الحاجة تدفع بسعوديات للخروج من «قهر الفقر» إلى «عالم الأعمال»

23 مليون ريال استثمارات في شركات جديدة في معرض شباب الأعمال

الفقر والحاجة يدفعان بالعديد من ربات البيوت والأسر إلى التوجه نحو القطاع التجاري والاستثمارات الصغيرة التي حولت الكثير منهن من فقيرات إلى سيدات أعمال
TT

ينطبق المثل الشهير «الحاجة أم الاختراع»، على الأحداث التي تواجهها العديد من الاسر في السعودية، والتي تعيش حالة من الفقر، تدفع بربات هذه البيوت والأسر إلى التوجه نحو القطاع التجاري والاستثمارات الصغيرة، والتي حولت الكثير منهن من فقيرات يقاسين قهر الفقر وويلاته، إلى سيدات أعمال يتحدثن بالملايين.

القصص كثيرة ومتعددة، فهاهي جمعية البر في جدة تبعث بحالة سيدة سعودية كانت تعيش وأبناؤها الـ6 حالة فقر مدقع، لتصبح خلال فترة وجيزة سيدة أعمال تطمح لإنشاء مصنع خياطة خاص بها.

تقول السيدة هادية الشمراني من جدة والتي تستثمر بدعم من جمعية البر في مجال الخياطة والمشاغل «إن طعم النجاح أحلى من العسل، وانفراج الكرب أشهى من ابتسامة الرضيع، والأكل من كد اليد ألذ من الفواكه».

وقصة نجاح هادية بدأت بعد أن ضاقت بها السبل في سد حاجة أبنائها من السكن والملابس والطعام وبحثت عن مصادر تمويل لتقف بنفسها على حاجة أبنائها دون حاجة لسؤال أحد؛ ووجدت لدى جمعية البر بجدة برنامجا لتمويل الأسر وتحويلها إلى أسر منتجة من خلال مشاريع متناهية الصغر وهدف البرنامج إلى تحويل المعوزين إلى منتجين.

ومن خلال مشروع الأسر المنتجة استطاعت السيدة هادية الشمراني من سكان جدة والأم لستة أبناء من مواجهة ظروف الحياة بمفردها، وأخذت على عاتقها بناء حياة وعيشة كريمة لها ولأبنائها.

إلى ذلك يقول ظاهر الظاهري رئيس برنامج الأسر المنتجة والمشرف العام على مشروع الأسر المنتجة: «إن الجمعية من خلال برنامج الأسر المنتجة وقفت إلى جانب الإبداع وحب العمل، والقضاء على الاتكالية والتخاذل والاستسلام والكسل، فتولدت قصص رائعة من النجاحات لأشخاص وأسر كانوا في الماضي محتاجين فأصبحوا منتجين».

أما هادية فترى أن حرفة في اليد تقضي على الفقر؛ فهي تتقن مهنة الخياطة وكانت تعمل في الخياطة بشكل جزئي؛ لكن لم يكن المردود المالي يكفي لسد احتياجات أسرتها؛ فقررت أن توسع من عملها في الخياطة ولكن كانت تحتاج إلى مبلغ من المال لمساعدتها في توسيع عملها. حينها تقدمت هادية إلى برنامج الأسر المنتجة التابع لجمعية البر بجدة يحذوها الأمل أن تجد دعما بسيطا يساعدها في تمويل مشروعها الصغير، وعلى الفور تم استقبالها في الجمعية والبدء مباشرة في الخطوات العملية ودراسة طلب هادية، وعلى الفور تم تقديم مبلغ 1500 ريال كقرض ميسر لها لمساعدتها في إقامة مشروعها الاستثماري من داخل منزلها، وخصصت هادية غرفة في منزلها الخاص لاستقبال طلبات الخياطة حتى انتهت فترة السداد.

وبعد مرور 3 أشهر على مشروعها ازداد لدى هادية الطلب حيث إن المنطقة التي تسكن فيها تفتقر إلى وجود مشاغل خياطة نسائية، فرغبت في تطوير المشروع وفتح مشغل نسائي بترخيص من البلدية، فعادت وتقدمت بطلب قرض من الجمعية بقيمة 10.000 ريال حتى تطور من عملها وتتوسع فيه. فخصصت غرفة من المنزل جعلتها واجهة المشغل بلوحة عرض خاصة وأصبح لديها 4 مكائن خياطة بعد أن كانت تعمل بماكينة واحدة.

وبحسب هادية فإنه عندما زاد عليها الطلب وكثر الزبائن بدأت البحث عمن يساعدها فلم تستقدم العمالة، بل أصرت أن توظف بنات وطنها ووظفت عددا من السعوديات.

وتتحدث هادية عن تجربتها: «حين كبر مشروعي بفضل الله ثم بفضل الجمعية أصبح دخلي الشهري أكثر من 5000 ريال، وأصبحت أطمح إلى أن أتوسع في مشروعي بإذن الله وأنشئ مصنعا للخياطة».

الجدير بالذكر أن برنامج الأسر المنتجة التابع لجمعية البر بجدة؛ تمكن من زيادة دخل النساء اللواتي يملكن مشاريع متناهية الصغر من خلال تقديم خدمات مالية تناسب احتياجاتهن لتحقيق صفة الاستمرارية لمشاريعهن من داخل منازلهن. وبلغ نسب المقترضات بنسبة 88 في المائة في أحياء جنوب مدينة جدة والتي توصف بأحياء محدودي الدخل.

وبلغ نسبة المقترضات من إجمال دعم البرنامج 88 في المائة في أحياء محدودي الدخل؛ وتصدر حي الجامعة النسبة الأعلى من المقترضات من البرنامج حيث بلغ ما نسبته 28 في المائة تلاه حي قويزة بنسبة 25 في المائة، ثم حي غليل 18 في المائة فحي الروابي 17 في المائة؛ فيما بلغت نسبة الأحياء الأخرى المتفرقة في مدينة جدة 12 في المائة.

وبلغ عدد الأسر المستفيدة من البرنامج 345 أسرة في حين بلغ عدد المستفيدات من الجمعية 47 مستفيدة؛ وبلغت قيمة القروض المقدمة 796 ألف ريال سعودي حتى نهاية شهر ربيع الأول 1431هـ؛ وبلغت نسبة سداد المقترضات 100 في المائة وهذا مقياس ومؤشر نجاح كبير للبرنامج.

إلى ذلك قدرت كل من لجنتي شباب وشابات الأعمال بجدة زوار المعرض الذي اختتم أعماله الأسبوع الماضي بنحو 20 ألف زائر منهم 10 وزراء اطلعوا على إبداعات سعودية في معرض شباب وشابات الأعمال 2010م والذي نظمته الغرفة التجارية الصناعية بجدة وأسهم بحسب أيمن طارق جمال رئيس لجنة شباب الأعمال بجدة في ضخ 23 مليون ريال كاستثمارات وطنية في شركات شباب الأعمال كما أبرز المعرض عن إطلاق ابتكارات ومواهب لأعمال ومشروعات متنوعة تجسد العقول الفذة للمشاركين وتبرز مبادراتهم على أرض الواقع.

وبالحديث عن الفقر والحاجة وفرص العمل، وفي الجانب الآخر من السعودية حيث الساحل الشرقي، تحضر سيدة سعودية أخرى كنموذج لمحاربة الحاجة والعطالة والفقر بمشاريع ناجحة حظيت بدعم جهات خيرية واجتماعية دفعت بها إلى النجاح.

وبالفعل «رب ضارة نافعة» فهذا هو أصدق مثل على حالة السيدة فاطمة الشهري التي أطلقت أول من أمس مشروعا استثماريا صغيرا بتمويل من صندوق الأمير سلطان لدعم وتمويل مشاريع السيدات، حيث أوحى لها وضع اثنين من أبنائها لم يجدا عملا مناسبا بأن تبدأ مشروعا استثماريا تستفيد فيه من فراغهما بالعمل تحت رعايتها ورعاية والدهما كما تقول.

ولم تخف فاطمة الشهري خوفها على أبنائها حيث أكدت أنها فكرت في المشروع وعملت على إنجازة لتستثمر طاقة ثلاثة من أبنائها فيه، اثنان منهم عاطلين عن العمل بعد أن حصلا على شهادة الثانوية العامة ولم يجدا فرصا وظيفية مناسبة كما تقول، بينما يدرس ابنها الثالث في كلية الجيبل الصناعية، حيث تستفيد من وجوده في الفترة المسائية لمساعدة أخويه في تلبية طلبات رواد الصالة.

فاطمة الشهري التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أمس تقول إنها كانت خائفة على أبنائها من رفقاء السوء، فعندما يخرجون من المنزل يقولون إنهم يذهبون إلى صالات البلياردو، وعند مناقشة الفكرة معهم لافتتاح مشروع من هذا النوع أكدوا لها بأنه مربح وأن الأقبال عليه كبير.

وتشرح عن تفاصيل المشروع الذي كلفها نحو 300 ألف ريال حتى الآن 200 ألف ريال جاءت عبر قرض قدمه صندوق الأمير سلطان للمشروع الذي يتكون من صالة تضم عددا من طاولات البلياردو، بالإضافة إلى أجهزة بلايستيشن، ومقهى (كوفي شوب) ومجموعة من الشاشات لتابعة المباريات.

يعمل أبناؤها في المشروع في الفترة المسائية من كل يوم فيما تتولى الإشراف على العمل والمتابعة من بعد، إضافة إلى أنها تتولى مراجعة الحسابات وتوفير احتياجات المحل في الفترة الصباحية، وتضيف: «في نهاية الأسبوع أو في أوقات المباريات يعمل الجميع».

وتؤكد أنها ما يزال فراغ أبنائها يقلقها وتحثهم على البحث عن عمل في الفترة الصباحية، تقول: «يمكن للمشروع أن يكون مساندا لهم في حياتهم بعد أن يحصلوا على عمل مناسب».

ودشن يوم أول من أمس صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لدعم مشاريع السيدات مشروع «صالة الكرة الذهبية» أحد المشاريع التجارية التي قامت بتمويل من الصندوق ضمن برنامج «دعم ورعاية» أحد برامج الصندوق.

حضر افتتاح المشروع حسن الجاسر أمين عام الصندوق، وهناء الزهير نائبة أمين الصندوق، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس الاستشاري.

ويعمل صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز على تعزيز دور المرأة من خلال تأسيس مشاريع خاصة بها، وفي هذا الصدد تقول هناء الزهير إن الصندوق تجاوز حاجز الـ 5 قرضا قدمها لفتيات وسيدات في المنطقة الشرقية أقمن مشاريع رائدة في مجالات متعددة.

وتضيف الزهير: «في الفترة الماضية تم رفع حاجز القروض من 200 ألف ريال إلى 300 ألف ريال»، مؤكدة أن مدة الحصول على القرض تتراوح بين أسبوعين وشهر تقريبا، موضحة أن الفتاة أو السيدة التي حصلت على دورة وأنجزت دراسة جدوى للمشروع الذي تريد تنفيذه يمكنها أن تحصل على القرض المناسب لمشروعها في فترة لا تتجاوز أسبوعين، بينما قد تمتد إلى نحو شهر للفتاة أو السيدة التي لم تنخرط في إحدى الدورات التي يقيمها الصندوق.