مفتي السعودية ينتقد مكاتب الاستقدام «بعنف».. ويتهمها بـ«المتاجرة بالبشر»

طالب الجهات المعنية باستحداث تنظيم جديد لها.. وانتقد سوء التصرف مع العمالة المفضي لـ«الجنايات»

TT

وجه الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام السعودية، في خطبة الجمعة أمس، انتقادا عنيفا لبعض مكاتب الاستقدام العاملة في بلاده، متهما بعضها بـ«المتاجرة» بالعمالة.

وطالب المفتي، وهو رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء، الجهات المختصة، بتنظيم الأوضاع الحالية لمكاتب الاستقدام، والذي قال إن بعضها «يتصف بالكذب».

ويأتي حديث مفتي عام السعودية عن ملف العمالة المهاجرة، في وقت تواجه فيه الرياض انتقادات من بعض المنظمات الدولية على خلفية حادثتي التعذيب اللتين تعرضتا لهما خادمتان إندونيسيتان، إحداهما لقيت حتفها جراء عمليات عنف.

وهنا، انتقد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الرجل الأول في المؤسسة الدينية الرسمية، سوء التصرف الذي يحدث من البعض تجاه العمالة، ويفضي إلى وقوع أعمال جنائية.

وقال المفتي: «إن كثيرا من القضايا إنما مصدرها غالبا سوء تصرف بعض أرباب العمل، سوء تصرفهم حتى يحدثوا من هذا التصرف السيئ ظلما يترتب عليه جنايات كبيرة».

لكن رئيس هيئة كبار العلماء في السعودية، رأى في خطبة الجمعة في جامع الإمام تركي بن عبد الله وسط العاصمة الرياض، أن مكاتب الاستقدام، تتحمل جزءا كبيرا من الأخطاء التي تقع في ملف العمالة المستقدمة.

وأكد المفتي أن بعض مكاتب الاستقدام تمارس المتاجرة بالأشخاص، واستفزازهم بأمور غير مشروعة.

وقال: «مكاتب الاستقدام أحيانا تتصف بالكذب بالمواعيد، والإخلال بها، والغش فيما يأتون به. هناك كذب فيما يقولون، يعدون ويكذبون، ويخبرون بأن العامل سيأتي بعد يوم أو يومين أو شهر، وإذا بهم يمارسون الكذب والزور والإخلال بالمواعيد، وغشهم أحيانا بأن يأتوا بعامل، والمواصفات المطلوبة بالعمل المطلوب غير متحققة في العامل، فيظلمون العامل المسكين ويظلمون رب العمل».

وأضاف مفتي عام السعودية في إطار حديثه عن الأخطاء التي تقع فيها مكاتب الاستقدام قوله: «ومن أخطائهم، متاجرتهم بأولئك (العمالة)، وتأجيرهم بمبالغ زائدة، ثم لا يعطون العامل إلا جزءا منها، ويتلاعبون بأموالهم ويستفزونهم بأمور غير مشروعة، كل هذا من أخطائهم».

وأشار الشيخ آل الشيخ، إلى موضوع المبالغ المرتفعة التي تضعها مكاتب الاستقدام مقابل تأجير العمالة، ثم لا تعطي العامل سوى نصف المبلغ، بينما يستحل النصف الآخر. وقال: «فليتق المسلم ربه ولتكن معاملته بالصدق والأمانة والوفاء، إن كثيرا منهم (أصحاب مكاتب الاستقدام) يأجرون العامل بـ1500 ولا يعطيه إلا نصفها، والباقي يأخذه، فبأي حق يستحق تلك الأموال».

ودعا رئيس هيئة كبار العلماء في السعودية، الذي صدر أمر ملكي مؤخرا بتمديد خدمته لمدة 4 سنوات مقبلة، إلى تنظيم قطاع مكاتب الاستقدام في البلاد.

وأضاف في هذا الصدد: «الواجب تنظيم هذه المكاتب والأخذ على أيدي المخالفين والكاذبين منهم، والمتاجرين بالعمالة الذين يعيشون على أكتاف أولئك، ولا يعلم هؤلاء أن هذه الأموال التي تأتي من هذه الطرق المشبوهة الخبيثة أموال سحت وأموال محرمة ولا خير فيها».

وحذر مفتي عام السعودية، من ظلم العمالة المهاجرة. وقال: «أيها المسلم إياك والظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة (...) فأعط العمالة حقهم كاملا وإياك من المماطلة.. ولتتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب. تذكر أن هذا المستقدم إنما جاء لينفق على أولاده وعلى زوجته وعلى والديه، لم يتغرب إلا لحاجة فأعطهم حقوقهم ولا تبخسهم حقوقهم».

وتساءل موجها كلامه لمواطني بلاده: «إنك لو أخر مرتبك أو استحقاق لك عند الآخرين يوما واحدا، لضاقت بك الأرض بما رحبت ولطالبت بحقك ولمت من أخرك، فيا أيها المسلم كيف لا ترضى لنفسك أن تظلم في تأخير مرتبك وأنت تظلم الآخرين بمنعهم حقوقهم وعدم إعطائهم إياها».

ويأتي حديث مفتي عام السعودية، عن المتاجرة بالعمال، في وقت سنت فيه الرياض مؤخرا قانونا خاصا يجرم المتاجرة بالأشخاص، في وقت يتوقع أن يشهد هذا الأسبوع تفاعلات حول الاتهامات التي أطلقها مفتي عام البلاد بحق مكاتب الاستقدام.