لائحة «إزالة التعديات» تثير مخاوف تعمق المشكلات حول «الأراضي» بالسعودية

درسها الشورى.. وعضو يصفها بأنها جاءت في الوقت «بدل الضائع».. وآخر يتساءل: هل بقيت أراض حكومية أصلا؟

مشاهد باتت تتكرر في كل مرة تقوم فيها السلطات بإزالة التعديات («الشرق الأوسط»)
TT

أثارت لائحة «إزالة التعديات عن الأراضي الحكومية»، التي شرع مجلس الشورى السعودي في دراستها بشكلها الجديد، أمس، مخاوف من تعمق المشكلات حول الأراضي في البلاد.

وأبدى عدد كبير من أعضاء الشورى مخاوف من استثارة المواطنين بطرق المعالجة التي اقترحتها لائحة إزالة التعديات، مما قد يفاقم المشكلات بين المواطنين وسلطات الإزالة، بدلا من أن يسهم في حل القضايا بشكل موضوعي.

وتمحور الجدل الذي شهدته جلسة الشورى أمس، حول المادة الثالثة، التي اقترحت طريقة معالجة لموضوع إزالة التعديات من الأراضي الحكومية.

وتنص المادة الثالثة على تشكيل لجان مركزية لمراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات، ويكون من مهامها القيام بجولات مفاجئة على الأراضي، والرجوع للمصورات الجوية للتعرف على المتغيرات التي تطرأ على أراضي الحكومة، وذلك في مسعى للحد من الشكاوى الكيدية.

ورأى عدد من أعضاء مجلس الشورى أن هذه المادة لا تعطي الحق للمواطنين في التظلم من قرارات الإزالة الصادرة بحق أملاكهم.

ودعا عضو مجلس الشورى الدكتور إسماعيل البشري، إلى ضرورة مراعاة الملكيات الخاصة بالأفراد، خصوصا الملكيات المتوارثة، التي تم تملكها كابرا عن كابر بالتوارث.

وطالب البشري بأن تضمّن فقرة في المادة الثالثة من لائحة مراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات، تعطي الحق في أن يتظلم المواطن من قرارات لجان المراقبة أمام ديوان المظالم.

وتكثر الإشكالات في بعض المناطق في السعودية بين سلطات الإزالة والمواطنين، الأمر الذي قد يمتد إلى الدخول في أعمال عنف واشتباكات.

ويرى أكثر من عضو في الشورى أن لائحة إزالة التعديات تأخرت كثيرا. وقال العضو طلال بكري «هذه اللائحة جاءت في الوقت بدل الضائع». وسانده في الرأي الدكتور عبد الوهاب آل مجثل، الذي قال «لقد تأخرت هذه اللائحة كثيرا. هل بقيت أراض حكومية أصلا؟ أعتقد أنها كلها قد طارت».

وكانت الحكومة قد أحالت لائحة خاصة حول إزالة التعديات عن الأراضي الحكومية للشورى لدراستها. وبعد أن عرضت اللائحة على المجلس، قرر أن تشكل لها لجنة خاصة. وبالأمس، درس الشورى اللائحة بشكلها الجديد. وسجل أعضاء كثر انتقادات لها، وطالبوا بإعادة دراستها من جديد.

وأعلن مجلس الشورى، في ختام جلسة الأمس، أنه سيستكمل النظر في بقية مواد لائحة إزالة التعديات، في جلسة مقبلة.

الدكتور عبد الله الحديثي، عضو اللجنة الخاصة التي درست لائحة إزالة التعديات على الأراضي الحكومية، أصدر بيانا في نهاية جلسة الأمس، قال فيه «إن اللجنة الخاصة وضعت في اعتبارها أثناء دراستها لمشروع اللائحة عددا من الاعتبارات، في مقدمتها الإرادة الحازمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، المتمثلة في الأوامر السامية، وقرارات مجلس الوزراء، التي تؤكد على ضرورة منع التعدي على الأراضي الحكومية، وعدم السماع للدعاوى المتعلقة بوضع اليد على الأراضي البيضاء والقبول بها».

كما وضعت اللجنة في اعتبارها - طبقا للحديثي - ما أشار إليه بعض الأعضاء من أن الموضوع شائك ومتشعب، وهو ظاهرة في جميع مناطق السعودية، وتتفاوت الأعراف فيه من منطقة إلى أخرى، لذلك حرصت اللجنة على الاقتصار على ما يحصل به التوافق بين تلك الأعراف.

وأضافت اللجنة الخاصة مادة جديدة على مشروع لائحة مراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات، كما أجرت تعديلات بالحذف أو الإضافة على مواد مشروع اللائحة التي بلغت 12 مادة.

وأكد مجلس الشورى أنه قد أولى مشروع لائحة مراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات جل الاهتمام، نظرا لما يحظى به هذا الموضوع من رعاية ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين، وحرصه على إنهاء السلبيات التي تترافق مع الأحداث والتعدي على الأراضي الحكومية.

يشار إلى أنه من أبرز ملامح مشروع اللائحة أن تشكل لجنة مركزية في كل إمارة من إمارات المناطق بقرار من أمير المنطقة تسمى اللجنة المركزية لمراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات، يرأسها أمير المنطقة، إضافة إلى لجان فرعية تشكل بقرار من أمير المنطقة في كل إمارة أو محافظة أو مركز تتولى مراقبة الأراضي بشكل دقيق والقيام بجولات مفاجئة والإشراف عليها سواء كانت داخل حدود المدن أو خارجها، كما سمحت اللائحة للجان بالاطلاع والرجوع إلى المصورات الجوية والخرائط لمعرفة المتغيرات التي طرأت على الأراضي.

وألزمت اللائحة الجهات الحكومية التي تملك أراضي بيضاء بصكوك شرعية القيام بتسويرها بالبناء أو بالتعقيم أو بوضع علامات ثابتة لحفظها من التعديات، كما تضمنت اللائحة عددا من مواد العقوبات التي يؤمل منها الحد من التعدي.