وزارة الصحة تستحدث تخصصا جديدا لإدارة طب الحشود بالجامعات السعودية

أعلنت بدءها في بلورة فكرة إنشاء مركز دولي لدعم ذلك التخصص

جانب من المؤتمر الدولي لطب الحشود والتجمعات البشرية الذي بدأ أعماله في جدة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

شرعت وزارة الصحة، أمس، في البدء بتنفيذ توجيه المقام السامي المتضمن استحداث تخصص طبي في مجال إدارة طب الحشود بالجامعات السعودية، وذلك بعد أن أوكل وزير الصحة بذلك التوجيه إلى الدكتور عبد العزيز الصايغ، أمين عام هيئة التخصصات الطبية، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول في وزارة الصحة.

وأوضح الدكتور زياد ميمش، وكيل وزارة الصحة المساعد للطب الوقائي، أن هيئة التخصصات الطبية بصدد تكوين لجان لمناقشة توجيه المقام السامي وبلورته، ووضع تصور تتم مباحثته مع الوزراء تمهيدا لرفعه إلى أصحاب القرار.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تعتزم وزارة الصحة البدء أيضا في إنشاء مركز للأبحاث والتدريب المهني يعنى بطب التجمعات والحشود البشرية، واستحداث برنامج تخصص في الباطنة له علاقة بالتجمعات البشرية، عدا عن تجهيزه بخبرات وطنية في هذا المجال لخدمة الحجيج والمعتمرين».

وأشار إلى أن ذلك المركز من شأنه أن يعين التخصص في إجراء البحوث، ووضع استراتيجيات لإيجاد خطة مبنية على أسس علمية عوضا عن الاكتفاء بالإعلان عن إخضاع الحجاج للفحوصات بطريقة عشوائية، الأمر الذي يحتم وجود دراسة يدعمها هذا المركز المزمع إنشاؤه، مؤكدا على أن ذلك المشروع سيمثل إنجازا للسعودية بشكل عام.

يأتي ذلك في وقت واصل فيه المؤتمر الدولي لطب الحشود والتجمعات البشرية أعماله أمس لليوم الثاني على التوالي، والمنعقد في فندق هيلتون جدة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وحضور أكثر من 500 مشارك و30 متحدثا من داخل السعودية وخارجها.

وكان وزير الصحة قد أعلن أول من أمس عن فكرة إنشاء مركز أبحاث عالمي يعنى بطب التجمعات والحشود البشرية خاضع للدراسة الأولية، مشيرا إلى أن تلك الفكرة سيتم رفعها لأصحاب القرار بعد تنقيحها من أجل اعتمادها.

جاء ذلك خلال انعقاد الطاولة المستديرة لطب التجمعات والحشود البشرية مساء أول من أمس، بحضور 13 وزيرا من بينهم 3 وزراء سعوديين وخبراء دوليين، وفي وجود مديري ثلاث منظمات صحية تتضمن منظمة الصحة العالمية، والمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون، والمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في الشرق الأوسط، إلى جانب خبراء من جامعة الدول العربية والسكرتيرة بوزارة الصحة الأميركية.

وناقش المشاركون خلال المحور الثاني للطاولة المستديرة موضوع اعتماد فكرة إنشاء مركز بحثي عالمي تدريبي في إدارة التجمعات والحشود البشرية من ضمن التوصيات التي ستصدر ظهر اليوم، وذلك بهدف البدء في وضع اللوائح التنظيمية له والدعم المادي، إضافة إلى اختيار أعضائه.

وبالعودة إلى الدكتور زياد ميمش، فقد أفاد بأن توصيات الطاولة المستديرة تضمنت ضرورة التشديد على التوعية الصحية، وإنشاء مركز بحثي عالمي تدريبي في إدارة التجمعات والحشود البشرية، عدا عن أن يكون ذلك الاجتماع دوريا يتم عقده كل عامين، بحيث يعطي وقتا كافيا في كل مرة من أجل تحديث المعلومات والخروج بتوصيات ينتفع من خلالها الحجيج والمعتمرون.

وزاد أن «جميع توصيات الطاولة المستديرة مترابطة فيما بينها، ومكملة لبعضها بعضا، حيث إن للتوعية دورا مهما جدا خلال موسم الحج والحجيج، إلى جانب أن استحداث تخصص جديد في إدارة طب الحشود بالجامعات يلزمه إنشاء مركز يعينه في إجراء البحوث المتعلقة بذلك المجال».

وحول مدى إمكانية تنفيذ التوصيات المتوقع الخروج بها من المؤتمر الدولي لطب الحشود والتجمعات البشرية، أبان وكيل وزارة الصحة المساعد للطب الوقائي أن جميع تلك التوصيات سترفع مباشرة إلى وزير الصحة بعد كتابتها وإعدادها بالتفصيل لمناقشتها والرفع بها إلى أصحاب القرار.

إلى ذلك، أعلن مصدر مسؤول في وزارة الشؤون البلدية والقروية عن بدء الوزارة في دراسة لمشروع إعادة تدوير النفايات في مدن السعودية كاملة، من ضمنها مكة المكرمة، وذلك بعد أن خاضت أمانة المدينة المنورة مؤخرا تلك التجربة بجهودها الخاصة.

وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن الهدف من ذلك المشروع الوصول إلى بيئة نظيفة، عدا عن وجود جدوى اقتصادية والتي يتم العمل عليها حاليا وفق دراسة أخيرة لذلك الجانب من المشروع»، غير أنه لم يفصح عن حجم تكلفة هذا المشروع، مكتفيا بالقول «إن تكلفته كبيرة».

وأشار إلى أن فكرة المشروع تتضمن إنشاء شركة تتولى مهمة تدوير النفايات في عدد من المدن الكبرى بالسعودية، ومن ثم يتم انتشارها عبر المدن الأخرى، لافتا إلى أن ذلك المشروع الذي سيكون بمشاركة القطاع الخاص لا يزال تحت الدراسة في ظل حرص وزارة الشؤون البلدية والقروية على البدء فيه في أقرب وقت ممكن.

وحول الأساليب الموضوعة لتنفيذ مشروع إعادة تدوير النفايات في السعودية، بين أن هناك الكثير من التقنيات الحديثة التي على أساسها يتم وضع آلية العمل، غير أنه سيتم اختيار الأفضل منها واعتماده كطريقة عمل لهذا المشروع.

من جانبه، أكد الدكتور أسامة البار، أمين العاصمة المقدسة، أن الأمانة في انتظار نظام إعادة تدوير النفايات الذي تعمل عليه وزارة الشؤون البلدية والقروية للعمل به في مكة المكرمة، موضحا أن هذا النظام يتمثل في عملية تدوير النفايات الصلبة على مستوى مدن السعودية.

وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «تكمن مشكلة النفايات بمكة المكرمة في كونها عضوية وليس لها منتج سوى السماد أو الكهرباء، لا سيما أن مثل ذلك النوع من النفايات يمكن تحويله إلى طاقة بطريقة البلازما».

لكنه استدرك قائلا «إن الجدوى الاقتصادية من تحويل النفايات العضوية إلى طاقة لا تتحقق في السعودية باعتبارها دولة مصدرة للنفط والوقود، على الرغم من أن طريقة توليد الطاقة من هذه النفايات ليست لها أي تأثيرات سلبية على سلامة البيئة». وفي سياق متصل، أعلنت أمانة العاصمة المقدسة عن قرب الانتهاء من دراسة إنشاء غرف التحكم في كل أنفاق مكة المكرمة، والتي وصلت إلى مراحلها النهائية، في حين تنتظر التقرير النهائي من قبل الاستشاري المقاول على تنفيذ المشروع الذي من المفترض تسلمه خلال العام القادم للبدء في تنفيذه.

وأوضح الدكتور أسامة البار، أمين العاصمة المقدسة، أن غرف العمليات المزمع إنشاؤها تتيح التعرف على جميع الأمور التي قد تحدث داخل الأنفاق والمتضمنة الإضاءة والتهوية ومستوى التلوث والحوادث المرورية، مشيرا إلى أن مقر تلك الغرف سيكون لدى الأمانة وبعض الجهات الأمنية.

وزاد «سيتم استخدام الكثير من التقنيات الحديثة في الغرف للتعرف على مستويات التلوث الموجودة داخل الأنفاق، ومن ثم تحديد طرق مكافحتها بكبسة زر»، على حد قوله.

وكشف عن إنشاء مجزرة جديدة لأهالي منطقة المعيصم بمكة المكرمة، عدا عن وجود المجزرة الأخرى الواقعة في جنوب مكة، فضلا عن تلك الموجودة بكل من حدة وبحرة، وذلك بهدف تقليل الاعتماد على المجازر المختلطة مع الحجاج.

وأشار أمين العاصمة المقدسة إلى أن موسم الحج عادة ما يتزامن مع ذبح أهالي منطقة مكة المكرمة لأضاحيهم في العيد، إلى جانب الحجيج الذين يذبحون هديهم خلال الفترة نفسها، مؤكدا أن إنشاء المجزرة الجديدة من شأنه أن تقلل من تلك الإشكالية.

ولفت إلى وجود الكثير من اللوائح التي تحكم الأمور البيئية خلال موسم الحج، والمعتمدة بشكل مسبق من قبل وزارة الصحة، تتضمن المنشآت الجديدة، وإلزام أصحاب المؤسسات التي تعمل على استئجار كراسي الحلاقة باستعمال أدوات الحلاقة ذات الاستخدام الواحد، من أجل تقليل المخاطر الناجمة عن الاستعمال المتكرر لتلك الأدوات من أكثر من شخص. وحول استعدادات أمانة العاصمة المقدسة لموسم الحج، أبان الدكتور أسامة البار أن تلك الاستعدادات بدأت قبل الموسم بشهور ومراحل كثيرة من ناحية المرافق والطرق والأنفاق والمواقف ودورات المياه.

وأضاف «تم طرح عقود صيانة وتشغيل تلك المرافق منذ فترة، والتي تم فتح مظاريفها ضمن الإعداد المسبق للموسم، وتشمل مشروع النظافة والإصحاح البيئي في ظل وجود عقد جديد وزيادة في الأعداد والمعدات الجديدة»، مبينا أنه سيتم الاعتماد على «الميكنة» خلال موسم حج هذا العام.

وذكر أن «الاحتياج لمصادر العمالة المؤقتة في أمانة العاصمة المقدسة يعد من أكبر المعوقات المواجهة لها خلال موسم الحج، وذلك في ظل حاجة مكة المكرمة إلى نحو 9 آلاف عامل، غير أنه لا توجد طريقة لجلبهم في فترات بسيطة من مصادر مأمونة».

لكنه استدرك قائلا «نعمل على معالجة هذه الإشكالية بواسطة العقود، إلا أن المتعاقدين مع الأمانة سيواجهون صعوبة، الأمر الذي يحتم ضرورة النظر في تلك المشكلة مستقبلا من حيث تأمين المصادر»، موضحا أن استخدام تدوير العمالة، بحيث يتم تأجيل سفر العمالة الراغبة في الرحيل من البلد لحين انقضاء موسم الحج حتى تتم الاستفادة منها، أحد الحلول التي قد تجدي نفعا.

الجلسة الأولى لليوم الثاني من المؤتمر الدولي لطب الحشود والتجمعات البشرية جاءت بعنوان «الأمراض المعدية بين الحشود البشرية»، وأوضح خلالها الدكتور علي خان، من مركز الأمراض المعدية في الولايات المتحدة الأميركية، أن التجمعات البشرية ليست سيئة بالضرورة في كل الحالات.

واستشهد على ذلك بموسم الحج في حال توافرت التوعية الصحية والتثقيف الصحي لهذه الحشود، إضافة إلى الطبيعة الجغرافية الصحية للمنطقة المحتضنة لذلك التجمع وسلامتها بيئيا وصحيا.

ولفت إلى أن أسهل الطرق لانتقال العدوى بين الحشود والتجمعات البشرية الكبيرة تتضمن تلوث الماء والغذاء والعدوى التنفسية والتي تعد من أخطر تلك الطرق لنقل الأمراض من الأشخاص المصابين إلى غيرهم من الأصحاء.

وأضاف أن «أكثر الأمراض التي تنتشر بين التجمعات البشرية الكبيرة تعتبر جديدة وحديثة الظهور، إضافة إلى أن الكشف عنها وإمكانية علاجها يعدان أمرا صعبا ومكلفا، لا سيما أن أغلب هذه الأوبئة تكون لديها مقاومة للمضادات واللقاحات المتوافرة حاليا على المستوى الدولي، وهو ما يصعب الحد من انتشارها بصورة سريعة».

وأبان أن التنقل بين الحدود من دولة تتمتع بمقومات صحية كبيرة وأخرى لا تكون لديها نفس القدرة من شأنه أن يشكل إحدى طرق انتشار الأمراض في ظل افتقار بعض الدول إلى الأدوات والأجهزة التي تساعدها على الكشف عن الأمراض والفيروسات عبر منافذها المختلفة، مما يسهل عبور العدوى وانتقالها للسكان وانتشارها مع مرور الوقت.

وطالب بضرورة التعاون الدولي بين المجتمعات في التوعية عبر المنافذ البرية والجوية والبحرية، إلى جانب عناية وزارات الصحة في الدول بالتوعية الصحية خاصة في مواسم العطلات، عدا عن عدم التراخي في موضوع الصحة العامة وتطوير التقنية للتعرف على الأمراض المعدية بشكل عام والحديثة منها.

يشار إلى أن وزارة الصحة أعلنت أول من أمس عن وضعها خططا توعوية في كل المنافذ البرية والبحرية والجوية، لتقديم المنشورات التوعوية التي توضح للحاج تفاصيل خطط التوعية الصحية، إضافة إلى وجود ما لا يقل عن 17 ألف طبيب وممرض وممرضة واختصاصي، و39 فريقا طبيا متنقلا، و21 معسكرا طبيا من مختلف القطاعات المساندة.