ومناسبات حتى لا تتسبب في فتن للعامة والبسطاء.