جامعة الملك سعود تعلن عن إنشاء صندوق للتنمية برأسمال 160 مليون ريال

براون: السعوديون لديهم قناعة بأنه قد حان وقت تنويع مصادر الدخل بدلا من الاعتماد على النفط

رئيس وزراء بريطانيا السابق غوردن براون (الثاني من اليمين) ومدير جامعة الملك سعود خلال فعاليات المنتدى العالمي للاقتصاد المعرفي («الشرق الأوسط»)
TT

أعلنت جامعة الملك سعود عن إنشاء صندوق التنمية والاستثمار المعرفي (تمكين)، الذي يهدف إلى تمويل المبتكرين والمخترعين لتحويل أفكارهم الإبداعية إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية، سواء في شكل منتجات استهلاكية أو شركات ناشئة مسهمة في معالجة البطالة، برأسمال يقدر بـ160 مليون ريال.

وأكد الدكتور عبد الله العثمان، مدير جامعة الملك سعود، أن إنشاء صندوق التنمية والاستثمار المعرفي (تمكين) تأكيد على رؤية جامعة الملك سعود، معتبرا أن الصندوق سيكون نواة لصندوق وطني في الاستثمار المعرفي، وذلك بغرض تحويل عدد من طلاب وطالبات الجامعة من طالبي عمل إلى صانعي فرص عمل، من أجل توظيف أنفسهم، ومن خلال تمويل المبتكرين والمخترعين لتحويل أفكارهم الإبداعية إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية لمعالجة البطالة في البلد.

جاء ذلك خلال فعاليات المنتدى العالمي لريادة الأعمال والاقتصاد المعرفي، الذي يقام برعاية نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن عبد العزيز، وينظمه مركز الأمير سلمان لريادة الأعمال وشركة «وادي الرياض»، وقد شهد المنتدى حضور مدير جامعة الملك سعود ووزير التجارة والصناعة، والدكتور مطلب النفيسة، وزير التعليم العالي بالنيابة، وبمشاركة دولية عالية المستوى.

وكشف الدكتور العثمان عن أن 57 في المائة من اقتصاد العالم اليوم هو اقتصاد معرفي، معتبرا أنه من حسن الحظ أن الاقتصاد المعرفي لم يعد مرتبطا بالمواد الخام التي تملكها الدول، بل بما تملكه من العقول، مشيرا إلى تقنية النانو التي تحظى باهتمام خادم الحرمين الشريفين، والتي من المقرر أن يكون نصيبها 2.7 تريليون دولار في الاقتصاد المعرفي بحلول عام 2015 وهذا المبلغ الضخم حق للجميع.

وأضاف الدكتور العثمان خلال الكلمة التي ألقاها في افتتاح المنتدى، أن «الأرض والعمالة ورأس المال مثلت العوامل الثلاثة الأساسية للإنتاج في الاقتصاد القديم، وفي نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، في الوقت الذي تبين وجود حاجة ماسة إلى المعرفة فصارت عاملا أساسيا للإنتاج وأصبحت الأصول المهمة في الاقتصاد الحديث هي المعرفة والإبداع والابتكار وتقنية المعلومات والتقنيات متناهية الصغر، وأصبح للابتكار أهمية تفوق أهمية رأس المال أو المواد أو العمالة، ولذا يتجه الاقتصاد العالمي أكثر من أي وقت مضى نحو الاقتصاد المعرفي، كما يزداد اعتماد النمو الاقتصادي والاجتماعي على المستوى المعرفي ومدى نموه وتطوره».

وتابع العثمان أن «هناك علاقة طردية بين حجم استفادة الدول من الاقتصاد المعرفي من جهة، وبين تطوير التعليم ومراكز البحث والتطوير في الجامعات من جهة أخرى، وخير برهان على هذه العلاقة التجارب الدولية الناجحة في عدد من الدول التي استطاعت أن تطور أنظمتها التعليمية وتحول جامعاتها إلى جامعات بحثية مثل سنغافورة، وكوريا الجنوبية والسويد، وآيرلندا».

من جانبه، دعا غوردن براون، رئيس الوزراء البريطاني السابق إلى ضرورة وجود تعاون بين الحكومات والأسواق الدولية ومحاولة تجنب عوامل المخاطرة التي تسببت في الأزمة المالية العالمية وضرورة تبني نظام مالي صارم يسهم في التحذير المبكر لأي مشكلات مالية قد تقع في المستقبل.

وبين أن ما حدث في السوق الأميركية خلال الأزمة المالية ناجم عن وجود ضعف في تقدير حجم المخاطر بشكل صحيح، إضافة إلى وجود سلوكيات خاطئة في عمل البنوك وهو ما جعل الأزمة متفاقمة إلى ذلك الحد الذي شهده العالم وتأثر به بشكل كبير.

وأكد غوردن براون ثقته في قدرة المملكة على تبوؤ مكانة كبيرة في الاقتصاد المعرفي القائم على تسخير عقول علمائها وباحثيها لطرح منتجات تنافسية في السوقين المحلية والدولية، موضحا أن لدى المملكة إمكانات كبيرة يمكن تطويرها لتحقيق نقلة كبيرة في الاقتصاد العالمي.

وقال براون خلال محاضرته التي ألقاها وحملت عنوان «التوجهات الدولية نحو ريادة الأعمال والاقتصاد المعرفي» بفعاليات منتدى جامعة الملك سعود العالمي الأول لريادة الأعمال والاقتصاد المعرفي، إنه لا يملك إلا تسجيل الإعجاب بالإنجازات العلمية التي حققتها جامعة الملك سعود وتقدمها المستمر في مختلف تصنيفات الجامعات الدولية وبالرؤية الخاصة التي وضعتها الجامعة لنفسها بهدف تسخير إمكاناتها العلمية والفنية وتوجيهها نحو إنتاج سلع وخدمات تسهم في تلبية الطلب المحلي وتعمل على إتاحة المزيد من فرص الاستثمار والوظائف أمام الشباب والشابات.

ولفت إلى أنه لا يزال يتذكر الكلمات التي جاءت في لقاءاته السابقة مع خادم الحرمين الشريفين الذي كان دائم التركيز على ضرورة استفادة المملكة من التجارب العالمية في مجال تطوير التعليم العام والعالي، مشيدا بالرؤية الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم وبذل الكثير من أموال الميزانية العامة لتطوير المدارس والمعاهد والكليات والجامعات السعودية.

ورأى أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي استفاد منه عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات الذين ابتعثوا إلى مختلف جامعات العالم سيسهم في تسريع وتيرة انتقال المملكة إلى الاقتصاد القائم على المعرفة.

وأكد أن مساهمة الدول في الاقتصاد المعرفي لا تعتمد بالدرجة الأولى على قوة تلك الدول سياسيا واقتصاديا، بل تعتمد على قوتها المعرفية ومدى قدرة جامعاتها على تخريج كوادر مؤهلة ذات مبادرة لتطوير قدراتها واستشراف وسائل عمل ومشاريع جديدة تسهم بدورها في خلق المزيد من الفرص وترفع دخول العاملين في مجالات الاقتصاد الجديد.

وشدد على أن المملكة بما تمتلكه من ثروات طبيعية وبما تعمل على تحقيقه في مجال تطوير قدراتها البشرية تسير في الطريق الصحيح لكي تكون من بين أهم المساهمين في الاقتصاد القائم على المعرفة في المستقبل، مشيرا إلى أن لدى قادة المملكة قناعة بأنه قد حان الأوان لتنويع مصادر الدخل بدلا من الاعتماد على النفط.

وأوضح رئيس الوزراء البريطاني السابق ما قامت به الحكومة السعودية من جهود كبيرة لتوسيع فرص الالتحاق بالتعليم الجامعي لدى مواطنيها بحيث ضاعفت أعداد المقبولين بنسبة 30 في المائة متجاوزة النسبة العالمية 20 في المائة وهو ما يمنح المزيد من الشباب فرص مواصلة التعليم النوعي ويشير من ناحية أخرى إلى توجه الحكومة السعودية في الاستثمار في العقل البشري.

ودعا براون إلى ضرورة التركيز على مشاريع ريادة الأعمال وضرورة تشجيع الصناعات القائمة على الاقتصاد المعرفي، خاصة في ظل توفر فرص هائلة للنمو والتوسع في المستقبل القريب لمثل هذا النوع من الصناعة القائمة على المعرفة والابتكار ولمواجهة التغير السريع في الاقتصاد العالمي. من جانبه، قال مايك مور رئيس منظمة التجارة العالمية السابق في كلمته، إن المملكة لديها تاريخ عريق ويجب أن تكونوا فخورين به، وأعتقد أنكم قد نجحتم في التقدم، مشددا على ضرورة التخلص من البيروقراطية، لأنه يعد من الشروط المهمة للبناء والتغيير، والبيروقراطية غير مناسبة للتغيير، وقد قمنا بنجاحات كبيرة خلال السنوات الماضية، منوها بدور الحكومات الكبير في العولمة والاقتصاد المعرفي، والاحترام المتبادل للاختلاف بين الثقافات المختلفة بناء على المبادئ العالمية والفهم العالمي.

وشدد على أنه يجب علينا التفكير في مستقبل أفضل، وتقبل آراء وأفكار الآخرين، ويجب علينا أن نثق بالأصدقاء لأن أفكارهم تدعمنا في المستقبل، وإعداد الجيل الجديد، كذلك إدراك أن اقتصاد المعرفة لا يمكن أن يوجد من دون مجتمع منفتح عالمي، هذه أسئلة صعبة وتحديات يجيب أن نواجهها.