التنقيب عن «موهوبي» المدارس يحاول الخروج من «عباءة» المقاييس التقليدية

إجراء تجربة على 10 مدارس في الشرقية.. قبل 4 أشهر من بداية الاختبار العام

المدارس تترقب العام المقبل اعتماد مقاييس حديثة مطورة للكشف عن الموهوبين والموهوبات من طلبتها («الشرق الأوسط»)
TT

في محاولة لإيجاد آلية جديدة للتنقيب عن الطلبة الموهوبين والخروج من «عباءة» الطرق التقليدية، علمت «الشرق الأوسط» بخضوع 10 مدارس في المنطقة الشرقية مؤخرا لاختبار تجريبي أعدته مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله (موهبة)، يستهدف تقييم المقاييس المطورة، ومن المنتظر أن تخرج نتائجه قريبا، حيث يتوقع المختصون أن يكون هذا العام هو العام الأخير لتطبيق المقاييس القديمة في اختبارات الموهوبين، تمهيدا لاعتماد المقاييس الحديثة المطورة بدءا من العام المقبل.

وضمت التجربة مجموعتين (الطلاب والطالبات) بواقع 5 مدارس لكل منهما، وجاءت العينة عشوائية، من الدمام والخبر والظهران، لمراحل التعليم العام الثلاث (ابتدائي، ومتوسط، وثانوي)، متضمنة بعض المدارس الأهلية وبعض الطلبة غير السعوديين، مع مراعاة التوزيع الجغرافي للعينة المختارة من خلال اشتمالها على أحياء مختلفة، وينتظر أن يتم تقييم نتائج هذه التجربة من قِبل «موهبة»، وفي حال تم اعتمادها ستُرفع إلى التربية والتعليم ومن ثم تقوم إدارات الموهوبين بتطبيقها.

في حين تفصح مديرة إدارة الموهوبات بالمنطقة الشرقية ابتسام المزيني، هاتفيا لـ«الشرق الأوسط»، عن أن إدارات التربية والتعليم ألزمت المدارس بعملية الترشيح وتوزيع الاستمارات على الطالبات، بحيث أن كل طالبة مستهدفة لا بد أن يتم تسجيلها في موقع «موهبة»، وتتم عملية التزويد بالاستمارة كي تطبق عليها اختبارات القياس.

وبالسؤال عن طبيعة المقاييس الحديثة المطورة، وصفتها المزيني بأنها «تواكب التطور العالمي»، حيث تفيد بأن المقاييس السابقة رغم أنها مقننة وجيدة فإنها «لم تعد تتوافق مع احتياجات الطالب الآن»، مضيفة «أصبحنا نحتاج لأن نتعرف على الطلاب بطرق مختلفة، ونتعرف على قدرات أخرى لديهم».

من جهتها، أوضحت ناهد العسوم، وهي مشرفة في إدارة الموهوبات بالمنطقة الشرقية، أن هذا العام من المتوقع أن يكون هو العام الأخير لتطبيق المقاييس القديمة، تمهيدا لاعتماد المقاييس المطورة بدءا من السنة المقبلة، وبسؤالها عن الجوانب التي ستركز عليها المقاييس الحديثة، أفادت بأنها تشمل الجانب اللغوي، والعددي (الرياضيات)، والجانب البصري المتعلق بالحواس، بالإضافة إلى بعض المسائل المنطقية (مثل إيجاد العلاقة بين مجموعة صور ونحو ذلك).

وتفيد العسوم، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، بأن المقاييس الحديثة لا تختلف كثيرا عن المعمول بها حاليا، مشيرة إلى أنها «طورت لتواكب تغير معلومات وقدرات الطلاب»، وأوضحت أنها مقاييس موحدة للذكور والإناث دون أي اختلاف. علما أن تطوير المقاييس يحقق هدف «المشروع الوطني للتعرف على الموهوبين» الذي يسعى إلى تطوير نموذج الكشف عن الموهوبين من خلال استخدام منهجية علمية متطورة، تجمع بين الاعتماد على أهم الأسس العلمية وأفضل الممارسات التربوية. يأتي ذلك قبل نحو 4 أشهر على بداية الاختبار الذي سيشمل كافة الموهوبين والموهوبات من مختلف مدن السعودية، في الـ18 من شهر أبريل (نيسان) المقبل (الموافق 14 جمادى الأولى)، بعد إتمام عملية تسلم الطلبة لرسائل تفيد بتأكيد ترشيحهم، حيث من المتوقع أن يتم إجراء هذا الاختبار على ضوء نتائج المرحلة التجريبية. وينبغي الإشارة هنا إلى أن الاختبار التجريبي في تعليم الشرقية يأتي لأنها إحدى الإدارات التي اشتملت عليها المرحلة الأولى من المشروع الوطني للتعرف على الموهوبين، الذي يضم كذلك إدارات كل من: الرياض، والقصيم، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، والباحة، وعسير، وجازان، ونجران، وحائل، والجوف، وتبوك، والحدود الشمالية، ومحافظة جدة، ومحافظة الطائف، ومحافظة الأحساء.

ويشرف على تنفيذ هذا المشروع الجهات التالية: وزارة التربية والتعليم، ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، والمركز الوطني للقياس والتقويم. فيما تتضمن الفئات المستفيدة من المشروع كلا من: طلاب التعليم العام الموهوبين، وأسر الطلبة الموهوبين، والمدارس، والمهتمين والباحثين، والجهات والمؤسسات التعليمية، والمجتمع.

ووفقا للدليل التنظيمي للمشروع الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإنه يهدف إلى «التعرف على الطلاب الموهوبين والطالبات الموهوبات في المملكة بمجالات العلوم والتقنية، وتطوير نظام متكامل ومنهجية شاملة للتعرف على الموهوبين، وتحقيق العدالة والإنصاف في اختيار الطالب الموهوب وتوجيهه لبرنامج الرعاية الملائم له، وبناء قاعدة بيانات شاملة ومفصلة للطلبة الموهوبين، والإسهام في توعية المجتمع بخصائص الموهوبين وأهمية اكتشافهم، وأخيرا، الإسهام في إثراء مصادر البحث العلمي والمكتبة العربية فيما يتعلق بمجال التعرف على الموهوبين». وتتمثل أهمية هذا المشروع، في الحاجة إلى توحيد الجهود المبذولة من مؤسسات الدولة ذات العلاقة، والارتقاء بجودة معايير وأدوات التعرف على الموهوبين المتوفرة حاليا، ومكننة إجراءات التعرف بما يرفع كفاء عملية التعرف ويزيد قيمتها، إلى جانب ضمان تغطية جغرافية واسعة، وذلك حسبما يفيد الدليل التنظيمي للمشروع.

يذكر أن عملية اكتشاف الطلاب الموهوبين المعمول بها في جميع برامج الكشف تمر بمرحلتين أساسيتين؛ المرحلة الأولى تتضمن الترشيح، عن طريق التحصيل الدراسي والسمات المميزة للطلاب الموهوبين والناتج الإبداعي. والمرحلة الثانية هي مرحلة التعرف، ويخضع الطالب فيها لبعض المقاييس الموضوعية: مقياس القدرات العقلية، ومقياس تورانس للتفكير الابتكاري، ومقياس وكسلر لذكاء الأطفال.