مدير الزراعة في الأحساء لـ«الشرق الأوسط»: تحويل أكثر من 8 ملايين متر مربع من الأراضي الزراعية لأغراض سياحية

إزالة 13 ألف نخلة مصابة بالسوسة.. ولجنة وزارية للحد من إعادة تصنيع تمور الإمارات

المهندس صالح بن ناصر الحميدي
TT

أكد المهندس صالح بن ناصر الحميدي، مدير عام الزراعة في الأحساء، لـ«الشرق الأوسط»، أن شح المياه لن يحد من التوسع في المشاريع الزراعية في ظل التقنيات الحديثة. وقال إنه يمكن التغلب على ظاهرة ضعف الماء برفع كفاءة الأراضي وإنتاجيتها، من خلال الاستخدام الأمثل للمياه، واستخدام التقنيات الحديثة للري، وهذا ما تصبو إليه الوزارة ممثلة في المديريات الزراعية في مختلف مناطق السعودية، والتي تقوم بدور إيجابي وتوعوي في نشر ثقافة الاستخدام الأمثل وإيجاد البدائل الممكنة.

أشار الحميدي إلى أن طرح مخططات زراعية جديدة لا يزال متوقفا، على خلفية دراسة ضعف المياه، إلا أن الأحساء قد حظيت في السنوات السابقة بالكثير من المخططات الزراعية، وفي مقدمتها مخطط الغويبة على الطريق الدولي الذي يربط السعودية بدولة قطر، ويشتمل على 1200 قطعة زراعية، وتوجد بها الكثير من المزارع المنتجة، والمخطط الآخر في العقير ويتكون من 1400 قطعة زراعية، مشيرا إلى أنه تم أيضا توزيع قطع أخرى على المواطنين لأغراض زراعية.

وقال الحميدي إن المديرية العامة للزراعة تنازلت عن أكثر من 8 ملايين متر مربع من الأراضي التي في حوزتها لصالح مستثمرين في قطاع السياحة، بهدف تشجيع الاستثمار في هذا القطاع. وأشار إلى أنه تمت إزالة أكثر من 13 ألف نخلة لإصابتها بسوسة النخيل، وتم تكثيف الجانب التوعوي لتفادي أضرار هذا المرض المستشري في النخيل، مشيرا إلى أن اللجنة التي تم تشكيلها بموجب قرار وزاري تتابع باهتمام قضايا الغش ومتابعة المنتجات الزراعية التي ترد إلى الأحساء بهدف الحد من الغش وما يتعلق بإعادة تصنيع التمور التي تستورد في الغالب من الإمارات كأعلاف.

وتطرق المهندس الحميدي لكثير من الأمور التي تتعلق بالشأن الزراعي في الأحساء خلال هذا الحوار:

* ما خططكم المستقبلية للنهوض بالزراعة في الأحساء بما ينعكس إيجابا على الزراعة في السعودية؟

- خططنا المستقبلية تندرج ضمن الخطة الاستراتيجية الموضوعة من قبل وزارة الزراعة، ونعمل حاليا على وضع بعض الخطط وتفعيل الجانب التوعوي والإرشادي، في ما يتعلق بالجانب الزراعي والحيواني، بما ينعكس إيجابا على رفع أداء المنتجين من الناحيتين الزراعية والحيوانية.

* رغم كون الأحساء أهم المناطق الزراعية، ويعتبرها البعض سلة غذاء السعودية، فإنها تفتقد إلى مشاريع زراعية كبيرة.. فما هي الأسباب؟

- يقع تحت إشراف مديرية الزراعة بالأحساء الكثير من المشاريع الزراعية والحيوانية، منها على سبيل المثال ندى ونادك والريف، ومشاريع حيوانية أخرى، ومشاريع نباتية وفي مقدمتها مشروع السالمية وميلجة ومزارع معن الصانع، كما قامت المديرية في سنوات سابقة بإقرار مخططين زراعيين كبيرين أحدهما يتكون من 1200 قطعة في منطقة الغويبة، والآخر يحتوي على 1400 قطعة في العقير، كما تم توزيع عدد كبير من الأراضي على مستوى الأفراد لتستغل زراعيا.

* ما هي المعوقات التي تواجهكم نحو الوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة في قطاع الزراعة؟

- في الحقيقة هناك معوقات كثيرة، إلا أننا نعمل على تذليلها في إطار المنظومة الإدارية بإشراف محافظ الأحساء، الذي يدعم الجانب التنسيقي بين مختلف القطاعات الحكومية، وساعدنا ذلك في تجاوز كثير من العقبات التي تعترض تحقيق الأهداف المرجوة التي تدعم القطاع الزراعي، كما أن تعاون المزارعين له الدور الأساسي في تفهمهم ما تقتضيه المصلحة العامة.

* هل هناك تراخيص لاستحداث مزارع حديثة.. وكم عدد المزارع الحالية؟

- لا توجد تراخيص جديدة، بحكم التعليمات الأخيرة التي تقضي بإيقاف توزيع الأراضي الزراعية، لعوامل تتعلق بدراسة أوضاع المياه، لكن الأحساء غنية بمزارعها التي تتجاوز 30 ألف حيازة منتجة.

* عدم وجود الحوافز وضعف الدعم دعا بعض المزارعين للتخلي عن نشاطهم في السنوات الأخيرة.. فما هي الحلول من وجهة نظركم؟

- الدعم موجود ومستمر في مختلف النشاطات والقطاعات سواء كان دعما مباشرا أو غير مباشر، حيث إن هناك إعانات تقدم للتمور بشكل سنوي، وكذلك دعم أسعار الشعير والأعلاف، ووزارة الزراعة مستمرة في تقديم كل احتياجات المزارعين المنتجين للحيوانات، سواء في ما يتعلق بالخدمات البيطرية أو الأطباء البيطريين أو الأدوية واللقاحات، كذلك تقوم الوزارة ممثلة في مديرية الزراعة بالأحساء برش المزارع بالمبيدات اللازمة مجانا، كما أن برنامج مكافحة سوسة النخيل الحمراء يقدم خدمات الكشف والعلاج والإزالة والرش مجانا.

وقدمت الوزارة كثيرا من الأعمال التي تفيد المزارع من خلال وضع التنظيمات الخاصة للمشاركة في إنشاء الجمعيات التعاونية وما تجده هذه الجمعيات من دعم من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، كما ترحب الوزارة وتدعم الدراسات المقدمة للحصول على القروض الزراعية المختلفة.

* هل تعتقد أن مخزون الماء لا يساعد على التوسع الزراعي.. وما هي الحلول البديلة؟

- لا شك أن قلة المياه لا تساعد على التوسع الزراعي، لكن يمكن التغلب على ظاهرة ضعف الماء برفع كفاءة الأراضي وإنتاجيتها من خلال الاستخدام الأمثل للمياه ومن خلال استخدام التقنيات الحديثة للري، وهذا ما تصبو إليه الوزارة ممثلة في المديريات الزراعية في مختلف مناطق السعودية، والتي تقوم بدور إيجابي وتوعوي لنشر ثقافة الاستخدام الأمثل وإيجاد البدائل الممكنة، وذلك من خلال الخطة التوعوية الإرشادية الشاملة، وفي إطار تلك الخطة تم عقد الكثير من المحاضرات، منها 30 محاضرة مختلفة خلال عام 2009، فيما أقيمت 32 محاضرة خلال العام الحالي، وتم تنظيم جزء من هذه المحاضرات في المديرية العامة للزراعة بالأحساء، فيما توزعت المحاضرات والندوات الأخرى على الفروع التابعة لمديرية الأحساء، وكان لتعاون مختلف القطاعات الحكومية ذات العلاقة مثل هيئة الري والصرف بالأحساء وجامعة الملك فيصل دور فاعل في نجاح الخطة التوعوية وإيضاح رسالة الزراعة بما يخدم مصلحة المزارعين وينعكس إيجابا على قطاع الزراعة ككل.

* ما هي المحاصيل الزراعية التي يتم التركيز عليها في الأحساء؟

- في الواقع يتم التركيز على كثير من المحاصيل الزراعية في الأحساء، لكن أهمها وأبرزها زراعة النخيل، والأرز الحساوي، وتلك المحاصيل تحظى بدعم كبير من وزارة الزراعة، ولها إعانة نقدية خاصة تقدم سنويا من وزارة الزراعة، وسوف توزع إعانة هذا العام على المزارعين خلال الأيام القليلة المقبلة، أضف إلى ذلك محاصيل الخضراوات بمختلف أنواعها، سواء كانت تزرع في بيوت محمية أو أراض مكشوفة، وتعد من أفضل المحاصيل وذات جودة عالية.

* النخيل يعد الأهم زراعيا في المحافظة.. فهل هناك نية أو خطط للتوسع وزيادة مزارع النخيل.. وهل هناك معوقات تواجهكم في هذا الجانب؟

- في الحقيقة قامت وزارة الزراعة مؤخرا بطرح مخطط زراعي في منطقة العقير يشتمل على 1400 قطعة، أغلبها مخصصة لمشاريع زراعة النخيل، إضافة إلى المزارع الواقعة على الطريق الدولي (السعودية - قطر)، وأغلبها مزارع نخيل. وليس هناك ما يمنع الخطط التوسعية في زراعة النخيل، لكن باستخدام أساليب الري الحديثة واتباع التقنيات الزراعية الحديثة من خف للثمار وتدريج التمور، وهذا ينعكس أيضا على الأسعار، بما يعود بشكل إيجابي على المزارع والمستهلك.

* ماذا تم بشأن الوقاية من سوسة النخيل الحمراء، وكم عدد النخيل المتضرر، وهل هذا المرض ينذر بكارثة زراعية؟

- في الواقع تولي الوزارة هذا الجانب جل اهتمامها وتركيزها، وركزنا في البداية على الجانب التوعوي للمزارعين للحد من أضرار سوسة النخيل، وذلك بتنظيف النخيل وإزالة الرواكيب وإزالة الفسائل المتزاحمة، وتكريب النخيل ورشه بالمبيدات اللازمة، وتغطية أماكن الرواكيب بمسحوق المبيد اللازم وتغطيته بالتربة، إضافة إلى استمرارية فحص النخيل بشكل دوري لتفادي الإصابة بالسوسة أو اكتشافها مبكرا ليمكن علاجها. وخلال العام الحالي أصيبت أكثر من 38 ألف نخلة بسوسة النخيل، وتمت معالجة 25 ألف نخلة، وتمت إزالة أكثر من 13 ألف نخلة. وهذا المرض لا يشكل خطرا أو ينذر بكارثة، خاصة أن نسبة الإصابة في حدود 1.7 في الألف.

* ماذا عن تهريب فسائل النخيل من وإلى الأحساء.. وما هي العقوبات؟

- تم إصدار تشريع متكامل عن الحجر الزراعي لفسائل النخيل الموجودة في المناطق المصابة بسوسة النخيل الحمراء، وقامت مديرية الزراعة بالأحساء بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة (الشرطة، وأمن الطرق) برصد كل المخالفين لهذا النظام، وتم توقيع عقوبات على عدد منهم للحد الأدنى للعقوبة للمرة الأولى وهي 5 آلاف ريال، وتم تنظيم محاضرات توعوية للعاملين في إدارة الشرطة وأمن الطرق، وكان لتجاوبهم وتفاعلهم دور في استيعاب أهمية الحد من تهريب تلك الفسائل، وهو ما انعكس أيضا على زيادة في أعداد المقبوض عليهم نتيجة للتهريب، وتضاعف أعداد المقبوض عليهم العام الماضي.

* هناك تقارير تفيد بتغريق الأحساء بتمور الإمارات المستوردة كأعلاف ولإعادة تصنيعها بالمحافظة.. ما هي الخطوات التي اتخذتموها للحد من هذه الظاهرة؟

- لا شك أن وزارة الزراعة تولي هذا الجانب اهتماما كبيرا، حيث تم تشكيل لجنة بقرار وزاري تضم أعضاء من الزراعة والأمانة والتجارة، لوضع التدابير اللازمة للحد من الغش وسلامة المنتجات، وتعمل اللجنة على كشف الغش لدى مصانع التمور وأسواقها ومحلات بيعها في السوق المركزية التابع للأمانة، ويتم تزويد اللجنة بتقارير شهرية من المحاجر عن الكميات المستوردة من التمور الخارجية لمراقبتها، وتتم متابعتها والتأكد من الكميات المخزونة لدى المستوردين.

* ما تقييمكم لمهرجان الأحساء للتمور وانعكاسه على المزارعين؟

- مهرجان التمور تم تنظيمه لمدة موسمين فقط، وهو في البدايات ويحتاج إلى التطوير، وحسب معلوماتي فإن القائمين على المهرجان حريصون ويسعون لتطويره بما يخدم مصلحة المزارعين ومحافظة الأحساء بشكل عام.

* كيف ترون الاستثمارات الزراعية في الأحساء.. وهل يتم تصدير محاصيل زراعية، وإلى أين؟

- حقيقة لا تصل الاستثمارات الزراعية في الأحساء إلى الطموحات المرجوة، حيث كنا نأمل أن تُنشأ جمعيات تعاونية من قبل المزارعين والوزارة تدعم هذا التوجه، كذلك لا توجد أي مشاريع استثمارية تسويقية للمنتجات الزراعية. أيضا كنا نأمل في التوسع في استخدام تقنيات الري الحديث، وهذا ما تؤكد عليه الوزارة باستمرار، أما من حيث الاستهلاك فإنه يتم استهلاك أغلب المحاصيل في الأحساء، ولا يتم تصدير أي من المحاصيل الزراعية عدا التمور.

* يلاحظ توجه المديرية العامة للزراعة في الأحساء إلى التنازل عن أجزاء من أراضيها لجهات أخرى لأغراض الاستثمار السياحي أو حتى السكني، ما ردكم؟

- بالفعل تم تسليم بعض الأراضي التي في حوزة وزارة الزراعة إلى مستثمرين، وهي مخصصة كمتنزهات، ولا يوجد ما يمنع من تطوير جزء من هذه الأراضي من قبل شركات متخصصة، لتشجيع الجانب الاستثماري، خاصة قطاع السياحة بما يعود بالنفع على المحافظة بالفائدة المرجوة، وجذب الاستثمارات التي تثري الحركة السياحية والتجارية لمحافظة عريقة وكبيرة مثل الأحساء، والتي تتمتع بمقومات سياحية وفرص استثمارية واعدة. وكان من ضمن المشاريع والاستثمارات في الأراضي التي كانت بحوزة مديرية الزراعة في الأحساء، مشروع جواثا وهو ضمن المواقع المستثمرة من قبل شركة «صالح بن محمد المحيميد»، وعلى مساحة تقدر بنحو 1.9 مليون متر مربع، وكذلك المتنزه العام وهو من ضمن المواقع التابعة لمتنزه الأحساء الوطني وتبلغ مساحته 6 ملايين متر مربع، وهو من المواقع المستثمرة من قبل شركة الأحساء للسياحة والترفيه، بجانب متنزه الشيباني السياحي ومساحته 274 ألف متر مربع.