السوق النسائي الوحيد شرق السعودية يخرج من «عنق الزجاجة»

تجاوز إشكالية تأنيث «المستلزمات النسائية» و«الكاشيرات».. وافتتحته جواهر بنت نايف أول من أمس

TT

لا تزال ذاكرة أهالي المنطقة الشرقية تستحضر فشل العديد من المجمعات النسائية المغلقة، وهو ما يجعل بعضهم يتنبأ بتكرار هذه النهاية مع أي تجربة مشابهة على اعتبار أن ذلك «مسألة وقت» فقط، لكن يبدو أن هذه الصورة تغيرت مع صمود السوق النسائي الوحيد المغلق في المنطقة، الذي أكمل نحو عام حاليا، وافتتحته الأميرة جواهر بنت نايف، حرم أمير المنطقة الشرقية، مساء أول من أمس في مدينة الخبر، إذ تدير عشرات السعوديات نحو 25 محلا، بمسميات وظيفية تتنوع بين «كاشيرة» و«مديرة المتجر» وموظفة «في محل لانجيري»، مشددات على نجاح المرأة السعودية في شغل هذه الوظائف غير التقليدية، بعيدا عن الجدل الدائر حول مشروعية عمل النساء في وظيفة «كاشيرة»، أو الجدل حول جدوى تأنيث محلات الألبسة الداخلية النسائية، حيث تؤكد العاملات في هذه الوظائف خلال حديثهن لـ«الشرق الأوسط» على رغبة كثير من المتسوقات بالتعامل مع نساء مثلهن في عمليات الشراء عموما، وشراء المستلزمات النسائية على وجه التحديد.

دلال الرحمة، سيدة أعمال سعودية، تمتلك محلا للعناية بالأظافر في سوق «الراشد بوليفارد» النسائي بالخبر، تناولت تجربتها بالقول «في البداية كان هناك تخوف من جدوى إيجاد مركز مغلق للنساء فقط، فعلى سبيل المثال؛ بعض السيدات لا يرغبن أن تراهن إحدى معارفهن أثناء التسوق، أو لا يفضلن دخول المراكز المغلقة، لكن ذلك تغير مع الوقت». وتتفق معها سيدة الأعمال تغريد غزالة، التي تصف وجود صالونها في مركز نسائي مغلق بـ«المغامرة»، لكنها اليوم ترى ضرورة افتتاح صالون نسائي في مختلف المجمعات التجارية.

ورغم أن صاحبات المحلات عارضن فكرة أن زبونات الأسواق النسائية المغلقة هن «زبونات الصدفة» اللاتي عادة ما يوجدن داخل المحل بصورة عارضة وليس قدوما للمحل نفسه كما هو الحال في الأسواق التقليدية، فإن بعض المتسوقات يؤكدن ذلك، موضحات أن قدومهن المقصود للسوق النسائي عادة ما يستهدف المقاهي على وجه التحديد، لكونها تمنح النساء جوا أفضل في اللقاءات، مقارنة بالمقاهي التقليدية الأخرى.

وبسبب وصمة «غلاء الأسعار» المرتبطة بالأسواق النسائية المغلقة، فعادة ما تجذب هذه الأسواق السيدات المقتدرات ماديا، لكن دلال الرحمة تنفي ذلك، مؤكدة أن كثيرا من النساء وبعض صغيرات السن يستحسن هذا النمط. في حين يبدو تركيز الأسواق النسائية المغلقة على مجالات التزيين، بحيث تطغى عليها محلات العناية بالبشرة والشعر، ومحلات أزياء السهرة والألبسة النسائية الداخلية، إلى جانب مراكز العناية بالأطفال، ومحلات الإكسسوارات والجلديات، ومراكز الضيافة والمقاهي.

من جهته، يرى المهندس فؤاد الفاخري، مدير مجمع الراشد التجاري، أن «تجربة الأسواق النسائية المغلقة، إن كانت مستقلة فهي غير ناجحة»، مستشهدا بفشل أول مجمع نسائي افتتح في المنطقة الشرقية «مجمع الشرقية النسائي» والذي تم إغلاقه عام 2003. في المقابل، تناول الفاخري نجاح تجربة «مملكة المرأة» التابع لمجمع المملكة التجاري في الرياض ونظيرتها في مجمع الراشد، قائلا «السوق النسائي ينجح عندما يكون جزءا من مجمع تجاري، وليس منعزلا أو مستقلا بذاته».

وعن جدوى تكرار تجربة إقامة الأسواق النسائية المغلقة في المنطقة الشرقية، يتابع الفاخري حديثه لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن مثل هذه المشروعات تهيئ جوا من الخصوصية تتناسب مع بعض احتياجات المرأة، بقوله «حين تأتي المرأة لمنطقة السوق النسائي فهي تأخذ راحتها بعيدا عن الرجال، وتتوفر لها الخدمات التي من الصعب توفيرها من قبل الرجل».

وقد تكون أطول تجارب الأسواق النسائية المغلقة في السعودية، من حيث الاستمرارية، هي تجربة مركز «مملكة المرأة» في الرياض، الذي افتتح عام 2001 وما زال يعمل حتى اليوم في برج المملكة، بوجود نحو 40 متجرا تديره النساء بالكامل، وتعمل داخله الكثير من الفتيات السعوديات ضمن وظائف مختلفة، كمديرة محل وبائعة وموظفة استقبال وغيرها.

وكانت حرم أمير المنطقة الشرقية التي رعت حفل افتتاح السوق النسائي بمجمع الراشد مساء أول من أمس، قد تجولت داخل المتاجر وأبدت استحسانها لتجارب النساء اللاتي يعملن فيه، في حين ضم الحفل مجموعة من عروض الأزياء لماركات عالمية، بدأت بتشكيلة لـ«كلاس روبيرتو كفالي» غلب عليها المعاطف الرمادية والسوداء، تلاه عرض لأزياء «ريد فالنتينو» بالفساتين البسيطة، ثم عرض «غاليانو» لألبسة الكاجوال والجينز، وأخيرا، عروض العباءات وفساتين الزفاف.