وزير العمل يرفض الحديث عن «فتوى الكاشيرات»: لا أزال ألتزم الصمت

بعد محاصرة الإعلاميين له بالسؤال عن موقفه من الموضوع الأكثر جدلا

وزير العمل في سباق ماراثوني مع عدد من الإعلاميين الذين حاصروه بسؤال عن موقفه من «فتوى الكاشيرات» (تصوير: خالد المصري)
TT

رفض المهندس عادل فقيه، وزير العمل السعودي، تسجيل أي مواقف تجاه الفتوى التي أصدرتها اللجنة الدائمة للإفتاء وتحرم فيها عمل المرأة في مهنة الكاشير، على الرغم من سماح الدولة لها بالعمل في هذا المجال. ودخل وزير العمل الجديد، الذي رعى أمس حفل تخريج الدفعة الأولى من برنامج تدريبي مشترك، في سباق ماراثوني مع عدد من الإعلاميين الذين حاصروه مرات عدة بالسؤال الأكثر إلحاحا، والخاص بموقف وزارة العمل من ما اصطلح على تسميته بـ«فتوى الكاشيرات».

وفي كل مرة، يردد وزير العمل، أنه لا يزال في مرحلة الصمت التي قطعها على نفسه، وحدد لها فترة 3 أشهر منذ تسلمه للحقيبة الوزارية.

ولم يُدلِ وزير العمل السعودي، أمس، بأي تصريحات للصحافيين ووسائل الإعلام المرئية.

وحينما سألته «الشرق الأوسط» حول صدور فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في البلاد تقضي بتحريم عمل الفتيات في مهنة الكاشير، على الرغم من موافقة وزارة العمل على عملهن، على اعتبار أنها الجهة المخولة من الدولة في ما يتعلق بشؤون العاملين السعوديين، قال «لا أزال في مرحلة الصمت»، ويقصد بها فترة الـ3 أشهر التي سيقوم فيها بتقييم الأوضاع التي تحيط بها وزارته.

وينتهج بعض وزراء الدولة أو المسؤولين الذين يتم تعينهم حديثا الدخول في فترة صمت وتكتم يفرضونها على أنفسهم، بحجة العمل والتركيز على المشكلات التي تعانيها الجهات التي يتولون مسؤوليتها، بينما يرى بعض الصحافيين الذي يعملون في وسائل الإعلام أن هذا العمل يعمل على زيادة الضغوطات التي يواجهها الوزراء المعينون حديثا، ويجعلهم غير مركزين على العمل والانشغال بما يكتب عنهم في وسائل الإعلام.

وكانت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، قد أصدرت فتوى، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تقضي بتحريم عمل الفتيات في تلك المهن، على الرغم من موافقة وزارة العمل على عملهن، على اعتبار أنها الجهة المخولة من الدولة في ما يتعلق بشؤون العاملين السعوديين.

ويبدو أن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، استندت إلى معلومات نقلت لها من قبل أحد المستفتين، الذين نقلوا للجنة تصورا عن عمل الفتيات في تلك المهن، وربما تجاهل المستفتي عرض أن عمل الفتيات في تلك المواقع المذكورة يتم بشكل منعزل عن الرجال.

وكان العاهل السعودي قد أصدر قرارا ملكيا يقضي بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء، أو على من يراهم مفتي عام المملكة أهلا للفتوى، على أن يتم رفع الأسماء للملك لاعتماد آرائها الشرعية وما يصدر عنها من فتاوى في الأمور الشرعية. وأسهم القرار الملكي في انزواء أسماء كثيرة، اشتهرت خلال الأعوام الماضية بإصدار فتاوى دون تنظيم، وهو الأمر الذي سبب نوعا من الفوضى في الفتاوى، الأمر الذي استدعى صدور مثل هذا التوجيه الملكي. وفي هذا السياق، ستشهد الأيام المقبلة حالة من انقسام المواقف بين من يؤيد وزارة العمل في ما ذهبت إليه من قرار يصب في شغل السيدات في وظائف الكاشيرات، ومؤيدي الفتوى الشرعية التي تحرم عمل النساء في مثل هذه المهن.

وجاء في نص فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء حول عمل الكاشيرات: «... فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي... (حجب اسمه)، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (1467) وتاريخ 1431/11/18هـ، وقد سأل المستفتي سؤالا هذا نصه: (قامت الكثير من الشركات والمحلات مثل «هايبر بنده» و«مرحبا» و«رد تاج» بتوظيف النساء بوظائف كاشيرات «محاسبات» تحاسب الرجال والنساء باسم العوائل، تقابل في اليوم الواحد العشرات من الرجال وتحادثهم وتسلم وتتسلم منهم، وكذلك ستحتاج إلى التدريب والاجتماع والتعامل مع زملائها في العمل ورئيسها. ما حكم عمل المرأة في مثل هذه الأعمال؟ وما حكم توظيف الشركات والمحلات للمرأة في هذه الأعمال؟ أفتونا مأجورين)».

وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء، أجابت: «لا يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل في مكان فيه اختلاط بالرجال، والواجب البعد عن مجامع الرجال والبحث عن عمل مباح لا يعرضها لفتنتها ولا للافتتان بها، وما ذكر في السؤال يعرضها للفتنة ويفتن بها الرجال، فهو عمل محرم شرعا، وتوظيف الشركات لها في مثل هذه الأعمال تعاون معها على المحرم فهو محرم أيضا، ومعلوم أن من يتقي الله - جل وعلا - بترك ما حرم الله عليه وفعل ما أوجب عليه، فإن الله - عز وجل - ييسر أموره كما قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب). وفي الحديث المخرج في مسند أحمد وشعب الإيمان للبيهقي عن رجل من أهل البادية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه)، قال البيهقي: رجاله رجال الصحيح. ومعلوم أن جهالة الصحابي لا تضر كما نص على ذلك علماء الحديث، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم».