مستثمرون لـ «الشرق الأوسط»: الأعلاف وخفض الاستيراد وراء ارتفاع أسعار اللحوم

يتجهون إلى أسواق مصر والأردن ودول مجاورة بسبب عوائق الاستيراد

ارتفاع أسعار اللحوم أرجعه عاملون في القطاع إلى انخفاض نسبة الاستيراد والغلاء الذي اجتاح العالم («الشرق الأوسط»)
TT

ألقى ارتفاع أسعار الأعلاف في السعودية بظلاله على ثمن اللحوم في السعودية بصفة عامة، التي تعد واحدة من أكبر الدول المستهلكة للحوم، وأدى ارتفاع سعر الأعلاف إلى رفع أسعار المواشي (أغنام وإبل وبقر) المستوردة منها أو المحلية.

وقدر مستثمرون في قطاع المواشي ارتفاع سعر المواشي في العام الحالي بنحو 100 في المائة مقارنة بما كانت عليه عام 2007، وأرجع المستثمرون أسباب الارتفاع الذي يوصف بالفادح إلى عاملين رئيسيين، هما انخفاض نسبة الاستيراد والغلاء الذي اجتاح العالم.

وأرجع دايخ بن مدوخ الشلوي، عضو لجنة تجار المواشي بالغرفة التجارية الصناعية بجدة، الأسباب إلى انخفاض كمية المعروض، وانخفاض حجم الاستيراد من المواشي، واتجاه الكثيرين (نحو 70 في المائة من تجار المواشي) إلى التصدير لدول أخرى مثل مصر والأردن والدول المجاورة، وذلك للقوانين المشددة التي تفرضها وزارة الزراعة فيما يتعلق بالكشف على المواشي، واسترجاع كثير من البواخر التي تحمل كميات كبيرة من المواشي إلى حيث أتت بسبب ظهور نسبة معينة من أمراض الجدري على سبيل المثال، في حين كان الأولى أن يفسح للمواشي غير المصابة، والمصابة يتم علاجها في محاجر الوزارة، خاصة أن تلك الأمراض لا تعتبر فتاكة بالبشر وفقا لمعايير هيئة الصحة العالمية وكما هو معمول به في الدول المجاورة، مشيرا إلى أن بعض البواخر تسجل نسبة 10 في المائة إصابة من كمية الشحنة، ومع ذلك كان يتم إعادتها من حيث أتت في السابق.

وقال الشلوي لـ«الشرق الأوسط»، إن القوانين المشددة حدت من الاستيراد بنسبة كبيرة، ودفعت بكثير من المستثمرين للتوجه لبلدان أخرى تقدم تسهيلات أفضل، كما أن العوائد المادية مجزية، مما أسهم في تخفيض المعروض في السوق السعودية وبالتالي ارتفاع الأسعار.

وأضاف الشلوي أن مطالبات تجار المواشي لوزارة التجارة، والتفهم الذي وجدوه من الدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة أسهم في تخفيف قيود الاستيراد، وذلك برفع نسبة الجدري إلى 10 في المائة بدلا من واحد في المائة في الفترة السابقة، وهو ما أسهم في استيراد نحو 1.3 مليون رأس خلال فترة الحج، منها نحو 930 ألف رأس لمصلحة البنك الإسلامي، مطالبا بمزيد من التسهيلات وفتح محاجر صحية لاستقبال المواشي المستوردة والكشف عليها وإحالة المصابة التي يمكن علاجها إلى المحاجر الصحية، كي نستطيع موازنة العرض بالطلب على أقل تقدير، باعتبار السوق السعودية من أهم الأسواق، وتحتاج إلى نحو 10 مليون رأس من المواشي سنويا، إضافة إلى تهيئة الموانئ التي يتم استيراد المواشي عن طريقها، وخاصة ميناء جدة الإسلامي وميناء جازان، باعتبارهما الأقرب للقرن الأفريقي، المصدر الرئيسي للمواشي.

واستبعد الشلوي إمكانية الاستثمار في تربية المواشي محليا في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف، حيث وصل سعر كيس الشعير إلى 53 ريالا تقريبا، ما لم تبادر وزارة الزراعة بدعم مربي المواشي.

وكشف الشلوي عن اقتراح لمسؤولين في وزارة الزراعة للاستثمار في تربية المواشي خارجيا وسلخها هناك واستيرادها مبردة، وقال إن هذه الطريقة غير مجدية، لأن المستهلك السعودي تحكمه عقائد وعادات وتقاليد، لا تتواكب احتياجاتها واللحوم المبردة، خاصة فيما يتعلق بالأضاحي وعقيقة المواليد وإكرام الضيوف.

في حين يرى المهندس عادل بن محمد الحربي، تاجر مواشي، أن ارتفاع الأسعار يعود لمشكلات مصادر المواشي في العالم، وأن المدنية دفعت بالكثير من مربي المواشي لأن يهجروا نشاطهم، إضافة إلى موجة الغلاء الذي اجتاح العالم، وكذلك ارتفاع أسعار الأعلاف بنسبة 120 في المائة تقريبا، بعد أن ارتفع سعر الشعير من 22 ريالا إلى 54 ريالا تقريبا، والبرسيم من 8 ريالات إلى 27 ريالا، وهذا انعكس على سعر المواشي المحلية والمستوردة.

وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع أسعار الأعلاف أسهم في انخفاض الاستيراد، لأن استيراد شحنات كبيرة يحتاج لكمية كبيرة من الأعلاف، كما أن ارتفاع سعر الأغنام خفض نسبة البيع، وبالتالي يحرص التاجر على استيراد كميات محدودة حتى يمكن له بيعها خلال فترة وجيزة كي يقلل من مصروف التعليف أيضا.

وأشار إلى أنه بعد موسم الحج، أحجم كثير من تجار المواشي عن الاستيراد، وهم في حالة ترقب لمؤشر سعر الأعلاف، مبديا مخاوفه من استمرار الوضع الحالي، الذي قد يدفع برفع الأسعار عما هي عليه الآن، وبالتالي يصبح من الصعوبة أن يجد ذوو الدخل المحدود قدرة على شراء اللحوم.

وطالب الحربي بتدخل الجهات المعنية بما فيها وزارتا الزراعة والتجارة لدعم أسعار الأعلاف وتخفيضها، وهو العامل الرئيسي الذي قد يسهم في تخفيض أسعار المواشي.

وأشار إلى أن تجار المواشي في سباق مع الزمن لبيع الكميات المحدودة التي يستوردونها من الموشي في أقصر وقت ممكن، كي يقللوا من استهلاك الأعلاف، مشيرا إلى أن السوق السعودية تستهلك نحو 10 ملايين رأس من المواشي، منها أكثر من 90 في المائة مستوردة.

وأضاف أنه لو وجد مربي المواشي دعما كافيا لسعر الشعير لزاد الإنتاج المحلي بنسبة كبيرة، وانعكس إيجابيا على أسعار المواشي.