مجالس فقهية تدرس بنود عقود «فيدك» لمواءمتها مع الشريعة دون تنفير للمستثمر الأجنبي

رئيس لجنة التعديلات لـ «الشرق الأوسط»: الاعتراضات تدخل في أحكام الربا وإسقاط الحقوق

توقعات بخروج أكثر من 7 آلاف شركة متوسطة وصغيرة من السوق العقارية في السنوات الخمس الأولى من اعتماد العقد الموجه للمشاريع الحكومية («الشرق الأوسط»)
TT

حولت كل من وزارة المالية، ومجالس الغرف السعودية اعتراضا على بنود في نموذج العقد المقترح لعقود الإنشاءات العامة الرامية إلى توحيد عقود المشاريع الحكومية «فيدك»، والمعتمد دوليا، إلى الجهات الفقهية للإفتاء فيها بأحكام تتواءم مع الشريعة الإسلامية.

وكانت وزارة المالية قد اعترضت على بند يسمح بتعويض المقاول عن كل يوم يتأخر فيه تسديد المستحقات بعد تسليم المشروع لتداخلها في أحكام الربا، وبند آخر تم الاعتراض عليه من قبل المقاولين ممثلين في لجان المقاولات بالغرف التجارية يتعلق بعدم شرعية إسقاط حق المقاول في مستحقاته، إذا لم يطالب بها في مدة تقل عن 30 يوما.

جاء ذلك عقب عرض وزارة المالية المسودة النهائية لعقد «فيدك» المعتمد دوليا، لإبداء ملاحظات مجالس الغرف على العقد، وتمت الموفقة من قبل وزارة المالية على 60% منها، والموافقة على تحويل قضايا المقاولات إلى التحكيم في وزارة التجارة بدلا من المحكمة الإدارية «ديوان المظالم» سابقا، بينما تم الاعتراض على 40% منها، أهمها إنشاء مجلس مخصص للنزاعات يحكم بطرق ودية واستشارية ورفض من قبل وزارة المالية لا يحمل صفة رسمية يمكن أن يتم الالتزام بقراراته.

وأوضح الدكتور المهندس نبيل عباس رئيس لجنة التعديلات على عقد «فيدك» لـ«الشرق الأوسط» بأن هذا التوجه يأتي في محاولة للإسراع باعتماد العقد الجديد من قبل وزارة المالية، بعد أن وجد أن العقود الحالية للمقاولات عقود منفرة وترفضها الشركات الأجنبية، حيث ترفض الشركات الكبيرة العقود التي تحمي بشكل كبير أحد الأطراف على حساب الطرف الآخر.

وأضاف «وزارة المالية أقرت إلى الآن 60% من البنود المعتمدة في عقود (فيدك) والمعتمد عالميا، ونشأ الخلاف من قبل وزارة المالية ومجالس الغرفة على بقية النسبة لوجود بنود تتعلق بنظرة شرعية وحقوقية، من بينها بنود رفضتها وزارة المالية، تتعلق بتعويض المقاول عن كل يوم يتم التأخير فيه، من قبل الجهة الحكومية، لاعتبار أن ذلك يدخل في أحكام الربا، وتم عرض بعض الحلول في هذا الشأن لعرضها على مجمع فقهي لإمكانية تعويض المقاول حتى لا يتسبب التأخير في خسائر كبيرة، بينما كان هناك اعتراض فقهي آخر ولكن من جانب المقاولين يتعلق بإسقاط الحقوق عن المقاول الذي يتأخر عن المطالبة بها في أقل من 30 يوما، وهذا مخالف للشريعة الإسلامية، لأن الحقوق ملزمة ولا تسقط بمدة زمنية».

وبين رئيس لجنة تعديلات «فيدك» أن اعتماد وزارة المالية لهذا العقد سيساهم في دخول شركات أجنبية كبرى في مجال المقاولات للمشاركة في إنجاز المشاريع وعدم الاحتكار، إضافة إلى توفير قدر كبير في المصروفات من قيمة المشروعات العامة، بالمقابل سيساهم العقد في خروج شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة في السعودية لوجود جزاءات كبيرة في حال تعثر المشروع وهذا يرجع بالدرجة الأولى لضعف في الإدارة – على حد وصفه.

وتوقع المهندس عباس خروج أكثر من 7 آلاف شركة متوسطة وصغيرة من السوق العقارية في السنوات الخمس الأولى من اعتماد العقد الموجه للمشاريع الحكومية وسيقتصر عملهم فقط على المشاريع الخاصة للمواطنين من ذات العائد البسيط.

وكانت مجالس الغرف السعودية قد طالبت بالتفاهم على 99 ثغرة قانونية في نموذج العقد المقترح لعقد الإنشاءات العامة لتوحيد عقود المشاريع بين الحكومة وشركات المقاولات، بعد أن قامت وزارة المالية بتعديل البنود الحالية بعقد مقترح عرض على لجان المقاولات في الغرفة التجارية، لإبداء ملاحظاتهم عليه قبل رفعه إلى مجلس الوزراء، للحد من النزاعات وتعثر المشاريع.

وتمثلت الملاحظات التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، في ارتفاع أسعار البناء، وآلية عمل الاستشاريين، وتحديد صلاحيات إضافية للقضاء على البيروقراطية..

وأوضح رائد عقيلي، نائب رئيس لجنة المقاولات بالغرفة التجارية في جدة، لـ«الشرق الأوسط» في حينها «أن مشكلة العقود تمثل 40% من الخلافات والنزاعات التي تتسبب في تأخر وتعثر المشاريع الحكومية، حيث إن اعتماد عقود مبنية على بنود قانونية واضحة تحدد العلاقة بين الطرفين سيساهم في الحد من تعثر المشاريع الحكومية بقيمة تصل إلى 700 مليار ريال سعودي».