كتابة المصحف الشريف.. من زمن الرقاع إلى عصر الطباعة لكل البقاع

المدينة المنورة تحتضن أول جهاز في التاريخ أقرته السعودية لخدمة القرآن الكريم وعلومه بمختلف اللغات * الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف: خدمة كتاب الله وتوفيره للمسلمين إنجاز سعودي * نظام دقيق وفريد من نوعه لمراقبة إصدارات المجمع لا يوجد له مثيل في العالم

كتابة المصحف الشريف بالخط العربي مع الاهتمام بجماليات الزخرفة
TT

أقرت السعودية قبل 3 عقود جهازا مختصا لخدمة القرآن الكريم والسنة النبوية بعد أن شرفها الله بخدمة المسجد الحرام والمسجد النبوي وخصها بدور رائد في خدمة الإسلام والمسلمين والعناية بمصدري التشريع: الكتاب والسنة.

وأمام ازدياد حاجة المسلمين في مختلف بقاع الأرض إلى المصحف الشريف وترجمة معانية إلى مختلف اللغات التي يتحدث بها المسلمون، والعناية بمختلف علومه وكذلك خدمة السنة والسيرة النبوية، وضع الملك الراحل فهد بن عبد العزيز عام 1982م حجر الأساس لمجمع حمل اسمه لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية الأولى التي شهدت جمع القرآن عبر أساليب مختلفة؛ بدأت بالرقاع، لينتهي الأمر في عهد السعوديين إلى طباعة مختلفة وترجمة معانية إلى خمسين لغة وتوزيع ملايين النسخ من المصحف الشريف وإصدارات المجمع التي تجاوزت 260 إصدارا.

وفعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هذا الاهتمام بكتاب الله بتوزيع ملايين النسخ من إصدارات المجمع هدية لحجاج بيت الله الحرام كل عام.

وحظي هذا المشروع غير المسبوق في التاريخ الذي تميزت به السعودية بدعم قيادتها، وتمكن المجمع من القيام بدور مهم في خدمة كتاب الله وعلومه، وشهد المجمع تطورا في أهدافه لتصل إصداراته مطلع العام الماضي إلى مئات من الإصدارات الموزعة بين مصاحف كاملة وأجزاء وترجمات وتسجيلات وكتب للسنة والسيرة النبوية، بالإضافة إلى دراسات قرآنية ومصنفات علمية وفهارس لتفسير علوم القرآن وفنون القراءات ومعاجم مختلفة عن كتابة المصحف وغريب القرآن.

ويعد المجمع نافذة للندوات العلمية والملتقيات المتنوعة والدورات التجويدية، كما كان مقصدا للزوار من مختلف أنحاء العالم، حيث وصل عدد الزوار إلى أكثر 2.5 مليون زائر ليشاهدوا هذا الصرح الإسلامي والعمل الجليل الذي اختصت به السعودية ضمن أهدافها في خدمة الإسلام والمسلمين.

«الشرق الأوسط» التقت بالأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الدكتور محمد بن سالم العوفي وحاورته في كل ما يتعلق بالمجمع والدور الذي يقوم به والإنجازات التي حققها، وجاء الحوار كما يلي:

* كيف ترون أهمية الحاجة الماسة اليوم لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف؟

- يعد إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة الصحف الشريف بالمدينة المنورة من أجل صور العناية بالقرآن الكريم حفظا، وطباعة، وتوزيعا على المسلمين في مختلف أرجاء المعمورة، وينظر المسلمون إلى المجمع على أنه من أبرز الصور المشرقة والمشرفة الدالة على تمسك المملكة العربية السعودية بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اعتقادا ومنهاجا، وقولا، وتطبيقا.

وهذا الأمر ليس مستغربا من السعودية التي قامت بإعلاء كلمة التوحيد، ورفعت رايته خفاقة عالية، وعرفت بنبل مقاصدها، وعلو همتها، وسمو أهدافها، وحرصها على كل ما من شأنه خدمة الإسلام والمسلمين وذلك منذ عهد مؤسسها المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.

لقد وفق الله السعودية لإقامة هذا المشروع الإسلامي الضخم الذي يحظى بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز والنائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز، فقد اعتنى المجمع بطباعة المصحف الشريف، وتوزيعه بمختلف الإصدارات والروايات على المسلمين في شتى أرجاء المعمورة، وبترجمة معاني القرآن الكريم إلى كثير من اللغات العالمية، وطباعة كتب السنة والسيرة النبوية.

* وهل تعتقدون بعد هذه السنوات أن المجمع حقق الأهداف المرجوة منه؟

- تضمنت خطة التنمية الثامنة استمرار المجمع في إنتاج إصداراته من المصحف الشريف، والتسجيلات، والمصحف المعلم، والأجزاء، وترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأخرى، والكتب، والأسطوانات المدمجة (cd) وتطويرها، وتنويعها، وزيادة كمياتها، والمحافظة على جودتها وصولا إلى أهداف المجمع التفصيلية المتمثلة في طباعة المصحف الشريف بالروايات المشهورة في العالم الإسلامي، وتسجيل تلاوة القرآن الكريم بالروايات المشهورة في العالم الإسلامي، وترجمة معاني القرآن الكريم وتفسيره، والعناية بعلوم القرآن الكريم، والعناية بالسنة والسيرة النبوية، والعناية بالبحوث والدراسات الإسلامية، والوفاء باحتياجات المسلمين في داخل المملكة وخارجها من إصدارات المجمع المختلفة ونشر إصدارات المجمع على الشبكات العالمية.

* وما سياسة المجمع لتحقيق أهدافه؟

- سياسة المجمع لتحقيق أهدافه تتمثل في استمرار إنتاج إصدارات المجمع المطبوعة، والمرتلة بمختلف الروايات المشهورة وبأعلى مستويات الدقة مع ما يتطلبه ذلك من إعداد، ومراجعة علمية، ومواصلة نشاط المجمع في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى مختلف اللغات، والاستمرار في توزيع إصدارات المجمع على المسلمين في مختلف أنحاء العالم، وتقديم هدية خادم الحرمين الشريفين السنوية لحجاج بيت الله الحرام، وخدمة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من خلال إصدارات المجمع، ومواصلة إجراء الدراسات المتعلقة بأهداف المجمع، ونشر إصدارات المجمع، وجهوده المختلفة على شبكة الإنترنت، وتطوير أعمال المجمع بما يتناسب مع مناشطه المتعددة، من خلال مراكز، ولجان، وإدارات المجمع المختلفة، وإتاحة الفرصة للمسلمين لزيارة المجمع، وتنظيم الندوات العلمية ذات العلاقة بأهداف المجمع، وتدريب الموظفين داخل المجمع، وخارجه، وتنظيم دورات تجويدية لحفظة كتاب الله الكريم، بالإضافة إلى عدد من الأهداف المتعقلة بالجوانب التنظيمية من خلال إعداد وتحديث شروط ومواصفات تفصيلية للمجمع تشمل النواحي الإدارية والفنية كافة (الوظائف، الشروط العامة والخاصة، الإنتاج، المراقبة، التدريب، التشغيل، الصيانة، الحراسة، والنظافة)، وتحقيق تطبيق الحكومة الإلكترونية في أعمال المجمع، وتحديث الأنظمة واللوائح وفق متطلبات ومستجدات العمل، وتحديث أجهزة المجمع، وتعميم تطبيقات الحاسب الآلي على جميع أعمال المجمع.

* وماذا عن التقسيمات الرئيسية للمجمع؟

- التقسيمات الرئيسة للمجمع واختصاصاتها تتمثل في: الهيئة العليا للمجمع التي تختص برسم الخطط والأهداف العامة للمجمع وسياسات تطبيقها والإشراف على تنفيذها والموافقة على طلبات التعاون الواردة من خارج الوزارة، ودراسة ما يعرض عليها من الأمانة العامة للمجمع، وإقرار برنامج إنتاج إصدارات المصحف الشريف، وترجمات معانيه إلى مختلف اللغات، والموافقة على اختيار القراء للمصحف المرتل، بالإضافة إلى الموافقة على ما يتم اختياره من مركز الدراسات القرآنية، ومركز خدمة السنة والسيرة النبوية، ومركز الترجمات من الكتب، والموضوعات العلمية تأليفا، وتحقيقا، وترجمة، ونشرا، وإقرار خطة التدريب للعاملين في المجمع، وإقرار الميزانية للأمانة العامة للمجمع، واعتماد الضوابط والمعايير التي تصرف على ضوئها المكافآت لأعضاء الهيئات واللجان والمتعاونين، وإقرار اللوائح والأنظمة التي يحتاجها المجمع، واتخاذ ما تراه محققا للمصلحة العامة في الحالات المستجدة من الأمور التي لم يرد ذكرها في اختصاصات الأجهزة المختلفة، والاطلاع على التقرير السنوي للمجمع والبت في الأمور التي يتضمنها. والمجلس العلمي للمجمع: ويرأسه الأمين العام للمجمع، وتتبلور مهامه واختصاصاته في رسم خطة عمله وفقا لأهداف المجمع، واقتراح ما يؤدي إلى تطوير الأعمال العلمية فيه، ودراسة القضايا والبحوث ذات الصبغة العلمية التي تتعلق بعلوم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وترجمات معاني القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، ودراسة ما يكلف به من بحوث ودراسات من قبل معالي الوزير المشرف العام على المجمع، ودراسة التقارير المعدة من قبل اللجان والجهات العلمية في المجمع وإبداء الرأي فيها.

وهناك اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة النبوية التي تعنى بمراجعة المصاحف حال خط خطاط المجمع لها وخلال الضبط وبعده على أمهات كتب القراءات، والرسم، والضبط، والفواصل، والوقف، والابتداء، والتفسير. وتظل المراجعة مستمرة من قبل اللجنة العلمية في جميع مراحل الإعداد والتحضير حتى تأذن اللجنة بالبدء بطباعة المصحف. كما تبدي رأيها في المصاحف المخطوطة، والمطبوعة التي ترسل إلى المجمع من الجهات الرسمية. كما أن هناك لجنة الإشراف على مصحف المدينة النبوية المرتل: وتعنى بالإشراف على مختلف التسجيلات التي يصدرها المجمع للتأكد من صحتها وسلامتها وفقا للقراءات التي تسجل بها. كم أن هناك إدارة الشؤون العلمية: ويتبعها مركز الترجمات، ومركز الدراسات القرآنية، حيث يعنى مركز الترجمات بالشؤون العلمية للترجمات، خاصة القيام بأعمال ترجمات معاني القرآن الكريم إلى مختلف اللغات، ودراسة المشكلات المرتبطة بالترجمات، وتقديم الحلول المناسبة لها، وإجراء البحوث والدراسات في مجال الترجمات، ودراسة الترجمات الحالية، وترجمة ما يحتاج إليه المسلمون من العلوم المتعلقة بالقرآن الكريم، وهناك مجلس للترجمات يعنى بالنظر في مختلف شؤون الترجمات.

أما مركز الدراسات القرآنية؛ فيعنى بجمع وحفظ الكتب المخطوطة والمطبوعة والوثائق والمعلومات المتعلقة بالقرآن الكريم وعلومه، وبالعمل على تحقيق الكتب المتعلقة بالقرآن الكريم، ورد الأباطيل ودفع الشبهات التي تثار حول القرآن الكريم. كما أن من التقسيمات الرئيسة للمجمع، مركز خدمة السنة والسيرة النبوية، الذي يعنى بجمع وحفظ الكتب المخطوطة والمطبوعة والوثائق والمعلومات المتعلقة بالسنة والسيرة النبوية وإعداد الموسوعات الخاصة بها، وتحقيق ما يمكن من كتبها، وإعداد البحوث العلمية التي تخدمها ورد الأباطيل ودفع الشبهات عنها، وترجمة ما تدعو الحاجة إليه منها. وهناك أيضا مركز التدريب والتأهيل الفني، الذي يعنى بتدريب الكوادر السعودية لتأهيلها فنيا للعمل بمختلف أقسام المجمع الفنية؛ سواء في مجال التحضير والتجهيز والمونتاج، أو الطباعة، أو التجليد، أو الصيانة. ويتم ابتعاث عدد من المتفوقين من خريجي دورات المركز إلى الكليات والمعاهد المختصة داخل المملكة وخارجها، ونظم أكثر من 12 دورة تدريبية تخرج فيها أكثر من 300 فني، وبدأ تنفيذ الدورة التدريبية الثالثة عشرة، ويتم التدريب بوسائل شتى؛ سواء داخل المجمع من خلال التدريب على رأس العمل، أو خارجه في معهد الإدارة العامة، وفي اللغة الإنجليزية لموظفي الأمانة، وفي الحاسب الآلي، وفي تخصصات فنية مختلفة، وغير ذلك.

* كم تقدر الطاقة الإنتاجية للمجمع؟

- تصل الطاقة الإنتاجية للمجمع إلى ثلاثة عشر مليون نسخة من مختلف الإصدارات سنويا. وزاد عدد الإصدارات التي أنتجها المجمع حتى مطلع عام 2010 على 260 إصدارا موزعة بين مصاحف كاملة وأجزاء وترجمات وتسجيلات وكتب للسنة والسيرة النبوية وغيرها، وزاد إنتاج المجمع على 254 مليون نسخة.

* ماذا عن المصاحف المخطوطة والمرتلة التي تم إنتاجها حتى الآن؟

- تم بهذا الجانب المتعلق بالمصاحف المخطوطة إنتاج: مصحف المدينة النبوية وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي (تنتهي صفحاته بآية)، مصحف المدينة النبوية وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي (لا تنتهي صفحاته بآية)، ومصحف المدينة النبوية وفق رواية ورش عن نافع المدني، ومصحف المدينة النبوية وفق رواية قالون عن نافع المدني، ومصحف المدينة النبوية وفق رواية الدوري عن أبي عمرو البصري (تنتهي صفحاته بآية)، ومصحف المدينة النبوية وفق رواية الدوري عن أبي عمرو البصري (لا تنتهي صفحاته بآية)، ومصحف المدينة النبوية وفق رواية شعبة عن عاصم الكوفي، ومعظم مصحف المدينة النبوية وفق رواية السوسي عن أبي عمرو البصري.

أما المصاحف المرتلة فهي: مصحف المدينة النبوية المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي، ومصحف المدينة النبوية المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت الشيخ إبراهيم الأخضر القيم، ومصحف المدينة النبوية المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت الشيخ محمد أيوب يوسف، ومصحف المدينة النبوية المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت الشيخ عبد الله بن علي بصفر، ومصحف المدينة النبوية المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت الشيخ عماد بن زهير حافظ، ومصحف المدينة النبوية المرتل وفق رواية قالون عن نافع المدني بصوت الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي، ومصحف المدينة النبوية المرتل وفق رواية ورش عن نافع المـدني بصوت الشيخ إبراهيم بن سعيد الدوسري، ومصحف المدينة النبوية المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت الشيخ خالد بن سليمان المهنا.

* يهتم المجمع بالدراسات القرآنية.. ما الإنجازات التي تمت في هذا الجانب؟

- من الإنجازات في مجال الدراسات القرآنية، أكثر من 40 دراسة ومصنفا منها: «الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي (7 مجلدات)، «فهرست مصنفات التفسير» (3 مجلدات)، «التجويد الميسر» إعداد لجنة من المجمع، «المجتبى من مشكل إعراب القرآن» (4 مجلدات)، «المتشابه اللفظي في القرآن الكريم»، «الطراز في شرح ضبط الخراز» للتنسي، «مختصر التبيين» لسليمان بن نجاح (5 مجلدات)، «أصول الضبط» لسليمان بن نجاح، «الإعجاز البياني في ضوء القراءات»، «التفسير الميسر»، «أصول الإيمان»، «كتابة المصحف الشريف وطباعته»، «الذكر والدعاء في ضوء الكتاب والسنة»، «أحكام الجنائز»، «الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة»، «شرح المقدمة الجزرية»، بحوث ندوة «عناية المملكة بالقرآن الكريم وعلومه»، «ببليوغرافيا ترجمات معاني القرآن الكريم»، «السيرة النبوية والمستشرقون»، «الأحاديث الواردة في فضائل المدينة»، «إتحاف المهر» (19 مجلدا)، «فن الترتيل وعلومه»، «بيان تلبيس الجهمية» (10 مجلدات).

وهناك كتب تحت الطبع هي: «لطائف الإشارات لفنون القراءات» (11 مجلدا)، «فهرس مخطوطات التفسير وعلوم القرآن الكريم»، «فهارس إتحاف المهرة» (5 مجلدات)، «التبيان في معرفة تنزيل القرآن» للعطار، «حسن المدد في معرفة فن العدد» للجعبري، «وقوف القرآن وأثرها في التفسير»، «المنتخب من أحاديث الآداب والأخلاق»، «المنتهى في القراءات» للخزاعي، «سراج القاري» لابن القاصح، «شرح طيبة النشر» لابن الناظم، «تقريب النشر» لابن الجزري، «النشر في القراءات العشر» لابن الجزري، بحوث ندوة الترجمات. إضافة إلى كتب قيد الإعداد تتمثل في: بحوث ندوة «عناية المملكة العربية السعودية بالسنة»، «معجم كتاب المصحف»، «المنتخب من أحاديث الأحكام»، «فهارس لطائف الإشارات»، «معجم غريب القرآن».

* وكيف يتم تبويب إنتاج المجمع من الترجمات؟

- يمكن تبويب ترجمات معاني القرآن الكريم الصادرة عن المجمع إلى مختلف اللغات وعددها 50 لغة موزعة على 24 لغة آسيوية، 12 لغات أوروبية، 14 لغة أفريقية، أما عدد إصدارات الترجمات فتزيد على 70 إصدارا، والعمل جار لإنجاز ترجمات أخرى.

* هل هناك آلية محددة لتوزيع إصدارات المجمع؟

- بدأ المجمع توزيع إصداراته من المصاحف، والتسجيلات، والأجزاء، وربع يس، والعشر الأخير، والترجمات، والكتب، منذ 27 عاما، ويتم ذلك على المسلمين داخل المملكة وخارجها في مختلف أرجاء العالم، وبلغت الكميات الموزعة عشرات الملايين.

* يقدم المجمع هدية سنوية من خادم الحرمين الشريفين للحجاج، كم عدد ما تم توزيعه حتى الآن؟

- إنفاذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين بتقديم نسخة من إصدارات مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة لضيوف الرحمن من حجاج بيت الله الحرام، يواصل المجمع سنويا توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين على كل حاج عند مغادرته منافذ المملكة، وزاد عدد النسخ الموزعة على الحجاج حتى موسم 1430/ 1431هـ على نحو 30 مليون نسخة.

* الحكومة الإلكترونية.. ما الخطوات التي بذلت لتحقيقها؟

- يخطو المجمع خطوات واسعة نحو تطبيق الحكومة الإلكترونية في أعماله، فتربط مختلف إداراته وأقسامه شبكة داخلية (إنترانت)، وأعد أنظمة حاسوبية لمختلف أعماله.

* انفرد المجمع بنظام دقيق للمراقبة متعدد المراحل، نريد إلقاء الضوء على هذا النظام..

- تعد مراقبة الإنتاج المحور الرئيسي للتأكد من سلامته، وينفرد مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف باتباع أسلوب رقابي متميز على إصداراته لا يوجد في أي مؤسسة طباعية إنتاجية أخرى في العالم؛ إذ تشمل مراقبة الإنتاج كلا من مراقبة النص، والمراقبة النوعية، والمراقبة النهائية، فمراقبة النص تتم عن طريق لجنة مستقلة مختصة في علوم القرآن من تجويد وقراءات ورسم وضبط. وهي المسؤولة عن إعطاء الأمر بالبدء في الإنتاج لأي ملزمة بعد التأكد من سلامة النص وذلك في مراحل التحضير والطباعة والاستنساخ الصوتي.

أما المراقبة النوعية فهي المسؤولة عن اكتشاف أية أخطاء محتملة على خطوط الإنتاج المختلفة من طباعة وتجميع، وخياطة، وتجليد، ومراحل الإنتاج الصوتي، ومعالجتها في حينها.

وهناك المراقبة النهائية وهي رقابة علمية مستمرة من لجنة مراقبة النص للتأكد من سلامة النص القرآني، ووجود مراقبة نوعية ترافق مراحل العمل كافة، يوجد أيضا جهاز كامل للمراقبة النهائية يزيد عدد العاملين به على 400 مراقب نهائي يبدأ عمله من حيث تنتهي عمليات تجليد المصاحف لتحقيق مزيد من الدقة والتأكد من صحة الإصدارات ومطابقتها للمواصفات الفنية المحددة لها، وهذا النوع من المراقبة ينفرد به المجمع عن غيره من كبريات دور الطباعة العالمية.

* وكيف يتم اختيار مواد الإنتاج؟

- يستخدم المجمع في مراحل التحضير والطباعة والتجليد كافة أفضل المواد المتاحة وذات المواصفات المميزة، كما يستخدم الحاسبات الآلية في تحديد مواصفات المواد، ومتابعة تأمينها، واستخدامها، والرقابة عليها.

* ما أسلوب المجمع في اختيار إصداراته؟

- يراعي المجمع في اختيار إصداراته المطبوعة أو المرتلة، وإنتاجها، وتوزيعها، المواءمة بين حاجات المسلمين إليها، وبين الاستفادة القصوى من الإمكانات الكبيرة التي أمر بتوفيرها للمجمع خادم الحرمين الشريفين، فالمجمع يضم تجهيزات حديثة، وإمكانات متقدمة في مجال الإعداد للطباعة، والطباعة ذاتها، والتجليد، والمراقبات المختلفة.

كما أنشأ المجمع مصنعا متكاملا خاصا به للأقراص المدمجة (CD) يشمل التصنيع، والطباعة، والتغليف، بطاقة إنتاجية قدرها (840 قرصا في الساعة)، وعند إعداد خطة الإنتاج، تأخذ الأمانة العامة في اعتبارها تنفيذ الأوامر السامية، والكميات الموجودة في المستودعات، وحجم الطلبات التي ترد للمجمع من مختلف الجهات في الداخل والخارج، وتنويع الإصدارات مع المحافظة على دقة طباعتها وسلامتها.

ويضع المجمع ضمن خططه المستقبلية العمل على زيادة إنتاجه وتنويعه، ويدرس باستمرار أفكارا ونماذج جديدة من الإصدارات المطبوعة والمسجلة.

* وهل من دور للمجمع في خدمة المجتمع؟

- لا يدخر المجمع وسعا للمشاركة في مختلف المناسبات المحلية والخارجية سواء أكان ذلك عن طريق المندوبين المشاركين في المعارض، أم عن طريق طرح إصداراته وعرضها.

وعلى سبيل المثال، شارك المجمع في معارض الصناعات الوطنية، ومعارض الكتب، إضافة إلى مساهمته في مهرجان الجنادرية السنوي بعرض نماذج من إنتاجه بالمهرجان، كما شارك أيضا في عدد من المعارض والمناسبات الخارجية.

غير أن الخدمة المتميزة التي يقدمها المجمع للمجتمع السعودي بصفة خاصة والإسلامي بصفة عامة هي تزويده بـإصداراته من مصحف المدينة النبوية على أرقى مستوى من الطباعة والمراجعة والدقة.

ومن خلال توزيع إصداراته، ساهم المجمع في خدمة المجتمع من خلال: تقديم هدية خادم الحرمين الشريفين لحجاج بيت الله الحرام، وتزويد الحرمين الشريفين ومساجد المملكة بالمصاحف، وتزويد طلبة، وطالبات وزارة التربية والتعليم بالمصاحف، والمشاركة - بإصدارات المجمع - في منح جوائز الفائزين في مسابقات حفظ وتلاوة القرآن الكريم المحلية والعالمية، وإتاحة الفرصة للمشاركين في مسابقات القرآن الكريم، وفي جائزة المدينة المنورة، ولزوار المدينة المنورة لزيارة المجمع، وإتاحة الفرصة لبعض منسوبي عدد من الجهات الأخرى للتدريب في المجمع، واستقبال زوار المجمع بأعداد هائلة من مختلف الأقطار، وتعريفهم برسالة المجمع، والمشاركة في المناسبات العامة.

* ترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة الإشارة، كيف تمت هذه الخطوة؟

- خطا المجمع خطوات أساسية لترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة الإشارة لتكون الأولى من نوعها في العالم، فدرس مختلف جوانبها وهيأ لذلك الإمكانات العلمية والفنية اللازمة، آخذا في الاعتبار طبيعة فئة الصم ولغة الإشارة.

وأنهى المجمع تصوير وتسجيل ومونتاج سورة الفاتحة، والعشرين سورة الأخيرة من جزء عم من ترجمة وتفسير معاني القرآن الكريم إلى لغة الإشارة، وبعد التأكد من كفاءة العمل سيشرع في ترجمة باقي سور جزء عم تباعا.

* وماذا عن الدورات التجويدية والندوات العلمية التي ينظمها المجمع؟

- أنهى المجمع إحدى عشرة دورة تجويدية لحفظة القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم لمنحهم إجازة قراءة على يد عدد من المشايخ العاملين في المجمع، ويتم تنظيمها في المسجد النبوي الشريف، وتستغرق سبعة أشهر تقريبا موزعة على ثلاثة أيام أسبوعيا، وتخرج منها 254 حافظا وتنظم الدورات تباعا.

أما الندوات العلمية، فقد نظم المجمع خمس ندوات علمية حظيت باهتمام مختلف الأوساط المعنية بموضوعاتها، وصدر عنها نحو 240 بحثا، تم تحكيمها جميعا، وكانت عناوين الندوات: «عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه»، وندوة «ترجمة معاني القرآن الكريم.. تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل»، وندوة «عناية المملكة العربية السعودية بالسنة والسيرة النبوية»، وندوة «القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية»، وندوة «القرآن الكريم والتقنيات المعاصرة (تقنية المعلومات)». وشرع المجمع في الإعداد لتنظيم «ملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم»، وذلك بعد صدور الموافقة السامية الكريمة على قيام وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ممثلة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بعقد الملتقى.

* وماذا عن «مجلة البحوث والدراسات القرآنية» الصادرة عن المجمع؟

- حرصا من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف على نشر العلم النافع، وخدمة كتاب الله الكريم وأهله، وتحقيقا للغرض الذي أنشئ هذا الصرح المبارك من أجله، أصدر المجمع مجلة علمية محكمة مختصة بالقرآن الكريم وعلومه، مرتين سنويا، باسم «مجلة البحوث ولدراسات القرآنية». صدر العدد الأول منها قبل ست سنوات من اليوم.

وتهدف المجلة إلى تنشيط البحث العلمي، والإسهام في نشر الدراسات والبحوث المعنية بالقرآن الكريم وعلومه، مما يثري مكتبة الدراسات القرآنية، ويدعو إلى التواصل العلمي بين المختصين في هذا المجال.

وتحقيقا لهذا المقصد، فإن مجال النشر في المجلة يشمل: تحقيق المخطوطات المتصلة بالقرآن الكريم وعلومه، الدراسات والبحوث المختصة بالقرآن الكريم وعلومه، الدراسات والأعمال الخاصة بترجمات معاني القرآن الكريم.

* وماذا عن موقع المجمع على شبكة الإنترنت؟

- صمم الموقع على الشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت) بحيث يتضمن ست لغات إضافة إلى اللغة العربية هي: الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والأردية، والإندونيسية، والهوسا. وهذا يعني أن الموقع عبارة عن سبعة مواقع بسبع لغات، مجموعة في موقع واحد، وتكونت في المجمع لجان مختصة للنهوض بالأعمال العلمية والفنية المتصلة بتشغيل الموقع، وقد تم إنجاز جميع مواد الموقع.

* كم عدد العاملين في المجمع؟ وما نسبة السعوديين العاملين فيه؟

- يعمل بالمجمع حاليا نحو 1700 شخص بين علماء وأساتذة جامعات وفنيين وإداريين، ونسبة السعوديين منهم تصل إلى نحو 79%. وتعمل الكفاءات السعودية الآن في مختلف الأقسام الفنية بالمجمع، ويتابع المجمع تطوير مهاراتهم الفنية والإدارية لتتناسب مع احتياجاته.

وتعمل الأمانة العامة للمجمع جاهدة على استمرار زيادة نسبة السعوديين في المجمع آخذة في الاعتبار طبيعة العمل في المجمع وأهمية تدريب الفنيين السعوديين الجدد على العمل فيه، ويسير المجمع وفق خطة للتدريب تراعي توفير احتياجاته من مختلف الكوادر الوطنية من خلال دورات تدريبية منتظمة في مركز التدريب والتأهيل الفني، وتدريب على رأس العمل، وغير ذلك.

* هل زيارة المجمع مفتوحة للجميع من المواطنين والمقيمين؟

- المجمع يفتح أبوابه للزوار، وقد زار المجمع نحو مليونين وخمسمائة ألف زائر من مختلف بلدان العالم جاؤوا ليشاهدوا هذا الصرح الإسلامي الشامخ الذي يعد من الأعمال الجليلة التي قامت بها المملكة العربية السعودية لخدمة الإسلام والمسلمين.

وأبدى الزوار إعجابهم بهذا الصرح الإسلامي الشامخ لما شاهدوه ولمسوه من عناية فائقة في طباعة ومراجعة إنتاج المجمع، وحرصوا على تسجيل شكرهم لله تعالى ثم للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله، على طباعة ونشر كتاب الله بهذه العناية الفائقة وبهذا الانتشار الواسع على النطاق العالمي.

ويحرص المجمع على أن يشرح لزواره مختلف مراحل العمل وضوابطه في أقسامه الفنية، وأن يطلعهم على الإمكانات الطباعية المتقدمة المتوافرة فيه.

* ماذا عن مشروع الخط الحاسوبي (خط النسخ) الذي أطلق مشروعه مؤخرا؟

- قام وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، قبل أقل من سنتين بإطلاق موقع الإنترنت الخاص بمجموعة الخطوط الحاسوبية، وهو أحد المواقع التابعة لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، ويهدف الموقع إلى المساعدة في دعم المكتبة العربية الإلكترونية بمجموعة من الخطوط الحاسوبية التي تخدم نص المصحف الشريف بمختلف رواياته، وكذلك دعم الخطوط الحاسوبية العربية التي تخدم أعمال كتابة البحوث والرسائل العلمية وأعمال طباعة الكتب وغيرها بما يتوافق مع الاحتياجات الخاصة بالنص العربي.

* وماذا عن المشروعات التقنية المنفذة؟

هناك كثير من المشروعات في هذا المجال التي شملت تطوير كثير من البرامج الحاسوبية التي تخدم القرآن الكريم وعلومه، ومن أهمها برنامج القرآن الكريم لأجهزة الحاسوب الكفي، وبرنامج مصحف المدينة النبوية للنشر الحاسوبي، وبرنامج مصحف المدينة النبوية.. خدمات حاسوبية للقرآن الكريم وعلومه، وإنشاء مجموعة من مواقع الإنترنت ذات العلاقة بالقرآن الكريم وعلومه مثل: موقع صور الإصدارات، وموقع المكتبة الصوتية، وموقع تفسير القرآن الكريم بلغة الإشارة، وإنشاء خط حاسوبي «Open Type Font» لنص القرآن الكريم بالرسم العثماني برواية حفص وفق معيار «Unicode» تمهيدا لإتاحته لعامة المستفيدين للإفادة منه، وإنتاج تسجيلات صوتية مرتلة بأصوات عدد من المشايخ بروايات مختلفة، وإتاحتها لعامة الناس بصيغة «mp3»، وتنظيم ندوة «القرآن الكريم والتقنيات المعاصرة.. تقنية المعلومات» ومناقشة 37 بحثا فيها. بالإضافة إلى عدد من المشروعات التقنية الجاري تنفيذها منها: الأرشفة الإلكترونية وإدارة الوثائق، والتدقيق الآلي لنص القرآن الكريم، ومصحف المدينة النبوية لأجهزة الجوال.

إن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف هو هدية خادم الحرمين الشريفين للمسلمين في كل مكان، وأصبح من المعالم المهمة في المدينة المنورة، وهو حصن حصين لحفظ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وصيانتهما ونشرهما.

وبعون الله وتوفيقه، ثم بالقيادة الحكيمة لهذه البلاد التي شرفها الله بالحرمين الشريفين، ستظل المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده والنائب الثاني مصدرا لكل ما فيه خير الإسلام والمسلمين، ومن هذا الخير العميم طباعة المصحف وتسجيله بأفضل التقنيات الحديثة وتوزيعه على المسلمين، وخدمة علوم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

يشار إلى أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تتولى الإشراف على المجمع، ووزيرها الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ هو المشرف العام على المجمع ورئيس هيئته العليا. ويتابع تنفيذ سياسات المجمع وتحقيق أهدافه أمانة عامة يضطلع بمسؤوليتها ويشرف عليها الدكتور محمد بن سالم بن شديد العوفي، الأمين العام للمجمع.