بعد مرور عام.. أول ناد للكفيفات ينجح في «التأهيل» ويرسب في «التوظيف»

المشرفة على النادي لـ «الشرق الأوسط»: نبذل جهودنا.. لكن لا يوجد تعاون من القطاع الخاص

TT

مع مرور عام كامل على تأسيس أول ناد سعودي نسائي للكفيفات، متمثلا في نادي «رؤية» التابع لبرنامج الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب بالمنطقة الشرقية، كشفت المشرفة على النادي أنه فشل في إيجاد وظائف للكفيفات، وهو أحد الأهداف الأساسية التي قام عليها النادي، يأتي ذلك على الرغم من توفير أجهزة تمكن الكفيفات من استخدام الكومبيوتر وبرامج تؤهلهن لسوق العمل وفق وظائف تناسب إعاقتهن البصرية، كإدخال البيانات والتسويق الهاتفي والعمل عن بعد.

وقد أفصحت منى الطعيمي، مديرة القسم النسائي ببرنامج الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب، هاتفيا لـ«الشرق الأوسط» عن ذلك بقولها: «لدينا قسم قائم للتوظيف وموظفة متخصصة لهذه الفئة، لكن نسبة التوظيف صفر!، فلا يوجد أي تعاون من القطاع الخاص»، مطالبة بالضغط على القطاع الخاص في هذا الشأن وفرض عقوبات على الجهات التي تمتنع عن توظيف أي فرد من ذوي الاحتياجات الخاصة، قائلة: «المحفزات وحدها لا تكفي، لا بد من طرح العقوبات»، فيما انتقدت عدم تجاوب القطاع الخاص مع جهود البحث عن وظائف مناسبة لهذه الفئة.

وأوضحت الطعيمي أن النادي يضم حتى اليوم 77 كفيفة، يتدرب منهن حاليا 42 كفيفة على استخدام الكومبيوتر، في حين يصل عدد الموظفات الكفيفات إلى 5 فقط ممن يعملن في وظائف مختلفة قبل التحاقهن بالنادي، مع وجود 12 كفيفة جامعية داخل النادي، مشيرة إلى تميز الفتاة الكفيفة بالذكاء والمواهب اللافتة مقارنة بنظيراتها من المبصرات، وطالبت الطعيمي بالاستفادة من تجارب الدول العربية كمصر والأردن؛ في توظيف السيدات الكفيفات. من جهتها، التقت «الشرق الأوسط» بعدد من الكفيفات من منسوبات نادي «رؤية»، وجاءت البداية مع منيرة ظاهر الدوسري (40 عاما)، والتي أصيبت بالإعاقة البصرية قبل نحو 11 عاما نتيجة حادث تعرضت له، وعلى أثر ذلك تم فصلها من عملها بشكل فوري (بعد 3 أشهر)، حيث كانت تعمل سابقا معلمة جغرافيا في إحدى المدارس، وهو ما اعتبرته نوعا من الظلم والتعسف، لكنها تقول اليوم: «في ذلك الوقت لم يكن هناك وعي مثل الآن، فلو أن الأحداث تكررت؛ ربما تحويلي لإدارة أو نشاط آخر، كما هو معمول حاليا لأي معلمة تصاب بالإعاقة بشكل مفاجئ».

ومنيرة التي تعترف بسوء حالتها النفسية رغم مرور سنوات عدة على الحادث، أبدت يأسها من إيجاد فرصة عمل تناسب وضعها، قائلة: «كثير من المبصرات لم يجدن وظائف، فكيف بنا نحن الكفيفات!»، مؤكدة أنها بحاجة كبيرة لوظيفة تساعدها على مواجهة ضغوط الحياة، بالقول: «تأتيني إعانة قدرها ألفا ريال شهريا، لكنها لا تكفي لمصاريف بيتي وأولادي والخادمة، فالكومبيوتر الناطق بنحو 7 آلاف ريال وناطق الجوال بـ1300 ريال»، إلا أن منيرة لديها حلم خاص تتمنى تحقيقه، وهو إنشاء مصنع خياطة نسائي للزي الموحد، لكن هذا الحلم يصطدم بغياب مصدر التمويل.

أما ريم الدوسري (34 سنة)، وهي أخت منيرة، فقد كانت مبصرة، حيث أنهت الثانوية العامة والتحقت بأحد معاهد الكمبيوتر بمدينة الدمام، ثم تعرضت لالتهاب في القرنية وفقدت على أثره بصرها، فلم تستطع إكمال دراستها ولم تجد أي فرصة عمل مناسبة، وفضلت أن تعزل نفسها عن الحياة الاجتماعية، إلى أن التحقت بالنادي، حيث تحاول الآن تعلم الكومبيوتر ولغة «برايل» على أمل أن تجد فرص عمل مناسبة في المستقبل القريب.

وتبدو قصة حنان السعيد (41 سنة) مختلفة، فإصابتها بالعمى جاءت نتيجة زواج الأقارب، حيث أصيبت هي وثلاث من أخواتها (منيرة وريما وعهود) بالعمى بشكل تدريجي، فيما نجت أخواتها الأربع الباقيات من الإصابة، وتعتقد حنان أن قطار التوظيف فاتها بالنظر إلى عمرها وتوقفها عند شهادة الأول الثانوي، إلا أنها تشير لكون أخواتها الكفيفات هن من الجامعيات وتعد الوظيفة «حلم العمر» بالنسبة لهن، حسب وصفها.

يأتي ذلك في حين تكشف إحصاءات غير رسمية أن عدد المصابين في السعودية بالإعاقة البصرية يقدر بنحو 550 ألف فرد، منهم 150 ألف مصاب بالعمى. وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت الشهر الماضي من تزايد أعداد المصابين بالعمى على الكرة الأرضية، مشيرة إلى أن 12 شخصا يصابون بالعمى في الدقيقة الواحدة، مع توقع ارتفاع حالة العمى في العالم لتكسر حاجز 75 مليون مصاب بحلول 2020. ودعت المنظمة إلى دعم صحة العين ورعايتها ووضعها ضمن الرؤية الشاملة وضمها إلى المنظومة العامة للصحة وتدريب الكوادر، مبينة أن هناك أكثر من 80 في المائة من المشكلات التي تؤدي إلى فقد العين بصرها، يمكن تفاديها ببعض الإجراءات الميسرة.