وثيقة قانونية تسمح بإضافة أدوار وأبراج سكنية عالية تستوعب 25 مليون نسمة في جدة

في إطار البحث عن حلول لإنهاء مشكلة أزمة السكن وارتفاع أسعار إيجارات المساكن

أكثر من 200 عقاري من الجنسين حضروا الاجتماع الأول من نوعه في جدة (تصوير: سلمان مرزوقي)
TT

كشف المهندس عابد الجدعاني، مدير عام إدارة أنظمة ورخص البناء في أمانة جدة، عن وثيقة في المخطط المحلي المعني بتنظيم البناء في المحافظة، الذي من شأنه استيعاب 25 مليون نسمة، لو استغل في الأحياء والمخططات كما خطط لها، بحسب قوله.

وقال، خلال اللقاء السنوي لقطاع العقار، الذي احتضنته غرفة جدة مساء أول من أمس، بمشاركة كتابة العدل، وأمانة جدة، والغرفة: خططت الأمانة لذلك عبر دراسات أشرف عليها خبراء في هذا الشأن.. لكنه حمل على العقاريين بقوله إنهم من يحجمون عن التطوير العمراني، وبناء الأبراج السكنية لتوفير مساكن بأسعار مناسبة، إضافة إلى السماح بتعدد الوحدات.

وأضاف الجدعاني أن كل مستثمر يستطيع أن يبني في كل قطعة أرض 4 وحدات سكنية، شريطة أن يكون لكل منها مدخل منفصل، وزاد: «جدة تعتبر أكثر المدن السعودية إثارة للجدل في الشأن العقاري»، مطالبا العقاريين بوضع حل لمشكلة 2000 قطعة أرض في وادٍ بمخطط بحرة، بعد أن أزيل السد من قبل مشروع حيوي وأصبح الحي مهددا بالسيول المنقولة.

من جهته، اعترف الشيخ عبد الله القرني، رئيس كتابة عدل جدة، بوجود تقصير في إنهاء مشكلة التأخر في إصدار الصكوك، وقال إن إدارته تعمل حاليا على استبدال الحاسب الآلي بالصكوك اليدوية.

وأوضح أن من حق المتضررين من ازدواجية الصكوك في ملكية العقارات أن يرفعوا دعاوى على المتسببين في إدارته من موظفين سابقين، وهذا أمر كفله النظام السعودي.

وشهد اللقاء، الذي حضره أكثر من 200 عقاري وعقارية، مشادات ساخنة بين العقاريين ورئيس كتابة عدل جدة الشيخ عبد الله القرني، وممثل اللجنة العقارية بغرفة جدة عبد الله الأحمري، وممثل أمانة جدة المهندس عابد الجدعاني، مدير عام التراخيص؛ حيث طالب مستثمر أمانة جدة بأن تتقي الله في الغرامات التي تصدرها في العمائر السكنية والتجارية، واعتبر ذلك نوعا من الجباية لعدم معرفة المواطنين بالقوانين لتذبذبها وتغيرها من حي إلى آخر ويجب أن تعيد النظر فيها.

الجلسة التي أُطلق فيها كثير من التساؤلات للمسؤولين، سأل فيها عبد الله النايف الشيخ عبد الله القرني، بقوله: «يعاني عقاريو جدة تأخر إصدار الصكوك العقارية.. هل لديكم حلول لهذه المشكلة؟»، وسؤال آخر للمهندس عابد الجدعاني، حول إمكانية تحويل تراخيص البناء للبلديات الفرعية، كما كانت في السابق، بدلا من المكاتب الاستشارية التي تطلب مبالغ باهظة لاستخراج كروكي؟

رد القرني بأن كتابة العدل شغلها الشاغل حاليا استبدال الحاسب الآلي بالاستخدام اليدوي في توثيق تملك العقار، وهو ما يسهم في اختصار الوقت والجهد، وقد تم حاليا إدخال أكثر من 50% من الصكوك الحالية بالنظام الشامل والمعتمد من قبل وزارة العدل لربط جميع العقارات بشبكة واحدة في جميع مكاتب العدل بالسعودية، وسيصبح بإمكان كل عقاري أن يتسلم صكه مباشرة في دقائق معدودة لا تتجاوز 10 دقائق فقط.

بينما أوضح الجدعاني: «بدأنا منذ 3 أشهر في تسليم 4 خدمات للبلديات الفرعية كرخصة الترميم ورخصة الهدم ونقل الملكية والمراقبة، والعمل جارٍ حاليا لتحويل رخص البناء السكني إلى البلديات الفرعية بدلا من مجمع الأمانة الرئيسي وذلك خلال الأشهر القريبة المقبلة».

المهندس أحمد، وهو صاحب شركة عقارية، تساءل: «لماذا يتحمل صاحب الأرض مشكلة ازدواج الصكوك فقط من دون أن يتحمل الجهة الحكومية المسببة في ذلك؟ وهل هناك حلول مستقبلية لمشكلة ازدواج الصكوك العقارية؟».

رد القرني: «هذه المشكلة تتعلق بأطراف متعددة، ونحن في كتابة العدل نعمل على توثيق واعتماد الصكوك، الذي يكفل لحامل الصك بصفة شرعية ملكية العقار، وازدواجية الصكوك يعود بعضها لفترات زمنية كبيرة وهناك لجان لحل بعض العقارات وأحيلت عقارات للدراسة وتم حل جزء كبير منها، وحاليا لا يوجد صكوك مزدوجة، ما عدا عقارات لديها مشكلة أمنية وشيء من هذا القبيل، وأنا أعلنها أمام العقاريين أن الصكوك محمية من إدارتها وتجنب أي ازدواجية لأي صك عقاري مستقبلا مع استخدام النظام الشامل المرتبط بالحاسب الآلي».

وأطلق محمد عبيد الحربي سؤالا بقوله: «لماذا يشترط اعتماد وزارة الزراعة عند الإفراغ في الشمالية على الرغم من دخولها منذ سنوات داخل النطاق العمراني، واعتماد الزراعة ينحصر فقط في الأراضي الموجودة خارج النطاق العمراني؟».

أجاب القرني: «نعلم أن هذا الإجراء محصور في الأراضي خارج النطاق العمراني أو الزراعية وكما هو معروف لا توجد في جدة مناطق زراعية وأنا أؤيد السائل في ضرورة استحداث هذا النظام».

وتصاعد سؤال عن وجود فجوة كبيرة بين تطلعات العقاريين والمستثمرين، وبين ما يقدم من الجهات الحكومية ذات العلاقة سواء في كتابة العدل أو البلدية، فكتابة العدل هناك تقهر كثيرا من الطوابير الطويلة في كل صباح لإنهاء معاملة إفراغ ملكية العقار، كما أن هناك خلطا كبيرا وعدم فهم للعقاريين في أمانة جدة، خاصة المطورين لمشكلة الارتفاعات لبناء العمائر والأبراج في كل حي، وهناك مستثمرون يتخوفون من الإقدام لخشيتهم من تذبذب القوانين والأنظمة في كل عام، الأمر الذي يعرضها للمخالفات عند التشييد، والمشكلة أن البلديات الفرعية تحولت لجباية للأموال في تغريم أصحاب العمائر بدلا من المساهمة في إنهاء إشكاليات الأحياء فاتقوا الله فينا، اتقوا الله فينا، وارحمونا من الغرامات.

وأجاب القرني: «كما أشرت سابقا النظام الجديد في عمليات كتابة العدل جارٍ العمل فيه وأنا أعدكم بإذن الله بتغيير جذري في القريب العاجل». بينما أوضح الجدعاني: «بما يتعلق بتذبذب الأنظمة هذا الأمر كان صحيحا قبل 10 سنوات لوجود بعض الإشكاليات في الأنظمة ولكن مع إدخال برنامج أطلس لم يعد هناك مشكلة في هذا الجانب والنظام موجود في موقع الأمانة، والمكاتب المعتمدة لديها خرائط بالأحياء وقوانين المخطط المحلي، أما ما يتعلق باتهام البلديات الفرعية بالجباية فهذا أمر أرفضه؛ لأننا نعمل على استخراج الرخص ولكن بعض المواطنين يحاولون المخالفات في أنظمة البناء وهذا شيء لا نسمح به إطلاقا».

المرأة العقارية لم تغب عن اللقاء؛ حيث وجهت شروق السليمان سؤالا عن رأي المسؤولين في الإجراءات المتبعة للمرأة، في عملية إفراغ الصكوك التي تستوجب وجود معرف، ولماذا لا يوجد قسم نسائي مستقل لإنهاء معاملات المستثمرات في الشأن العقاري؟

فاعتبر الشيخ القرني المرأة مدللة في السعودية، وقال: «يكفي أنها لا تقف في طابور أبدا وتحصل على خدماتها حتى لو كان هناك طابور كبير من الرجال، وهذا حق لهن في المجتمع ولدينا قسم خاص للنساء تجلس فيه السيدة ويقوم موظف مختص بإنهاء معاملاتها، أما قضية المعرف فالغرض هنا هو حفظ حقوقها وهناك قضايا تم كشفها من نساء يدعين أنهن سيدات أعمال بغية النصب والاحتيال في إفراغ الصكوك».

بينما أطلقت سيدة أعمال مقيمة سؤالا عن كيفية تملك العقار في السعودية للأجانب، فرد القرني بأن ذلك يحتاج إلى إجراءات بسيطة، منها مراجعة إمارة المنطقة كإجراء احترازي، وبعدها يتم الإفراغ لها في كتابة العدل أسوة بالسعوديين.

فؤاد بوقري، أحد العقاريين ثمن لغرفة جدة هذا اللقاء، وتساءل: متى ستصبح جدة كباقي المدن الرئيسية كالرياض والدمام، في تنظيم العقار، على الرغم من أنها المدينة الاقتصادية الأولى في السعودية؟ وأردف بسؤال ثان: كثيرا ما يعلن بالصحف عن انخفاض في الأسعار ولكن في الواقع لا نتلمس أي انخفاض بل على العكس ارتفاعات مستمرة، ثم أردف: «الأمانة دائما بابها مغلق ولا نجد ردا على معاملاتنا بعكس ما تعلنون عبر الصحف من سياسة الباب المفتوح وإن لي قضية خاصة في الأمانة تعبت فيها ولا أجد باب مسؤول لإنهاء المعاملة».

وعقب عبد الله الأحمري بقوله: «أنا قارئ مثلكم أنظر لواقع الاقتصاد في بقية دول العالم ونحن جزء لا يتجزأ من هذا الاقتصاد وأنا لست محللا وإنما قارئ وإن أخطأت فهذه نظرتي بناء على معايير سوقية وأنا على يقين من أن تصريحاتي سوف يتبين مدى صحتها في القريب العاجل».

بينما قال القرني: «السائل يسأل عن ميكنة العمل في كتابة عدل جدة، هنا أعلن أن العمل يستغرق 4 أشهر وفق خطة زمنية حتى نتلافى المشكلات التي حدثت في العقارات سابقا»، بينما أشار الجدعاني إلى وجود دائرة مخصصة في هذا الشأن يمكن للسائل التوجه لها.

العقاري خالد سويلم قال: «يعاني عدد من الموظفين مراجعة كتابة العدل لطول انتظار لساعات للحصول على رقم للمراجعة، وهذا سبب إشكاليات في جهات عمل الموظفين، والسؤال الثاني: مخططات شمال جدة لا يسمح لها ببناء عمائر مرتفعة، وهو ما أسهم في تمركز الزحام في وسط المحافظة وشرقها، بالسكن في الشقق بالعمائر والأبراج السكنية؛ لأن أمانة جدة تسمح بذلك، ما تعليقكم؟».

رد القرني: «كانت هناك إشكالية وتم تفاديها وأصبحت معاملات المراجعين تنتهي بكل يسر وسهولة»، بينما قال الجدعاني: «أعلن للعقاريين أن المخططات لو عملت بما هو معمول في المخطط فستستوعب تلك المساكن 25 مليون نسمة وهي نسبة خططت لها الأمانة من خلال دراسات أشرف عليها خبراء في هذا الشأن ولكن العقاريين هم من يحجمون عن التطوير العمراني وبناء الأبراج السكنية لتوفير مساكن بأسعار مناسبة، إضافة إلى السماح بتعدد الوحدات، والمكاتب الهندسية لديها علم بذلك ويستطيع كل مستثمر أن يبني في كل قطعة أرض 4 وحدات شريطة أن يكون لكل منها مدخل منفصل».

وأشار إلى صدور قرار مؤخرا بالسماح بتحويل الملاحق إلى وحدات سكنية مكتملة بالإضافة إلى السماح في جميع الشوارع التجارية بالأحياء ببناء أكثر من 5 أدوار سكنية، وهنا دعا المطورين للاستثمار فيها، خاصة في منطقة ذهبان وشرق الحرمين.

وتساءل عمر الغامدي عن خطط الأمانة لإنهاء مشكلة كارثة جدة، وكيفية الاستفادة من الأراضي الفضاء، فرد الجدعاني: «حاليا يتم العمل على إنشاء مشروع حيوي لأبناء أحياء شرق جدة وقد تقلص عدد العقارات الموقوفة من 20 ألفا إلى 8 آلاف عقار في بطون الأودية».

بينما قال الأحمري: «الأراضي الفضاء أو ما يطلق عليها البيضاء فنحن نتكلم عن مخططات ومساحات كبيرة في محافظة جدة وليس عن قطع أراضٍ عجز أصحابها عن بناء سكن خاص، فتلك المخططات مضت عليها سنوات طويلة وأصبحت عقبة في عملية التنمية العقارية ودرسنا في اللجنة العقارية في غرفة جدة مقترحات للاستفادة منها وهي منظورة في مجلس الشورى».

وتساءلت سيدة أعمال عن المدة الزمنية لتحديث أطلس جدة للمخطط المحلي، خاصة منطقة طريق الملك، قال الجدعاني: إن العمل يجري حاليا من قبل لجنة تضم عددا من الجهات بناء على شكاوى ومقترحات المواطنين وسينتهي خلال الشهرين المقبلين.

فهد الحصاني قال: «ما زالت الصكوك المحفوظة في كتابة العدل معرضة للتلف أو الحرائق، هل لدى رئيس كتابة العدل طريقة لحفظ وأرشفة الصكوك؟»، فرد القرني: «نبشرك أخي السائل أن لدينا أماكن ضد الحرائق وضد السيول إذا لزم الأمر؛ حيث لدينا 45 حاوية مجهزة بالكامل لحفظ السجلات».

وتساءل طلال عبد الغني عن علاقة كتابة العدل باستقرار الأسعار العقارية، فنفى القرني وقال إنهم غير معنيين بالأسعار، وإن مهمتهم تنحصر فقط في إثبات الإقرار وتوثيقه.

وعما إن كانت هناك مراقبة لغسيل الأموال في الشأن العقاري، قال القرني: إن تلك المسألة معنية بالجهات الأمنية أكثر من وزارة العدل. واستدرك: «ولكن إذا ظهرت شبهات في عدد من الصكوك تحال إلى الجهات المعنية للنظر فيها».

واعتبر عقاري مستثمر في منطقة بحرة، أن بحرة تعتبر المخطط الوحيد في السعودية، وقال: «أعتقد أنه على مستوى العالم الذي يحصل على صك أرض ومكتوب عليه أن الأرض واقعة في وادي سيل وكان في السابق يوجد فيه جسر وبعد أن أزيل لوقوعه على مشروع حيوي أصبح المخطط مهددا بمخاطر السيول المنقولة في الوادي، ومتوقف حاليا 2000 قطعة يمنع الإفراغ عليها من بين 9500 قطعة أرض بالمخطط». وتساءل: «لماذا لا يتم عمل سد احترازي لجميع المخطط؟».

رد الشيخ القرني بقوله: «أعان الله أهالي منطقة بحرة لوقوعهم في هذا الوادي، وهناك حلقة مفقودة بين كتابة العدل والأمانة؛ حيث يفاجأ بعض المستثمرين بأن عقاره في بطن وادٍ، وهذا إجراء يجب أن يسد بين الجهتين ويعالج بشكل عاجل».

وتحدث المهندس أحمد الفرج عن أن ازدواجية الصكوك ما زالت تؤرق كثيرا من العقاريين، وقال: «لدينا عقارات من عشرات السنين، وجدنا ملاكا غيرنا لتلك العقارات ويدعون ملكيتها بصكوك معتمدة من قبل مكاتب العدل، منها أرض بيني وبين أحد المواطنين، لديه صك على الأرض نفسها منذ 22 عاما، ولي عامان ولم يتم حلها لدى الجهات المعنية، ما دوركم في حال مشكلات ازدواجية الصكوك وتعويض المتضررين؟».

قال القرني: «مشكلة الازدواجية قد تكون مقصودة وغير مقصودة، وحلها يرجع لطرق معروفة سواء بالتراضي أو بالجهات القضائية في حال رفض أحدهما التنازل للطرف الآخر ويعوض الآخر المتنازل عن الصك العقاري».

فتدخل أحد العقاريين متسائلا: «لماذا لا يحاسب كاتب العدل المتسبب في ذلك للحد من ازدواجية الصكوك لدى الجهات القضائية؟»، فجاء رد القرني: «هذا حق لكل متظلم أن يحاسب المتسبب من صاحب العلاقة أو الجهة الحكومية لدى المحكمة الإدارية (ديوان المظالم سابقا)». بينما تساءلت مستثمرة عقارية عن أن كوبري أبحر يعتبر من المشاريع الحيوية للمنطقة، فإلى أين وصل العمل فيه؟ فقال الجدعاني: إن الكوبري يضم مشروعين حيويين على امتداد الكورنيش وطريق المدينة وسيتم الانتهاء منه خلال 6 أشهر فقط.