منذ 5 عقود.. ستيني سعودي يواجه العولمة بصيانة «التبريد والتكييف» تقليديا

أصبح نقطة جذب لراغبي الدخول في ذات المهنة

محمد العتيبي وهو يمارس مهنته اليومية التي يعتبرها متعة لا يمكن أن يستغني عنها (تصوير: خالد المصري)
TT

تمسك كبار السن ببعض الأشغال أو الهوايات، يعتبر أمرا لافتا للانتباه، خصوصا مع الدخول في عالم باتت فيه العولمة، أساسا لجميع تعاملات الحياة، وهنا لا بد من الحديث عن بعض كبار السن، ممن نشأت في نفوسهم رغبة جامحة في الدخول لعالم العولمة، الذي يعتبر غير متوافق مع فئة عمرية معينة.

تلك السطور في المقدمة، ربما تحاكي نوعا ما ما في نفس السعودي محمد العتيبي ذي الستة عقود من العمر، والذي بات وجوده في أحد المحلات الخاصة بإصلاح معدات التبريد والتكييف في أحد شوارع العاصمة السعودية الرياض لافتا للانتباه لمن هم في نفس مرحلته العمرية، أو غيرها من المراحل.

الحديث هنا، عن حب العم محمد العتيبي لممارسة تلك المهنة، بما فيها من إرهاق، يتزامن مع درجات الحرارة اللاهبة في فترة الصيف، التي ينشط خلالها عمله في متجره الصغير.

«محمد العتيبي» ستيني سعودي، يمارس مهنته في دكان صغير لا تتجاوز مساحته الـ30 مترا، يجلس منهمكا في صيانة آلات التبريد التي تحتاج لإصلاح، لمواجهة لهيب الصيف الحارق، وتبرز أدواته التي رافقته طوال مشوار، يراه العتيبي يستحق الاطلاع، في وقت باتت فيه مثل تلك المهن، حكرا على الأيدي العاملة المستقدمة للبلاد.

إنه يعمل على مهنة التبريد والتكييف، وبدأ في مزاولة هذه المهنة منذ عام 1373هـ أي قبل 50 عاما، فمنذ ذلك التاريخ وهو يعمل في شركته الخاصة، وتدرج في فئات عديدة فمن عامل بسيط، استطاع أن يفرض نفسه، بمهاراته التي يتمتع بها، إلى أن أصبح مشرفا على قسم الصيانة في شركة عمل بها سنوات عدة، وتدرج حتى باتت لديه القدرة على أن يعمل بنفسه في متجر خاص به، يراه مفخرة واستقلالا عن الآخرين، لتحقيق نوع من الاعتماد على الذات.

وقد لا يصدق المتجول في شوارع الرياض وجود ستيني اشتعل الشيب في رأسه يعمل في صيانة أجهزة التكييف والتبريد.

ولم يقف طموح الرجل الستيني عند هذا الحد، بل تبلور طموحه «إلى أن بلغ ذاك الطموح مرحلة رفيعة في نفس الرجل الطاعن السن، وأهله إلى أن يتلقى عرض عمل من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، التي أبدت رغبتها في تدريس العتيبي لذات التخصص الذي يعمل عليه، كون ذاك التخصص يدخل ضمن التخصصات التي تقدمها المؤسسة لطالبي التدريب بها».

بالإضافة إلى حرفة العتيبي، أصر على تعلم اللغة الإنجليزية على كبر سنه، وهو ما قاد بعضا من الشباب إلى أن اعتادوا ارتياده في دكانه الصغير، وبات مثلا احتذوا به، لمواجهة العولمة ورياحها، وهو ما يراه العتيبي تجسيدا لحرف يدوية، أبت العولمة أن تساهم في أن تندثر.