مكة المكرمة تنجح في أول اختبار لمواجهة السيول قبل موسم الحج

الأمانة تؤكد سلامة بنيتها التحتية

الأمطار التي هطلت على مكة المكرمة عشية أول من أمس
TT

دفعت الأمطار والسيول التي اجتاحت مكة المكرمة أول من أمس إلى إعلان قوات الطوارئ أعلى جاهزية، خاصة أن هطول الأمطار وانهمارها يتزامن مع موجود مليون حاج توافدوا على الأراضي السعودية، حيث عمدت الجهات المخولة من أمانة العاصمة والدفاع المدني والهلال الأحمر والشؤون الصحية إلى مواجهة السيول وما خلفته وجها لوجه في مواجهة أول تحد حقيقي قبل دخول شهر حج هذا العام.

وكشف الدكتور حبيب زين العابدين، وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية، عن أن المشاعر المقدسة لم تسجل أي حالة في ارتفاع كميات المياه مطلقا، بل أثبتت السدود على سفوح الجبال وشبكات التصريف في المشاعر كفاءة وتميزا في تصريف المياه في وقت قياسي، موضحا أن مهندسي الوزارة تفقدوا كافة أجزاء منطقة المشاعر، ولم يسجلوا أي حالة من تراكم المياه، مضيفا أنه لم يتأثر مشروع قطار المشاعر جراء هطول الأمطار.

ولقي 3 أشخاص مصرعهم صعقا أثناء هطول الأمطار مساء أول من أمس الثلاثاء بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، فيما تلقت عمليات الدفاع المدني عددا كبيرا من بلاغات الاحتجاز وتعطل المصاعد الكهربائية وانتشرت 60 فرقة متنوعة الاختصاص في أحياء وشوارع وميادين مكة قامت بإنقاذ الكثير من الأسر والسيارات تجاوزت 30 حالة، و10 حالات تماس كهربائي، و20 حالة عطل في المصاعد.

وكان المتوفون، وهم سعودي وباكستانيان، يقفون في أعلى قمة من جبل النور بالقرب من غار حراء أثناء صعقهم ووفاتهم في الحال، وأوضح الناطق الإعلامي بالدفاع المدني بمكة، المقدم علي بن خضران المنتشري، أن فرق الدفاع المدني بمكة قامت بإنزال الجثث الثلاث من أعلى الجبل.

وأهاب الدفاع المدني بالمواطنين والمقيمين ومسؤولي بعثات الحج الحرص على عدم صعود أفراد بعثاتهم إلى جبال مكة المكرمة أثناء هطول الأمطار، وذلك حفاظا على أرواحهم بعد أن هطلت أمطار غزيرة مصحوبة بزوابع رعدية على مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تسببت في تكدس الكثير من السيارات في الطريق الدائري لمكة المكرمة - جدة، وفي عدد من شوارع العاصمة المقدسة. وقال اللواء سعد عبد الله الخليوي، مساعد قائد قوات أمن الحج لإدارة تنظيم المنشآت، إن كافة الخطط بالمشاعر المقدسة تضع في أجندتها هطول الأمطار وما يصاحبه من سيول، حيث شاهدنا العام الماضي هطول أمطار غزيرة، ولكن لم نشهد أي تجمع للمياه، وذلك بفضل مشاريع تصريف السيول المعمول بها، ورجال الدفاع المدني آخذون في هذا الجانب احتياطاتهم، وهناك اجتماعات وتنسيق بين الأمن العام والدفاع المدني في هذا الشأن.

وأوضح الناطق الإعلامي مدير التحقيقات بإدارة الدفاع المدني في العاصمة المقدسة، المقدم علي المنتشري، بأن نحو 50 فرقة متنوعة الاختصاص من الدفاع المدني انتشرت في جميع أنحاء العاصمة المقدسة تحسبا لأي طارئ، مشيرا إلى أن هناك تجمعات للمياه في شارع الحج وفي حي أم الجود وغيرهما من الأحياء.

وأضاف المنتشري بأن الوضع ولله الحمد مطمئن ولا يوجد أي إصابات أو احتجازات تسببت فيها الأمطار التي هطلت على العاصمة المقدسة وأدت الأمطار إلى انقطاع التيار الكهربائي في عدة أحياء، بينما توقفت الحركة المرورية في عدد من الطرق، ويتخوف سكان المنطقة من إعادة سيناريو سيول جدة العام الماضي التي قتلت أكثر من 100 شخص وخلفت خسائر مالية بالملايين.

وكانت الأمطار الغزيرة قد هطلت على جميع أحياء مكة المكرمة في العوالي وبطحاء قريش والعزيزية والشوقية والنورية، ووصلت ذروتها بعد مغرب الثلاثاء، وتركزت الأضرار بالطريق الدائري وشمال مكة المكرمة، كما أطفئت ساعة مكة المكرمة نتيجة شدة الأمطار.

وأكد أمين العاصمة المقدسة الدكتور، أسامة فضل البار في بيان له، أن «تجمع مياه السيول يعود إلى انسداد في شبكة تصريف مياه الأمطار، إضافة إلى أن بعض المناطق لم تكتمل بها شبكة تصريف مياه الأمطار، كما هو الحال في منطقة العوالي والنورية»، وزاد: «لا تزال الفرق الميدانية تباشر مهامها لإزالة مخلفات الأمطار، وفتح مصارف السيول وشفط المياه المتجمعة من الميادين».

وزاد البار: «استعداد الأمانة كان اجتهادا بعد أن رصدت كثافة سحب على أجواء مكة المكرمة، وتولت غرفة العمليات في الأمانة إبلاغ كافة البلديات الفرعية والفرق الميدانية وفرق النظافة المساندة بالانتشار في المواقع المهمة التي حددتها الأمانة في خطتها أثناء مواجهة الأمطار».

وقال البار إنه تمت متابعة تشغيل المرافق البلدية المختلفة في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة مثل دورات المياه والأنفاق والجسور وشبكات تصريف السيول ومتابعة المقاولين المكلفين بتشغيلها لضمان تقديم الخدمات على مستوى عال، مع متابعة شبكات الإنارة وإجراء عمليات صيانة الشوارع والطرق وشبكات تصريف السيول أولا بأول، مبينا أنه تم حشد كافة الطاقات البشرية والمادية ودعم فرق الأمانة بفرق مساندة من وزارة الشؤون البلدية والقروية والبلديات والأمن العام والمجاهدين والكشافة، إضافة إلى عدد من المراقبين الصحيين المؤقتين من طلاب الجامعات والمعاهد الصحية، كما تم تجهيز المعدات والآليات، وتسخير كافة الإمكانيات اللازمة لتقديم أعلى مستويات في الخدمات البلدية لحجاج بيت الله الحرام، مع الأخذ في الاعتبار جميع المشاريع الجديدة التي تنفذ في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة للاستفادة منها خلال موسم الحج.

وتشهد العاصمة المقدسة (مكة المكرمة) موجة من الأمطار الغزيرة التي شملت عدة أحياء، وأدت الأمطار إلى انقطاع التيار الكهربائي في عدة أحياء، بينما توقفت الحركة المرورية في عدد من الطرق، ويتخوف سكان المنطقة من إعادة سيناريو سيول جدة العام الماضي التي قتلت أكثر من 100 شخص وخلفت خسائر مالية بالملايين.

إلى ذلك، أهاب مدير إدارة الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة، العميد جميل أربعين، بالمواطنين ومسؤولي بعثات الحج بعدم السماح لأفراد البعثات بالصعود لأعلى جبال مكة المكرمة أثناء هطول الأمطار، وقال: «سجلت حالة من الارتفاع في عدد من مناطق الخطر التي غالبا ما يرتفع فيها منسوب المياه، منها شارع الحج، والطريق الدائري الثالث، وطريق الشهداء، في الوقت الذي وصل فيه منسوب المياه ما بين 25 إلى 35 مليمترا، والتي تعتبر ما بين المتوسطة إلى الخفيفة، في حين أن 60 فرقة للدفاع المدني متنوعة الاختصاص كانت متواجدة ميدانيا تعاملت مع جميع النداءات وفق الاختصاص وبجدية.

وأكد العميد أربعين أن غرفة عمليات الدفاع المدني في العاصمة المقدسة تلقت خلال ساعات هطول الأمطار 947 نداء استغاثة، تنوعت بين حوادث الاحتجاز في الميادين، وتماسات كهربائية، مشيرا إلى أن فرق الإنقاذ في الدفاع المدني تمكنت من مباشرة 8 حوادث احتجاز للمركبات، ومباشرة 25 حادث تماس كهربائي.

وأعلنت هيئة الأرصاد وحماية البيئة عن إمكانية تراكم السحب الركامية الرعدية الممطرة على المرتفعات الجنوبية الغربية والغربية، وتبقى فرصة هطول الأمطار على منطقة مكة المكرمة، خاصة المرتفعات منها، وكذلك على مرتفعات الباحة وعسير، قد تمتد إلى منطقة جازان، وتسبق بنشاط في الرياح السطحية وتدن في مدى الرؤية الأفقية، كما تنشط الرياح السطحية على أجزاء من جنوب وشمال غربي المملكة تحد من مدى الرؤية الأفقية، وتزداد نسبة الرطوبة خلال ساعات الليل والصباح الباكر على المرتفعات الجنوبية الغربية، مما يساعد على تكون الضباب عليها.

وتوقعت الرئاسة العامة للأرصاد في تحليلها للملامح المناخية لفترة الشهرين المقبلين تأثر مناطق غرب السعودية بحزام منطقة عدم الاستقرار نتيجة تلاقي الرياح الجنوبية المصاحبة للكتل الهوائية الدافئة والرطبة مع الرياح الشمالية الغربية الجافة والباردة نسبيا، حيث تثور الرياح النفاثة، وتأخذ هذه الظاهرة طابع الاستمرارية والعنف.

وأشارت في تقريرها إلى العواصف الرعدية والأمطار الغزيرة التي هطلت على مناطق غرب السعودية من الوجه إلى القنفذة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، والتي استمرت 10 أيام متواصلة، وما رافقها من رياح سطحية شديدة، وصلت سرعتها إلى 90 كلم في الساعة.

كما ربطت الرئاسة بين هذه التحاليل وما تأثرت به هذه المناطق العام الماضي من أمطار غزيرة بلغت كميتها في محافظة جدة خلال ساعتين 70 ملم، وهو ما اعتبرته الرئاسة كميات غزيرة بالنسبة إلى هذه الفترة الزمنية، مشيرة إلى أن مثل هذه الظواهر الجوية تحت الدراسة والبحث من قبل خبراء الرئاسة.

وأشار التقرير كذلك إلى الأمطار الغزيرة والجارفة التي هطلت على تبوك والوجه وحائل عام 1984، وهي التي تعرف بأمطار الوسم التي تكون عادة غزيرة إذا أمطرت، مشيرة إلى أنه تكرر في الأعوام الماضية هطول الأمطار الرعدية الغزيرة على حفر الباطن والقيصومة ورفحاء، كما يلاحظ أن في نهاية فصل الخريف في المناطق الشمالية الموافق لشهر ديسمبر (كانون الأول) تشتد برودة الطقس والرياح والصقيع.

وشمل تقرير الرئاسة الحديث أهم البيانات القياسية المسجلة لمحطات الرصد الجوي، إضافة إلى عدد من الملامح الجوية المتوقع حدوثها خلال الفترة المقبلة، وهي التي تعتمد عليها الجهات الحكومية المختصة كثيرا لدى إعدادها لخططها الموسمية، خصوصا في فترة الحج وموسم الشتاء الذي يكون عادة موسما مطيرا على معظم مناطق السعودية، كما أن الرئاسة تقوم بتحليل وبيان التوقعات الجوية والمراقبة البيئية والتحذيرات المبكرة عن الظواهر الجوية الشديدة على مدار الساعة، وإصدار توقعات يومية لبعض مدن المملكة لمدة 5 أيام، ويتم تحديث ذلك يوميا عبر موقع الرئاسة الإلكتروني.

وكانت إدارة الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة أكدت تخوفها لـ«الشرق الأوسط» من وقوع محطات صيانة القطارات في عرفات بالقرب من سيل وادي نعمان، مبينة تمسكها برأيها حتى يأتي من يدحض تلك المخاوف من خلال دراسات هيدرولوجية من جهات رسمية ومعتمدة وذات دراية، وموضحة أن لديها جهازا لتحليل المخاطر تنطلق وتتحرك من خلاله.

وأوضح جميل أبو أربعين، مدير عام إدارة الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة، أن «المخاطر التي رصدها الدفاع المدني بشكل عام بالأودية التي تمر بالعاصمة المقدسة تم تحديدها، وتم تحديد الأحياء والمناطق التي من الممكن أن تتعرض لخطر السيول، ورفعت إلى إمارة منطقة مكة المكرمة، وتم تحويلها إلى أمانة العاصمة المقدسة بحسب توجيهات إمارة المنطقة لإعادة المعالجات اللازمة، ونرجو من الإخوة في إدارة السيول اتخاذ الإجراءات الصحيحة».

وأضاف: «نحن في إدارة الدفاع المدني من خلال تحليلنا للمخاطر يتم توجيه جهات الاختصاص، وما يتعلق بمهامنا الرئيسية من أعمال إنقاذ وتدخل، هذه طبعا من خلال خطط عملياتية معتمدة من الجهات المختصة، وعلى رأسها إمارة منطقة مكة المكرمة، وهناك تخوف من قبل الدفاع المدني على موقع صيانة القطار، قد يدحضه أو يرد على هذا التخوف، إذا كانت هناك دراسات هيدرولوجية من جهات معتمدة، وطبعا هيئة القطار قدمت هذه الدراسات، ونرجو أن تكون جيدة».